أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - حسن عطا الرضيع - دراسة بعنوان تحليل العوامل المؤثرة في التضخم في الأراضي الفلسطينية للفترة 1995-2012















المزيد.....



دراسة بعنوان تحليل العوامل المؤثرة في التضخم في الأراضي الفلسطينية للفترة 1995-2012


حسن عطا الرضيع
باحث في الشأن الاقتصادي وكاتب محتوى نقدي ساخر

(Hasan Atta Al Radee)


الحوار المتمدن-العدد: 4318 - 2013 / 12 / 27 - 14:24
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


مقدمة :
أصبحت ظاهرة التضخم من أكثر الظواهر الاقتصادية شيوعاً في عالمنا المعاصر, وإختلفت معدلات التضخم من سنة لأخرى ومن حقبة لأخرى, فإرتفعت في بعضها ارتفاعاً شديداًبينما إنخفضت في البعض الأخر, وشهد الاقتصاد العالمي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إرتفاعا مستمراً في مستويات الأسعار.
ويعتبر التضخم من المشاكل الرئيسية التي يعاني منها الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن, وعلى الرغم من الإهتمام المتزايد من قبل الاقتصاديين بهذه الظاهرة إلا أنها ما زالت تُشكل جدلاً واسعاً من قبل الاقتصاديين عبرالعالم ويدور الجدال في الأسباب الكامنة وراء حدوث التضخم والأثار الاقتصادية على النظام الاقتصادي وأفضلية السياسات المتبعة للقضاء على هذه الظاهرة, ونوع السياسات الاقتصادية المتبعة لكبح جماح التضخم كالسياسة المالية والنقدية والتجارية وأثرها على القطاعات الانتاجية وما يرافق ذلك من أثارا على الشرائح الإجتماعية .
ويحتل التضخم مكاناً بارزاً في الدراسات النقدية وفي الأدبيات والدراسات الاقتصادية وفي تاريخ الفكر الاقتصادية وخصوصا مدرسة التجاريين والكلاسيك والكينزيين والنقديين, فإهتم الكلاسيك بهذه الظاهرة حيث ربط دائماً بين الزيادة في كمية النقود وإرتفاع مستويات الأسعار, وركز التجاريين على زيادة ثروة الأمم من خلال ما تمتلكه من معادن نفيسة كالذهب والفضة وهذا يؤثر على المستوى العام للأسعار, ويعتبر ملتون فريدمان زعيم مدرسة النقديين بأن التضخم هي ظاهرة نقدية وأداة تصحيحية لعلاج المشكلة الاقتصادية الممتلة بالركود, وعالرغم من إختلاف الاقتصاديين في تحديد أسباب التضخم, فإن الباحث يعزو التضخم ليس فقط لزيادة عرض النقود بل إلى العناصر الرئيسية الممتلة بالمالية والنقدية والإنتاجية, وأن ما يعانيه الإقتصاد العالمي اليوم من مشكلة الإرتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار هو غير ناجم عن قوى العرض والطلب بل يعود إلى سياسة الاحتكا ر التي تمارسها الشركات متعددة الجنسيات والشركات الرأسمالية والصناعية المتقدمة كأداة تصحيحية لإعادة توزيع الدخل لصالح الطبقات الرأسمالية وذلك على حساب الفقراء وذوي الدخول المنخفضة, ويرافق ذلك أثاراً إجتماعية كإرتفاع معدلات الفقر وسوء مستويات المعيشة وإتساع حدة التفاوت في الأجور والدخول بين الشرائح الإجتماعية, وعند الحديث عن الاقتصاد الفلسطيني فلا يمكن إعتبار هذه الظاهرة بالتضخم بسبب تباطؤ المعدلات وتذبذبها إرتفاعا ونزولاً من سنة لأخرى, فيمكن إعتبار ذلك هو حالة إرتفاع في الأسعار وهذا ما تؤكده المؤشرات الاقتصادية في الاقتصاد الفلسطيني, فشهدت بعض الأعوام كعام 1994 إرتفاع في المستوى العام للأسعار بمعدل فاق 14% وكذلك العام 2008 وصل لقرابة 10% وتراجع في السنوات اللأحقة لعام 2008 إلى حدود في المتوسط تقترب من 2%, وبإعتبار الأراضي الفلسطينية من الدول النامية فإن لإرتفاع الأسعار بها أثارا سلبية على معدلات نمو الناتج المحلي, كما له أثاراً سيئة على توزيع الدخل والثروة وعلى الواقع الإجتماعي.
تحاول هذه الدراسة البحثية قياس وتحليل العوامل المؤثرة في التضخم في الأراضي الفلسطينية للفترة (1995-2012) وقياس أثر ذلك على المؤشرات الاقتصادية الكلية في الاقتصاد الفلسطيني ودورها في تطور القطاعات الاقتصادية , وكذلك تحديد دور السياسة المالية المتبعة في مكافحة التضخم وتقييم تلك السياسات وإعطاء رؤية مستقبلية للإقتصاد الفلسطيني.





الدراسات السابقة :
أولاً : الدراسات المحلية
1) دراسة زاهر خضر, تأثير سعر الصرف على المؤشرات الكلية للاقتصاد الفلسطيني , 2012).
هدفت تلك الدراسة إلى بيان تأثير سعر الصرف على المؤشرات الكلية للاقتصاد الفلسطيني, وتوضيح العلاقة بين سعر الصرف للعملات المختلفة ومعدل التضخم وكذلك أثر ذلك على نمو الناتج المحلي الإجمالي.
وإستخدم الباحث نموذج قياسي وقام بتقدير نموذج لدالة التضخم ويرى أن تأثير سعر الصرف على معدل التضخم ذو دلالة إحصائية عند مستوى 5)%) وأن العلاقة بينهما سالبة وتتوافق مع النظرية الاقتصادية وقدرت مرونة سعر الصرف الأسمي ب (9.61%) أي أن إرتفاع سعر الصرف الأسمي للدولار الأمريكي مقابل الشيقل الإسرائيلي بنسبة (1%) سيخفض من معدل التضخم في الأراضي الفلسطينية بمقدار (9.61%).
وتوصلت الدراسة إلى أن هناك علاقة بين معدل التضخم في الأراضي الفلسطينية وبين سعر الصرف, حيث توجد علاقة عكسية بين سعر الصرف الأسمي ومعدل التضخم.
وأوصت الدراسة سلطة النقد الفلسطينية بضرورة إصدار عملة وطنية وإتباع سعر الصرف الثابت مع عملة أخرى مستقرة تفادياً لمشكلة التضخم المالي وإنخفاض قيمة العملة.
2) دراسة محمد رجب, أثر السياسة الإنفاقية في التضخم في فلسطين,2011).
هدفت الدراسة إلى معرفة أثر السياسة الإنفاقية للسلطة الفلسطينية على التضخم في فلسطين, والتعرف على الأثار الاقتصادية والإجتماعية التي رافقت التضخم في فلسطين, وإستخدم الباحث نموذج قياسي وعرض نموذج إنحداد بسيط لدراسة العلاقة بين متغيرتابع وهو التضخم ومتغير مستقل وهو إجمالي النفقات العامة وبلغ معامل الإرتباط بين المتغيرين (0.828) والعلاقة طردية وقوية.
وتوصلت الدراسة إلى أن المساعدات والمنح الخارجية التي تلقتها السلطة الفلسطينية لم يتم إستغلالها جيدا وذهبت فقط لتمويل النفقات التطويرية وتغظية الرواتب مما ساهم برفع الأسعار, ورغم ارتفاع معدلات البطالة في العام2008 وإنخفاض متوسط الدخل الفردي إلا أن الأسعار كانت مرتفعة .
وأوصت الدراسة بضرورة العمل على تطوير السياسة الإنفاقية والمالية للسلطة الفلسطينية بما يتلائم و التغيرات في مستويات الأسعار, وإنشاء اقتصاد حقيقي منتج وتحقيق تنمية إقتصادية مستدامة.
3) دراسة بدر حمدان, تحليل مصادر النمو في الاقتصاد الفلسطيني 1995-2010, 2012).
هدفت تلك الدراسة إلى تقدير إنتاجية العوامل الكلية للاقتصاد الفلسطينية, وتحليل العلاقة بين الإنتاجية الكلية ومعدل التضخم , وإستخدم الباحث النموذج القياسي في منهجية البحث ومن خلال معادلات الإنحدار توصلت الدراسة إلى أن معدل الإنحدار لمتغير التضخم بلغ (-0.75) مما يعني وجود علاقة عكسية بين التضخم والإنتاجية الكلية للاقتصاد الفلسطيني والتضخم كان غير معنوي إحصائيا, وأوصت الدراسة بضرورة العمل على تطوير القطاعات الإنتاجية من اجل مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي وزيادة الإنتاج بما يتلائم والتقليل من أعباء الإرتفاع في مستويات الأسعار.
4) دراسة نبيل عبد النبي, الأثار الاقتصادية والإجتماعية لموازنات السلطة الفلسطينية للفترة 2000-2010, 2011).
هدفت تلك الدراسة في إلقاء الضوء على الموزانات العامة للسلطة الفلسطينية للفترة (2000-2010) وأثر ذلك على الواقع الاقتصادي والإجتماعي ودور الموازنات في التأثيرعلى مستويات الأسعار في الأراضي الفلسطيني, والتعرف على العلاقة بين التغير في حجم الموازنات الفلسطينية ومعدلات التضخم.
وإستخدم الباحث الإسلوب التحليلي القياسي وتوصل أنه لا يوجد علاقة بين قطاع الخدمات وقطاع التنمية الاقتصادية وبين معدل التضخم في الأراضي الفلسطينية.
وتوصلت الدراسة إلى أن ارتفاع نسب التضخم والحصار أثرت بالسلب على مؤشرات الاقتصاد ككل وألحقت الضرر بالشرائح الإجتماعية حيث ارتفعت معدلات الفقر والبطالة وسوء توزيع الدخل .
وأوصت الدراسة بضرورة الإهتمام بقطاع التنمية الاقتصادية وترشيد النفقا ت العامة والعمل على استقرار الأسعار.
أهمية الدراسة :
تبرز أهمية الدراسة في دراسة وتحليل العوامل المؤثرة في التضخم في الأراضي الفلسطينية للفترة من (1995-2012) وأثر ذلك على الواقع الاقتصادي والإجتماعي فيما يتعلق بتوزيع وإعادة توزيع الدخل والتفاوت بين الشرائح الإجتماعية.
ويمكن إيجاز تلك الأهمية من خلال النقاط التالية :
1) دراسة أثرالتضخم وإرتفاع مستويات الأسعارفي الأراضي الفلسطينية على كافة الشرائح الإجتماعية.
2) تقديم دراسة لمتخد القرار الفلسطيني كرؤية ممكن الإستفادة منها في علاج مشكلة التضخم في الأراضي الفلسطينية بما يتلائم ومستويات النمو الاقتصادي.
3) بيان العوامل المؤثرة في التضخم وإرتفاع مستويات الأسعار في الأراضي الفلسطينية, وأثار ذلك على الواقع الاقتصادي والإجتماعي .
4) محاولة للتوصل لنتائج حول ماهية ما يتعرض له الاقتصاد الفلسطيني تضخم أم حالة إرتفاع في الأسعار.

