أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هشام القروي - مقارنة بين امريكا والامبراطوريات السابقة 1 من 2















المزيد.....

مقارنة بين امريكا والامبراطوريات السابقة 1 من 2


هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)


الحوار المتمدن-العدد: 1227 - 2005 / 6 / 13 - 10:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يهتم بعض الباحثين في مجال الدراسات المقارنة بموضوع مثير يتعلق بنوعية الهيمنة التي تمارسها القوى العظمى عبر التاريخ. وقد استوقفتني مؤخرا مقالة للسيد اليوت كوهين , استاذ الدراسات الدولية بجامعة جون هوبكينز , ينطلق فيها من فكرة أن الاحاديث التي تتردد عن السلم الاميركي ـ تعيدنا الى السلم البريطاني الذي كان هو نفسه انعكاسا للسلم الروماني ـ, قائلا انها توحي بأن الولايات المتحدة تتبع نموذج الهيمنة الامبراطورية نفسه.
وهو يعرف الامبراطورية بأنها دولة متعددة القوميات او الاعراق توسع نفوذها بشكل رسمي او غير رسمي من التحكم بسياسات الاخرين، مذكرا بقول الكاتب الهندي نيراد تشودوري: ليست هناك امبراطورية بدون تعددية لغوية وعرقية وثقافية لقوميات مختلفة وسيطرة واحدة منها على البقية، التنافر والسيطرة هما جوهر العلاقات الامبراطورية، والامبراطورية ذات هرمية سلطوية.
ويمكن أن تكون فيها، وقد كان، حرية كاملة أو جزئية للأفراد أو المجموعات التي تتقدم من مستوى لآخر، غير أن هذا لم يعدل تلك البنية التدريجية والتشعبية للتنظيم.
ومن بين الامبراطوريات السابقة، فإن الامبراطورية الرومانية في القرون القديمة ولاحقتها البريطانية في القرن التاسع عشر كانت لديهما القدرة والنفوذ الكافيان للهيمنة على النظام العالمي كله. وكل منهما لم تمارس فحسب قوتها العسكرية، بل ونفوذها الثقافي أيضاً, وكل منهما جعل من نظام اقتصادي عالمي امراً ممكن الحدوث، مثلما كانت كل منهما هدفاً للحسد والاستياء والسخط.
واذ يتساءل أستاذ جون هوبكينز كيف يمكن مقارنة الولايات المتحدة اليوم بالامبراطوريتين البريطانية والرومانية, يجيب قائلا ان البداية تكون من تحليل العنصرالأهم للامبراطورية: القوة العسكرية. كانت كتائب الرومان تشق طرقاتها بالقوة في انحاء العالم وتتعرض لكوارث عسكرية في سياق هذه العملية: الغوليون واليونانيون والقرطاجيون والفرس والكثيرون غيرهم أوقعوا بالقوات الرومانية هزائم . كما أريقت دماء هذه الكتائب في حروب وصدامات مستقرة بين طغاة متنافسين وثورات ضخمة قام بها الرعايا الذين تعرضوا للإهانة فأرادوا التحرر ـ وكلها أمراض لم تصب أميركا بشبيهاتها. روما كانت تجند الكثير من مقاتليها من أبناء البلاد التي تغزوها. وهؤلاء الجنود كانوا يدينون بالولاء أولاً لقادتهم وأبناء جلدتهم من الجند، وليس لحكومة ولا لدستور ولا لوطن. ولهذا، رغم أن روما هيمنت على عالمها، فإنها فعلت ذلك بدون أن تمتلك أياً من الاطمئنان أو الوحدة الداخلية التي تتمتع بها الولايات المتحدة.
الجيش البريطاني كان يعتمد على النوعية وليس على الأعداد. كانت أعداد قواته هزيلة مقارنة بالجيوش الضخمة من المجندين التي كانت لدول اوروبا. بسمارك، مستشار ألمانيا قال ساخراً ذات مرة بأن الجيش البريطاني اذا ما نزل على سواحل البلطيق فسيرسل قوة من شرطة برلين لاعتقاله. بين عامي 1815 و1914، اختارت الامبراطورية البريطانية عموماً الانسحاب من لعبة الحرب في القارة الأوروبية، وهي حقيقة تشير الى ان الساسة يشهد لهم بضبط النفس في سلوكهم.
أما البحرية البريطانية فكانت تحكم البحار، غير انها كانت دوماً على شفى التأخر التقني (كما اعتقدت) والتأخر بشكل عام عن غيرها. الفرنسيون أدخلوا في الخدمة السفن الحربية المصفحة بالحديد قبل البريطانيين، وحتى حين حقق البريطانيون تفوقاً ـ كما حدث بإدخالهم للسفن الحربية ضخمة المدفعية ـ فقد كانوا يعرفون أن منافسيهم التقنيين اصبحوا على وشك اللحاق بهم سريعاً.
أما القوة العسكرية الأميركية فهي ذات شكل مختلف نهائياً. فالإنفاق العسكري الأميركي حالياً يبلغ ما بين 40 و50 في المئة من الإنفاق العسكري العالمي، أي أكثر من إنفاق كل حلفائها الأوروبيين مجتمعين.
بل ان الأوروبيين الاطلسيين، باستثناء بعض الادوار التخصصية وعمليات حفظ السلام، هم ليسوا ذوي دور يذكر داخل الناتو عسكريا. الولايات المتحدة تهيمن اليوم على كل شكل من أشكال الحرب، في ظاهرة غير مسبوقة تاريخيا. في الجو وعلى سطح الارض وسطح البحر وتحت البحر، تتفوق التقنية الاميركية بفارق بعيد على أي خصم محتمل.
كما لا تتمتع اي قوة عسكرية اخرى بالقدرة على نقل هذه الاحجام الضخمة من القوات حول العالم بهذه السرعة، وعلى تنسيق وتوجه قوات حلفائها ومواصلة امداد وتجهيز جندها واسناد هذه القوات بقوة نارية دقيقة وبقدر غير مسبوق من المعلومات والاستخبارات.
لكن بالنظر الى هذه القوة من الداخل، تبدو الصورة مختلفة جدا. فالجنود الاميركيون يعرفون تماما ايضا كل نواقصهم ونقاط ضعفهم: هم يتذمرون من عرباتهم القديمة وبنادقهم المعطلة ووصلات المعلومات المتقطعة. اما في الخارج، فان العالم لم يسبق ان رأى قوة عسكرية كالقوة الأميركية. جنود المشاة البريطانيون عام 1900 كانوا مسيطرين بدرجة اكبر من نظرائهم الاوروبيين لكنهم ما كانوا يختلفون عنهم كثيرا في التسليح ومهارات التشكيلات القتالية.
بل ان الجنود البريطانيين وجدوا انفسهم متأخرين عن "الجنود المواطنين" في جنوب افريقيا المسلحين ببنادق المانية الصنع. اما اليوم فان الكتيبة الاميركية من المستوى المتوسط تتمتع بعتاد افضل ـ ابتداء بالبزات الواقية من الرصاص وحتى اجهزة الرؤية الليلية ـ من أي وحدة مشابهة في العالم كله. وباستثناءات قليلة «حلفاء أميركا»، تحصل على تدريب اكثر فاعلية في الميدان وتضم ضباطا وضباط صف متخرجين من نظام تعليم عسكري هو الاكثر شمولا وتطورا في التاريخ.
هذه الميزة النوعية تصبح اكثر وضوحا في المستويات الاعلى من تشكيلات القوات المسلحة. ليست هناك قوة عسكرية اخرى تمتلك قاذفات بي 2 او مجموعة الاقمار الصناعية تلك او حاملات الطائرات او الطائرات بدون طيار طويلة المدى الموجودة في البحرية والقوات الجوية.
كما ليس هناك بلد آخر يتمتع بميزانية عسكرية تقارب 400 مليار دولار او رأس المال الصناعي العسكري المتراكم عبر السنين من الانفاق على التصنيع. كما لا يستطيع أي بلد ان ينافس القدرات البحثية للولايات المتحدة التي تحل على تمويل يزيد عن الميزانية العسكرية كاملة لأكبر حلفائها الأوروبيين. وللحديث بقية...



