نديم جمال صليبي
الحوار المتمدن-العدد: 4281 - 2013 / 11 / 20 - 17:31
المحور:
الادب والفن
كلمات مُبعثرة وأحرفٌ تأبى تجسيد الخواطر في سطور ٍ فارغة ,, مشاعرٌ تجمع بين أكثر التناقضات تنافراً ,, أفكارٌ هنا وأفكارٌ هناك يعجز قلمي عن لم شملها ,, عواطفٌ تشعل ُ شموع الكون بلحظة وتطفئها بلحظة . أعطيت العنان لقلمي ليخط كُلَ ما يدور بخاطري , بخاطري أنا , أنا الإنسان الشرقي الذي لا يستطيع إدارك ما يجولُ بداخله ِ من خواطر , كيف أستطيع وكلُ تناقضات هذا الكون المتنافرة تتقارب وتتباعد في كل لحظة بداخلي , أشعر بها جميعها , كأنها صراع ُ كينونة أو صراع ُ وجود أو كأنها صراع ٌ بين الحياة والموت أو بين الانعدام والوجود , لا أعلم ما هذا كما أنني لا أعلم أيضا ً أين هي روحي الآن لا أعلم في أي وجود ٍ سابحة , أن كل ما أعلمه ُ الآن .هو أنها رحلت عني وتركتني أصارع هذه التناقضات وحدي , في وسط هذه التناقضات أشعر بأنني طائر ٌ أبيض صغير بائسٌ وحزين يصارع السماء والغيوم ويصارع كينونته وكيانه ليتخطى السماء محلقا ً نحو الملكوت الأعلى حيث هناك الحياة الأبدية حيث هناك الخلود حيث أشعرُ بكينونتي الحقيقية المطلقة , وفجأة يتحول هذا الشعور ليصبح شعور الجثة الهامدة التي لا تقوى على الحركة أو الصراخ , وكأن الموت عصف بها منذ زمن ٍ بعيد , تارة ً أشعر بأنني أسبح بالماء المقدسة وتارة ً بدماء العذارى , تارة ً أسمع هديل الحمام وتارة ً حفيف الأفاعي , تارة ً أرتشف نبيذي المقدس وتارة ً أرتشف سم العقارب , أرى النور الساطع أمامي وما حولي كله ظلام ٌ دامس , تأتيني من الأمام رائحة بخور ٍ زكية ومن خلفي رائحة ٌ عفنة ٌ نتنة .
أشعر بالبرد ينخر في عظامي ويأكل ما بداخلها من خلايا , لم أعد أرى شيء ً ولم أعد أشعر بشيء باستثناء البرد القارص , تلاشت كل التناقضات واضمحلت وحل مكانها الصمت والسكينة واللاوعي واللا وجود , ولازمتني هذه الحالة أياما ً وشهور حتى تصلب مضجعي وهجر الحياة جسدي , حتى أتى هذا اليوم الذي عادت فيه روحي بعد فراق ٍ طويل واستيقظت من حالة اللاوعي واللا وجود وتحول الصراع ليصبح بين الروح الوليدة في وطن الحب والحرية وبين الجسد الكهل المثقل بمتاعب الحياة البشرية وشقائها .
ما بالك يا أيتها الروح النقية الطاهرة هجرتني وتركتني لهذا اللحد الذي نهش من لحمي الكثير , قالت سيأتي ذالك اليوم الذي سينهش فيها هذا اللحد من جسدك ,بل سيلتهمك دفعة واحدة عندما تنتقل للملكوت الأعلى حيث تكون حياتك الأبدية السرمدية حيث سأجد طهارتي هناك , هجرتك لأنني أعلم أنك ذقت معي صبرا ً وأعلم أنك تبحث عن الكمال كما تبحث عن الحياة الأبدية والخلود , هجرتك لأبحث لك عن الحقيقة المفقودة التي تبحث عنها لأبحث لك عن السعادة الدنيوية المؤقتة , لأبحث لك عن إنسانيتك الضائعة , لأبحث لك عن الراحة والحب الأبدي المفقود , ذهبت إلى الأماكن التي اختزلتها ذاكرتك وكيانك إلى البيئة التي كونت شخصيتك وصقلت كيانك , لقد وجدت هناك ما أبحث عنه وأتيت ُ لأصطحبك معي ونعود إلا هناك , هناك حيث مخيمات أخوتك اللاجئين لترى براءة الأطفال وبراءة أحلامهم , لترى ضحكاتهم الممزوجة بالحزن والقهر والأسى , بالخوف والجوع , لترى ابتسامة الشيوخ المكابرة بالضعف والانكسار والهوان . لترى وجوه الفتيات اللاتي كُنَ عذارى قبل أن يفترسهن وحوش الغاب الغادرة , هيا نسعى بين الخرائب المدمرة نبحث فيها عن أشلاء ِ طفل ٍ أو شيخ ٍ أو امرأة منسية , بين ركام ٍكان بالأمس ستراً لأهله , وكان بيتا ً مبنيا لنذهب ونضمد جراح أخوتك بني البشر ولنبحث عن الفقراء والمظلومين والمقهورين لنرعاهم ونكون لهم السند ,لنذهب وندافع عن المظلومين والمقهورين والمساكين وأولاد السبيل , سندخل بيوتهم المدمرة ونخفف آلامهم ونكون بلسما ً لجراحهم ونسمة طيف ٍ رقيقة على وجوههم , سوف ندخل إلى غرف الأرامل والثكالى ونطيب خواطرهم ونزرع في نفوسهم بذور الأمل والسعادة , سندخل جميع البيوت ونكتب قصصهم وهمومهم , أحلامهم وطموحاتهم , أحزانهم ومآسيهم , سوف نذهب ونضحي ليحيا أطفالنا أحرارا ًويعيشوا بأمان ٍ وسلام , سنزرع الأرض التي أحرقتها نيران المدافع وسنبني المساجد والكنائس والمدارس المهدمة وسنصلح كل ما أفسدته أيدي بني البشر , سنكون رسل سلام ٍ ومحبة وسنزرع الأمل والتفاؤل والحب والوئام , سوف أذهب يا حبيبتي وسأبقى هناك حتى يزول الألم وتعم النعم ,سوف أبقى هناك حتى تعود البسمة على شفاه المظلومين , وحتى يضمحل الجوع وتفيض النعم , سوف نبقى هناك لطالما بقي هناك من يحتاجنا , سوف نبقى حتى ينزل المسيح عليه السلام ,فليساعدنا الله وليكن لنا خير سند . فأنا الآن قررت وها أنا مغادرا ً إلى اللا عودة ....
نديم جمال صليبي
29/7/2012
الساعة 2.00 صباحا
#نديم_جمال_صليبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