أهداف الدراسة :
يمكن إيجاز الأهداف المرجوة من الباحث في النقاط التالية:
1) التعرف على واقع الاقتصاد الفلسطيني وتحليل مؤشراته الكلية .
2) التعرف على ماهية التضخم والنظريات المفسرة له, وأنواعه وطرق قياسه والإستفادة في وضع تصورات لعلاج هذه المشكلة مستقبلا في الأراضي الفلسطينية.
3) معرفة السياسات الاقتصادية التي ممكن إتباعها لعلاج التضخم سواءاً السياسات المالية او النقدية أو التجارية وأيهما أكثر ملائمة للاقتصاد الفلسطيني.
4) التوصل لعدد من النتائج والتوصيات يمكن من خلالها علاج الإختلالات ومحاولة لتقليل تلك الإختلالات في الاقتصاد الفلسطيني .
5) التعرف على أثرالمساعدات والمنح الخارجية التي تتلقاها السلطة الفلسطينية وكذلك إعداد الموازنات الفلسطينية ودورهما في التأثيرعلى مستويات الأسعار في الأراضي الفلسطينية.




مشكلة الدراسة :
من خلال دراسة واقع الاقتصاد الفلسطيني منذ إنشاء السلطة الفلسطينية بعد توقيع إتفاق أوسلو بين منظمة التحريرالفلسطينية و إسرائيل, شهد الاقتصاد الفلسطيني العديد من التحولات والتغيرات وأهما تراجع المؤشرات الاقتصادية الكلية وارتفاع في معدلات الفقر والبطالة وتباطؤ الإنتاج والعجز المستمر في الميزان التجاري وفي الموازنة العامة , وحاولت تلك الدراسة التطرق لمشكلة التضخم ودراسة العوامل المؤثرة في هذه الظاهرة وأثارها على الواقع الاقتصادي والإجتماعي في الأراضي الفلسطيني, ويمكن صياغة التساؤل الرئيسي كالتالي :
ما هي العوامل المؤثرة والمحددة للتضخم في الأراضي الفلسطينية ؟
ويتفرع من التساؤل الرئيسي العديد من الأسئلة الفرعية يمكن صياغتها كالتالي:
1- ما هي أكثر العوامل الاقتصادية تأثيراً على معدلات التضخم في الأراضي الفلسطينية؟
2- ما هي العلاقة بين عرض النقد بالشيقل وبين إرتفاع مستويات الأسعار؟
3- ماهي العلاقة بين التقلبات في سعر الصرف على مستويات الأسعار؟
4- ما هي تأثيرات الأوضاع السياسية غيرالمستقرة على مستويات الأسعار؟
5- هل يوجد تأثير للطلب الكلي ممتلا بمتوسط نصيب الفرد من الدخل وزيادة المستوى العام للأسعار؟
6- ما دور المساعدات والمنح الخارجية في التأثير على مستويات الأسعار؟
7- ما هي الشرائخ الإجتماعية الأكثر تضرراً من ظاهرة إرتقاع الأسعار؟
8- ما هي السياسة الاقتصادية الناجعة في مكافحة التضخم في الأراضي الفلسطيينة؟
9- ما هو دور السياسة المالية المتبعة في كبح جماح ارتفاع الأسعار في الأراضي الفلسطينية؟
10- هل ما يعانيه الاقتصاد الفلسطيني هو حالة تضخم أم حالة إرتفاع في الأسعار؟

فرضيات الدراسة :
من خلال مشكلة الدراسة وتساؤلاتها ومن خلال النظريات الاقتصادية والدراسات السابقة والواقع يمكن وضع عدد من الفرضيات يمكن من خلال الدراسة الأجابة عنها بالنفي أو الإثبات ويمكن صياغتها كالتالي :
الفرضية الأولى : هناك علاقة قوية بين عرض النقد بالشيقل وبين حالة إرتفاع الأسعار في الأراضي الفلسطيينة, فزيادة عرض النقد ستزيد مستويات الأسعار.
الفرضية الثانية : يوجد علاقة عكسية بين سعر الصرف الشيقل مقابل الدولار الأمريكي وبين إرتفاع مستويات الأسعار في الأراضي الفلسطينية.
الفرضية الثالتة : يوجد علاقة طردية بين نمو الناتج المحلي الإجمالي وبين إرتفاع مستويات الأسعار في الأراضي الفلسطينية .
الفرضية الرابعة :هناك علاقة طردية وموجبة بين متوسط الدخل الفردي والتغيرات في المستوى العام للأسعار .
الفرضية الخامسة : للأوضاع السياسية أثاراُ متباينة في التأثير على مستويات الأسعار في الأراضي الفلسطينية .
الفرضية السادسة: للإنكشاف الإقتصادي التي يعانيه الاقتصاد الفلسطيني دورا في التأثير على مستويات الأسعار, وتأثير الواردات متباين بسبب كونها أساسية وضرورية.
الفرضية السابعة : يوجد علاقة طردية وموجبة بين التضخم وإجمالي النفقات العامة.
الفرضية الثامنة : يوجد علاقة عكسية بين التضخم وإجمالي المساعدات والمنح الخارجية.
الفرضية التاسعة : يوجد علاقة عكسية بين معدل التضخم والإنتاجية الكلية في الاقتصاد الفلسطيني.
الفرضية العاشرة: هناك علاقة طردية بين التضخم والفقر, و للتضخم أثاراً كبيرة على معدل الفقر, فزيادة التضخم تزيد من حدة الفقر.



