أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - كمال شاكر - المعرفة تُنمي العقل وتُهذب الذات















المزيد.....

المعرفة تُنمي العقل وتُهذب الذات


كمال شاكر

الحوار المتمدن-العدد: 4272 - 2013 / 11 / 11 - 19:18
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكردستاني

الكتابة هي التجذيف في عرض البحر.. الاجواء الاجتماعية والسياسية بحر بأمواج متلاطمة.. ولكي تبحر لابد ان يكون لك مرفأ تبحر نحوه.
ولكي نتلمس القلم علينا التدرب على الكلام بصيغة الجمع.. الذين يحملون هموم شعبهم لا يتحدثون الا بلسان الجمع.. لان "الأنا" لم تكن موجودة على ايام تلك الاجيال.. اجيال الاحلام الجماعية.. اجيال التضحية من اجل هدف واحد.
فمحطات عمر المناضل تبدأ بمعارك وبطولات صغيرة.. واكبر المعارك تخاض ببسالة الضمير الحي والواعي اولا، لا بالسلاح ولا بعضلات اليدين، وتلك المعارك يستبسل فيها الناس البسطاء وهم الذين يصنعون اسطورة النصر الكبير.. واحيانا لن يأتي على ذكرهم احد، ولا عن ماضيهم.
وهناك تجارب يتحدث عنها التاريخ.. ثورات خططت لها الاقدار، ولا عدالة في ثورات تتسلى الاقدار ذاتها بقسمة مناصبها في الموت والغنيمة. نعم في المعارك النضالية، الاقوى هو الذي لا يملك شيئا ليخسره.
يقول ماركس.. الطبقة العاملة لا تملك شيئا لتخسره الا اغلالها.. لهذا فهي قوية، ويقال.. ان الرسامين ابناء الصمت.. والمصورين ابناء الصبر.. والكاتب يفرغ ما يمتلك.. والقارئ يقرأ لكي يمتلئ.
فالشيوعي ينبغي ان يمتلك ولو شيئا من تلك الصفات فهو يعمل في مجتمع لم يخلقه هو.. يعمل في اطار علاقات اجتماعية تؤثر في شخصية الفرد، فأذا امعنا في شخصية الفرد في المجتمع من منظور علم النفس الاجتماعي.. وفي ظل هذه المرحلة الانتقالية التي تتسم بتعدد النقائض يمكن رؤية الواقع الاجتماعي اليوم ضمن ثلاثة محاور:-
اولا:- بعض السمات والملامح للمجتمع، علينا معرفة الذات والتعريف بها قبل الدفاع عنها وجلدها، من خلال الظروف والشروط الموضوعية والذاتية، تاريخية وجغرافية واجتماعية والتكوين النفسي.
ان المجتمع متعدد ومتنوع الاعراق والاديان والقوميات والقبائل والطوائف واللغات من جهة وما تنتجها تلك السمات من انقسامات وخلافات واختلافات وصراعات من جهة اخرى.. كان يمكن ان يكون عامل التنوع والتداخل هذا ينتج الغنى والتطور والابداع، ولكن ادى تحت ظروف وشروط ذاتية وموضوعية سيقت باتجاه غير طبيعي الى خلق مجتمع غير منسجم، منقسم على نفسه، غير مستقر.
ولا يمكن في هذا الحال ان يخلق وعيا اجتماعيا وثقافيا صحيا، وان يشكل هوية واحدة.
ثانيا:- التركة الثقيلة التي خلفها النظام الدكتاتوري المقبور، وما اضيف اليها في كردستان في ظل الصراعات الداخلية حتى الاقتتال، وغرس روحية الركض وراء المغانم والمكتسبات، والتعامل مع الانسان كسلعة في السوق.
ثالثا:- التحولات البنيوية التي حدثت خلال العقود الاخيرة من تاريخ العراق.. وتأثيرها على الشخصية، وكذلك بفعل تفكيك العلاقات الاقتصادية الاجتماعية بفعل الحصار والحرب والقمع والاحتلال والحمى الطائفية.
فان اعادة بناء الانسان المكسور، والنسيج الاجتماعي والاخلاقي والنفسي الممزق في سنوات قليلة ليست بالامر الهين.
فان كنا مقتنعين بان الماركسية حقل علمي وفلسفي، نقدي وتحرري مفتوح على الجديد.. فهذا يعني ان الماركسية لا تزال تحافظ اذاً على حيويتها، ولا تزال مرجعية لا للشيوعيين فحسب بل مرجعية لليسار ليس بوصفها عقيدة جامدة، وانما بوصفها حقلا علميا وفلسفيا نقديا وتحرريا، افتتحه "كارل ماركس" وقدمت فيه على مدى قرن ونصف القرن اسهامات عديدة ساهمت في كشف آليات الاستغلال الرأسمالي، واجتهدت في سبل تجاوزها.
ولأن الحياة تبقى في تطور دائم، فان هذا الحقل سيبقى مفتوحا على مساهمات جديدة اخرى، تسعى الى استيعاب الظواهر الجديدة التي يشهدها عالمنا.
