أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رشيد نجيب - -مرآة الغرب المنكسرة - أو أزمات الغرب















المزيد.....

-مرآة الغرب المنكسرة - أو أزمات الغرب


رشيد نجيب

الحوار المتمدن-العدد: 4239 - 2013 / 10 / 8 - 10:52
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


صدرت مؤخرا الطبعة الثانية من كتاب مرآة الغرب المنكسرة للمفكر المغربي الدكتور حسن أوريد عن دار أبي رقراق للطباعة والنشر. وكانت الطبعة الأولى من الكتاب قد نشرت سنة 2010، وهو ما ينم عن حاجة ماسة لمثل هذه الكتابات من أجل فهم الاتجاه الذي يسير فيه العالم اليوم، اعتبارا لكونه يعكس رحلة أركيولوجية بشكل مبسط وبيداغوجي للفكر الغربي عبر مراحل تاريخية تأسيسية وهامة من تطوره، ثم للراهنية الواضحة المميزة لأفكاره التي استشعرت بدون شك إرهاصات الحراك الاجتماعي الحاصل بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ثم للطابع الموسوعي الذي يبصم مضمونه الغني والموزع بين حقول معرفية متنوعة كالتاريخ، الاقتصاد، العلاقات الدولية، علم الاجتماع، المستقبليات...
يحاول هذا الكتاب تقديم قراءة نقدية للمسار الحالي للغرب من جوانب عدة، قراءة تسعى بكل ما هو ممكن أن تكون موضوعية مستندة لوقائع ومعطيات استنادا إلى ما ورد في عدد من التقارير الأممية وكتابات الكثير من مفكري الغرب الذين اختاروا خرق جدار الصمت منبهين إياه إلى أزماته التي ما فتئت تظهر هنا وهناك شاملة هذا المجال أو ذاك كالبقع الزيتية. لكن ما هو بالضبط هذا الغرب؟ منذ الصفحات للكتاب، وفي موقعين على الأقل، يرتبط الكاتب بتعاقد منهجي مع القارئ فيما يعود إلى ماهية هذا الغرب. يقر الكاتب أن "الغرب ليس مفهوما جغرافيا، بل حضاريا" . وحين يصبح هذا الغرب رأسماليا، فإنه " ليس مفهوما حضاريا ولا تاريخيا ولا جغرافيا، الغرب الرأسمالي نظام حياة ومنظومة عمل. وبهذا المنحى، فالغرب الرأسمالي يوجد في كل مكان، حتى في الدول. الفقيرة حيث تعيش نخبها على إيقاع الغرب".
أزمة اقتصادية شكلا بنيوية جوهرا
لطالما اعتقد الكثيرون أن عصر الإيديولوجيات قد ولى إلى غير رجعة حين سقوط جدار برلين وانهيار المنظومة الشيوعية، وأن الأوان قد حان ليتفرغ الإنسان لفعل الأشياء الجميلة والقطع مع عهود غابرة شهدت حروبا ونزاعات خلفت إحصائيات من الضحايا في تاريخ البشرية. بيد أن الكثير من الوقائع أثبتت أن هناك إيديولوجية جديدة نشأت إن لم تكن قد ضربت بجذورها، إنها إيديولوجية السوق. هذه الأخيرة تحمل كذلك تسميات أخرى منها: السوق الجديدة، الليبرالية الجديدة، الرأسمالية المالية، العولمة...حتى وإن تعددت التسميات، فالمنطلقات والنتائج واحدة.
لم يحقق نظام السوق هذا آمال وانتظارات الجميع كما بشر بذلك عرابوه منذ البدء. لقد ترتبت عن هذا النظام مساوئ لا تخفى عن المتتبع البسيط فأحرى عن الباحث الحصيف. من منجزاته أنه رسخ سياسة الخوصصة التي ارتبطت بتسريحات واسعة لليد العاملة، أحدث موقع قدم لكبريات الشركات العالمية للتحكم والتي أصبح هاجسها وشغلها الشاغل الربح السريع، ألغى تدريجيا دور الدول وجعلها تنصاع لإملاءات المؤسسات الدولية المانحة التي تعتبر وصفاتها بمثابة وحي منزل لا يأتيها الباطل من بين يديها ومن خلفها.
وللتدليل على محدودية نجاح نظام العولمة، يتوقف الكاتب بكثير من التحليل عند الاحتجاجات التي شهدتها دول شرق آسيا إبان التسعينيات والتي تفاوتت نتائجها من دولة إلى أخرى بما رافق ذلك من إجهاز واضح على جملة من الحقوق الأساسية للمواطنين البسطاء ( الحقوق المرتبطة بالسكن والغذاء والتربية والتعليم). الأدهى أن ذات النظام عمل على ترسيخ أشكال جديدة من الاستغلال والاستعمار الجديد تتضح بجلاء في طريقة التعامل مع الملكية الفكرية. وقبل أن تستفيق دول المعمور على حدث الأزمة المالية العالمية سنة 2008، رسخ نظام السوق الفوارق بين الطبقات واستنزف ثروات الطبيعة وسبب في مشكلات بيئية وقضى على قيم التضامن والتعاون وأصبح يصول ويجول بلا ضابط وبلا جهاز تحكم. المثير أن النتائج السلبية لهذا النظام والتي طفت على سطح الأحداث بسرعة قياسية لم تثر شيئا في نفوس العرابين المنظرين لها، لا بل إنها في نظر هؤلاء مجرد حوادث سير عابرة ! وأن "الانسياب" سيشمل حتما بأفضاله جميع الشرائح الاجتماعية لاحقا بفعل تداعيات اقتصاد دينامي ! غير أن "الانسياب" المأمول لم يتحقق، الوقائع التي شهدتها العديد من الدول منذ بدء ما بات يصطلح عليه "بالأزمة المالية العالمية" تؤكد بالملموس أن المساوئ المشار إليها آنفا أصبحت واقعا يوميا مزمنا بدل أن تكون مجرد حادث عابر. هذا الواقع هو الذي يجعل التحليل يتجه للقول إن الأزمة المالية العالمية ما هي إلا " تجل لأزمة أعمق تعتور العالم الغربي". إن الأزمة بنيوية تشمل أكثر من مجال.
