أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - ثلاثة خطابات في شأن الصراع السوري















المزيد.....

ثلاثة خطابات في شأن الصراع السوري


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4320 - 2013 / 12 / 29 - 12:42
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


تتقاسم ثلاث خطابات تأويل الصراع السوري وتمثيله في أواخر عامه الثالث، خطاب سياسي وخطاب إسلامي وخطاب إنساني.
يعرض الخطاب السياسي أساس الصراع في سورية بوصفه كفاح شعب من أجل التحرر وتقرير المصير ضد نظام فاشي، ثابر على إباحة محكوميه سياسيا، وإبادتهم حين يتمردون عليه. لهذا الخطاب تنويعات مختلفة، يجمعها إظهار أن جذور الصراع السوري تمتد في التكوين الاستبدادي للنظام الأسدي، وفي تطلعات عامة نحو الحرية والعدالة والكفاية والكرامة الإنسانية تجمع السوريين بغيرهم من الشعوب.
المنتجون الأساسيون للخطاب السياسي للثورة هم السياسيون، معارضون متنوعون ينطقون باسم الثورة، لكن دون أن يحوز أكثرهم شرعية خاصة لتمثيلها، ودون أن يكون لأكثرهم وزن حقيقي على الأرض. أكثر هؤلاء علمانيون، لكن بينهم إسلاميون أيضا، مستقلون أو أقرب إلى التيار الإخواني.
مشكلة الخطاب السياسي للثورة هي ضعف ممثليه، وقلة الثقة بهم. تضيع نقطة قوته، وهي تشخيص الصراع بأنه بين نظام طغمة يحتكر السلطة والثورة وفرص العيش، وبين طيف واسع من المحكومين يتطلع إلى امتلاك السياسة والحياة، في هزال وتبعثر حملته. غير قليل منهم عبء فكري وسياسي وأخلاقي على كفاح السوريين. بعبارة أخرى، يخترق الخطاب السياسي تناقض بين تشخيصه الأسلم للصراع السوري والأكثر ملاءمة لبناء إجماع وطني واسع نسبيا وبين ضعف شرعية ممثليه، وصفتهم المضادة للإجماع ولو كان نسبيا.
في عام 2012 أخذ يظهر خطاب آخر، إسلامي، تحول تدريجيا إلى خطاب مهيمن في صفوف المجموعات المقاتلة للنظام. للخطاب الإسلامي فاعلية تعبوية عالية، تتناسب طردا مع انكشاف البيئات الاجتماعية الأكثر تعرضا لحرب النظام من جهة، ومع التنويعة الأكثر تبسيطا للتفكير الإسلامي. من هذا الباب السلفية أصلح من التفكير الإخواني أساسا فكريا للصراع ضد النظام. تلتقي في السلفية الحاجة لعقيدة مبسطة من أجل الحشد وتوحيد معسكر المقاتلين، مع كون أكثرية التشكيلات المقاتلة الكثيرة ريفية المنشأ (للتفكير السلفي طابع ريفي للتفكير السلفي خلافا للتفكير الإخواني الأكثر تركيبا وتوفيقية)، ثم مع جهات داعمة من دول الخليج، تماهي من تلقاء نفسها بين الإسلام والتيار السلفي. والطائفية المبدئية والصريحة جدا للتفكير السلفي هي نقطة قوته على مستوى وضوح مقاصده، وعلى مستوى الاستنفار والتعبئة، وعلى مستوى الحلول العملية التي يزكيها.
تصور المشكلة السورية يختلف جذريا هنا عن الخطاب السياسي، ومثله تصور حلولها. تبدو هنا مشكلة دينية، متولدة عن اضطهاد المسلمين السنيين وتهميش عقيدتهم، وليس عن نظام استبدادي يتطلع إلى تركيز السلطة والثروة بين يديه. والحل تاليا هو إقامة دولة إسلامية عادلة، تحتكم إلى الشريعة الإسلامية بوصفها المصدر الوحيد للتشريع، على ما زايد ميثاق الجبهة الإسلامية الذي صدر في شهر نوفمبر الماضي. الجبهة مكونة من أهم الفصائل المقاتلة الإسلامية، لكن دون مشاركة فرعي القاعدة، جبهة النصرة وداعش.
منتجو الخطاب الإسلامي مقاتلون أساسا. وللمزيج المكون من الإسلام والقتال اسم شهير: الجهاد. أصحاب الخطاب الإسلامي "مجاهدون". وتتكفل الوضعية السورية، وحشية منفلتة منذ 3 أعوام مع حيثية طائفية للنظام وحلفائه، في تقليص الفرق بين سلفيين مجاهدين وبين سلفيين جهاديين. الكل مسوق في تيار من المزايدة الإسلامية يضع الأكثر تطرفا في الموقع الأقوى. داعش تستفيد من هذه الظرفية بالذات.
لكن هذه الظروف المواتية للخطاب الإسلامي لا تلغي التناقض بين فاعليته التعبوية والاحتجاجية وبين تطلعاته السلطوية والاستئثارية. سورية بلد مركب، لا يُحكم من قبل تيار واحد، وما يصح على الحكم البعثي والأسدي صحيح على الإسلاميين، وإن حجبت حرارة الصراع اليوم ذلك. ومحصلة عمل الإسلاميين، المجاهدين منهم والجهاديين، خلال عام 2013 بخاصة، هو تزويد النظام بقضية بعد أن كان بلا قضيه. أمام الداخل صار حاميا للأقليات، وأمام الخارج محاربا ضد الإرهاب، هذا فضلا عن رفع عتبة التماهي بالثورة رفعا شديدا، وتاليا توسيع دائرة اللامبالاة والابتعاد عن السياسة. وهو النقيض التام لفاعلية الثورة في زج أعداد أكبر من السوريين في عملية صنع مصيرهم السياسي.
ظهر الخطاب الإنساني بالتزامن مع صعود الخطاب الإسلامي، وبارتباط معه. صارت جهات دولية تفضل التفكير في المشكلة السورية بوصفها مشكلة لاجئين ومهجرين ومحاصرين وجياع، وليس صراعا بين نظام فاشي ومجتمع ثائر عليه، وذلك بارتباط سببي مباشر مع صعود الإسلاميين. تقلصت مساحة تقاطع هذه القوى مع الخطاب السياسي للثورة بالتوازي مع صعود الجهادية الإسلامية، وصارت تنظر إلى المشكلة السورية من زاوية أعراضها ونتائجها وليس مسبباتها وجذورها.
لسنا هنا حتى حال خطاب حقوق الإنسان، إذ لا يجري الكلام على حقوق أصلا، بل على شيء أقرب إلى الإحسان، تقديم "مساعدات إنسانية" تخفف من محنة اللاجئين، أو المطالبة الواهنة برفع الحصار عن المحاصرين الجياع. شيء يشبه التعامل مع القضية الفلسطينية كقضية لاجئين، والسكوت المتواطئ عن الفاعل الأساسي المسؤول عن محنتهم المستمرة.
إذا كان سياسيون وناشطون هم منتجو الخطاب السياسي، ومقاتلون إسلاميون هم منتجو الخطاب الإسلامي، فإن منتجي الخطاب الإنساني هم قوى ومنظمات دولية، يشاركها سوريون غافلون أو سائرون في ركابها. ومشكلة هذا الخطاب الأخير أنه إذا يعالج أعراض المرض السوري يبقي المرض نفسه بخير. لكن قد يكون هذا بالضبط هو المطلوب من وجهة نظر منظمات وسياسات دولية. يجب أن توجد مشلات إنسانية كي يقوم الجماعة بعملهم.