المحور الأول : مفاهيم عامة للتضخم

أولاً: تعريف التضخم
قبل الحديث عن تعريف التضخم لا بد التطرق إلى الإطار التاريخي لهذه الظاهرة, فمنذ ٌدم العصور عرفت البشرية ظاهرة إرتفاع الأسعار منذ حضارات الشرق الأوسط , حيث تأثرت قيمة العملة من المعدن الثمين بكمية الذهب المتوفرة, فتتعرض قيمة النقود إلى الإنخفاض عند إكتشاف مناجم ذهب جديدة, أو نتيجة تطور طرق تعدين الذهب وزيادة كميته, وقد ساهمت حروب الشرق الأوسط منذ القدم في ظاهرة إرتفاع الأسعار بسبب الإستيلاء على المعادن النفيسة من الذهب والفضة, ويعتبر أسوء تضخم عانه العالم القديم هو الإرتفاع في الأسعار الناجم عن إستيلاء الإسكندر الأول على كنوز الذهب في الإمبراطورية الساسانية, كما عانت الإمبراطوية الساسانية من إرتفاع كبير في الأسعار نتيجة فتوحات الإمبراطورية الرومانية وإستيلاءهم على كميات كبيرة من الذهب, وشهدت دولاً في الحضارات القديمة إنخفاضاً مستمراً في قيمة عملاتها كالصين والإغريق والرومان القديمة, ومع إكتشاف أمريكا نهاية القرن الخامس عشر واجه العالم أسوء حالات التضخم حيث إنخفضت قيمة العملة من المعدن الثمين إنخفاضا كبيراً, ومع تطور النظام النقدي وسيادة النقود الورقية في نهاية القرن السابع عشر في أمريكا وفرنسا أخذت ظاهرة التضخم تبرز بين حين وأخر وبشكل منتظماً, وعانت الولايات المتحدة الأمريكية تضخماً عاليا عام 1775 بعد قيام الحكومة بإصدار دولارات أوروبية لتمويل حرب الإستقلال, وواجه العالم حالة التضخم بعد إكتشاف مناجم الذهب في كاليفورنيا عام 1848 , وفى القرن العشرين عانت ألمانيا من أسوء تضخم شهده الاقتصاد العالمي في العشرينات من القرن الماضي حيث إرتفعت الأسعار بمستويات مرتفعة عن مستواها قبل الحرب العالمية الأولى.(1)
ويُعرف التضخم بأنه الإرتفاع المستمر والمتواصل في المستوى العام للأسعار, واذا كان تزايد الأسعار النقدية يتم بمعدلات مرتفعة خلال الفترة الزمنية القصيرة فيكون التضخم مفرطاً أو جامحاً, أما اذا تحقق إرتفاع الأسعار على مدى فترة زمنية طويلة فإن التضخم يُوصف بأنه تدريجي أو زاحف.(2)
والتعريف المُبسط للتضخم يعرف بأنه زيادة كمية النقود بدرجة تنخفض معها قيمة النقود, أو على أنه الإرتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار في دولة ما والناجم عن فائض الطلب عما هو معروض من السلع والخدمات خلال فترة زمنية معينة.(3) ويٌقاس معدل التضخم وفقا للمعادلة التالية:
معدل التضخم = المستوى العام للأسعار لسنة ما – المستوى العام للأسعار في سنة سابقة / المستوى العام للأسعار للسنة السابقة.
وغالباُ يتم إعداد مؤشر الرقم القياسي لتكاليف المعيشة في دولة ما لتوضيح أسعار السلع والخدمات خلال فترة زمنية معينة وذلك لقياس معدل التضخم, ويدخل في حساب هذا المؤشر المواد الغذائية كاللحوم والاسماك ومنتجات الألبان والخضروات والتبغ والمشروبات, والسكن كخدمات السكن وملحقاته والمحروقات, والنفقات المنزلية والملابس والأحذية والمنافع والسلع والخدمات الأخرى كالتعليم والصحة.
وهناك بعض تعريفات للتضخم تذهب إلى ما وراء ظاهرة إرتفاع الأسعار وتحاول إبراز السبب الرئيسي لهذه الظاهرة, ومن تلك التعريفات وفقا للتعريف الكلاسيكي أنه " زيادة كمية النقود في ظروف التوظف الكامل " ووفقاً للنقديين يُعرف بأنه " زيادة كمية النقود بمعدلات تفوق معدلات نمو الناتج القومي الحقيقي, كذلك عرف كينز التضخم بأنه عجز مستمر في الميزانية العامة للدولة أو فائض طلب مستمر عند مستوى التوظف الكامل.
(1) مجيد, ضياء, الإقتصاد النقدي, ط1, مؤسسة شباب الجامعة , الإسكندرية , مصر , 2002,ص213.
(2) أحمد, عبد الرحمن, الاقتصاد التحليلي, جامعة القدس المفتوحة, طبعة 2004, فلسطين,ص175.
(3) عبد الرحمن, إسماعيل, عريقات ,حربي, مفاهيم أساسية في علم الاقتصاد,ط1,دار وائل للنشر, الأردن, 1999,ص145
ثانياً: الأثار الاقتصادية والإجتماعية للتضخم
من أهم أثار التضخم هو توزيع الموارد الاقتصادية داخل المجتمع و إعادة توزيع الدخل القومي والثروة بين أفراد المجتمع بطريقة عشوائية وغير عادلة وغالبا ما تكون لصالح الطبقات الرأسمالية المتقدمة على حساب الفقراء وذوي الدخول المنخفضة, وبشكل لا يعكُس مبادئى العدالة الإجتماعية أو الكفاءة الإنتاجية, ففى حالة التضخم تأخذ الأسعار بالإرتفاع ولكن الدخول النقدية بالمجتمع لا ترتفع بنفس النسبة من إرتفاع الأسعار, وهناك أربع حالات في هذا الصدد(1).
أ‌- أن يبقى الدخل النقدي ثابتا بينما يتوالى إرتفاع الأسعار, وفي هذه الحالة يتعرض الدخل الحقيقي للتناقص بشكل مستمر, وتتوقف حدة التدهور في مستوى الدخل الحقيقي على درجة الإرتفاع في المستوى العام للأسعار, وأبرز المتضررين من التضخم بهذه الحالة هم أصحاب الدخول الثابتة و أصحاب الإيجارات وأصحاب المعاشات ومن يتقاضى أجوراً ومرتبات ثابنة وفقا لعقود مستقبلية طويلة الأجل.
ب‌- أن يرتفع الدخل النقدي ولكن بمعدل أقل من إرتفاع المستوى العام للأسعار, وتحدث غالباً لمعظم أصحاب المرتبات الذين يعملون في الوظائف المدنية العامة أو في الشرطة والجيش والمدرسين والأطباء, وينجم عن ذلك إبتعاد أصحاب المؤهلات العالية عن الوظائف العامة في الدولة .
ت‌- أن يرتفع الدخل النقدي بمستوى مساوي لإرتفاع الأسعار, وفي هذه الحالة لا يتغير مستوى الدخل الحقيقي, وتحدث هذه الحالة في لغالبية الفئات العمالية العاملين في الصناعة في البلدان المتقدمة؛ حيث الارتقاع في الأسعار يرتبط بالإرتفاع في الأجور, وفي البلدان النامية فالأجور النقدية ترتفع بمدلات تقل عن معدلات الأسعار.
ث‌- أن يرتفع الدخل النقدي بمعدل أكبر من معدل إرتقاع الأسعار, وفي هذا الحالة يزداد الدخل الحقيقي, فكلما كان معدل إرتفاع الدخل النقدي أكبر من إرتفاع الأسعار كلما زاد الدخل الحقيقي بمعدل أكبر خلال الزمن, وتحدث هذه الحالة غالباً بالنسبة لأصحاب المشروعات الصناعية الذين يتمكنون من زيادة إيرادتهم النقدية الصافية خلال فترات التضخم بمعدلات تفوق الزيادة في معدلات الأسعار, فإرتفاع الأسعار يؤدي إلى زيادة الإيرادات النقدية الإجمالية وحيث لا ترتفع النفقات مباشرة بعد إرتفاع الأسعار, وإنما بعد إنقضاء فنرة من الزمنقد تٌقصر أوتطول تبعاً لأنواع النفقات فإن الأرباح سوف ترتفع بمعدلات تفوق معدلات ارتفاع الأسعار.
ويمكن أيجاز الأثار الاقتصادية والإجتماعية للتضخم في النقاط التالية(2):
أ- إضعاف الثقة بالعملة المحلية إضعاف الحافزعلى الإدخار حيث تبدأ النقود وفقدان قيمتها كمخزن للقيمة, فيزيد تفضيل الأفراد للسلع -كالذهب والعقارات والسلع المُعمرة- على التفضيل النقدي, فيزيد إنفاقهم الاستهلاكي الحاضر وينخفض ميلهم للإدخار.
ب- الإختلال في ميزان المدفوعات ونشوء ظاهرة العجزنتجة لزيادة الطلب على الإستيراد وإنخفاض حجم الصادرات فالزيادة التضخمية في الإنفاق الحكومي وبالتالي الدخول النقدية يترتب عليها ليس فقط زيادة الطلب على السلع المنتجة محلياُ بل على المستوردة أيضاً.
ج- توجه رؤوس الأموال إلى فروع النشاط الاقتصادي التي لا تخدم عملية التنمية الاقتصادية في مراحلها الأولى, فتتجه إلى إنتاج السلع التي ترتفع أسعارها باستمرار كالسلع الرفاهية, فتتجه الأموال الموجودة داخل الاقتصاد إلى تجارة الإستيراد والمضاربة التجارية وبناء المنازل الفاخرة.
د- يؤدي إرتفاع الأسعار إلى إرتباك في تنفيد بعض المشروعات التنموية وإستحالة تحديد تكاليف إنشاء المشروعات بصورة نهائية التي ترتفع مدخلاتها باستمرار خلال فترة تنفيد المشروعات مما يزيد عجز بعض القطاعات فى الحصول على الموارد لإتمام مشروعاتها.
(1) أحمد, عبد الرحمن,مرجع سبق ذكره, ص179.
(2) عبد الرحمن,إسماعيل, عريقات, حربي, مرجع سبق ذكره, ص154-156.
ه- ينجم عن التضخم إعادة توزيع الدخل لصالح الطبقات الرأسمالية ولأصحاب الدخول المتغيرة والتجار والمنتجين مُقابل تضرر أصحاب الدخول الثابتة وتدني مستويات المعيشة وزيادة الفقر لتلك الشرائح الإجتماعية, ويُعمق التفاوت في توزيع الدخول والثروات ويخلق موجة من التوتر والتذمر الإجتماعي والسياسي الضروري لدفع عجلة التنمية الاقتصادية والإجتماعية .
و- يؤثر التضخم على المديونية حيث يساهم في تفشي قدرا من عدم اليقين, ويمكن أن يهدد هيكل الاقتصاد المحلي والقطاع المالي بأكمله(1).
ثالثاً : أنواع التضخم (2)
من خلال التاريخ الطويل للتضخم والذي يعود قديماً بقدم إقتصاديات السوق, وشهد الاقتصاد العالمي إرتفاعا مستمر في الأسعار وخصوصا في إنجتلر منذ القرن الثالت عشر, وهذا أدى لإعتبار الأسعار والأجور لا تمتلك مرونة للهبوط, عليه يمكن تصنيف التضخم إلى ثلاثة مستويات من الشدة وهي تضخم معتدل, وتضخم سريع, وتضخم جامح.
التضخم الُمعتدل :
يتسم التضخم المعتدل بأسعارترتفع ببطء وبشكل يمكن توقعه, ويمكن تعريفه بأنه معدل تضخم سنوي ذو خانة واحدة؛ حيث تكون الأسعار مستقرة نسبيا يثق الناس بالنقود, ويكونون على إستعداد للاحتفاظ بالنقود لأن قيمتها مستقبلا تبقى كما هي الأن, ويكون الناس على إستعداد للارتباط بعقود نقدية طويلة المدى لأنهم على ثقة من أن الأسعار وتكاليف السلع التي يشترونها أو يبيعونها لن تبتعد كثيراً عن وضعها الحالي.
التضخم السريع :
يُصنف التضخم المكون من خانتين أو ثلاثة خانات بأنه تضخم سريعاً, وشهدت دول متقدمة هذه الحالة كإيطاليا والأرجنتين حيث تراوحت فيها معدلات التضخم ما بين 50 إلى 700% خلال عقدي السبعينات والتمانينات, وفي هذه الحالة تفقد النقود قيمتها بسرعة, لا يحتفظ الأفراد داخل المجتمع إلا بالحد الأدنى من النقود اللأزمة للتعاملات اليومية, وتتعرض الأسواق المالية للإنهيار بسبب خروج رؤوس الأموال للخارج, ويخزن الأفراد النقود على شكل سلع وشراء العقارات ولا يقرضون المال بأسعار فائدة متدنية .
التضخم الجامح:
يستطيع الاقتصاد البقاء والإستمرار في ظل التضخم السريع إلا أنه لا يستطيع الإستمرار في ظل التضخم الجامح وهي الحالة التي ترتفع بها الأسعار بمستويات كبيرة قد تصل لمليون أو تريليون بالمئة سنويا؛ ويمكن التعبيرعن تلك الحالة من خلال العبارة التالية" إعتدنا أن نذهب إلى المتاجر والنقود في جيوبنا, ونعود ونحن نحمل الطعام في سلاتنا, والأن نذهب إلى المتاجر والنقود في سلاتنا ونعود والطعام في جيوبنا , كل شئ شحيح ما عدا النقود" وهناك سمات معينة وملامح مشتركة في هذه الحالة وهي كالتالي :
& هبوط الطلب الحقيقي على النقود والذي يُقاس بكمية النقود المتداولة مقسومة على مستوى السعر وبشكل حاد للغاية, فعند نهاية التضخم الجامح بألمانيا في عشرينات القرن العشرين كان الطلب الحقيقي واحد إلى ثلاثين من مستواه قبل عامين.





