أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - نبيل قسيس - الثورة السورية, اصولية جهادية أم فدائية إستشهادية















المزيد.....

الثورة السورية, اصولية جهادية أم فدائية إستشهادية


نبيل قسيس

الحوار المتمدن-العدد: 3829 - 2012 / 8 / 24 - 19:04
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


في مقال قديم للكاتب الإخواني فهمي الهويدي, قرأت شماتة ساخرة نال بها من النظام السوري, وكان فحواها إن التجريف الذي قام به النظام خلال الخمسة وعشرين عاما لبيئة الأخوان المسلمين في سورية على خلفية الصراع الذي احتدم في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات, كانت قد أدت بالضرورة لنمو اعشاب التطرف الديني, وجعل من البيئة المسلمة السورية مكان ملائما للمتشددين, وذلك على خلفية زوال الأعتدال الأسلامي السياسي الذي كان الأخوان ممثلا له, هذا إن قمنا بالتسليم بصحة دعوى الإخوان التنكر لحركة الطليعة المقاتلة ( والتي هي حقا تنظيم كان قد انفصل عن جسم الأخوان السياسي تنظيميا وبقي مرتبطا به معنويا).
ورغم إن تلك الحقبة المثيرة للجدل مازالت تنتظر مزيدا من الإضاءة من قبل الإخوان انفسهم, إلا ان كل منصف يستطيع أن يجزم وخلافا لشماتة الكاتب الهويدي, إن الطبيعة الايمانية للمكون السوري بكافة اطيافه, واكثر تخصيصا المسلمين السنة الأميل للنزعة الصوفية, وتلك النفحات المنفتحة والمتسامحة والتي تمتد جذورها للمذهب الأشعري الذي ساد ومازال اغلب مناطق بلاد الشام,تشكل بيئة ممانعة للتطرف الديني والنزعة الاقصائية للمختلف.
ومن هنا لم يكن عجبا إن كل المجموعات الأصولية وتحديدا قيادييها والتي ظهرت في سورية في العشر السنوات الماضية وبعد اسقاط صدام حسين على يد الامريكيين, كانوا قد تم اعدادهم في مطابخ البزنس الأمني السوري لإسباب تحوطية من تدخل امريكي مشابه ينهي نظام البعث الحاكم, وما النموذج المتمثل بمحمود قول أغاسي الملقب بأبو القعقاع السوري إلا عينة يستدل بها على ذلك.

إلا أن بعد قيام الثورة, وبعد سواد حالة الإستعصاء في مشهد الصراع بين طلاب الحرية ونظام الإستبداد, ووصول الحركة الأحتجاجية المطلبية السلمية إلى حالة إنسداد الأفق وولوجها في منزلق الصدام العسكري مع النظام, اصبح المشهد أكثر غموضا وإثارة للريبة. ومايعزز الريبة في صدور المتشككين سواء عن حسن اوسوء نية منهم, ذاك الرداء الايماني التي ارتدته الثورة سريعا وبعد مرور فترة قصيرة على إنطلاقتها, وإن كانت هذه المسألة مفهومة تماما للبعض كون المساجد معقل إنطلاق الإحتجاجات كانت ومازالت المكان الشبه حصري الذي يمكن للناس الأحتشاد به, وأخذ شحنات من الجرأة والشجاعة تعينهم على ماسيقدمون عليه من إستقبال لقتل محتمل. ولم تكن مفارقة على الإطلاق ضبط بعض مسيحيين تواجدوا في المساجد ايام الجمعات الأولى الشهيرة لمشاركة شركاءهم المسلمين التظاهر.
هذه المظاهر الايمانية والتي سرعان ماتطورت شكلا وأقله مضمونا ( كمضمون يستدل منه على التطرف الأصولي) مع تقدم عمر الثورة, وتراكم الخيبات واحدة تلو الأخرى من إحجام العالم بأسريه الدولي والعربي على إتخاذ خطوات جريئة ومجدية لوقف عمليات الذبح والإبادة, فمن "الله سورية حرية" مرورا " يالله مالنا غيرك" انتهاءاً باللحى ذات الشوارب المحفوفة والتي ابتدأها الثائر المسلح عبد الرزاق طلاس, عداك عن التسميات ذات النفحة الدينية السنية مع كثير من اعلام شبيهة بعلم القاعدة الذي يظهر بأشرطة دولة العراق الإسلامية, هذا إن لم نتطرق لما هو أكثر حدة وأقل ظهورا ألا وهو صناعة الذخائر والمتفجرات محليا اسوة بتجربة القاعدة العراقية.