ديانة جديدة اسمها المال
فرض نظام السوق الجديد نفسه إذن بلا كابح، فلا شيء يمكن أن يقف أمامه. لا الكيانات ولا الدولة ولا الديمقراطية بمقدورها ذلك. لقد أصبح الكل في خدمته بعد أن تمت عملية تبضيع كل شيء وتحويله إلى سلع تباع وتشترى بما في ذلك حتى بعض القيم.
رسخ هذا النظام ديانة جديدة هي "عبادة المال" لها أصوليتها (الجري المحموم وراء المال)، صلاتها (المنجزات الرقمية الضخمة)، كهنوتها (الخبراء الماليون والاقتصاديون)، حواريوها (إعلاميون لامعون) ولها كذلك المؤلفة قلوبهم (اشتراكيون سابقون). وأصبحت بذلك السلطة السياسية تسبح بحمد وملكوت هذه العقيدة الجديدة عقيدة الرأسمال.
ولم تسلم حتى بعض القطاعات المعروفة بطهرانيتها من تأثير العقيدة الجديدة، منها العمل الإنساني الذي تحول إلى مجرد إخراج تلفزيوني باهر ومتقن لا صلة بينه وبين ما يجري في الواقع، الثقافة والإبداع تحولا من تفاعل جدلي بين الحياة إلى الفكر إلى مجرد تنشيط وملهاة بعناوين من قبيل: كليبات، روايات مسلية، مهرجانات وحفلات صاخبة بلا معنى...ولكل جمهوره ومريدوه !
من جهته، خضع العلم للرأسمال وبدأ هذا الأخير يتحكم فيه ويوجهه الوجهة التي يريد، فنتجت عن ذلك "علموية" حولت الإنسان إلى مجرد شيء أو حيوان قابل لإجراء كل التجارب حتى تلك التي تتنافى وإنسانيته. بنفس القدر الذي خضع فيه الطب متحولا من ممارسة إنسانية للتخفيف من معاناة المرضى إلى عملية ميكانيكية لا تستحضر من المريض سوى رقم سريره ورقم تغطيته الصحية أولا وأخيرا.
واكبت الليبرالية الجديدة عملية تحرر جنسية (الزيغ الجنسي بتعبير الكتاب)، في غمار هذه الفوضى ولأن "الغاية تبرر الوسيلة" بكل ميكيافيليتها، لم يترك النظام الجديد الفرصة تمر لتحقيق المزيد من الأرباح. فقد أصبح الجنس بيزنيسا وسلعة تضاهي باقي السلع، لا بل أصبح صناعة لها كل مقوماتها. في هذا الخضم، بدأ الانقراض يهدد خلية الأسرة بموازاة ظهور خدمات جنسية تجاوزت كل ما كان معروفا قديما.
أصبح إذن كل شيء قابلا للبيع والشراء والتفاوض بشكل أظهر الرأسمالية "فاقدة لرشدها"، والغاية المزيد المزيد من الأرباح. ولبلوغ هذه الغاية، لا يتوانى نظام السوق في توظيف أية وسيلة سواء بدت مشروعة أم لا. وتعد الصورة أهم وسيلة تم توظيفها. رافق ذلك سيل عارم من المعلومات المتدفقة التي لا تم تعد تسمح بإعمال الفكر النقدي وطرح السؤال واتخاذ الموقف. صور ومعلومات تم تكييفها وانتقاؤها بكل دقة وعناية لتحقيق الأهداف الربحية، وعادة ما تمرر عبر وسائل الإعلام التي تعرضت – يحلل الكاتب – لاختراقين: اختراق الإعلان لخطها التحريري، ثم اختراق دوائر حكومية لها. وبدا التلفزيون قوة وسلطة يحسب لها ألف حساب بمثابة " ساحة عامة للشأن العام"، كما أضحت العملية الديمقراطية أسيرة للرأسمال وأصبح الأثرياء يغزون المؤسسات السياسية لمزيد من التحكم والإخضاع. بالمقابل، أصبح التقنوقراطي راعي الحداثة هو صاحب الحل والعقد، هو رجل المرحلة الرافض للواقع وبمقدوره تقديم الأجوبة لكل المشكلات المستعصية عن طريق إسكاب الواقع في قوالب جاهزة محضرة قبلا بتوصية من المؤسسات الدولية. لكن حين يفشل فإنه "ينحي باللائمة على الواقع وعلى من يعبر عن الواقع".
ما الحل؟
لا يقدم الكتاب وصفة تقنية جاهزة للتطبيق لتجاوز الأزمة العميقة التي يجتازها الغرب اليوم وعبره العالم ككل. لكن ومن أجل نقل المرآة الحالية من منكسرة إلى صافية، فإنه يدعو إلى إعادة تنظيم العلاقة بين الغرب والإسلام بعيدا عن جعل الثاني مشجبا لتعليق أدواء الأول. الغرب الذي يعاني من فراغ ديني وروحي جلي سيفيده الإسلام للحفاظ على إنسية الإنسان وتحصينه من شطحات المادة. الحل لن يكون سوى مسارا يندرج ضمن تاريخانية المجتمعات. بناء الإنسان هو أيضا ضرورة حتمية عبر المنظومة التربوية التي يتوجب أن تنبني على مرتكزات ثلاثة: الأخلاق، الهوية، المهارات.
رشيد نجيب / كاتب من المغرب



#رشيد_نجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بورتريه صحافية: من جاكلين دافيد إلى زكية داوود
- طارق المعروفي يصدر كتابا توثيقيا عن أوسمان
- الديوان الشعري: -ءايلال ن ئيمان- مقاربة مضمونية ومحاولة تحلي ...
- برنامج -أمكاواس ن تمازيغت- يحل بجزر كناريا
- العمل البيبلوغرافي أداة أساسية لرصد تطور الأدب الأمازيغي
- ملامح تجربة في النضال الأمازيغي من خلال -النهضة الأمازيغية ك ...
- رواية جديدة بالأمازيغية: يان ؤسكاس ك تزكي
- المجال والإنسان في -يوميات مصطاف- لحسن أوريد
- تخليد اليوم العالمي للغة الأم بكلميم
- توقيع مذكرات المناضل الأمازيغي إبراهيم أخياط
- من رموز النضال الأمازيغي: المفكر مولود معمري
- مجلة -زمان-، مبادرة رائدة لاستكشاف التاريخ المغربي
- فعاليات الملتقى الثالث لرابطة تيرا للكتاب بالأمازيغية
- تيمة الهجرة في الرواية الأمازيغية: - ئكضاض ن وهران-
- صدور الأضمومة الشعرية الأمازيغية تاندرا ن واكال / أنين الأرض
- -أمارك ن ؤسايس- يؤسس لمقاربات أنتروبولوجية للفنون الأمازيغية
- مشروع دعم تدبير المؤسسات التعليمية بالمغرب
- نحو قانون تنظيمي منصف للأمازيغية: مقترحات أولية


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رشيد نجيب - -مرآة الغرب المنكسرة - أو أزمات الغرب