#هشام_القروي (هاشتاغ)       Hichem_Karoui#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل كل هذه الاعمال -استفزاز أقلية-؟
- خطط البنتاغون للحرب الاعلامية
- العميل بابل الذي أرق اسرائيل
- أوروبا والعراق وملف الارهاب
- دليل البقاء للصحفيين
- نساء مصر وبلطجية الحزب الوطني
- في كتاب هام للباحث حسن المصدق يورغن هابرماس ومدرسة فرانكفورت ...
- المسلمون في الانتخابات البريطانية
- الاعلام المضلل
- الاشتراكية الدولية في فلسطين
- أين تتجه سوريا ؟
- -دار الحرية - والتمييز ضد النساء في الدول العربية
- النساء يتفوقن على الرجال في تونس
- صدام حاول تمويل حملة اعادة انتخاب الرئيس شيراك
- العرب في أمريكا
- خاص بالمطبعين مع اسرائيل
- الفلسطينيون في أوروبا يصدرون إعـلان فيينـا للتمسك بحق العودة
- حملة المقاطعة الاكاديمية لاسرائيل تتطور
- قانون الانتخابات اللبناني ... هل هو سوري أم لبناني؟
- قضية للمناقشة : هل الدبلوماسية الفلسطينية لها مصداقية؟


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هشام القروي - مقارنة بين امريكا والامبراطوريات السابقة 1 من 2