أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هشام معيري - زهرة المزبلة














المزيد.....

زهرة المزبلة


هشام معيري

الحوار المتمدن-العدد: 4327 - 2014 / 1 / 6 - 17:06
المحور: الادب والفن
    


أمشي...أمشي، بخطى متثاقلة...بترنحات إلى اليمين والشمال...أمشي...أمشي، ليحتويني شارع مليئ بالمارة خطواتهم متثاقلة...متسارعة...حائرة بلا هدف...وشوشات صاخبة...همسات...كلام له أحرف وأصوات لكنه غير مفهوم...صراخ بعيد...أزيز يقلقني...يربكني...يحطم أعصابي...أمتد ببصري بعيداً...بنظرات مبهمة...العالم من حولي حرارة...برودة...علامات استفهام...علامات تعجب متتالية...
ما معنى الوقت...ما معنى الحياة؟ ما معنى أن نضحك ونبكي...ما معنى أن نأكل ونشرب وننام ونعيش؟ أسمع أغاني تمتزج بالهواء...كلمات بمعاني...معاني بلا روح...على نغمات فاشلة تصور غراماً وقبلاً وضياعاً...وبعد...
أريد السكون...الهدوء...الانقطاع...نعم، أهرب...أهرب لحديقة فكري...أجلس في حجري...أغمض عيناي...أنسى الآخرين...أتقوقع...إنه الحب...نعم أنا أحب...أحب!! هه...هه...هه.
أحبها وأكرهها...بعيدة وقريبة...قريبة وبعيدة...من...من هي؟؟
أكرهها وأحبها...نظراتنا، ضحكتها...همساتنا...رسائلنا التي كتبت بدون أحرف وحبر، يقولون: إذا أردت شيئاً بشدة فاترك صراحه...فإن عاد إليك فهو ملك لك للأبد...ولكنه لم يعد...لم يعد...
تركت بداخلي صورة لها بدون ملامح...بدون قواسم...
تركت بداخلي قالباً آدمياً لا يناسب أي أحد...أي شيئ ...
إضطربت الأسطر أمامي وتراقصت صور على الأسطر...إختلطت...أصبحت شكلاً ضبابياً...ساد الضباب في أحلامي...في عالمي الخيالي...
أعود لأركز تفكيري...أعود لأنظم خيوط "راداري" ...تتضح أمامي الرؤية...تحملني أمواج فكري بهدوء لذيذ...لترميني على رمال شاطئ الواقع والحقيقة...
حقيقة مزبلة كانت عليها زهرة...زهرة بائسة...تائهة، أشفقت عليها...دنوت إليها...أشفقت عليها...سقيتها بدموع تساقطت عليها كحبات المطر المتناسبة...اللماعة...الرقراقة...وما لبثت تلك الزهرة أن أينعت.
قطفتها، أدماني شوكها...آلمني...لكنه ألم لذيذ، حلو ومر...وضعتها في مزهرية ليشاهدها الناس...بدأ عطرها ينساب بالأرجاء...يقتحم الأجواء...بدأ الناس يتمايلون سكارى وما هم بسكارى...غير أن هوامش البشر...بدأو يتواترون عليها بعد أن طهرت بماء لن أسامحها فيه...
بدأت الزهرة التي قطفتها من فوق مزبلة...تغتر بتلك العيون التي ترشقها بنظرات الشغف واللهفة والنفاق...دخل الزهرة الشك...والظن الآثم...نسيت أو تناست قاطفها وراعيها...الذي اشترى لها نظارات جميلة...لترى بها العالم من حولها، لترى العالم بالألوان...لترى العالم الجميل...تناست واضع النظارات على عينيها الخضراوتين...لترى العالم بالحب وبالحب فقط...
وضعت الزهرة النظارات التي اشتريتها بعرق جبيني...لترى عالماً جديداً...رائع...
لكنها نسيت أو تناست أن تنظر إلى البائس الذي اشترى لها نظارات من عرق لن يسامحها فيه...الذي صرف من جسمه...وفكره طاقات هائلة ليعلمها الحب...نسيت معلمها الأول والتفتت إلى الذباب النت...التفتت لهوامش البشر...لأناس دون الخط الأحمر...
طعنت الزهرة راعيها...طعنتني في الصميم...طعنتني بكل وحشية...بكل نذالة...صلت على جثماني صلاة اسمها الحقيقة المزيفة...الكاذبة...ومضت...مضت مع أحد هوامش البشر...لعله يحضى بعطرها الفواح...عطرها السحري...مع ذلك بقيت أتنفس تحت الماء...بدأت تدب فيا الحياة...
بدأت أفكر، إن طاعنتي هي الزهرة التي رفعتها إلى مكان عال...رفعتها إلى السماء...ولكن، ويحك يا قلبي، مازلت أحب تلك الزهرة الخائنة...طاعنتك، ملوقة شرفك؟؟؟؟
كنت في علوي الشامخ...وإذا بي أنزل إليها...مخدوعاً ببريقها...ولكن أحبها...ومازلت أحبها...
كنت أؤمن بالحب والتسامح...تحاملت على نفسي...ضمدت جراحي...زهرتي...عدت إليها... لابد من التجربة...لكن لم تنسى الزهرة معدنها...مازالت تشم رائحتها النتنة...طعنتني ثانيا وثالثا...وألفاً، طعنتني في نفس المكان في القلب...أين يوجد الحب والايمان...داستني بحذائها...بحذاء اشتريته بعرق لن أسامحها فيه...لم أمت ولكن الحب في قلبي مات...أردتها أن تكون شيئاً لا ينسى...شيئاً مذكوراً...ولكن أبدت إلا أن تكون في المزبلة...والذباب النتن من حولها...في مزبلة يكون فيها عيشها...ومصيرها...وفناؤها...وداعاً...وداعاً للأبد.







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- براءة الشيطان


المزيد.....




- نزلت حالًا مترجمة على جميع القنوات “مسلسل المؤسس عثمان الحلق ...
- دميترييف: عصر الروايات الكاذبة انتهى
- عن قلوب الشعوب وأرواحها.. حديث في الثقافة واللغة وارتباطهما ...
- للجمهور المتعطش للخوف.. أفضل أفلام الرعب في النصف الأول من 2 ...
- ملتقى إعلامى بالجامعة العربية يبحث دور الاعلام في ترسيخ ثقاف ...
- تردد قناة زي ألوان على الأقمار الصناعية 2025 وكيفية ضبط لمتا ...
- مصر.. أسرة أم كلثوم تحذر بعد انتشار فيديو بالذكاء الاصطناعي ...
- تراث متجذر وهوية لا تغيب.. معرض الدوحة للكتاب يحتفي بفلسطين ...
- -سيارتك غرزت-..كاريكاتير سفارة أميركا في اليمن يثير التكهنات ...
- -السياسة والحكم في النُّظم التسلطية- لسفوليك.. مقاربة لفهم آ ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هشام معيري - زهرة المزبلة