|
مات فنان الشعب الملتزم فؤاد سالم
شاكر فريد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 4314 - 2013 / 12 / 23 - 08:13
المحور:
الادب والفن
قبل أيام غادر عالمنا المطرب العراقي الكبير فؤاد سالم صاحب الحنجرة القوية ، الذي طالما اطربنا بصوته الرخيم الحزين وفنه الملتزم الرفيع ، بعد حياة عريضة ومسيرة غنائية ثرية زاخرة بالعطاء الفني ، وهب فيها الشعب العراقي والعربي أجمل الأعمال الغنائية والألحان الموسيقية ، مخلفاً ثروة فنية ستبقى خالدة على مر الأزمان ، تاركاً بموته حزناً في العيون ، وغصة في الحلوق ، وحسرة في القلوب . فؤاد سالم ، ابن البصرة الفيحاء، هو احد اعلام وعمالقة الفن الغنائي العراقي ورواده في السبعينيات من القرن الماضي ، اشتهر بالمواويل البغدادية والمقامات العراقية والاغاني الوجدانية والانسانية والوطنية والسياسية المقاتلة المكافحة ، في زمن صعب كان فيه الشعب العراقي أحوج ما يكون للكلمة والاغنية الوطنية والثورية الملتزمة ، في صراعه وكفاحه ضد الممارسات القمعية الاستبدادية الشرسة للنظام الدكتاتوري الغاشم ، فكانت اغانيه تتردد على السن العراقيين ، هذه الأغاني التي اسهمت في ايقاظ واذكاء الوعي الوطني والسياسي المتوقد وبث روح النضال والكفاح والمقاومة والتحدي ضد نظام الظلم والقهر والعسف والاستبداد ، ولهذا استحق عن جدارة لقب "فنان الشعب العراقي " . فؤاد سالم مطرب قدير وفنان حقيقي أصيل وملتزم نذر حياته وكرس فنه لخدمة قضايا وطنه وشعبه ، وترك بصمات واضحة ومميزة في زوايا ومساحات المشهد الابداعي الغنائي والموسيقي العراقي المعاصر . بدأ فؤاد مسيرته الطويلة مع الغناء في الستينيات متأثراً بالمطرب العراقي الكبير ناظم الغزالي ، وتناغمت الحانه ومواويله البغدادية واغانيه التراثية بمياه دجلة والفرات وشذا نخيل العراق . ونحن الفلسطينيين الصامدين في وطننا وفوق ارضنا كم نعشق الأغاني العراقية التراثية والمواويل البغدادية ، التي لا نمل من الاستماع اليها ، ولنا شغف كبير بها ، وكانت قلوبنا تتراقص فرحاً واحساساً نابضاً كلما تبث على امواج الأثير اغنية جديدة لفؤاد سالم بصوته المميز ، الذي له وقع خاص وأثر بالغ في النفس والروح والوجدان . فؤاد سالم انتمى لفن الالتزام الملتحم بحركة التاريخ وقضايا وهموم الناس ، ووقف في صف النخب والطلائع العراقية المناضلة المنضوية في اطار الحزب الشيوعي العراقي ، ولذلك عانى الملاحقات السياسية ومنع من الغناء مثلما منعت أغانيه في الاذاعة والتلفزيون ، ولكن رغم هذا المنع لم ينقطع العراقيون عن الاستماع والاصغاء الى اغانيه ، التي كانت تتداول كالمنشور السري على الاشرطة والكاسيتات بين الاوساط الشعبية العراقية . وحين شنّ النظام السياسي الحاكم في العراق حملات القمع والارهاب الفكري ضد اصحاب الفكر التقدمي المتنور من شيوعيين ويساريين ، ترك فؤاد سالم العراق لاسباب سياسية وخوفاً من الاغتيال والتصفية الجسدية ، فتوجه اولاً الى الكويت ثم الى عدن فامريكا الى ان استقر في دمشق ، التي بقي فيها حتى رحيله عن الدنيا . وفي دمشق عاش مغترباً ، وشارك في احياء الحفلات الغنائية ، وكانت اغانيه تصل الى العراق عبر جبال كردستان ، وطوال أيام غربته ظل في حنين دائم وشوق ملتاع لرؤية وطنه الام الذي غادره قسراً . غنى فؤاد سالم للحب والفرح والحزن والامل والتفاؤل ، وغنى للمقاومة وللعراق وكل مكان فيه ، وهتف لجموع الشعب ، للعمال والفلاحين والكادحين ، وعبرّت اغانيه عن المشاعر الطبقية والانسانية الدافئة ، المنحازة دائماً وأبداً لاسمى قضية في الوجود ، قضية الطبقة العاملة الكادحة ، قائدة الثورة وصانعة التاريخ والمستقبل الاجمل . فؤاد سالم قامة غنائية وموسيقية شامخة وايقونة الفن الغنائي العراقي الحديث ، غنى فأجاد واطرب واثار الاعجاب والتقدير ، انه صوت غنائي مخملي حنون طالما يجود الزمان بمثله . فوداعاً يا نخلة العراق الباسقة ، وستظل اغانيك تتردد في سماء الوطن ، وسيبقى اسمك تاجاً ودراً محفوراً في صفحات التاريخ الغنائي العراقي والعربي ، وسلاماً على روحك .
#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مستقبل قوى اليسار بعد فشل مشروع الاسلام السياسي
-
عندما يموت المبدع متجمداً من البرد والصقيع ..!
-
ماذا تراجع دور المثقف ..؟!
-
أين هي بشائر المصالحة الوطنية الفلسطينية ..؟!
-
كلمات قليلة في وداع الناشط الحقوقي الفلسطيني د. اياد السراج
-
الواقع العراقي ودور المثقف ..!
-
مع الشاعر والمناضل الفلسطيني محمد علي صالح
-
عدد جديد من مجلة -الاصلاح- الثقافية في الأسواق
-
متى يتوقف الارهاب في العراق ..؟!
-
الذكرى ال (26) للانتفاضة الفلسطينية المجيدة
-
وداعاً احمد فؤاد نجم ، شاعر الغلابا وسفير الفقراء
-
متطلبات المرحلة فلسطينياً ..!
-
المفكر العراقي د. حسام محيي الدين الالوسي نجم لا يخبو بريقه
...
-
حوار مع القاصة والروائية حوا بطواش
-
الحركة الاسلامية في الداخل الفلسطيني الى أين ..؟!
-
الوضع العربي الراهن والبديل الديمقراطي المنتظر ..!
-
مجلة -الشرق- الفصلية تحتفي بالكاتب مفيد صيداوي
-
عزمي بشارة والانحراف الفكري ..!
-
وقفة أخرى مع نتائج انتخابات السلطات المحلية
-
تحية للحزب الشيوعي العراقي في عيده الثمانين
المزيد.....
-
الفنانة شيرين عبد الوهاب تنهار باكية خلال حفل بالكويت (فيديو
...
-
تفاعل كبير مع آخر تغريدة نشرها الشاعر السعودي الراحل الأمير
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 158 مترجمة على قناة الفجر الجزائري
...
-
وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبدالمحسن عن عمر يناهز 75 عاماً ب
...
-
“أفلام تحبس الأنفاس” الرعب والاكشن مع تردد قناة أم بي سي 2 m
...
-
فنان يحول خيمة النزوح إلى مرسم
-
الإعلان الأول حصري.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 159 على قصة عش
...
-
أكشاك بيع الصحف زيّنت الشوارع لعقود وقد تختفي أمام الصحافة ا
...
-
الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود
...
-
“نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ
...
المزيد.....
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
المزيد.....
|