(1) رجب, محمد, أثر السياسة الإنفاقية في التضخم في فلسطين, رسالة ماجستير غير منشورة, جامعة الأزهر, غزة, الأراضي الفلسطينية, 2011, ص19.
(2) سامويلسون, بول, الاقتصاد, ترجمة هشام عبدالله, الأهلية للنشر والتوزيع, الأردن,2001,ص611.
&تصبح الأسعار غير مستقرة على الإطلاق, وتتغيرالأجور الحقيقية بمعدل مرتفع صعودا أو هبوطا, وهذا التغيرالكبير في الأسعار النسبية والأجور الحقيقية يلقي بظلاله على العمال وقطاعات الأعمال ويؤثر بُعمق في توزيع الثروة, ويلخص عالم الاقتصاد البريطاني ليونيل روبنز هذا التأثير : "تخفيض قيمة المارك الألماني دمر ثروات أصلب عناصرالمجتمع الألماني وترك خلفه عدم توازن اقتصادي ومعنوي, وهيأ الأرض للكوارث التي تلت, فهتلر هو الطفل الذى رعاه التضخم ". ويرتبط هذا النوع من التضخم بالحروب والثورات وعدم الاستقرار.

السياسي والاقتصادي والإجتماعي كما حدث في هنغاريا عام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية وفي ألمانيا عام 1921-1923 وتفقد النقود في تلك الحالة قيمتها كمستودع للقيمة وتفقد العملة قيمتها ويُوشك النظام النقدي للإنهيار.
وهناك أنواع أخرى للتضخم يمكن إيجازها كالتالي(1( :
& التضخم الأصيل أو الصحيح :
وهو التضخم الذي يتحقق حين لايُقابل الزيادة في الطلب الكلي زيادة معادلة في الإنتاج, ولذلك فإن أثر ذلك ينعكس في المستوى العام للأسعار على أن ذلك لا يمنع ارتفاع الأسعار حتى قبل الوصول إلى حالة الاستخدام الشامل.
& التضخم الزاحف أو المُتدرج :
ويحدث هذا النوع من التضخم عندما تزداد القوة الشرائية بصفة دائمة بنسبة أكبر من الزيادة في عرض كل من السلع وعوامل الإنتاج وخاصة خدمات العمل.
& التضخم المكبوت :
وهو التضخم الذي يمثل حالة تُمنع فيه الأسعار من الإرتفاع عن طريق سياسات تمثل بوضع ضوابط وقيود تحد من الإنفاق الكلي وتحول دون إرتفاع الأسعار على أن ذلك لا يمنع أفراد المجتمع من تجميع مدخرات نقدية سائلة كبيرة يمكن تحويلها إلى قوة شرائية فعالة مستقبلاً.
المعدل المثالي للتضخم :
تسعى غالبية الدول المتقدمة والنامية على حد السواء لتحقيق تنمية اقتصادية سريعة, وعمالة كاملة, وإستقرار في الأسعار, ويشيرمعظم علماء الاقتصاد الكلي إلى وجود مزايا للتضخم المستقر أو المنخفض نسبيا وعند حدود 3% تكون طبيعية ومعقولة, ولا يمكن لاقتصاد أن يحقق معدل للتضخم يساوي صفربالمائة, وإن زاد المعدل عن 3% فسيكون له تأثيرات واضحة على الإنتاجية والمخرجات الحقيقية ويمكن كبح جماح التضخم عبرإبطاء نمو المُخرحات وزيادة معدلات البطالة.
رابعاً : أسباب التضخم
تعددت الأسباب التي تقف وراء التضخم وإن اختلف الاقتصاديين في أسبابها فإنهم جميعاً اتفقوا على حالة الإرتفاع المستمر والمتواصل والمادي في المستوى العام للأسعار وخلال فترة زمنية معينة عادة تأخد سنة, إلا أنه لا يمكن تحديد سبب محدد للتضخم فهناك من يعزو التضخم لأسباب مالية ونقدية وإنتاجية, وهناك من يرى بأن التضخم غير ناجم عن قوى العرض والطلب بل يعود إلى سياسة الإستغلال و الاحتكا ر التي تمارسها الشركات متعددة الجنسيات والشركات الرأسمالية والصناعية المتقدمة كأداة تصحيحية لإعادة توزيع الدخل لصالح الطبقات الرأسمالية وذلك على حساب الفقراء وذوي الدخول المنخفضة.
ويعتبر النظام النقدي العالمي نظاماً تضخميا بسبب قيامه على أساس أسعار الصرف الثابتة والتي وضعت أسسه نظام بريتون وودز والذي يعتبر سببا رئيسياً في ارتفاع الأسعار والتضخم بسبب الأسباب التالية(2) :
(1)عبد الرحمن,إسماعيل, عريقات, حربي, مرجع سبق ذكره, ص154.
2) عبد المهدي, عادل, التضخم العالمي والتخلف الاقتصادي, مركز الدراسات الاقتصادية الاستراتيجية, بدون سنة نشر, ص97.
& الإنفصال الجزئي للعملات عن حقيقتها السلعية.
& الإنفصال عن الذهب وتعويم العملات:
كانت بريطانيا في نهاية القرن التاسع عشر سيدة الاقتصاد العالمي, وكان الجنيه القائم على أساس الذهب نقطة إرتكاز السياسة الاقتصادية الدولية, أما الدول الأخرى فكانت توازن بين سياستها, وبعد الحرب العالمية الثانية بدأ الدولار الأمريكي يأخذ الدور القيادي للاقتصاد العالمي وتمتع بثقة عالية لا حدود لها, ولكن عندما بدأ الاقتصاد الأمريكي بالتدهو ر, تدهورت الثقة بالدولار وبدأت تظهر كل نتائج الضخ التضخمي.
خامساً : قياس التضخم
يمكن قياس التضخم بناءاً على عدد من المقاييس الشائعة وأهمها (1).
&الرقم القياسي لأسعار السلع الإستهلاكية consumer price index (cpi)
والذي يشمل سلة ثابتة من السلع والخدمات التي تمثل نمط الاستهلاك للأسرة .
& الرقم القياسي لأسعار السلع الإنتاجية producer price index (ppi)
والتي تمثل جميع السلع المستخدمة في العملية الإنتاجية كأسعار الالات والمعدات والأصول الثابتة .
& مكمش الناتج القومي الإجمالي GNP Deflator
وهو يشمل جميع السلع الإستهلاكية والسلع الإستثمارية إضافة إلى صافي الصادرات .
سادسا : نظريات التضخم (2).
تختص نظريات التضخم والتي هي مجموعة من الإسهامات الفكرية لعدد من الاقتصاديين والذين حاولوا البحث في السبب الرئيسي وراء ظاهرة الإرتفاع المتواصل في المستوى العام للأسعار, وعلى أساس هذه النظريات يمكن تصميم السياسة العلاجية للتضخم, وفي الواقع العلمي قد يكون هناك أكثر من سبب للتضخم وهذا يعني أن يكون هناك مجال لأكثر من نظرية في تفسيره.
1- دورالعامل النقدي في تفسير التضخم .
إعتقد المفكرون التقليديون من المدرستين الكلاسيكية والنيوكلاسيكية أن التضخم ظاهرة نقدية, أي أنه ينشأ بسبب العامل النقدي وحده, وفسروا التقليديون الإرتفاع في المستوى العام للأسعار على أساس الزيادة في كمية النقود.
ونظرية كمية النقود والتي صاغها مارشال وأخرون من مدرسة كمبردج تبين أن زيادة كمية النقود بنسبة معينة تؤدي إلى زيادة المستوى العام للاسعار بنفس النسبة, وتقوم هذه النظرية على فروض أساسية لصحتها وهي ثبات الناتج القومي الحقيقي عند مستوى التوظف الكامل, وثبات النسبة التي يحتفظ بها الأفراد من النقود عند أي مستوى من مستويات الدخل, وثبات سرعة دوران النقود الدخلية.
أما ميلتون فريدمان يُرجع ظاهرة التضخم إلى الزيادة في عرض النقود ويؤكد فريدمان ذلك في عبارته الشهيرة " التضخم دائماً وفي أي مكان ظاهرة نقدية", والإتجاه العام لمدرسة النقديين في أن السبب الأساسي وراء الإرتفاع المستمر في الأسعار هو الزيادة المستمرة في عرض النقود.
2- دور الطلب في تفسير التضخم
أول من إهتم بدور الطلب الكلي في تفسيرالتضخم هو الاقتصادي جون كينز في نظريته المعروفة بجدب الطلب Demand Pull Inflation وفُقا لتحليلاته يرى بأن زيادة الطلب الكلي تؤدي إلى زيادة الدخل الحقيقي بفعل المضاعف ويصاحب هذا زيادة الإدخار والإستهلاك ويتحقق التوازن حيث يتساوى الاستثمار مع الإدخار.
(1( خليل, سامي, نظرية الاقتصاد الكلي, الكتاب الأول: المفاهيم والنظريات الأساسية, ط1,الكويت, 1994,ص68.
عبد الرحمن,إسماعيل, عريقات, حربي, مرجع سبق ذكره, ص184

