أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عقيل عبدالله الأزرقي - قراءة في كتاب -دفاتر خردة فرّوش- للأخرس















المزيد.....

قراءة في كتاب -دفاتر خردة فرّوش- للأخرس


عقيل عبدالله الأزرقي

الحوار المتمدن-العدد: 4338 - 2014 / 1 / 18 - 18:35
المحور: الادب والفن
    


دفاتر خردة فرّوش هي أكمال إلى ما فتح الأخرس من سراديب في كتاب المكَاريد. قصص الفقراء أحزانهم وألفوارق ألطبقية ودور ألمثقف ، هي أبرز ما يدور عليه كتاب دفاتر خردة فرّوش. كشكول الأخرس يبدأ بعرض حكاياته ومواويله في كتاب ثاني بعد تجربة المكَاريد.
أستخدام كلمة " خردة فرّوش" الفارسية لوصف العودة الى المُهمَل لكنها تفتح شهيتي الى مضمر في أستعارة كلمة فارسية عنواناً لهذا الكتاب.حديث الأخرس يخالطه الكثير من القصص التي تثير قضية مثل التبعيه وتهمة الأصول الفارسية.
كتاب الأخرس لا يقتصر على المكَاريد وحدهم، فهنالك قضايا يتطرق لها الكاتب تخص الطبقة المثقفة والمثقف. فمن اللوم ما يقع على المثقف وليس على الطبقة الحاكمة (هل تخلص المثقفون من هذه اللوثة؟ كلا بالتأكيد فهم أبناء شرعيون للمنظومة عينها. أقول ذلك وأنا أتذكر ضاحكا هجاء الرصافي للعانيين، أغسل يديك إذا صافحت عاني.. ثم أراني أغرق بالضحك من تعريض خبيث لشاعر يكره الأعظمية، الأعظميون لا يوفون أن وعدوا .. والأعظميات لا يخلفن ميعاد!!).
قصص التهويد وما تجود به الأمهات على أطفالهن عند النوم. مورثنا المُشبع بالخوف والرعب. خيال الأمهات التشويقي مليء بالقصص التي أبطالها وحوش وطناطلة. قصص كحمدة وحمد، السعلوة ، هؤلاء أبطال أفلامنا قبل ألنوم. المرأة ليس ناقل لهذا الفلكلور بل هي المخترع لكثير من هذا القصص وهي من يقوم بطنطلة الفلكلور الشعبي. (هذا مشهد معتاد يصطف الى جانب المشهد الفولكلوري حيث تنتاب صغيرك ذا السنوات الثلاث نوبة من البكاء فترعبه الأمة بالقول اسكت يجيك الواوي فيصرخ مرعوبا فتضطر لا أجذب عليك بس اسكت ثم حكاية الليل وهو كما يصفه الاخرس فصل الرعب اذ السعلوة تذبح الناس وتأكلهم والامهات يقتلن أبناءهن بأيديهن ومن ثم يتهمن عماتهن).
بعفوية وبدون مراوغة ينقل الأخرس مآسي الجوع والفقر حتى لو كان هو يثمل دور البطل. لم يمنع الأخرس حاجز العيب (والفشله) عن سرد ما مر به من مواقف جوع وفقر.( ذكريات لا تنسى في الأردن، بعد شهر من مقامي، نفذت الدنانير التي كانت لدي. ثم مرت أيام كأنها "فصل في الجحيم" لا آكل سوى وجبة واحدة ولا أدخن إلا تطفلا على الآخرين في ذات مرة وقفت أمام مقهى السنترال وكأنني أحد أبطال روايات نجيب محفوظ مصفر الوجه شارد الذهن فجأة يظهر الشاعر الصعلوك ماجد عدام: ها محمد شبيك أشو أصفر ماكو شي شويه بردان ينظر لي مليا ثم يقول لك يا بردان مبين ميت من الجوع جم يوم صار لك ما ماكل! ثم يسحبني من يدي الى المطعم ويعشيني ).

