أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمَّش - زلابيا.. وحمص مقلي.. وحنتوت!














المزيد.....

زلابيا.. وحمص مقلي.. وحنتوت!


عمر حمَّش

الحوار المتمدن-العدد: 4273 - 2013 / 11 / 12 - 10:26
المحور: الادب والفن
    


زلابيا ...وحمص مقلي... وحنتوت!

في ليالي الشتاء البعيدة...
كانت جدتي - كلّ ليلةٍ - تروي لنا حكاية االقريّة السعيدة، التي أمطرتها الدنيّا زلابيا، فأمدّ أنا عنقي، أتصور شكلها، وأخرجُ لساني، أتذوق قطرها، لكنّ جدتي كانت سرعان ما تقصفُ فرحتنا؛ وتُعرّج إلى دهاليز حكاية ( أبو رجل مسلوخة) ليشتّ خيالي؛ ويزودني بإضافات أشدّ، وأعتى لشكل ساقه، ولخطوّه المتنافر القادم!
فإذا ما دفنتُ رأسي في بطانيّة الأمم المتحدة؛، صار لزاما – فورا كالعادة – أن أقوم؛ لأذهب إلى ذاك الحانوت البعيد، كنتُ أنا الملبي الساعي لجلب ما يحتاجون، سكر.. شاي... أو حتى علبة ثقاب..كانت ظلمة كوخنا تسلمني لظلمة الزقاق، ويبتلعني بئرُ الظلام.. فيأتي ( أبو رجل مسلوخة) مهرولا، يترصدني هناك، كانت تصدمني جدران الأكواخ، ويصفعُ وجهي صفيح نوافذ مخيمنا الواطئة المشرعة للظلام.. ولكم لحقت مؤخرتي – وأنا أجري - الكلاب!..
وأعودُ؛ لأغفو دوما، وثغري اللاهث يبحث عن الزلابيا التي لا تأتي من السماء!
في الغسق..كنا نحمل بعضنا، نتماسك بالأذرع، الظهر إلى الظهر، ننثني بالتوالي، وحوار لعبتنا يدور:
( شفت القمر) ( شفته) ( شو تحته) ( حمص مقلي) (انزل نقي)
مشكلتنا كانت من يحمل الحنتوت؟
مرّةً تهربت منه؛ فهاجمني، وتحت ثقله اضطررت لثقب بطنه السمين بسكين ( السمكة ) الصغير، يومها رأيت دمه، وهربت من عقاب أهلي؛ إلى أمسك بي شبحُ أخي الكبير في كحل الليل!
اسمُ صاحبنا حنتوت ذاك كان مثار سخريّة جمعنا، ومصدر مشاكلنا المفاجئة.!
بعدها بسنوات – وقد كنا على وشك البلوغ - عبرت اليهود إلى ما تبقى من البلاد، ورجالنا - من المحيط إلى الخليجِ -جلسوا يلطمون كما النساء..!
في ميدان فلسطين الذي يتوسط غزة ، رقبتُ الحنتوت، وهو يعرض على الخواجات القادمين مسح سياراتهم، وبالقرب من البنك العربيّ؛ كان الصبيّة الذين كبروا؛ يطوفون على (الزائرين الجدد)، ويعرضون بضاعتهم الخفيفة.. جوار البنك كانت تأتي الرصيف – كل يوم في ذات الميعاد - حافلةٌ خضراء، وتتوقف...
ورأيتُ البعض يصعدها... لتغادر بهم إلى جسر نهر الأردن!
الحنتوت كان كل يوم يرتقي درجات مدخل الحافلة، ويناديني، ثمّ ينزل إليَّ مستاءً!
في يومٍ.. انطلقت الحافلة.. وصوته ينادي!
ذهب الحنتوت إلى شرق الأردن!
هاجر ببطنه الغضّة الطريّة، ولمّا يشتدّ عوده، وهناك على الرصيف تركني ذاهلا!
جاء الحنتوت ونحن كهول، قلت أذهب لأسلّم، فهو صاحبُ حقٌّ علينا، وواجب، كان – رغم النجوم التي على كتفيه - لم يزل رثّا، سمينا، شعره طائرٌ من غير ريح.. لم يعرفني الحنتوت، قلت ( إيه...سنين طويلة.. تساقط شعرنا، وما تبقى منه شاب ) لكنّ الحنتوت سمع اسمي؛ ولمّا يذكرني، عجبت أكثر حين سألني:
أظن التقينا من قبل؟
قلت: أين؟
قال: أظن في سجن غزة المركزيّ؟
لحظنها جنّ جنوني، وهتفت: أتعرف سجن غزة يا حنتوت؟
فتضاحك الحاضرون من سكان الحي.
وأكملت مرعدا: من ينسى كيف عن وطنه يا حنتوت؟؟
غضبت من الحنتوت، لكني هذه المرّة كنتُ بلا سكين سمكة !



#عمر_حمَّش (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هروب! قصة قصيرة جدا
- محكمة! قصة صغيرة جدا
- نساء! قصة قصيرة جدا
- تواصل! قصة قصيرة جدا
- وحيٌّ ليليّ - فصة قصيرة جدا
- صوت! - قصة قصيرة جدا
- حسرة! قصة قصيرة جدا
- حكايتان قصيرتان جدا
- قصتان قصيرتان جدا
- حكايا ثوريِّة - قصص قصيرة جدا
- ديوك - قصة قصيرة جدا
- نورس - قصة قصيرة جدا
- فروسيّة - قصة قصيرة جدا
- عظَمة كلب! - قصة قصيرة جدا
- رقةُ قمر! - قصة قصيرة جدا
- أيام امرأة - قصة قصيرة جدا
- حريق - قصة قصيرة جدا
- تحرير - قصة قصيرة جدا
- سفر - قصة قصيرة جدا
- توازن! - قصة قصيرة جدا


المزيد.....




- تاريخ اليهود والمسيحيين في مكة والمدينة حتى ظهور الإسلام
- رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 لكل التخصصات “تجاري، زراعي، ...
- بسبب شعارات مؤيدة لفلسطين خلال مهرجان -غلاستونبري-.. الشرطة ...
- العمارة العسكرية المغربية جماليات ضاربة في التاريخ ومهدها مد ...
- الجيوبولتكس: من نظريات -قلب الأرض- إلى مبادرات -الحزام والطر ...
- فيديو.. الفنانة الشهيرة بيونسيه تتعرض لموقف مرعب في الهواء
- بالأسم ورقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول ...
- “استعلم عبر بوابة التعليم الفني” نتيجة الدبلومات الفنية برقم ...
- “صناعي – تجاري – زراعي – فندقي” رابط نتيجة الدبلومات الفنية ...
- إبراهيم البيومي غانم: تجديد الفكر لتشريح أزمة التبعية الثقاف ...


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمَّش - زلابيا.. وحمص مقلي.. وحنتوت!