فالمعروف ان منهج ماركس المادي الجدلي قد استند الى قوانين الجدل الثلاثة الرئيسية وهي..
وحدة وصراع الاضداد- وتحول الكم الى كيف- ونفي النفي.
فالسؤال هنا.. هل لا تزال هذه القوانين فاعلة في ضوء الثورات المهمة في المعارف؟ فاذا كانت المادية تعني الاسبقية.. اي اسبقية المادة على الفكر.. فهل من الصحيح الاستمرار في القول بأن الفكر يوجد خارج المادة؟ اليس الفكر قادرا على الفعل بالمادة عندما يعي قوانينها؟ وهل الجدل هو اداة علمية لفهم العالم المادي الخارجي فحسب؟ ام هو ايضا اداة علمية لفهم العالم الداخلي للانسان، جوهره المادي والروحي؟
واذ يظل انتاج واعادة انتاج الحياة المادية هو العامل المحدد في التحليل الاخير للتشكيلة الاجتماعية، فهل هذا يعني ان البنية الفوقية هي وحدها المشروطة بالبنية التحتية؟ الا تترك المنظومات الدينية والفلسفية والسياسية بدورها على البنية التحتية وتشرط طبيعة تطورها؟
وفي ضوء هذه اللوحة نقول.. كل فرد حسب خلفيته واهتماماته وما يحمله من هموم ذاتية يقرأ ويتعامل مع الاحداث.. ولكي يتابع العصر بقراءة جديدة وروحية جديدة، وعقل منفتح لا بد وان يجمع مع الاخرين صفات مشتركة.. وذلكم هو الشرط المطلوب لضبط المسار نحو مستقبل افضل، وابرز ما يجمع الانسان المناضل مع الاخرين هو.. الثقة بالنفس الانفتاح على المحيط، *الامل في المستقبل. لسنا بحاجة الى تكرار ما نعرفه عن حالة التخلف التي يعيشها المجتمع.. فمظاهرها ومشكلاتها وانعكاساتها ابلغ تعبير.. فاعادتها في كل مرة وبنغمة كئيبة لا تنتج الا الاحباط. فالثقافة الاجتماعية هي الاخرى وما يقوم عليها من قيم وسلوكية وعلاقات، فهي مازالت محكومة بتقاليد وقيم قديمة تجددت لا تعمق الا الذاتية، والعاقل يتسلح بالعقل والمنطق، يقول الامام علي ( العاقل هو من يضع الشيء في موضعه).
اننا عشنا ونعيش قي مجتمع عشائري ديني.. تحت ظلم التعصب القومي، وقامت ثورات في كل عصر كانت لها ادوات وافكار، وكل تلك كونت لنا تراثا علينا دراسته، تراثا لا نحتاجه قيدا على عقولنا، ولا نحتاجه كحبل يشدنا الى الماضي، ذلك يعطلنا كلما اردنا اللحاق بقطار الحياة في عصرنا الحالي.
نحتاج دراسة التراث لنسخره نحن لا ليسخرنا هو، نحتاجه كمعلم يساعدنا كي نجتازه، وليس اسرى يبقينا في حدوده، علمتنا الحياة وفي كل محطات العمر بان المناقشة العلمية هي السبيل الوحيد للاقتراب من الحقيقة.. فاذا كنا غير راضين عما نحن فيه علينا العزم على الخلاص منه، ولكن الانتحار هو الاخر يمكن ان يخلص الانسان من همومه. فالحزب ككائن حي عليه ان يفكر بالطرق التي تؤدي الى فهم الحياة ومفردات تكوينها ومن ثم بوسائل تطويرها. ومن العيوب التي تشدنا الى الوراء هو الانصراف عن جوهر الموضوعات الى الاشخاص، والميل الشديد الى شخصنتها واخراجها عن اطارها الواقعي والغاء صفتها العامة، والتركيز على تنسيبها لفرد او عدد من الافراد. وليس عجبا ان يقال اننا نعيش اليوم في زمن اختلفت فيه المقاييس.. اصبح الانسان يعيش بعيدا عن هدفه في الحياة.. اصبح يتأرجح بين الذاتية والمبادئ مهما تزين بطروحات وهتافات تعجز عن تغطية ذاتها.. فهي تبعد الفرد عن الركب رغم التبجح بالحرص، وتنخر بالتوازن النفسي. بعد ايام يكتمل عمر الشيوعين في الرقم (80) أي يكتمل عمر اجيال واجيال من النضال الدؤوب والدامي ولكنه يعزز العزم على المواصلة، ورافقت هذا العمر تحولات وتطورات، وتواترت اجيال يزيد كل منها شيئا على ما خلده السابقون، وهذه الاضافات ليست مجرد افكار وحواشي، وليست فقط اطارات للعمل والحياة، انها مبادئ وثقافة تربت عليها اسماء واعلام تلمع في صفحات التأريخ وليس في حواشيه، والثقافة لا تحدد بما نقرأه من الكتب، الثقافة في معناها العميق هي ما يملأ داخل النفس من تصورات حول الذات