وفي ظل توافر طاقة إنتاجية رأسمالية وعمالية عاطلة ويتحقق فيها إرتفاع مستوى الناتج القومي تجاه مستوى التوظف الكامل فإن أي إرتفاع في الأسعار لن يعد تضخماً حيث يعبر فقط عن ميكانيكية جهاز الثمن في الاقتصاد الحر.
وعندما يصل الاقتصاد إلى وضع التوظف الكامل للموارد الاقتصادية المتاحة فإن أي زيادة في الطلب الكلي سيرافقه زيادة في الأسعار, وإستمرار فائض الطلب عند وضع التوظف الكامل فهذا يعني استمرار في إرتفاع الأسعار, وبناءا على ذلك فقد عُرف التضخم عند كينز بأنه " حالة فائض الطلب عند مستوى التوظف الكامل".
والملامح الرئيسية للتضخم بالمفهوم الكينزي أنه ذاتي التشغيل أي يحمل في طياته القدرة الذاتية على الإستمرار فزيادة الأسعار على مستوى الاقتصاد ككل سوف تؤدي إلى زيادة
العائدات النقدية للمشروعات الانتاجية, وتلك العائدات سوف تتدفق بدورها إلى القطاع
العائلي على شكل عوائد لعناصرالإنتاج التي ساهمت في العملية الإنتاجية وعليه يرتفع الدخل النقدي لأفراد المجتمع مما يزيد قدرتهم على إنفاق قدرا أكبر من النقود أي زيادة الطلب الكلي فيرتد هذا الأثر على الأسعار فترتفع مرة أخرى, وهذا يُعرف بالعملية الانتاجية التباعدية أي أن المستوى العام للأسعار يزداد تباعداً خلال الزمن عن مركز التوازن الأصلي الذي بدأ منه.
3- تفسير التضخم من جانب العرض(تضخم التكاليف)
إن النظرية الرئيسية المفسرة للتضخم من جانب العرض تُعرف بالتضخم الناشئ عن دفع التكلفة والتي تبلورت في أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية خصوصا في الخمسينات والستينات من القرن الماضي, حيث إرتفعت الأجور بشكل مستقل عن ظروف الإنتاج والطلب الكلي وأثر ذلك في رفع نفقة الإنتاج ومن ثم إرتفاع مستويات أسعار المنتجات النهائية .
ويقوم هذا التفسير من جانب العرض على عدة فروض حول التفسيرالعلمي لإرتفاع الأسعار ويمكن إيجاز ذلك بتلك النقاط :
& إن رفع الأجور يحدث بشكل منتظم خلال الزمن نتيجة لممارسات الاتحادات العمالية ضغطاً منظماً ومستمراً على أصحاب المشروعات.
& إن رفع الأجور يتوقف على قوة الإتحادات العمالية فكلما ازدادت قوة الإتحادات العمالية كلما إزدادت الأجور بمعدلات أكبر والعكس صحيح بمعى أن معدل ارتفاع الاجور ينخفض كلما صعفت الاتحادات العمالية.
& إن رفع الأجور مرتبط بإرتفاع نفقات المعيشة للطبقة العاملة, فإرتفاع نفقات المعيشة ممتلاً بإرتفاع الأسعار تزيد من طلب الاتحادات العمالية برفع الأجور بما يتناسب مع هذا الإرتفاع.
& إن رفع معدلات الأجور يتوقف على ارتفاع أرباح المشروعات وتبعاً لهذا الفرض فإن الاتحادات العمالية تمارس ضغطاً متزايداً على أصحاب المشروعات في تلك الفترات التي يزيد فيها أرباح الشركات برفع الأجور, وعند إنخفاض الأسعار تمارس ضغطاُ أقل عند إنخفاض مستويات الأرباح.
&إن رفع معدلات الأجور مرتبط بمستويات الشاط الإنتاجي للمشروعات, فالإتحادات العمالية تعمل على رفع معدلات الأجور حينما يرتفع مستوى النشاط في المشروعات, ولا تمارس أي ضغط على أصحاب المشروعات من أجل رفع الأجور حينما ينخفض مستوى النشاط.
- التعقيب على نظريات التضخم :
بناءا على النظريات السابقة التي فسرت التضخم فإنها جميعاً قد اهتمت بسبب معين وأهملت الأسباب الأخرى, فلا يمكن الحديث عن صحة النظرية الكلاسيكية والنيوكلاسيكة والتي إعتبرت أن التضخم ظاهرة نقدية بحثة وأن زيادة عرض النقود ستؤدي إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات وبالتالي إرتفاع في الأسعار, حيث أشارت الوقائع التاريخية عدم صحة ذلك وخصوصا مع اندلاع أزمة الكساد الكبير (1929-1933) حيث لم تؤدي الزيادة في كمية النقود من إرتفاع الأسعار, فتلك الزيادة في كمية النقود إحتفظ بها الأفراد نتيجة لتوقعهم بإنخفاض الأسعار مستقبلا بسبب حالة الركود الاقتصادي الذي عانى منه العالم في عشرينات القرن الماضي وأبر ما ميزها هوإنخفاض شديد في الاستهلاك وانخفاض شديد في الاستثمار من جانب القطاع الانتاجي, وكذلك لا يمكن إرجاع الإرتفاع في الأسعار إلى جانب الطلب, فالطلب لا يؤدي إلى التضخم بل عالعكس التضخم يؤدي إلى زيادة الطلب لأن الذي يؤثر في سرعة دوران النقود ليس الطلب بقدر ما يكون الإنتاج والذي بدوره يخلق دخولاً وهي التي تخلق طلباً جديداً, ويرى الباحث أن للتضخم أسباب مختلفة هي نقدية و عينية حقيقية ومالية, والسبب الرئيسي للتضخم يعود للشركات الرأسمالية الاحتكارية ولسياسة الإستغلال والاحتكار التي يمارسها المنتجون وهي سياسة تصحيحية لإعادة توزيع الدخل لصالح الشرائح الغنية على حساب الشرائح الفقيرة وذوي الدخول المنخفضة, وعليه فالمنتجون هم من بخفضون الإنتاج حينما يتوقعوا إنخفاضاً في الأسعار ويزيدوا الكميات المنتجة حينما يتوقعوا زيادة في الطلب فهم من يحدد نسب التضخم التي ستسود في القطاعات الاقتصادية والإنتاجية.
-أثار التضخم المستورد على بعض الدول العربية ذات الفائض والعجز المالي :
يُعرف التضخم المستورد بأنه التضخم في دولة ما الناجم عن إرتفاع الأسعار في الأسواق الخارجية التي تعتمد عليها الدول في وارداتها, وتزيد هذه المشكلة في الدول التي تعاني من درجة كبيرة من الإنكشاف الاقتصادي كعدد من الدول العربية ومنها الأراضي الفلسطينية,
وهناك عدة قنوات ينتقل بها التضخم للبلدان الأخرى ويمكن إيجازها بالنقاط التالية(1):
& ارتفاع الميل المتوسط للاستيراد .
أي أن نسبة الواردات إلى إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الجارية . أن ارتفاع هذا الميل يوحي بالتبعية الاقتصادية، و الاعتماد على الخارج في تامين مختلف السلع ، لذلك فن ارتفاع أسعار هذه السلعة ينعكس بشكل كبير على الاقتصاد القومي .
& طبيعة التركيب الهيكلي للواردات .
أي أن نوعية الواردات تؤثر في موضوع التضخم فمثلا الدول التي تستورد مختلف السلع الغذائية و الاستهلاكية و سلع التجهيز و الآلات و السلع الوسيطة كل هذا يجعلها عرضة أكثر من غيرها للتضخم المستورد لان لائحة وارداتها كبيرة و مهمة و لا يمكن الاستغناء عنها .
& النمو المفرط في الواردات .
أي زيادة كمية و قيمة الواردات ، فمع ارتفاع الأسعار العالمية للواردات ، دخل إلى العرض الكلي سلعا مرتفعة الثمن ، الأمر الذي شكل بدوره تضخما مستوردا .
& انحياز التعامل في الاستيراد مع الدول الصناعية .
ان الدول الصناعية ( الولايات المتحدة – أوروبة الغربية – اليابان ) هي أهم الدول في العالم في إنتاج السلع الكمالية و سلع التجهيز و المعدات و التقنيات .

(1) عباس, أشواق, التضخم المستورد, مجلة الحوار المتمدن, العدد1216,2 تاريخ النشر02-06-2005, محور الادارة والاقتصاد, http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=355115
هذه الدول هي أيضا من أكثر دول العالم في التضخم و ارتفاع الأسعار فإذا اقتصرت معاملة دولة ما في تعاملها مع هذه الدول ، فانه كلما ارتفعت الأسعار في هذه الدول سترتفع الأسعار في الدولة المستوردة منها ، و بالتالي سينتقل التضخم من هذه الدول الصناعية إلى الدولة المستوردة .
& مدى الارتفاع في أسعار الواردات .
بعد الصدمة النفطية 1973-1974 ، ارتفعت تكاليف إنتاج المواد في العالم ، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار المفاجئ في المواد المختلفة (غذائية – استهلاكية – وسيطة ... الخ لان النفط يدخل في تكاليف إنتاج جميع السلع .
هذا الأمر جعل الدول المستوردة تدفع ثمن زيادة تكاليف إنتاج المواد التي تستوردها ، و بالتالي انتقل التضخم إليها .