بعض المقاطع من كتاب الأخرس كأنها نصوص شعرية. هي إعترافات وأن كان كثير من العراقيين سمعوا مثلها ولكنها تمثل مرحلة مهمة من تاريخهم. مرحلة من مراحل الذل والضيم التي عانى منها كثير من العراقين في المنافي وخصوصاً دول الجوار. (مادمت قد فتحت ملف مهني المخزية فلأقف اليوم عند الأعمال التي اضطررت لها في الأردن نعم لقد اضطررت هنالك للعمل اليدوي (المعيب) يعرف بعض ذوي الخدود المتورد، مرة تراني مع شاعر صعلوك نقطف الزيتون في مزرعة في الضواحي وأخرى تجدني أمسك كأسا بلاستيكيا وأشير به لسائقي السيارات أن هلموا يا محبي القهوة فلدينا ما يشبعكم منها. أي وحق من سبب الأسباب ، كانت تلك الأيام أتعس من الحجيم خصوصا في الأشهر الستة الأولى، أي قبل أن تلتقطني المعارضة لأعمل معها).

الأخرس ينحت عباراته ليصنع لنا مأساة من كل شي وهذه مقدرته في النبش. قصه ربما ترد لنا على لسان الجميع لكن الأخرس يصوغها لتبدوا لنا تراجيديا لشكسبير أو جان فالجان في أحد مشاهده. الكاتب يتنقل بين ألطفولة والمقبرة. في الحرب والسلم. عند المسجد وفي حفلة للمنكوب أو عبادي. في الملجأ وعلى الساتر و وحتى في (الكيا) التي أصبحت رمز للعراقيين ومآساتهم فهي تشاركهم حمل موتاهم أو تصبح لهم أفران يتفحمون بها. (فجاة يرن هاتفها فتجيب اسمع الحوار دون إرادة مني فاذا هو زوجها يطمئن انها ذهبت لمشوار مهم بعد بضعة عبارات أسمعها تقول له لمن أوصل وأشوف أكلك ثم تهمس زين شلون؟ كانت حائرة ولم أفهم حيرتها فورا الى أن قالت عود أنت خابرني لأن ما عندي رصيد!)
يشخص الأخرس في كتابه مسألة جفاء الكتاب عن الحديث عن المرأة في قضية غير الجسد ولا يستثني حتى نفسه فجعل الأمر محل أشكال كبير وقع به الكثير من المثقفين فعندما تتجه بوصلة الكاتب الى المرأة يكتب عن جسدها فقط تاركاً عوالمها الأخرى(كتبت عشرات المرات عن المرأة وتنقلت في مراكب أحزانها وخيباتها ولكنني مع هذا لا أنفك عن أشعر بالتقصير إزائها تقصير يحيرني ويجعلني أشعر بضالة ما أكتب إزاء ذلك الهمس المعذب الذي تلوحني أصداؤه بين حين وآخر وبعضها آت من ماضي معها وتحديداً أمي).
ثم يعرج الكاتب على مكنون الأسماء فمرة يذهب الى أن كلمة الزهراء التي ترددها الأمهات وخصوصا من الكبار هي ليست مختصه بفاطمة الزهراء عليها السلام. يعتبر الأسم هو موروث سومري يعود للعباده التي كان يقوم بها أهل العراق القدامى وأن كنت وأن كانت مقارنة الأخرس بعيده، لكنه لا إشكال من طرحه فالموروث هو ما يحاول دراسته الأخرس ولا أشكال أن يكون هذا مصداق من مصاديق الكلمة.
يرى محمد غازي الأخرس أن ألتحول بالأسماء والتسميات وقع وفق المزاج الطائفي في فترة من الفترات.(ثم مع اشتداد الترميز من قبل السلطة وهو ما تجسد في إطلاق التسميات على المدن والمنشآت وفي الاعمال الفنية اشتد التضاد الاسمي ليتخذ بعدا طائفيا بدا كقناع لا يخفى على المتأمل فكان أن شاعت أسماء جديدة في التسعينيات ك زهراء وحوراء وسجاد ). فالأسماء هي نفسها خصوصاً التاريخية منها موجودة ولكن لأن الظرف كان يمنع تداولها. والإ ما علاقة زينب بالطائفية وحوراء الذي يمكن ان يطلق على جميلة العينين. وهذا واضح فمن خلال السنوات الثمانية من الحرب العراقية الإيرانية برزت أسماء كسعد وقيس ومثنى وهذه اسماء كان لها رمزيتها في الحرب مع ايران.
مشاهد الرعب والموت تغلب على ما أتى به الأخرس من مشاهد الفرح. قصة الموبايل الذي يرن على جثة مقتول، المضمد الذي يتذمر لجثة أمرأة وطفلها وهو لا يعلم أنهما زوجته وابنه(كان المشهد مروعا أذ خيل لي أن المتصل ربما كان أباً يريد الأطمئنان على أبنته أو أماً قلق قلبها على وليدها).
لا يترك الأخرس الموضوع يمر حتى تكون صورة أخيه حاضرة ما دام الموضوع هو خاطرة الحرب والموت ومادام مخزون الأخرس هو الذاكرة فيكون إسترجاع شواهد "منتظر" سهلة الأستحضار ودقيقة التفاصيل .(أتذكر الامر وكأنه حدث بالأمس يوم ما في عام 1985 يأتيني أخي ويناولني دفتره ويطلب مني أن أكتب له شيئا ثم ألصق صورة لي قُلت له تريد أن أكتب الأن؟ فقال-بالليل، أكتب شي حلو علمود أصدقائي يقرأوه. كان منتظر الجندي في قاعدة دفاع جوي بأم قصر يكبرني بأربع سنوات وتعجبه كتابتي كثيراً ).


