ثقافة الإتكال

كريم منتصر

الحوار المتمدن-العدد: 4314 - 2013 / 12 / 23 - 15:44
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    

إن القضية التي تطرح نفسها بقوة في العالم العربي هي إشكالية التخلف على مختلف الأصعدة بالأحرى العجز الذي يشل حركة الجسد العربي المنهك، والذي لم وربما لن يتحرر من أغلاله مادام العقل العربي مشبعا حتى التخمة بثقافة الإتكال قنوعا بالاستسلام للواقع المحبط باجترار -إنتصارات- الماضي.
بين المجتمع العربي والمجتمع الغربي مجرد نقطة !
هي نقطة بمثابة جدار بحجم الكون يخفي وراءه كما من التقدم الإقتصادي، السياسي والإجتماعي.. وهذا ما لم يأتي عبثا بل بكل بساطة هو نتاج لحروب فكرية بالأساس خاضها المجتمع الغربي في سبيل إحقاق -التفوق-، فعلى غرار ما تعرفه الدول في مراحلها من طفولة فنضج فشيخوخة عرفت الدول الغربية أيضا هذا التطور الحتمي إلا أنها ومن خلال تجاربها العديدة أدركت وسعت إلى ضرورة التشبت بمرحلة النضج لما تحفل به من قوة وسيطرة فاستطاعت وتتستطيع في الأوضاع الراهنة تمديد مرحلة العطاء -نحو الداخل طبعا- والتقدم.
قد يكون من السداجة في بعض الأحيان استناد المرء لماضيه من أجل التنكر من الواقع بدل مواجهته، وهذا تماما ما نجده وإلى حد كبير متجدرا في العقل العربي منذ عشرات السنين إن لم نقل مآتها، فباعتبار أن الريادة الآن هي للعالم الغربي فلا جواب عن سؤال العجز العربي إلا كون العرب هم السباقون لمعظم العلوم التي يشتغل بها الغرب بل حتى وواضعوا أهم نظرياتها، وهذا طبعا ما لا يمكن إنكاره إلا أنه أيضا لا يرتقي لمستوى تعليل العجز الراهن فليست تغدو فكرة الخلط هذه سوى إحدى أوجه ثقافة الإتكال التي يتبناها من في موقف ضعف، صحيح أن من العلماء العرب من أعطوا الشيء الكثير للعقل البشري كابن سينا وجابر بن حيان والفرابي وابن رشد والخوارزمي... وغيرهم كثير، وصحيح أيضا أنه لا يرى من المنزل أساسه بل قوامه (رغم الأهمية الكبرى للأساس في تباث البيت)، فحين انشغل الغرب ببناء المنزل انشغل العرب للأسف بالتشبت والتذكير بأن الأساس لهم، إلا أن الزائر الغريب للبيت قد لن يهتم بمكونات الأساس بل سينشغل بتحليل المنظر الخارجي فالداخلي للمنزل، وهذا شأن المهتم بتحليل العام العالمي.
ما نريده ببساطة هو التحرر من أغلال الإتكال والسعي وراء تحقيق نهضة فكرية تؤسس لتقدم يطال مختلف المجالات من أجل البصم على انجازات العالم من خلال الإسهام فيها.

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل