أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - نبيل قسيس - إسلام سياسي لانمطي مغاير















المزيد.....

إسلام سياسي لانمطي مغاير


نبيل قسيس

الحوار المتمدن-العدد: 4309 - 2013 / 12 / 18 - 08:16
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


لم تحظى حركة سياسية من حشد ضدها أو معها كما حظيت به حركات الإسلام السياسي على إمتداد مئة عام وعلى إتساع رقعة الإسلام ذاته, بل لم تعرف حركة تشعباً وحراكاً داخلياً كما عرفته حركات الإسلام السياسي والتي تمواجت بفكرها ومناهجها مابين نهج دعوي إصلاحي خالص إلى نزوع استئصالي لكل ماتراه متصادماً مع الشريعة.
وعدا تجارب قليلة ومحدودة, فإن الإسلام السياسي لم يحظى بفرصة طيبة تتاح له فيها فسحة من الزمن يراكم تجربة سياسية من تنقل سلس مابين السلطة والمعارضة, مما كان سيتيح له حقل عمل غني يثري فيه رؤيته السياسية ويقربه أكثر من مفاهيم سياسية معاصرة رغم أنه من الإنصاف القول أن مقاربة كهذه كانت قد حدثت وإن متفاوتة.

الإخوان مابين الدعوية والسياسة, تطور المنهج الإخواني ودوافع تكون حزب سياسي:
ليس بخافيا أن الإخوان المسلمين في سورية كانو قد تبؤو مقدمة الصف في المشاركة بالحياة السياسية منذ تأسيسهم سواء بمشاركتهم في حكومات مابعد الاستقلال او مرورا لحملهم السلاح وصدامهم مع السلطة إلى تقديمهم لمشروعهم السياسي لسوريا المستقبل عام 2005 والذي كانو قد طوروا فيه رؤية متقدمة جداً برزت فيها ملامح لعقد إجتماعي وصيغة عمل سياسي تشاركي.
وفي تلك الحاضنة الفكرية الجديدة بدأ الإخوان يتلمسون ضرورة حزب سياسي صرف, له صيغة وطنية أكثر إتساعا من جماعة دينية, وهنا بدأ أيضا ظهور نزوع عند كثير من قيادييهم للعودة بالجماعة الى منابعها التأسيسية الإولى كجماعة دعوية دينية تنحو لإصلاح المجتمع عبر عمل مدني تربوي, بعيداً عن متاهات العمل السياسي وإرهاصاته.
ويمكن القول إن تغيرات بنيوية لبعض جماعات التنظيم العالمي للإخوان في دول أخرى كانت قد شجعت توجهات كهذه عند جماعة الإخوان السوريين.
لقد تقدمت جماعة إخوان سورية بشكل ملحوظ في برامجها السياسية عن مثيلاتها من جماعات اخرى في الأقطار العربية وهي تقترب بهذا أكثر من النموذج التركي, ولذا فإن هذا التمازج مابين الاخوان ومابين معارضين سياسيين من طيف بعيد عنهم والذي أدى الى ولادة الحزب ( الحزب الوطني للعدالة والدستور) هو ترجمة مباشرة لتلك النقلة النوعية التي حققها إخوان سورية على المستوى النظري والفكري.

إذن هناك متغيرين أولها الرغبة في مشاركة سياسية داخل حزب سياسي إحترافي بعيداً عن الجماعة والثاني العودة للعمل الدعوي الصرف عند العازفين عن العمل السياسي, ومن هنا تجلت ضرورة عزل الحزب الوليد عن الجماعة والعمل على إستقلاليته, بل ترسيخ تلك الإستقلالية بإستقالة رئيس الحزب من منصبه في جماعة الإخوان كنائب للمراقب العام, وقد سبقته بنية تنظيمية غنية التنوع في مؤتمر الحزب التأسيسي قبل أشهر من ذلك. تلك البنية التي ترواحت مشارب وعقائد أعضاءها مابين إسلامي أكثر تشددا من الإخوان إلى إسلاميين ليبراليين, اضافة إلى عدد لابأس به من اصحاب جذور يسارية, ناهيك عن أخرين من غير المسلمين ( مسيحيين كمثال وليس كحصر) إضافة إلى حضور كردي وأشوري وسرياني ليشكل حالة من الإثراء الوطني.

ولكن هذا لن يمنع من أن يتبادر للأذهان سؤالا وهو, ألا تستطيع الجماعة توجيه الحزب من خلال اعضاءها الاخوانيين في الحزب. منطق الحال الظاهر يقول بامكانية ذلك, ولكن وجود تيارات اخرى سيجعل من ادارة سياسة الحزب ناتج لمحصلة قوى. إن حزبا سياسيا مؤسسا على تمازج عديد من التيارات الفكرية هو ايضا مكان للتنافس والتجاذب السياسي مما يصنع بيئة مولدة للمشاريع النظرية والفكرية بما يخص من جهة مشروع الدولة المدنية, ومن جهة اخرى تجربة محدثة لمأسسسة العمل الحزبي والسياسي.