& اثر زيادة الإيرادات البترولية على نمو السيولة الدولية .
و هذا الأمر حدث فقط في السوق المصدرة للنفط ، فزيادة عائدات النفط بشكل كبير عدة أضعاف زاد من الإنفاق العام في تلك الدول على المشاريع المختلفة (طرق – جسور – محطات معالجة – مياه – مباني ) و زيادة الإنفاق العام أدى إلى زيادة العرض النقدي ، أي زيادة السيولة النقدية التي تتأثر عادة بعدة عوامل :
– صافي التغير في الأصول الأجنبية .
– صافي التغير في مديونية الدولة تجاه الجهاز المصرفي .
– صافي التغير في مديونية المؤسسات القطاع العام تجاه الجهاز المصرفي .
– صافي التغير في مديونية القطاع الخاص للجهاز المصرفي
و اذا كان النمو في معرض النقود ، لا تلائم مع معدلات التوسع في العرض الحقيقي للسلع و الخدمات فإن ذلك يؤدي إلى حدوث ضغوط تضخمية .
وتبرز أثار التضخم المستورد في البلدان النفطية ذات الفوائض المالية من خلال أرتفاع كلفة الاستثمار المحلي وإرتفاع أسعار الأراضي والعقارات والتفاوت في توزيع الدخل للشرائح الرأسمالية ولأصحاب الدخول المتغيرة والمستوردين وكذلك النمو المفرط لقطاع الخدمات وخصوصا المالية منها.
أما أثار التضخم المستورد في البلدان ذات العجز المالي والتي تمثل البلاد العربية ذات العجز المالي والتي تبلغ 80% من إجمالي سكان الوطن العربي وهي دول غير نفطية ومنها دول تصدر كميات قليلة للنفط كسوريا ومصر وتونس, و يمكن القول بأن تلك الدول تعاني من مشكلات اقتصادية واجتماعية وينظر اليها كمجموعة واحدة على اساس انها تمثل بلاد العجز المالي, ويوجد بها فجوة في الموارد المحلية, وفجوة في تجارتها الخارجية, وكذلك تستورد وتستهلك وتستثمر بشكل يزيد عما تنتج وتدخر وتصدر, وكذلك تعاني من عجزاً مستمرا للميزان التجاري والمدفوعات وزيارة في المديونية ومشاكل سعر الصرف وغيرها وهي جميعاً مرتبط بالتضخم المستورد .
وتشير الإحصائيات المتاحة ان فجوة الموارد المحلية في تلك البلاد والتي تعكس في حقيقة الامر مقدار العجز المالي والاقتصادي قد اتسع في السنوات الاخيرة بسبب التضخم المستورد, والذي كان له أثاراً كزيادة العجز في ميزان المدفوعات وزيادة المديونية الخارجية وإرتفاع نفقات المعيشة والمزيد من التفاوت في توزيع الدخل وزيادة التبعية الاقتصادية.-


المحور الثاني : تحليل واقع الاقتصاد الفلسطيني
مع توقيع منظمة التحريرالفلسطينية وإسرائيل لإتفاق أوسلو المرحلي عام 1993, تم إنشاء السلطة الفلسطينية, وإستكمالا للإتفاق تم إعداد الملحق الاقتصادي المعروف ببروتوكول باريس والذي ينظم العلاقات الاقتصادية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل من جهة والعالم الخارجي من جهة أخرى.
ولملحق باريس الاقتصادي العديد من الأثار الاقتصادية السلبية للاقتصاد الفلسطيني والغزي بالتحديد, وكان سبباً لحالة الضعف والإختلال الهيكلي والبنيوي في كافة القطاعات الاقتصادية والذي زاد من حدته عما كان أثناء الاختلال الاسرائيلي.
ولم ينجم عنه تحسن ملحوظ في المؤشرات الاقتصادية الكلية, وعالعكس زادت معدلات الفقر والبطالة وتدنى مستوى المعيشة وإنخفض الإنتاج وتراجعت الانتاجية وزيادة حجم الدين العام والعجز المستمر في الميزان التجاري, وسيادة الاقتصاد الطفيلي غير المنتج والريعي المعتمد على المساعدات الخارجية, ولم تنجح الحكومات الفلسطينية المتعاقبة في علاج المشكلة الاقتصادية القائمة ولم تضع خطط اقتصادية ناجعة, فالغزي اليوم هو مستهلك وغير منتج ولا زال يحصل يوميا على سمكة دون أن يتعلم ولو لثانية واحدة على تعلم فنون الصيد, كذلك لم يتم استغلال المساعدات الخارجية جيداً والتي جعلت قرارنا السياسي أسيراً لمكان الإقامة وللممول الغربي, والذي بدوره حول القضية الفلسطينية من قضية سياسية عادلة إلى قضية إنسانية بحثة من خلال الدين العام والمساعدات الخارجية(1) .
وبشكل عام مرت الأراضي الفلسطينية في الفترة (1995-2012) بتغيرات مهمة وتطورات عديدة والتي لعبت بدورها في رسم الملامح الرئيسية للواقع الاقتصادي والإجتماعي والمعيشي للفلسطينيين وبالتالي في توزيع وإعادة توزيع الدخل, وفي تحديد واقع المؤشرات الاقتصادية والإجتماعية ومدى الاستفادة منها مستقبلا, وتكمن أهمية دراسة وتحليل تلك المؤشرات الكلية للاقتصاد الفلسطينيي في رصد أداء الاقتصاد الفلسطيني وخصوصا مدى إستقرار الأسعار وتأثير السياسة الاقتصادية الإسرائيلية والهادفة دوماً للتأثير على القرار السياسي الفلسطيني بفعل مشكلات الفقر والبطالة, وفي ضوء تلك المؤشرات يسعى الباحث لتحليل ودراسة العوامل الاقتصادية المؤثرة على التضخم في فلسطين وإنعكاساتها على الواقع الاقتصادي والإجتماعي في الأراضي الفلسطينية, ومن خلال هذا المبحث سيتم الحديث عن واقع الاقتصاد الفلسطيني في مرحلتين أساسيتن هما مرحلة السلطة الفلسطينية للفترة (1995-2006) ومرحلة الإنقسام السياسي الفلسطيني للفترة (2007-2013) وأهما ظهور ظاهرة التهريب عبر الأنفاق مع جمهورية مصرالعربية ومدى تأثيرها على مستويات الأسعار في الأراضي الفلسطينية وقطاع غزة تحديداً

(1) الرضيع, حسن, إقتصاد قطاع غزة :جمهورية الموز والفنكوش, مجلة الحوار المتمدن, العدد 4305, محور الادارة والاقتصاد, 14-12-2013, http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=391308










أولاً : المؤشرات الإقتصادية الكلية
منذ قدوم السلطة الفلسطينية شرعت بوضع عدد من الأليات التأسيسية لبناء الاقتصاد الفلسطينيى من خلال تشكيل الهياكل الاقتصادية والمؤسساتية وبالتنسيق مع العديد من الدول في العالم, حيث قامت بتفعيل دور القطاعات الإنتاجية في حدود معينة من خلال وضع برامج اقتصادية وزراعية وصناعية ومالية ونقدية, إضافة للقوانين الاقتصادية والمالية التي تنظم الحياة الاقتصادية.
ولأهمية مستويات الأسعار لكل فرد في المجتمع ولأثارها على المستويات المعيشية لا بد من التطرق لواقع المؤشرات الكلية الاقتصادية والاجتماعية كالناتج المحلي الإجمالي, ونمو الناتج المحلي الإجمالي, ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي, والإستهلاك النهائي, والموازنة العامة ,و التضخم, والفقر
& الناتج المحلي الإجمالي ونموه.
شهد الاقتصاد الفلسطيني تذبذاً مستمراً في الناتج المحلي الإجمالي وفي نمو الناتج, حيث أنه كان يختلف ويتباين من عام لأخر نظراً لمجموعة من الظروف والتي كان لها الدور في تحركه صعوداً وهبوطاً كعدم الإستقرار السياسي والتي شهدته الأراضي الفلسطينية وخصوصا بعد إندلاع الإنتفاضة الفلسطينية في العام 2000 وما رافق ذلك من فرض الاحتلال الإسرائيلي للحصار وسياسات الإغلاقات والتشديدات ومصادرة للموارد الاقتصادبة المتاحة.
& الإستهلاك النهائي .
يُقصد بالإستهلاك النهائي ذلك الإستهلاك الذي يتم من قبل الأسر المعيشية والحكومة والمؤسسات غير الهادفة للربح, وبهذا المعنى لا يعتبر استهلاك المنشأت استهلاكاً نهائياً, اذ تعتبر المنتجات التي تستخدم في العملية الإنتاجية بمثابة إستهلاك وسيط, وينقسم الإستهلاك النهائي إلى نوعين؛ الإستهلاكي النهائي للأسر المعيشية, والإستهلاك النهائي للحكومة والمؤسسات التي لا تهدف للربح, ويتضح من الجدول رقم (1) أن المجتمع الفلسطيني مجتمعاً مستهلكاً وغير منتج حيث ما زال يستهلك بمقدار يفوق ناتجه المحلي, وهذا دليل على إختلال الهيكل البنيوي, ويمكن صياغة دالة الإستهلاك في الأراضي الفلسطينية كالتالي:
C=A+1.1 y وهذا يعني أن الميل الحدي للإستهلاك يزيد عن واحد صحيح.

& متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي(1) .
يعكس متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الحقيقي مستوى معيشة الفرد في الدولة , ويعتبر متوسط نصيب الفرد في الأراضي الفلسطينية من المستويات المنخفضة, وتأتي ضمن الحدود الدنيا للدخول المتوسطة والتي تتراوح ما بين (1006-$--3975-$-(, وبلغ متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي للفترة من (1995-2010) ما قيمته ((1380دولارأمريكي.
ويبلغ متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي في الضفة الغربية وخلال نفس الفترة السابقة (1533.9) دولاربمتوسط معدل نمو سنوي (2.62)% ولقطاع غزة (1112.72) دولار وبمتوسط نمو سنوي سالب بمقدار( -1.5%).






(1) حمدان, بدر, تحليل مصادر النمو في الاقتصاد الفلسطيني, رسالة ماجستير غير منشورة, جامعة الأزهر, غزة, الأراضي الفلسطينية, 2012,ص84.

والجدول رقم (1) بعض المؤشرات الكلية للإقتصاد الفلسطيني من العام 1995-2012.


