أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - التديّن بالإسلام بين الحقيقة والأوهام














المزيد.....

التديّن بالإسلام بين الحقيقة والأوهام


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 4326 - 2014 / 1 / 5 - 22:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يبدو أنّ كل مفهوم مهم من بين المفاهيم العديدة التي تحتاج إلى التأصيل في ثقافة العرب والمسلمين له اسم واحد لكن معنَيين اثنين، واحد حقيقي والآخر مجازي. وهذه مشكلة المشاكل لأنها تتسم بأخذ المعنى المجازي على أنه حقيقي، إلى جانب الآخر الحقيقي، أو بأخذه على أنه هو الحقيقي دون سواه، أو مزج المعنيين الاثنين والتورط في تبعات هذا المزج، إن في الحياة العامة أم في المجال السياسي.

فلنستعرض البعض من تلك المفاهيم وذلك بالمعنَيين الاثنين ونحاول في الأثناء أن ندرك ماهية المشكلة ونجاريها:

* "القضية الفلسطينية": معناه الحقيقي يستوجب تحويرا جذريا في المقررات والمناهج المدرسية وتحولا شجاعا في السياسة الخارجية وتثقيفا مكثفا، بينما معناه المجازي يتطلب جامعة عربية ولقاءات دبلوماسية مكوكية بين كبار المفاوضين وبروبغندا إعلامية، والكلّ من شأنه أن يهّمش الموضوع عوضا عن الإسهام في بلورته لدى الرأي العام.

* "حقوق الإنسان": معناه الحقيقي يستوجب النضال في المجالات كافة وقرارات و أفعال وإنجازات، بينما معناه المجازي يتطلب وزارة وهياكل أخرى وأخصائيين وكلاما إنشائيا.

* "تحرير المرأة": معناه الحقيقي يستوجب إلغاء وزارة المرأة وإن لزم الأمر استبدال وزارة الرجل مكانها لتحرير هذا الأخير بواسطة سياسات متنوعة، بينما معناه المجازي يتطلب وزارة وموظفين وندوات صورية واجتماعات سياسية دعوية.

* "الديمقراطية": المعنى الحقيقي لهذا المفهوم يستوجب إسلاما أو مسيحية أو يهودية أو بوذية أو زردشتية أو غيرها من ديانات الشعب الذي أدرجها في أجندته، بينما معناه المجازي يتطلب مقارنتها بالإسلام أو بديانةٍ أخرى ما، وربما يتطلب نزاعا بينهما، أو حربا ضروسا بين أتباع كل واحدة منهما للبتّ في مسألة أيهما أجدر وأنفع وأنجع، لتنتهي الحرب طبعا بانهزام الطرفين المورطين وربما بالزلازل الاجتماعية والفوضى السياسية العارمة في المجتمع الواحد.

* "الدولة الإسلامية": مفهومٌ معناه الحقيقي يستوجب معادلة هذه الدولة مع كل دولة في مجتمع ذي أغلبية سكانية مسلمة، من دون تغيير ولا تبديل يُذكر يحصل في هويتها بعنوان الإسلام. وحتى لو افترضنا جدلا أنها تستوجب التزام المسلمين بالإسلام فذلك من المفترض أن يكون مسموحا به ومشجّعا عليه لكن لدى الفرد وفي صلب المجتمع. وبالتالي تستوجب "الدولة الإسلامية" الحقيقية تحرير العقل لكي يفهم الفرد والشعب أنّ الإسلام الحقيقي، لكي يتناسب مع الإسلام الأصلي - الذي في الكتاب والسنة - شيء يتكوّن ويتشكل ويُبنى ويُصاغ لأول مرة لكن عبر أنسجة الواقع الموجود، لا شيئا موجودا في واقع أناس كانوا موجودين من قبل.

بينما حسب المعنى المجازي لمفهوم الدولة الإسلامية فتتطلب هذه الأخيرة حزبا سياسيا ينادي بها وتَتيهُ قياداته في واقع لا تستطيع فهمه، وصحفا وإذاعات وتلفزيونات تتصدى لهذا المعنى بواسطة أدوات أكثر مجازا وسريالية من المعنى المجازي الذي تتصدى له، فينتهي كل شيء إلى حوار وطني ماراطوني مثل ذاك الذي وقع في تونس.