يتكلم محمد غازي الأخرس بصراحة عن تمدين مدينة الصدر بدلاً من نفيها كما نَظّر لذلك بعض الكتاب لذلك وعن العلة في الصراع الطبقي والثقافي الذي تمثله مدينة الصدر كونها نافذه للجنوب العراقي(الخلاصة أيها السادة مشكلتنا تكمن في الثقافات والقيم وليس في الجينات والخصائص الثابتة. ولعل فكرة استبدال أهل مدينة الصدر بأهل المنصور تمتد بأواصر بائسة مع عبارات ترد على لسان عثمان بن حيان، أحد ولاة بني أمية على العراق، لقد فكر هذا الرجل ذات يوم بنفي العراقيين وتوزيعهم في الأمصار، لكنه تراجع عن ذلك خشية من حدوث كارثة. يقول: أني رأيت العراق داء عضالاً وبها فرخ الشيطان. والله لقد أعضلوا بي وإني لأراني سأفرقهم في البلدان ثم أقول لو فرقتهم لأفسدوا من دخلوا عليه بجدل ولجاج وسرعة وجيف في الفتنة" أصحابنا يخشون من تصدري التخلف ولا يفكرون في تمدين الصدر ويا عجبي!)

وعن هؤلاء الذين جاءوا من أقصى الجنوب وسكنوا شرق القناة. يركز الأخرس على قضية مهمة في مسألة تدوين تاريخ هؤلاء المهاجرين. فهم لم يحفلوا بأحد يؤرخ لهم تاريخهم شجونهم وأفراحهم موشحاتهم ساعة الأعراس في العراضة والمأتم (الفضيحة الأخلاقيه والثقافيه-كما يراها الأخرس- انما التمعت فاقعة بعد نزوح الجنوبيين الى بغداد وبروزهم المزري فيها وتكمن في أن أحداً لم ينتبه لهم ولم يتأملهم لا بصورة ولا بفيلم ولا حتى برواية أو مذكرات).

بعد كتابه الأول المكَاريد يتبع الأخرس نفس المسار في دفاتر خردة فرّوش بتقليب أسفار وقصص العوالم السفلية للمجتمع العراقي معتمداً على المشافهة وذاكرته في ترتيب هذه الأوراق من قصص ومواويل بلغة هي الأقرب للمتلقي. مواضيع مثل الخرافة وصراع العشائر لم تأخذ نصيبها الكافي من البحث فجاء كتاب الأخرس ليضع خارطة طريق لدراسة ربما يقوم بها الكاتب نفسه أو كاتب أخر في سراديب أو عوالم الناس السفلية.



#عقيل_عبدالله_الأزرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لست متفاجئ من تصريحات السيد المالكي
- خلي ياكلوها... مدير شرطه محافظة ذي قار يستهزء بالقتلى
- ألثورة ألمصرية أعادة للأزهر مكانته وأقصت ألتطرف


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عقيل عبدالله الأزرقي - قراءة في كتاب -دفاتر خردة فرّوش- للأخرس