المؤشر GDPبالمليون دولار معدل النمو % الإستهلاك النهائي بالمليون دولار متوسط نصيب الفرد
من الناتج بالدولار
1995 3212.4 0.56 3862.8 1388.2
1996 3292.8 -2.7 4010.5 1347.8
1997 3744 9.42 4442.5 1437.7
1998 4197.7 9.59 4856.3 1546.2
1999 4534.9 8.39 4856.3 1612.3
2000 4146.7 -9.37 5327.8 1450.2
2001 3810.8 -13 5209.3 1287.9
2002 3301.4 -16.9 5078 1084.8
2003 3800.5 6.68 4748.6 1210.9
2004 4198.4 11.45 5194.2 1317
2005 4559.5 -0.41 5683.3 1387.2
2006 4322.3 0.6 5557.2 1275.4
2007 4554.1 8.27 5256.9 1303.2
2008 4878.3 9.05 5394.1 1356.3
2009 5239.3 6.63 6138.7 1415.2
2010 5724.5 4.72 6696.4 1509.9
2011 6421.4 9.88 6796.5 1609.6
2012 6797.3 0.05 7749.5 1715.6


المصدز: تقارير سنوية متعددة من الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني


& الموازنة العامة الفلسطينية .
ما زالت الموازنة العامة محل جدال واسع ما بين الاقتصاديين, بسبب العجز المستمر فيها والتي تتفاقم من سنة لأخرى, ولعدم قدرتها على علاج المشكلات الاقتصادية والإجتماعية كالبطالة والفقر وسوء مستويات المعيشة, فالسلطة الفلسطينية ومنذ إنشاءها عام 1994 تعيش في حالة مستمرة من الأزمات المالية, وتعود هذه الأزمات لتراكمات طويلة خلال السنوات السابقة والتي شهدت إفراط في النفقات العامة وظروف اقتصادية وسياسية غيرمستقرة, ويعتبر الإنفاق الحكومي الفلسطيني مرتفع نسبياً حيث فاتورة الرواتب مرتفعة وقُدر عدد مؤظفي القطاع الحكومي في الأراضي الفلسطينية نهاية العام 2010 حوالي 170 ألف مؤظف وتبلغ فاتورة الرواتب 1.7 مليار دولاراي بنسبة 58% من إجمالي النفقات الجارية في الموازنة العامة الفلسطينية, كذلك لم تهتم الموازنة بقطاعات الاقتصاد الحقيقي المنتج ولم تهتم بقطاعات
التنمية الاقتصادية (1).





(1) عبد النبي, نبيل, الأثار الاقتصادية والإجتماعية لموزانات السلطة الفلسطينية 2000-2010, رسالة ماجستيرغير منشورة, جامعة الأزهر,غزة, الأراضي الفلسطينية, 2012, ص 117.
& الفقر .
تعتبر ظاهرة الفقر من الظواهر الإجتماعية في تحديد ملامح الاقتصاد الفلسطيني, ويعتبر الفقرسمة أساسية في الأراضي الفلسطينية ولا يمكن إغفالها, وللإحتلال الإسرائيلي دوراً في تكريس الفقر من خلال خلق مجتمع مريض يعاني من الفقرالمجتمعي والثراء الفردي منذ عقد السبعينات من القرن العشرين, وقد عرف البنك الدولي الفقر بأنه عدم القدرة على تحقيق الحد الأدنى من مستوى المعيشة, وتعتبر الأسر الفلسطينية المرجعية المكونة من خمسة أفراد والتي يقل إنفاقها الشهري عن 1783 شيقل للعام 2010 بأنها أسرة تعاني من الفقر المُدقع, ونفس الأسرة التي يقل إنفاقها عن 2237 شيقل شهريا تعاني من الفقر النسبي .

& التضخم .
يتم حساب التضخم في الأراضي الفلسطينية من خلال مؤشرالرقم القياسي لأسعار المستهلك والذي يتأثر بالعديد من المتغيرات أهما الطلب العام, ومستويات الدخل الفردي, ومستويات التضخم في إسرائيل, وأسعار صرف العملات المتداولة في الاقتصاد الفلسطيني, ونتيجة لعدم وجود عملة وطنية بالأراضي الفلسطينية فإن الاقتصاد الفلسطيني يعاني من ظاهرة لإرتفاع الأسعار وتذبذب صعودا وهبوطاً نتيجة لتقلبات أسعار الصرف وخصوصا سعر صرف الشيقل للدولار, وعلى الرغم من إرتفاع معدلات البطالة وتراجع متوسط نصيب الفرد من الدخل فإن هناك إرتفاع في الأسعار(1).
الجدول (2) نسب الفقروالتضخم والموازنة العامة
السنة الإيرادات العامة النفقات العامة معدل التضخم نسبة الفقر
1995 424.9 492.0 10.80 14.0
1996 670.1 774.1 7.60 23.6
1997 954.0 912.7 7.62 23.0
1998 1083.8 849.7 5.50 20.3
1999 1136.2 1194.3 5.40 23.2
2000 1449.2 1668.0 2.80 20.1
2001 1122.0 1435.0 1.20 30.7
2002 987.0 1246.0 5.70 45.7
2003 1367.0 1635.0 4.40 35.3
2004 1403.0 1528.0 3.00 25.6
2005 2006.0 2281.0 4.10 24.5
2006 1741.0 1707.0 3.80 24.5
2007 2938.0 2877.0 1.90 31.2
2008 3733.0 3487.7 9.90 24.0
2009 2962.0 3375.9 2.80 26.2
2010 3204.7 3258.3 3.70 25.7
2011 3160.3 3254.9 2.90 25.8
2012 3169.8 3225.0 2.80 20.7




(1) خضر, زاهر, تأثير سعر الصرف على المؤشرات الكلية للاقتصاد الفلسطيني للفترة(1994-2010), رسالة ماجستير غير منشورة, جامعة الأزهر , غزة , الأراضي الفلسطينية, 2012,ص99.


التعقيب على حالة التضخم في الأراضي الفلسطينية:
• انعكست الظروف السياسة غير المستقرة في الأراضي الفلسطينية المتمتلة بالحصار وسياسات الاغلاق للمعابروانطلاق الانتفاضة الفلسطينية على الأوضاع الاقتصادية فألقت بظلالها على التضخم وارتفاع الاسعار وما يرافقه من اثار اقتصادية واجتماعية على المواطن الفلسطيني.
• بلغ معدل التضخم اقصى مستوى له في العام (1994) ووصل الى (14%) وبدأ بالانخفاض في العام (1996) ليصل الى (7.6%) ويعود هذا الانخفاض الى تراجع الطلب المحلي وانخفاض الاستهلاك الناجم عن انخفاض الاجور وانخفاض متوسط نصيب الفرد من الناتج وكذلك تراجع حجم المساعدات المقدمة للفلسطينيين .
• هناك تذبذبات في معدلات التضخم للفترة 1997-2000 .
• بلغ أدنى مستوى للتضخم في الاراضي الفلسطينية عام 2001 ووصل الى 1.23% ويعود السبب في ذلك الى انخفاض اسعارالواردات وانخفاض التضخم في اسرائيل الناجم عن تباطؤ الاقتصاد العالمي .
• شهد عامي 2002-2003 ارتفاع في معدلات التضخم بسبب انتفاضة الاقصى والاغلاقات المستمرة .
• شهد العام 2006 تراجعا في معدل التضخم مقارنة بالعام 2005 يعود ذلك الى انخفاض الطلب المحلي وتراجع دخل الفرد بسبب انقطاع الرواتب للعاملين بالجهاز الحكومي وتوقف المساعدات الدولية عقب فوز حركة حماس بانتخابات المجلس التشريعي وتشكيلها للحكومة العاشرة بمفردها .
• شهد العام 2007 انخفاض حادا ووصل معدل التضخم الى 1.85% بسبب توقف المنح وتعذرالسلطة دفع الرواتب لموظفيها .
• العام 2008 شهد اعلى معدل تضخم منذ العام 1994 ويعود السبب الى موجة الغلاء وارتفاع الاسعار العالمية .
• تراجع معدل التضخم في العام 2010 قياسا بالعام 2008 بسبب ارتفاع مستويات الاسعارفي اسرائيل وزيادة الطلب المحلي.
العام 2011 شهد انخفاضا كبيرا بسبب زيادة السلع المهربة من انفاق التهريب والتي وعالرغم من ارتفاع نقلها عبرالانفاق الا انها تكون ارخص نسبيا من السلع المستوردة من المعابر.