الثورة السورية ومنذ منطلقها الأول تلونت بلون إيماني ذو سحنة صوفية أكثر منها شيئ أخر, كان هناك نزعة نحو الفداء, هذه النزعة التي وقف عندها كثيراً من المراقبين عاجزين عن تفسيرها مكتفيين بكيل الإعجاب لها, ومابين الفدائية والإنتحارية يكمن الفرق مابين الصوفية الإستشهادية والأصولية الجهادية.
هذا الاختلاف الذي قد تتعذر ملاحظته على كثيرين حتى من اصحاب النوايا الحسنة, لأنه الإختلاف بين أطياف اللون الواحد, والذي يدفع بكثيرين لسكب كل تلك المحتويات في أنية واحدة ألا وهي أنية الإسلام السياسي المتطرف, وهنا بالذات قد يتطلب الأمر أن يعاد تجوال النظر بكثير من الحصافة داخل البيت السوري الثائر لتمييز تلك الظلال المتداخلة والتي يلعب على بقعتها نظام أتقن لعبة الفتنة.

هل للقاعدة حضور في المشهد السوري.
تاريخياً لم يتأنى للإسلام السوري أن يخوض تجربة الحضور الجهادي في باقي ديار المسلمين, على خلاف ماحدث لمجتمعات عربية اخرى مثل بعض الخليج والجزائر ومصر, ابتداءا من الحرب في الأفغان التي كانت المدرسة الأولى التي ترعرع فيها الإسلام الجهادي وتكونت فيها أول نواة لتنظيم متماسك البنيان شديد البأس, الى حرب البوسنة والشيشان التي شارك المسلمون العرب فيها وقد ساهمت هي الأخرى في تنشئة جيل جديد من الجهاديين الذين سرعان ماشكلوا أنوية لمجموعات أًخرى انتشرت عبر العالم وتواصلت مع الرحم الأم لكي تتمخض لاحقا عن الحادي عشر من ايلول وكل تداعياته, ولم يكن غزو العراق أو تحريره إلا إحدى تلك التداعيات المتسارعة التي ساهمت بدورها بإعادة إنتاج أليات جديدة لتخليق مؤسسات الجهاد, وكانت إحدى أهم تلك الأليات هي دخول النظام السوري عبر مؤسسته الأمنية على خطوط التماس الساخن بين قوى التحرير وجحافل الغزو, وحيث كان للنظام هواجسه من أن يمتد مبضع الجراحة الإستئصالي الامريكي الى جسده فيجتث مابناه الاسد الأب خلا ل عقود. فاستبقه بلعبة دهاء قل نظيرها, خالطا الاوراق كلها, فأعاد ترتيب تحالفاته فعزز من قديم مع الحليف الايراني والروسي, وأبتدع جديد العلاقات مع منظمات الجهاديين في العالم, لابل قام بتخليق المزيد منها, وعلى هدى طريق الحرير, كان هناك طريق الجهاديين القادم من اصقاع العالمين العريي والأسلامي, ليصب في مصناع التكرير التي انشأتها وأشرفت عليها اجهزة الأمن السورية, وقد تمخضت بولادة ظاهرة جديدة ألا وهي البزنس الجهادي, فمن تحصيل رسوم الجهاد من مريديه الى اعادة بيعهم في سوق الأستخبارات العالمية, ومن ثم استرجاع من بقي منهم وايداعه برسم الأمانة ( على حد تعبير احد أعضاء القيادة القطرية).
اذن ليس بنافل القول أن الحركة الجهادية القاعدية في الدائرة القريبة والمحيطة من النظام السوري تربط قياداتها علاقات خفية وتكتيكاً مستوراً مع دوائر أجهزة أمنه, إن لم تكن كلية من صنيعه وتحت إشرافه, والملاحظات التي قد تقودنا لهذا الاستدلال وفيرة وأكثر من أن تحصى في عجالة هذا المقال, ابتدءا من أبو القعقاع السوري مرورا بجند الشام إلى جبهة النصرة التي سطع ضوئها في ظهيرة هذه الثورة, والتي تثير طرقها الدعائية وإعلاناتها الجهادية كثيرا من العجب.
والجدير بالملاحظة هو ذلك الحضور المفتعل والغير مبرر للجهاديين القاعديين على خطوط التماس المذهبية, حيث تسهل ملاحظتهم ويصبح القلق من وجودهم محق, وهنا تحقق دعاية النظام مرادها, وتنجح طوابيره في بث الخوف والذعر في قلوب الأقليات, وذلك في سياق عملية حشد وتجييش لطوائف يراد إستثمارها في معركته مع ثورة شعب.