ليس الخطاب الإنساني مبرأ من السياسة، الواقع أن الصفة "الإنسانية" للخطاب هي الوجه الآخر لانشغاله السياسي جدا بالجهادية الإسلامية، والنظر إلى الصراع السوري من منظور خطرها ومقتضيات مواجهتها. لكن الخطاب فعال في الوقت نفسه في نزع الصفة السياسية عن الصراع، أعني حجب محركاته الاجتماعية والسياسية العامة، ليظهر كصراع غامض ومستعص على الفهم يتفجر من طبيعة غامضة ومعقدة لمجتمعنا، لا علاقة له بقيم الحرية والعدالة والتحكم بالمصير.
الظروف الداخلية والدولية ليست مساعدة كثيرا اليوم في تنشيط الخطاب السياسي التحرري للثورة. لكن العمل في هذا الاتجاه هو ما يمكن أن يعرف تيارا واسعا من السوريين، يرتبطون بالقيم المحركة للثورة، في مواجهة الفاشية الأسدية، وفي مواجهة إسلاميين يجددون شباب الأسدية على أسس أخرى، كما بالتمايز والاستقلال عن قوى دولية خذلت الشعب السوري وآذت قضيته كثيرا.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة في العالم، ثورة العالم
- تركيا في مخيلة السوريين: ملجأ، معبر، أم مقام؟
- المسلمون غير المسلمين والحرية الدينية
- انهيار الإطار الوطني للصراع السوري
- في وداع سورية... مؤقتا
- دفاع عن الحياة قبل الخبز والحرية
- مع أعداء مثل أعدائنا، كان يلزم أصدقاء ليسوا مثل أصدقائنا
- حوار حول سورية ، أميركا، روسيا
- كيف الحال في سورية؟
- أصل القصة في سورية
- الحجي
- أبو أيهم الدرزي
- المعضلة الغربية حيال الصراع السوري
- أبو نجم القدموسي
- أبو قصي الغزلاني: صورة مقاتل
- أبو ياسين الميداني: بورتريه مقاتل
- أبو خالد الغزلاني: صورة مقاتل
- لا جديد في المذبحة، إنها النظام
- إصابات بسلاح كيميائي في الغوطة الشرقيّة
- جريمة قتل طفل باسم دين!


المزيد.....




- بيومي فؤاد يبكي بسبب محمد سلام: -ده اللي كنت مستنيه منك-
- جنرال أمريكي يرد على مخاوف نواب بالكونغرس بشأن حماية الجنود ...
- مسجد باريس يتدخل بعد تداعيات حادثة المدير الذي تشاجر مع طالب ...
- دورتموند يسعي لإنهاء سلسلة نتائج سلبية أمام بايرن ميونيخ
- الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو يطلب إذن المحكمة لتلبية دع ...
- الأردن يرحب بقرار العدل الدولية إصدار تدابير احترازية مؤقتة ...
- جهاز أمن الدولة اللبناني ينفذ عملية مشتركة داخل الأراضي السو ...
- بعد 7 أشهر.. أحد قادة كتيبة جنين كان أعلن الجيش الإسرائيلي ق ...
- إعلام أوكراني: دوي عدة انفجارات في مقاطعة كييف
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض هدف جوي فوق الأراضي اللبنانية


المزيد.....

- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد
- تشظي الهوية السورية بين ثالوث الاستبداد والفساد والعنف الهمج ... / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - ثلاثة خطابات في شأن الصراع السوري