أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مادونا عسكر/ لبنان - عبء الظّاهر على حياة الإنسان















المزيد.....

عبء الظّاهر على حياة الإنسان


مادونا عسكر/ لبنان

الحوار المتمدن-العدد: 4269 - 2013 / 11 / 8 - 23:58
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



نلاحظ أنّ حياة الإنسان تمرّ وفي داخله عبء يتحوّل إلى هاجس ويحوّل حياة الكثيرين إلى جحيم. هذا العبء هو المحافظة على الظّاهر والمظاهر الخارجيّة، كي يبقى الإنسان مقبولاً من الآخر، وكي يتجاوب مع المقاييس البشريّة.
وغالباً ما نحكم على ظاهر الأشخاص وفق المقاييس الّتي وضعها المجتمع للجمال، أو للبشاعة، أو لطريقة اللّبس، إلخ. وبالتّالي هذه المقاييس تنعكس ألماً على كثيرين، وتشكّل لهم ثقلاً في حياتهم، وقليلون هم من يعيشون بسلام بمعزل عن هذه المشكلة.
تبدأ هذه الإشكاليّة في العائلة الصّغيرة، حيث نرى بشكل واقعيّ أنّ الأهل بشكل نسبيّ يعيرون الاهتمام إلى الطّفل الّذي يتمتّع بميزات جماليّة أكثر من الّذي لا يتمتّع بهذه الميزات، وإن كان لا بدّ من عاطفة غير مجزّأة في العائلة. حتّى أنّ هذا الفرق يطول الأطفال في المدارس، فالمعلّمين والأساتذة، يبالون أكثر للتّلميذ الّذي ينعم بهذه الميزات.
كما أنّ هذا التّمييز يطول الإنسان لاحقاً، بعد أن ينهي التّحصيل الجامعي، عندما يبدأ بالبحث عن عمل، فيواجه مقاييسَ معيّنة للظّاهر يستند إليها المجتمع. تقوم هذه المقاييس على ما يتناسب مع ما نراه على شاشات التّلفزة وأغلفة المجلّات، وبالتّالي كل إنسان يقترب من هذه المقاييس الجماليّة يعيش مرتاحاً أكثر من الّذي يبتعد ظاهريّاً عن هذه المقاييس. وقد يتعرّض بعض الأشخاص الّذين يعتبرون أنّهم لم يحظوا بهذه الميزات الجماليّة، إلى اضطرابات سلوكيّة، كما أنّهم يعتبرون أنّ المجتمع يرفضهم وأنّ لا قيمة لهم إلّا من خلال ظاهرهم. فيعيشون نوعاً من نقمة، فتتحوّل أهداف حياتهم إلى أهداف غير أساسيّة وغير جوهريّة كي تتناسب صورتهم مع تلك الّتي يريدها المجتمع. وفي حين أنّ المجتمع يتطوّر ويتبدّل، وينتقل من مرحلة إلى مرحلة، نرى أنّه ما زال الكثير من أفراده يعتمدون نفس المقاييس بحيث أنّها أصبحت تشكّل جوهر حياتهم، في الوقت الّذي يجب أن تبقى هذه المقاييس خارجيّة لا أكثر ولا أقلّ.
إنّ المقاييس الّتي يفرضها المجتمع تتبدّل وتتغيّر في قلب العصر الواحد ولا نتوقّف عندها، فالذّوق يختلف من شخص إلى آخر. وكي لا يرزح الإنسان تحت عبء الظّاهر ويحدّد نفسه بمقاييس تتبدّل وتتغيّر وقد تزول، وكي لا يشعر بعقدة نقص، وانتقاص من أهمّيته، سوف نعرض خمسة مقاييس تكوّن جمال الإنسان الدّاخليّ وتجعله يتمتّع بجمال داخليّ يظهر بالتّعاطي مع الخارج.
- المقياس الأوّل: التّفكير
الجمال الأوّل والأساسيّ في الذّات الإنسانيّة هو التّفكير. فالإنسان الّذي يفكّر يتعارض والإنسان الغرائزي الّذي يحيا بشكل عام ردّات فعل مستمرّة، وبالتّالي يحجّم ذاته بهذا السّلوك الانفعاليّ، كما أنّه ينقاد إلى تصرّفات الآخر دون أن يتّخذ قراراً شخصيّاً، فيأتي سلوكه انعكاساً لتأثير الآخرين عليه. بينما الإنسان الّذي يفكّر بعيداً عن ردّات الفعل، هو الّذي يضع مسافة معيّنة بينه وبين ذاته، ويتحكّم بردّات فعله فيأتي سلوكه مسنداً إلى تفكير عميق ومتأنٍّ.
- المقياس الثّاني: الصّدق مع الذّات
كلّ إنسان يتمتّع بصفات إيجابيّة وأخرى سلبيّة، وعليه أن يوظّف إيجابيّاته لينمو ويتطوّر ويحاول تخطّي السلبيّات. لذا عليه أن يتمتّع بالصّدق مع الذّات، فيعرف أخطاءه جيّداً ويعرف إيجابيّاته، فيحاول التّخفيف من الأولى ورفع الثّانية. هذه الميزة تساهم في خلق علاقات مميّزة مع الآخرين. فالصّادق مع ذاته يصدق مع الآخر، وبالتّالي هو إنسان ثابت ومستقرّ.
- المقياس الثالث: التّمسّك بالمبدأ.