وقد يحق للبعض أن يتسأل, وماذا بشأن القاعدة في العراق؟ وهل يعقل أن تبقى مكتوفة الأيدي وقد فُتحت ساحة الحرب لها في سورية, وتمدد حلمها لإقامة دولتها حتى شواطئ المتوسط.
لايتطلب الأمر لكثير من الشجاعة لنعترف بإمكانية ذلك الشيئ ولو على المدى الطويل في ظل هذا الإحتقان, بل حتى أن منطق التاريخ يقره, ولكن السؤال الأكبر هنا, هل قاعدة العراق بظرف تحقيق هذا التمدد؟
لقد إنسحب الأمريكان من العراق, وقد أتاح هذا الإنسحاب الفرصة للقاعدة للخروج من تحت الأرض إلى النور, فاليوم قاعدة العراق مشغولة تماما بإعادة تنظيم صفوفها, وإعادة الإنتشار في جغرافيتها المذهبية, وقد يستغرق هذا الإجراء برهة ليست قصيرة من الزمن, فهم في أولوية تشغلهم عن بلاد الشام, وخاصة إن الحاضنة العقائدية في سورية غير ملائمة لتمدد سريع لهم, وذلك لإسباب قد أشرت إلى بعضها أنفاً. إضافة إلى أن بعضا من ممولي الثورة المسلحة والمتهمين باللون الأصولي الوهابي, تربطهم أكثر وشائج قربى مصلحية مع أنظمة متضررة اصلا ومهدد أمنها كذلك من قبل الأصوليات الجهادية.
لذا لامصلحة لأحد ولا مستفيد من كل تلك العاصفة, إلا النظام نفسه الذي ملئ صراخه الدنيا محذرا من أن سوريا اضحت مهدأ لرجال القاعدة ولمسلحين جهاديين في وقت كانت الثورة السورية أبعد مايمكن عن التسليح, و كانت شعاراتها وحتى جمعاتها تزهو بألوان التعدد والأختلاف, ( وقد أعترف بشار الأسد بخطابه الأخير أن الاعمال المسلحة لم تنطلق حتى رمضان القبل الماضي أي بعد ستة اشهر من الثورة).

ورغم اليقين من بقاء ثورة سورية نقية وعصية عن أي إنجراف نحو اصولية, ورغم كل تلك المظاهر الإيمانية التي تشكل رافعة لصمود اسطوري أمام همجية دموية نادرة لنظام قادم من ظلام التاريخ, فإن إبقاء منبهات الخطر مشتغلة, هو لواجب تاريخي وأخلاقي منوط بأصحاب الحراك الثوري قبل غيرهم, كما أن مسؤولية أي إنزلاق يتحملها أولئك وليس النظام.
فنظام الأسد بعيد عن أي مسائلة أخلاقية أو تاريخية, فلقد فقد أهليته الأخلاقية منذ مجازر الثمانينات, وأضحى حالة منبوذة من الوجدان الإنساني, غارقة في ذهانية مرضية, لاعلاج لها إلا الحجر أو الإستئصال.




#نبيل_قسيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة الشعب السوري, هل التقسيم وهم؟
- بل هكذا تؤكل الكتف


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - نبيل قسيس - الثورة السورية, اصولية جهادية أم فدائية إستشهادية