ولئن اقتضت الضرورة حوارا وطنيا في بلادنا فإنه جاء متأخرا بما يكفي ليصبغ كل المفاهيم المتعلقة بالدولة الجديدة المزمع تأسيسها باللون المجازي. وهذا مما يعني أنّ الحوار الوطني الحقيقي هو ذاك الذي كان على الطبقة السياسية إقامته قبل تزكية التحزب الديني بمثابة رافد من روافد الفكر السياسي أم نقضه، علما وأنّ النقض – الذي ثبت أنه الأرجح للواقع- لا يحصل باسم الإقصاء وإنما تلبيةَ لضرورة التشارك في تحديد مكانة التديّن في المجتمع وفي تحديد منسوب الفكر الديني الإنساني ضمن الفكر السياسي العام والمشترك. إنّ الحوار الوطني الحقيقي هو ذاك الذي كان من المقترض أن يُنجز قبل الانتقال الديمقراطي لا أثناءه. إنه ذاك الذي لم يحصل أبدا.

كانت هذه بعض أهم المفاهيم ذات المعنى المزدوج التي لن تثبت على معنى وحيد – أي المعنى الحقيقي- دون سواه وكما تريده قواعد السلامة والرغبة في تفادي المزيد من الفُصام الفردي والمجتمعي، في التديّن كما في السياسة، إلا في حال استرجاع المسلمين للقدرة على تفعيل منهاج العبادة الحقيقية حتى تكون آثارها على تطوير الفكر والسياسي ومنجزاته واضحة و ناجعة وحائزة على الوفاق الحقيقي.



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما قيمة نموذج تركي أمام قرآن عربي؟
- هل يجيب القرآن عن سؤال -لماذا اللغة هامة؟-
- النمذجة كوسيلة ابستمولوجية لإدارة الأزمة في تونس
- حتى يكون مهدي تونس منتظرا
- في انتظار عثور تونس على حكومة
- مخطط لإنقاذ تونس
- 7 توصياتٍ بشأن الحركة الإسلامية
- تونس: المآسي وراء الحوار الوطني الأساسي
- تونس بين تشبيب الشيوخ وشيخوخة الشباب
- تونس: الجري مثل الوحوش وحكومة الريتوش
- تونس: الكُتّاب الفاسدون وعودة الرجعية
- تونس بين الإرهاب والفهم المتجدد للإسلام
- تونس: اغتيال الأمنيين واغتيال العقل
- هل سيخرج التونسيون إلى الشارع؟
- في بلاد ما وراء الشرعية والانقلاب
- تونس: في ضرورة الانقلاب الثالث
- تونس: الإسلام بين اليمين و اليسار والحوار بين النفاق والوفاق
- إدماج الإسلاميين لإنجاح المبادرة الوطنية التونسية !
- تونس على ذيل وزغة !
- تونس وكل العرب: اليوم سهرٌ وغدا أمرٌ


المزيد.....




- صحيفة روسية: باريس وواشنطن تخوضان صراعا في الفاتيكان
- تنزيل أحدث تردد قناة طيور الجنة 2025 DOWNLOAD TOYOUR EL-JAN ...
- ’إيهود باراك’ يدعو إلى عصيان مدني لإنقاذ الأسرى والكيان من ’ ...
- ما قصة الحرس السويسري ذي الملابس الغريبة؟ وكيف وصل إلى الفات ...
- اغتيال بن لادن وحرب النجوم أبرز محطات أسبوع مايو الأول
- بعدما نشر صورته بزي بابا الفاتيكان.. هكذا جاءات الانتقادات ل ...
- حقوق الاسير بين القيم الاسلامية والمنظومة الغربية
- خامنئي: لو توحد المسلمون لما ضاعت فلسطين ونزفَت غزة
- لوموند تحذر من المعايير المزدوجة حول الإسلام بفرنسا
- استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد عبر الأقمار الصناعي لتسلي ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - التديّن بالإسلام بين الحقيقة والأوهام