وما يميز الاقتصاد الفلسطيني هو الخصوصية التي يتمتع بها وهي انه اقتصاد تابع للاقتصاد الاسرائيلي ومقيدا باتفاقيات اوسلو وباريس, ولا يمتلك مقومات للصمود كذلك تفتقرالسلطة الفلسطينية لاتباع سياسة مالية مناسبة لمكافحة التضخم وكبح جماحه كذلك عدم توفر سياسات نقدية تستطيع التحكم بمستويات الاسعار,لذلك فنلاحظ ان معدلات التضخم هي غالبا بسبب سياسات الاغلاق والحصار والذي ينجم عنها نقص المعروض من السلع ,و وكذلك حالة التضخم السائدة باسرائيل , واندلاع الانتفاضة الفلسطينية
والتي القت بظلالها على زيادة حجم الاستهلاك والانفاق وزيادة حجم الطلب الكلي دون ان يرافقه زيادة في العرض , واستطاعت اسرائيل نقل أعباء التضخم للاقتصاد الفلسطيني وهذا يؤكد ضعف الاقتصاد الفلسطيني , إضافة للإنقسام السياسي الفلسطيني.
ثانياً :واقع الاقتصاد الغزي أثناء الانقسام السياسي وظاهرة أنفاق التهريب 2007-2013.
وهي الفترة الأكثر سوءا للإقتصاد الغزي, فبعد فوز حركة حماس في الإنتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية في يناير 2006 وتشيكلها للحكومة العاشرة, فرض الإحتلال الإسرائيلي حصاراً على قطاع غزة تمثل بسياسة الإغلاقات المستمرة للمعابرالحدودية ومنع إدخال العديد من السلع الاستهلاكية ومواد البناء والتشييد ومنع التصدير وخصوصا الفراولة والزهور والتوابل وفرض قيود وإجراءات عرقلت عمل الجهاز المصرفي الفلسطيني مع إعتبار قطاع غزة كيانا معادياً, وألقى الحصار بظلاله على كافة مناحي الحياة من خلال تأثيره على كافة الأنشطة الاقتصادية كالزراعة والصناعة والخدمات وقطاع الإنشاءات, ويمكن أبراز أثار الحصار في النقاط التالية:
- تدهور القوة الشرائية الناجم عن الأرتفاع الكبير في مستويات الأسعار وخصوصا العام 2008 والتي قفزت ل 10% وكذلك نفاد المدخرات وتراكم الديون, وهجرة رؤوس الاموال وإغلاق مئات المنشات الصناعية والتجارية والخدماتية.
- إرتفاع معدلات الفقر والبطالة ومن يتلقون المساعدات الإغاثية من المنظمات الدولية.
- إنخفاض الدخل وتراجع متوسط الأجرة اليومية للعامل والمزراع في قطاع غزة .
- فرض قيود على دخول المواد الخام وتشديد الرقابة على الجهاز المصرفي ومنع دخول الشيقل والدولار أحيانا .
- تقلص عدد السلع المُدخلة لقطاع غزة من 9000 سلعة إلى 30 سلعة .
ويمكن القول بأن للحصار وسياسات الإغلاق أثراً واضحا على تدني أداء الاقتصاد الفلسطيني تمثل ذلك بالارتفاع الكبير في معدلات الفقر والبطالة والتي تزايدت بشكل ملحوظ ولتراجع متوسط الاجرة والدخل دورا في زيادة الفقر, كونه لا يلبي الحد الأنى من مستوى المعيشة اللأئقة حيث ينخفض متوسط الدخل والأجرة عن الحد الأدنى للأجور والتي ما زالت غير مطبقة في الأراضي الفلسطينية رغم وجود قانون ينظمها.
ويعتبر العام 2008 هو الأسوء في الاقتصاد الغزي كونه ذروة عمل ظاهرة التهريب عبر الأنفاق والتي تزايد عددها من 20 نفق عام 2007 الى 1200 نفق والتي إنحرفت عن المسار الحقيقي التي وُجدت لأجله وهو إدخال السلع الأساسية والضرورية وفك الحصار والتقليل عن كاهل الأسرالفلسطيينة بغزة التي تعاني من الفقر والفقر المدقع.
فعلى الرغم من ذروة العمل بالأنفاق خلال العام 2008 الا انه العام الأعلى في نسب الفقر والبطالة والتضخم , فإقتربت البطالة من 50% والفقر زاد عن 70% والتضخم زاد عن 10% , ولم تستطيع الأنفاق علاج تلك المشكلة, بل عالعكس تفاقمت المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وساد الاقتصاد الطفيلي المشوه والمُدمر , حيث إدخال سلع غير جيدة وبأسعار مرتفعة نسبيا عن جمهورية مصرالعربية, والتركيز على إدخال السلع الأكثر ربحا مما خلق طبقة جديدة طفيلية غير منتجة ولا تمتلك الخبرة الجيدة في الاستثمار وهي طبقة تتراوح من 800-1200 مليونير يمتلكوا وفق لجريدة الاقتصادية بغزة عام 2011 ما قيمته 2700 مليون دولار تم توظيفها في مشاريع غير منتجة كشراء الاراضي والعقارات وانشاء المولات الاستهلاكية الكبيرة والفنادق ومعارض السيارات ومحلات الصرافة وغيرها وهي مشاريع غير منتجة ولا تضيف قيم حقيقية؛ تحد من مشكلة الفقر والبطالة وتوفر طاقة إنتاجية في قطاع غزة
وهذا ساهم بدوره في ارتفاع اسعار الاراضي والعقارات والتي أثرت على حياة كل مواطن وأرهقت مستوى معيشة مئات الاسر الغزية .
إضافة لإنتشار تجارة المخدرات كرواج تداول حبوب الترامادول وحبوب السعادة وإرتفاع عدد القتلى بالأنفاق البالغ 230قتيل.
ووفقا للتقديرات فإن حجم التجارة عبر التهريب تتراوح من 800 مليون دولار إلى مليار دولار سنويا وتقُدر الأرباح السنوية ب 300 مليون دولار أمريكي.
هذا بدوره ساهم في تحقيق قطاع غزة لنمو اقتصادي مرتفع عام 2011 وصل 26% وخفض البطالة لحدود 30% وهذا النمو غير حقيقي وهو مجرد أرقام لا تعبر عن واقع الاقتصاد الغزي فيمكن إرجاع هذا الارتفاع المؤقت للنمو الاقتصادي الى اسباب منها توجه عوائد وأرباح الأنفاق واستثمارها في مجالات غير منتجة كالعقارات والاراضي ومعارض السيارات وبعض الخدمات السياحية والمالية والتي بدورها رفعت الأسعار وضغطت على معد ل النمو وكذلك فهذا النمو هو على المدى المتوسط والطويل غبر منتج وغير مزدهر وسرعان ما يتلاشى ويختفي مع إغلاق الأنفاق وظهور الأموال المغسولة وبقاءها خارج الجهاز المصرفي وهذا تؤكده المؤشرات الاقتصادية الكلية لقطاع غزة في نهاية العام 2013 حيث تراجع لمعدلات النمو بما لا تزيد عن 2% وارتفاع معدلات البطالة وفقا لبعض التقديرات الى 43% وارتفاع للفقر وبداية لمرحلة ركود اقتصادي في معظم القطاعات الاقتصادية.
والسبب الأخر يعود لحجم المساعدات الخارجية وتخفيف الحصار عن قطاع غزة من قبل الاحتلال الاسرائيلي .
وشكلت ظاهرة التهريب عبر الأنفاق مشكلة اقتصادية وإجتماعية, وعالرغم من حلها لمشكلة إنسانية في بداية الأمر كتوفير بعض السلع الاساسية والضرورية, إلا أنها ما زالت تمثل الاقتصاد المشوه والمُدمر وشكلت عبئاً على أهالي قطاع غزة, حيث كرست ظواهر اجتماعية خطيرة كنشوء طبقة طفيلية غنية على حساب أهات وعذابات شعبنا وإنتشار تجارة المخدرات والانحراف وسيادة الطابع الاستهلاكي وتطفل الاقتصاد الغزي وغياب الطابع الانتاجي من خلال خروج مدخرات القطاع على شكل دولار في اتجاه واحد وهو مصر مقابل الحصول فقط على سلع استهلاكية دون تصدير اي سلعة من غزة, أي الاتجاه بطريق واحد وهو خروج المدخرات المحلية للخارج للحصول مقابلها على سلع استهلاكية.
وبكلمة واحدة يمكن القول أن علاج المشكلة الاقتصادية المتفاقمة في قطاع غزة ليس مجرد شعار مذهبي بسيط ولا هي وصفة سحرية أو سرية معقدة التركيب, وإنما هي ببساطة تحتاج لمتطلبات عديدة وشروط شاملة تتمثل في بناء اقتصاد حقيقي منتج قوامه العدالة الإجتماعية و خلق طاقة انتاجية توفر فرص عمل جديدة وتؤسس لمرحلة من البناء, وترشيد النفقات الحكومية عبر فرض ضرائب تصاعدية لأصحاب الدخول المرتفعة, وفرض حد أدنى وأقصى للأجور ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتقديم قروض ميسرة للمزارعين وأصحاب الصناعات الصغيرة بما يكفل دخولهم في سوق العمل واشتقا ق بعض الدروس من بعض التجارب العالمية في التنمية وعلاج الفقر كتجربة بنجلادش وماليزيا والهند وبعض دول جنوب شرق اسيا, والاهتمام أكثر بقطاعات التنمية والتطوير ضمن بنود الموازنة العامة والاستفادة قدر الامكان من المساعدات الخارجية واعادة النظرفي النظام الاقتصادي والاجتماعي القائم باعطاء دور اكبر للقطاع العام وتنظيم القطاع الخاص ضمن ألية تكفل المصلحة العامة وتحد من الاستغلال والاحتكار واصدار قوانين محددة بخصوص التهرب الضريبي(1) .
(1) الرضيع, حسن, مرجع سبق ذكره, http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=391308



#حسن_عطا_الرضيع (هاشتاغ)       Hasan_Atta_Al_Radee#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إقتصاد قطاع غزة: جمهورية الموز والفنكوش
- إغلاق الأنفاق ورفض البنوك بغزة قبول ودائع بالدولار الأمريكي ...
- الفقر في فلسطين وإشتقاق الدروس من تجربة بنجلادش !!
- هل العالم أمام سقوط للدولار !!
- الطالب الفلسطيني بغزة ما بين الفقر والبطالة وإرتفاع الرسوم
- اقتصاد الأنفاق : اقتصاد مدمر ومشوه رغم حله لمشكلة انسانية
- الصكوك وشهادة شاهد من أهلها
- الأزمة الاقتصادية الراهنة بمصر إلى أين ؟!
- الحكومة الجديدة ما بين انهاء الانقسام وموجة ارتفاع الاسعار و ...
- الاقتصاد الفلسطيني ما بين الأوهام والتبعية وسنغافورة الجديدة ...
- العولمة وأثارها الاقتصادية و الاجتماعية في الدول النامية
- رفع ضريبة القيمة المضافة تكريسا للتبعية الاقتصادية في الاراض ...
- سكان العشوائيات بقطاع غزة ما بين لهيب الاسعار والفقر والمطال ...
- علمني الصيد ولا تعطيني كل يوم سمكه
- في عيد العمال العالمي : 25 مليون عاطل عن العمل في الدول العر ...
- واقع البحث العلمي في العالم العربي
- ارتفاع الضرائب غير المباشرة سياسة لتعويم الفقر في الأراضي ال ...


المزيد.....




- انخفاض أسعار الصرف اليوم…سعر الدولار في السوق السوداء الأربع ...
- الأكبر في العالم.. تفاصيل مشروع قطري جزائري جديد بميزانية ضخ ...
- ما المكتوب على القناع الذهبي للملك المصري توت عنخ آمون؟ وما ...
- وزيرة الخزانة: اقتصاد أميركا قوي والخيارات متاحة للرد على ال ...
- -بلومبرغ-: فريق ترامب يدرس إجراءات ضد الدول التي تتخلى عن ال ...
- الاقتصاد الأمريكي ينمو 1.6% في الربع الأول من العام بنسبة أق ...
- ما المكتوب على القناع الذهبي للملك المصري عنخ آمون؟ وما حقيق ...
- أوكرانيا تبيع أصولا مصادرة من شركات تابعة لأحد أكبر البنوك ا ...
- مصر.. قرار جديد من وزارة التموين بشأن ضبط أسعار السكر
- أصول صندوق الاستثمارات العامة السعودي تتجاوز 749 مليار دولار ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - حسن عطا الرضيع - دراسة بعنوان تحليل العوامل المؤثرة في التضخم في الأراضي الفلسطينية للفترة 1995-2012