أولاً ومن ثم حول الاخرين والاشياء.. أي رؤية الانسان الى العالم المحيط به، وتقديره لمعرفة هذا العالم الذي بهذا الاتساع، ولا تغطي جانبا محددا من الحياة، بل تتحكم في كل جانب للانسان علاقة به. لقد تشكلت ثقافة كاملة خلال السنين الطويلة التي تفصلنا عن البدايات، هذه الثقافة أطرت المجتمع وهي التي توجه سلوك مكوناته وتتحكم في كل جانب للانسان علاقة به، وتحدد سلوكه في التعامل مع الاحداث، وبالتالي في صياغة الآراء والمواقف، والعقول التي نمت تحت تأثيرها، والظروف السياسية المتعاقبة هي الاخرى انتجت مفاهيم تحت مسميات دينية وقومية واحيانا تندمج مع بعضها، تعمم نفسها على المستويين الشعبي والرسمي وتدعي الكمال باضافة مبررات لتجميل الواقع المعاش، دون كشف الحقائق المختفية وراء الركام، عقلية لم تأت من العدم، فهي صورة عن نتائج دورة من التفكر داخل حلقة مغلقة.
ولكن الطامة الكبرى هي الاستسلام لهذا النوع من منظومة الافكار والطروحات، لا بل احيانا تبنيها (لغرض في نفس يعقوب) دون التصدي لهذا وبذل الجهود للتصحيح والاقناع، وبهذا الموقف المخل يعمل على خلق التصدع في الصف الواحد وبالتالي الى تجميد عمل اعضاء مهمة من الجسم الواحد بين الناس. ويتم الدوران حول مبررات لتوزيع المسؤوليات على الاخرين لتبرئة الذات المسؤولة. فالمشكلة هنا في تحديد الجهة التي يوجه اليها الخطاب، بل المشكلة في من هو حامل الخطاب، وكيف يتعامل مع اسس ومفردات الخطاب.. وأطر التعبير عنه، وكثيرا ما تتحول الرغبات الى مسلمات مقيدة للعقل.
ان من ينادي بالتغيير والاصلاح عليه ان يبدأ بنفسه أولاً، والحياة تؤكد ان اصلاح الذات يصطدم بعجز الانسان عن تقييم نفسه ورؤية نواقصه بدون رتوش، وهذه العملية تشدد الصراع النفسي بين حقيقة المكنونات وغروره الذي يضع نفسه في الابراج العالية التي لا تستطيع الخطيئة من النيل منه، وعجزه في الفصل بين عقله وذاته واكتشاف الحقيقة، حقيقة نفسه أي على رؤية حقيقة دواخل ذاته من دون ان تتحكم هذه الذات في عمل العقل، وهذه العملية بحاجة الى الجرأة وتوفرها ليست يسيرة، بل هو فصل عسير عند البعض لانهم لا يطيقون نتائجها وهم في الواقع يعيشونها، ولسوء الحظ هذه الثقة الكاذبة هي الجدار الذي يحول بين العقل وبين التأمل في ذات صاحبه، وامثال هؤلاء لا يفكرون بالمعنى الدقيق للتفكير، أي التأمل في كل أمر والنظر اليه من وجوهه المختلفة وتفكيك اجزائه قبل تكوين الرأي، فلا يصلون الا الى مجرد انطباعات أولية بفعل التأثير بالجو السائد، أو تحت فعل الارهاب الفكري والنفسي الذي يعيشونه ويعيش الاخرون فيه، فلا يصلون الا الى التعميم وخلاصات بدون بذل جهد ذهني يذكر.
وان اكثر ما يخدع العين هي الاشياء التي تحسبها ثوابت ومسلمات، وهي ليست كذلك الا اذا اردتها انت كذلك، فقلة المعرفة تحتم هيمنة التوجهات الارادوية. فالمشكلة اذا ليست في مجرد الانفصال بين مسار عمل العقل وبين مسار الذات، بل في احتلال احدهما المساحة الخاصة بالمسار الاخر، والذي النفس البشرية ارادته ان يكون. مثل الفراشة التي تدور حول شعلة النور، فهي من فرط انشغالها بهالة الضياء، عاجزة عن رؤية الشعلة التي هي مصدر النور، فالهالة دائما هي حجاب يخفي الحقيقة، كذلك نوع الثقافة التي يحملها الانسان هي الحجاب بين عقله وحقيقة ذاته. فالعين تعجز عن رؤية ذاتها بينما ترى كل شيء في الخارج. ولو لم يكن عقل الانسان قادرا على نقد ذاته لما كان قادرا على التطور اصلاً. ولا على خلق هذه الحضارة...!



#كمال_شاكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعرفة تُنمي العقل وتُهذب الذات


المزيد.....




- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...
- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - كمال شاكر - المعرفة تُنمي العقل وتُهذب الذات