أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله عبدالرحيم - شمسنا مازالت تشرق (قصة قصيرة )














المزيد.....

شمسنا مازالت تشرق (قصة قصيرة )


عبدالله عبدالرحيم

الحوار المتمدن-العدد: 4280 - 2013 / 11 / 19 - 00:17
المحور: الادب والفن
    


شمسنا مازالت تشرق
كان ممددا فوق سرير قديم في زاوية بين جدران تشع صقيعا ، منضدة خشبية قابعة قرب السرير ، وضعت عليها اكوام الادوية والعقاقير ، وفوق راسه لمبة تان مهتزة غدوا ورواحا . كانت عيناه تراقبان الباب ، وبين الفينة والاخرى يسند ضهره الى الجدار بصعوبة بالغة ويتطلع خلال النافذة المطلة الى الشارع الضيق الذي اصبح بعد حين مظلما .
تعود الشيخ كل يوم وقبل ان تغيب الشمس ياتيه الصوت الناعم
- جدو جدو لقد وصلت
فيرفع الجد عينيه الى حفيدته ويحدق فيها فترتجف شفتاه من السرور . عندما كانت تتمدد على الفراش تغوص في نوم عميق لانها تكون مرهقة جدا فهي تعمل طول النهار لتوفر الدواء لجدها المريض والطعام ، كانت تركض كالاطفال وترتمي على جدها وتحتضنه وتضع راسها فوق صدره المملوء بالشعر الابيض على رغم انها اصبحت في الخامسة عشر من عمرها ، فيهتزجسد الجد الهرم وهو يقهقه معها قهقهة متعبة ، لكنها بعد حين ترفع راسها لتمسح دموع الشيخ في عناية كبيرة وتنظر اليه وكانها تتفحص وجهه لاول مرة ثم تتمتم بصوت ناعم ومرتعش
- لاتبكي ياجدي فشمسنا مازالت تشرق
كانت تحدثه دائما عن الصفاء والسماء الزاهية والورود الجميلة وعن حبها له وعن الاثرياء الذين يملكون كل شيء وطيبتهم ورحمتهم وعطفهم وعن المساكين والامهم الصغيرة ........ فيضل الشيخ ساكنا وتتموج حنجرته ويبلع ريقه ، ويحدق في وجه حفيدته فيرتسم الذعر على وجهه لانه يراها تكبر بسرعة ، فرغم براءة الاطفال التي مازالت تترنح على وجهها فانها تبدو فتاة رائعة الجمال .
هاهو الليل قد نشر ظله على العالم وخيم سكونه ، وبدأت اصوات القطط والكلاب الظالة تشق جراحا في صمته . ينتفض الشيخ المتراخي الاعضاء قلقا مذعورا كلما ارتفعت اصوات الكلاب في الخارج ، فتنخس جسده المتهري كانها ابر حادة ، جمدت عيناه على الباب ، وبان على تقاطيع وجهه سيما فزع هائل وبات كانه يسمع صوتها المستغيث ينتشر في كل مكان ويختلط مع اصوات الكلاب في الخارج . فارتعد وعادت اليه بعض قواه ، فاستطاع ان ينتشل جسده من السرير بصعوبة بالغة ، مد اصابعه في حركة متشنجة وادار اكرة الباب التي شعر بها ثقيلة ، فتح الباب واسند جسده الى الحائط وهو يغرس اصابعه فيه ، ضل لحضات يرمق البيوت الموصدة المتلاصقة وهو يسمع اصوات الصراصر التي تنوء بها الساقية الممتدة على طول الشارع الضيق ، الذي يتصل بالشارع العريض المفضي الى السوق .
كان الليل في اوله ، لكن لم يكن امامه الا الظلام ، وعندما ركز بصره في زاوية قريبة استطاع رؤية المعتوه وهو يتكوم على نفسه في نفس مكانه القديم ويغوص في نوم عميق . اخذت الكلاب تنبح بقوة وتعالت اصواتها ، التفت ، لقد مرت سيارة مسرعة على الشارع العريض . وعندما غمرت الرصيف بضوئها ، سقط الضوء على ثلاثة اطفال ينامون على الرصيف ويضعون رؤوسهم فوق ساقي امهم التي تسند ضهرها الى جدار لبيت احد اشراف المدينة .
استنفذ قواه ، بدات انفاسه تتلاحق واحس بانه عاجز عن الانتصاب ، ادار وجهه بصعوبة وجسده مازال ينزلق على الحائط الى الاسفل ببطء ثم سقط على الشارع الضيق دون حراك .
بعد لحظات ، مر السكير الذي كان يترنح في الشارع المظلم كعادته كل ليلة ، منذ زمن ، فرت منه الكلاب بعواءاتها ، توقف واقترب من الشيخ الممدد على الطريق ، والباب المفتوح ، اخذ ينظر اليه بذهول وتفحص ، وعندما تبينت له الصورة ، ضحك ضحكة عالية ارهبت الكلاب واصحت المعتوه الذي يتكوم في الزاوية القريبة ، وعندما حاول المعتوه رفع الشيخ جذب السكير قدميه واردفهما خلفه، وهو يترنح .
الشمس ارتفعت مع اعمدة النهار ، اختفت الام واطفالها النائمون على الرصيف وشغل المكان حصان وسرج ، سكتت الكلاب عن النباح وتسكعت بالشوارع ، اما المعتوه فقد راح يطوف الدرب ذاهبا ايبا والاطفال يجرون وراءه في صخب ، والشيخ يتمدد على سريره بدون حراك .
وقرب الشارع العريض ، تجمعت حشود كثيرة ، لقد قتلت فتاة صغيرة ، في الخامسة عشر من عمرها ، وعندما بدا التحري عن الجريمة ، وتفحصوا الجثة ، وجدوا اثار القبلات المتوحشة لعدد من اشراف المدينة .






#عبدالله_عبدالرحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاكمة داخل الانا (قصة قصيرة)
- هوجر وديامس (قصة قصيرة)


المزيد.....




- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله عبدالرحيم - شمسنا مازالت تشرق (قصة قصيرة )