الإنسان الّذي يتمسّك بمبدئه يكوّن علاقات سليمة مع الآخرين، فالمبدأ الّذي يعيشه يبني على أساسه كلّ شيء من حوله ويتميّز بالاتّزان والرّصانة والكثير من الاستقرار ولا يتقلّب ويتبدّل مع المتطلّبات الخارجيّة، ولا ينجرّ خلف آراء تناسب مصالحه.
- المقياس الرّابع: عيش القيم.
نادرون هم الأشخاص الّذين ما زالوا يتمسّكون بالقيم، وعندما نتحدّث عن القيم نعني بها كلّ التطلّعات المستقبليّة الّتي يطمح لها الإنسان على أساس هذه القيم. ولا يبيعها لأيّ سبب كان أو لأي هدف شخصيّ.
* القيمة الأولى الواجب التّمسّك بها هي القيمة العائليّة، فبدونها ينتفي استمرار الحياة البشريّة. والمقصود بالعائلة هو القيمة وليس العائلة بشكلها الظّاهريّ، وقليلون هم من يعيشونها اليوم رغم الصّعوبات والمشاكل الحياتيّة. فنرى أنّ أقلّ خلاف يؤدّي إلى انفصال بين الزّوجين وتفكّك للعائلة وبالتّالي خلق مجتمع غير مستقرّ ومضطرب. فالإنسان الّذي يعيش القيم هو الّذي يتمسّك بالقيمة العائليّة مهما كانت الإشكاليّات والصّعوبات الّتي قد تحصل، ويحاول السّيطرة عليها بهدف الاستمراريّة والنّجاح.
* القيمة الثّانية، هي القيمة الوطنيّة. ونرى أشخاصاً يناضلون ويجاهدون ويتعبون في سبيل أوطانهم لتكون أفضل، ويكرّسون حياتهم من أجل نموّها وتطوّرها، مهما واجهوا من صعوبات. بل هم مستعدّون لتقديم أرواحهم قرباناً على مذبح الوطن.
* القيمة الثّالثة، هي القيمة الإنسانيّة وهي أن ينمو الإنسان مع الآخر وليس بعيداً عنه، فيقرّ بواجباته نحوه ويحترمه احترامه لنفسه، فيخلق جوّاً من التّعايش البشريّ. وهذه ميزة جماليّة مهمّة جدّاً، إذ بها ينتفي عبء الظّاهر، فينعم المجتمع بالتّعدّدية والدّيموقراطيّة والمساواة بين الأفراد.
- المقياس الخامس: محبّة الله
محبّة الله ليست شعاراً نحمله أو عبارة نستخدمها إنّما هي واقع حياتيّ، يمنح الإنسان جمالاً لا متناهياً. والأشخاص الّذين يحبّون الله، تراهم قادرون على التّرفّع عن المادّة، ليتعمّقوا في الذّات الإنسانيّة، ويذهبون إلى ما هو أبعد من الظّاهر ليعاينوا الجوهر الإنسانيّ. كما أنّهم قادرون على التّفاعل مع الدّاخل بعيداً عن الظّاهر، فيتعايشون مع أخيهم الإنسان بتواضع ومحبّة.
هؤلاء هم من ينطلقون بتفكيرهم من الأرض إلى السّماء فيمنحون قيمة لكلّ ما يعيشونه على الأرض، وبالتّالي تكون العلاقة معهم مريحة ومحبّبة، فيها الكثير من الأمان والسّلام.
المسؤول الأوّل عن هذه الميزة الجماليّة هم الأهل الّذين عليهم أن يزرعوا في قلوب أطفالهم حبّ الله وليس الخوف منه، فيبنون إنساناً جميلاً قادراً على المحبّة والتّواضع.
أمّا الّذين لم يتعرفوا على حبّ الله فعليهم أن يسعوا إليه ومتى لامسوه امتلكوا جمالاً لا تبدّله سنون ولا تغيّره أيّام وظروف ولا تشوّهه الحياة.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وقفة إنسانيّة مع أهالي الأطفال المغاربة.
- اللّامحتجب
- في جنّة صونيا عامر
- في رحاب الحلّاج (6)
- صلاة الكمال
- قراءات في سفر نشيد الأناشيد (6)
- الدّين، التّديّن، أم الإيمان ؟


المزيد.....




- أول تعليق روسي على إعلان ترامب بيع أسلحة لأوكرانيا
- تحليل لـCNN: لماذا تشعر أوكرانيا بالأمل والإحباط معا تجاه إع ...
- إيران تضع -خطا أحمر- للمشاركة في المحادثات النووية مع أمريكا ...
- الجيش اللبناني يضبط أحد أضخم معامل الكبتاغون على حدوده مع سو ...
- مقتل 48 مدنيا بهجوم لقوات الدعم السريع وسط السودان ونزوح آلا ...
- المحكمة العليا تمنح ترامب الضوء الأخضر لتفكيك وزارة التعليم ...
- هآرتس: تصاعد معدلات الانتحار في صفوف الجنود الإسرائيليين
- البرلمان الجزائري يناقش تعديلات قانون مكافحة تبييض الأموال و ...
- إسبانيا - المغرب: توقيف 9 أشخاص بعد اشتباكات بين متطرفين يمي ...
- المفوضية الأوروبية تقول إنها ستعيد إرسال وفد أوروبي طُلب منه ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مادونا عسكر/ لبنان - عبء الظّاهر على حياة الإنسان