تطور شريحة فكرية من اليسار وتقدمها نحو الوسط لتلتقي اخوانا ماثلوها الخطوات:
رحلة طويلة وشاقة خاضها اليسار السوري المعارض إلى جانب أندادهم الإسلاميين في حربهم وكفاحهم ضد نظام الطغيان الأسدي الذي طال الجميع بطشاً وتغييباً, مع الإعتراف أن أقصى ممارسات دموية إستئصالية كانت قد طالت جماعة الإخوان بل حتى بيئتهم وحاضنتهم الإجتماعية.
وفي الوقت الذي حرم فيه إخوان سورية حتى من العمل السري تحت الأرض, بقي اليساريون والقوميون المعارضون وبعض من إسلاميين أخرين والذين لم يشملهم قانون استئصالي مثيل لما إصاب الإخوان, يواجهون السلطة بعمل أشبه بالعمل الفدائي ولكن بغياب الشكل المؤسسي عنه, إلى أن أتت إنتفاضة الشعب السوري لترسم ملامحاً جديدة للعمل السياسي المعارض.
لقد وجد معارضو النظام انفسهم أمام طرق وتشعبات كثيرة في مناصرتهم للثورة من جهة, وفي صياغة أهدافها ومألها الأخير من جهة أخرى, وكان للتحديات التي افرزتها الثورة تأثيرا مباشرا على إختيار إحدى تلك الطرق.
فكانت لحظة لقاء صنعته الثورة مابين توجهين مختلفين قد يبدوا متناقضين, الأول إخواني يمتلك رغبة سابقة في انشاء حزب سياسي واسع الطيف بل يشمل اغلب الطيف الوطني, والثاني توجه مثيل عند بعض اليسار وبعض الاسلاميين الليبراليين لملاقاة فصيل إسلامي أخر مقابل.
جل المؤسسين لهذا الحزب إن لم نقل كلهم, ناشطون في قطاع الثورة وكثيرين منهم في منظماتها سواءاً على الارض داخل سوريا أم في الخارج على السواء, لذا لم يأتي هذا الحزب الجديد ليلبي نقصاً ما في نطاق العمل المعارض ولا ليسد فجوة, فالمشروع هنا أكثر منه مشروعاً نظرياً, ويرتقي لأن يكون مشروع تحدي لبناء نقيض الإستبداد ونقيض التطرف الديني, بل أكثر ليكون مشروعاً لإعادة بناء نظرية الدولة مستعيناً بإدوات الحداثة ومتصالحا مع الأصالة.

الثورة السورية وما أفرزته من ضرورات العمل السياسي الجانح نحو تأسيسس نظري للدولة المدنية رداً على مقولات دولة الأستبداد بشكليها الديني والعسكري:
لقد أسست الثورة لمفهوم جديد لم يغب عنه ذاك الطابع الإيماني الذي رسم خطوط الثورة منذ نهارها الأول والذي أيضا أسس فيما بعد لتأصل ديني في مسارها, أصبح يطرح تحديات جمة تتعلق بشكل الدولة القادمة وإستحقاقاتها.
إذن فإن صراعاً طويلاً مع الإستبداد وصراعاً أشد مع مصالح الدول الكبرى أعطى دلالات قوية على أن نهضة ما لن تتحقق إلا من خلال عملية مصالحة مابين التراث والتجديد, الهدف منها إقامة دولة مدنية بمفهومها العصري حاملة لمنظومة الحقوق والمواطنة بعقدها الإجتماعي والسياسي كمبدأ التداول على السلطة عبر أليات العمل الديموقراطية, ومن ثم القبول بها على انها تطور طبيعي للأمم مقتبس من تجارب الانسانية كلها, وهنا عندما نتكلم عن اقتباس التجارب فإننا ننحو للاقتباس من تاريخنا أولا.
فولادة هذا الحزب أتت كتطور تاريخي طبيعي لمشاركة في تأسيس فكرة الخلاص وذلك بالتوجه نحو دولة تنسجم مع واقع وتاريخ وأصالة, إنه التصالح مابين الحداثة والأصالة.
إذن نحن بصدد إسلام سياسي مغاير و غير نمطي, يقوم على تصور حداثي لنشوء الدولة, يمتلك أدوات عمل عصرية مثل جملة الحقوق التي يقر بها العالم بأجمعه, ويمتلك ايضا أليات الوصول السلمي للسلطة والقبول بمبدأ التداول والتنافس السياسي مع الغير بالوسائل السلمية.
كما أنه يقوم بتوظيف منارات مضيئة من التاريخ الإسلامي تقود كلها لترسيخ مفهوم الدولة المدنية.
إن حزب وعد هو مشروع بناء نظري لدولة مدنية وبالتالي فإن هذا المشروع هو المنافس الحقيقي لمشاريع إسلامية اخرى تتبنى أشكالاً متطرفة وأكثر ماضوية.
ومن ناحية اخرى فإن مشروع غير إسلامي لن يكون النقيض الكفؤ لمشاريع تقودها تيارات إسلامية متطرفة,بل أن مشروع إسلام سياسي معتدل أقرب من حيث الشكل الى أحزاب المحافظين في الغرب (ثقافياً), سيشكل البديل الملائم والمقبول عند غالبية شعبنا.
إذن مشروع حزبنا وعد هو ليس فقط مشروعاً نقيضاً للإستبداد السياسي عبر الدولة المدنية المقترحة وحسب, بل هو أداة لتخفيف التطرف ومن ثم تفكيكه عبر خلق مناخ صحي متناسقاً مع إعتقادات الناس ومتلائماً مع إحتياجات دولة العصر.




#نبيل_قسيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة السورية, اصولية جهادية أم فدائية إستشهادية
- ثورة الشعب السوري, هل التقسيم وهم؟
- بل هكذا تؤكل الكتف


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - نبيل قسيس - إسلام سياسي لانمطي مغاير