أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فؤاده العراقيه - ليبقى الوضع على ما هو عليه ( والمعين هو الله )















المزيد.....

ليبقى الوضع على ما هو عليه ( والمعين هو الله )


فؤاده العراقيه

الحوار المتمدن-العدد: 4233 - 2013 / 10 / 2 - 20:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


استيقظتُ في الساعة الرابعة فجرا لأجد المدينة غارقة بظلامها بسبب انقطاع التيار الكهربائي كالعادة , يرافق ظلامها أصواتٍ من كل حدبِ وصوب , تتعالى وتتعالى لتجعل الناس يعيشون بغفوتهم التي صارت أشبه بالغيبوبة الطويلة ,متلحفين بظلام هذه المدينة الذي ابتلع عقول الناس جميعهم وجعلهم في سباتٍ مميت .
ألنوم لا زال في عيني وأنا أتلمس طريقي , ولا زال الكابوس مستمر دون أن ينقطع وينفك من أن يتكرر كل يوم , أو أن شعوري كان كمن يشاهد ويستمع لفلم من أفلام هتشكوك , حيث السواد الذي التفت به المدينة, وسكون الحياة سوى من صراخ لأصوات تذكّر الناس بموتهم وأنهم فانيووووون ولا محالة من الفناء , فلن تكتفي تلك الأصوات بسكونهم ورتابة الحياة من حولهم , ولكنها تذّكر الناس دوما بنهايتهم , مجددين بث الخوف والرعب في تلك النفوس , وبعذاب القبور يهددون , لأجل أن يقتلوا الإحساس المتبقي ببهجة الحياة , ويصيروهم بحالة من تمني الموت كل يوم , لينتهوا من مخاوفهم وعذابات السنين , وهم بلا ذنب يذكر .
ينتهي هذا الصوت ليبدأ ذاك واثنان وأكثر منهم ... دون استطاعتي من تحديد عددهم , شعوري امتزج ما بين الاكتئاب وما بين الخوف على مستقبل هذه المدينة الغارقة بغفوتها , وبأن الفجر صار بعيد المنال بعد أن طالت غفوتها.
استغرق الآذان أكثر من نصف ساعة من دعاء وملحقاته , والناس نياااااام ... بل هي لم تكن نصف ساعة ولكنها امتدت لقرون , منذ أذّن بلال بن رباح الحبشي ونحن لا نزال نقلدّ ذلك الأذان لنغرق أنفسنا بتلك الدوامة وكأننا أموات .
لم افهم أي منطق يجعل تلك الأصوات ترتفع وترتفع , ولا ادري لمن يؤذن هؤلاء بعد أن انغلقت الآذان وتبلّدت العقول من القديم وكثرة تكراره , بالوقت الذي انتشرت فيه الكتب وصارت بالملايين , وإبداع العالم في تطور لا يلين .
تذكرت ابنتي عندما كانت تبلغ من السنوات قليلها وكيف كان عقل الطفولة لديها يرتعب من صوت المؤذن وهو يصرخ ليلاً بكلمات لا يستسيغها العقل قبل أن تتم برمجته , تستيقظ فزِعة وتستفهم : من هذا الوحش وماذا يريد ؟ متصورة بأنه وحشٍ كاسرٍ بفكٍ مفترس جاء ليُرعبها ويقتل بداخلها الأمان وسكينة النوم, ليأخذها بعيدا حيث العصور القديمة قبل حتى أن يكتشفوا الكهرباء , فأول ما تبادر إلى عقل الطفل لديها بان هذا الصوت لوحش يريد الانقضاض عليها , مشاعرها صادقة وبريئة قبل أن يشوّهها المحيط , ومشاعري كانت حزينة .

ارتفعت أصوات المؤذنين من هنا وهناك فازداد شعوري بالاختناق , ازداد وسط أمة تحتضر وهي بالحياة .
صوت يصرخ بكل قوته اللهم أسألك الهدى...
وآخر بُجيب اللهم أتوب أليك وأسألك المغفرة ..
ويكرر: اللهم أتوب أليك أنا العبد الذليل ...
المسكين ...
الحقير ....
الضعيف ....
هو يسأل المغفرة , فالذنوب كثيرة ولا تنتهي , ولكنه لا يسأل عن سبب ارتكابه لها , ولا يسأل عن سبب ذلّه وحقارته وضعفه .
فلو انه تاب إلى الله , فما سبب صراخه وتكراره وتأكيده بأنه تاب وندم , وهل تحتاج توبته لهذا الصراخ ؟
ثم يرجع بعد توبته للحقد الدفين الذي استقر في نفسه التائبة الذليلة الحقيرة كما يصفها بلسانه, ويدعوا الله بقوله : اللهم احرق أعدائنا وأشويهم في نار جحيمك الأبدي , الموقدة ابد الآبدين , فأنت القوي المقتدر ..... وهكذا لعشرين أو أكثر منها
هكذا تتعالى أصواتهم لأجل أن يسمعها الله ويلتفت لهم ؟
فهل يصرخون لأجل أن يسمعهم الله فعلاً ؟ أم أنهم يصرخون ليصدقوا ويقنعوا أنفسهم ؟
وأن وصلت أصواتهم لله فهل سيلتفت لهم ؟ وهل سيرى هذه المدينة التي غرقت بالدماء وتلحفت بالظلام ؟
صمتوا عن السؤال والتفكير , واكتفوا بالصراخ والعويل , دون أن يسأل احدهم عن السبب الذي لم يلتفت فيه الله لهم, بعد أن بدأ الأخ ينهش بلحم أخيه , وبعد أن هربت الغالبية لتلك البلدان التي يتمنون لها الهلاك .
سألتُ نفسي عن السبب في إننا نزداد تشوهاً وعهراً وفساداً كلما مرت السنون , وكلما زاد أعداد المؤذنون وارتفعت أصواتهم أكثر .
سألت نفسي عن الذنب الذي اقترفه هؤلاء السائلون , ليرتعبوا هكذا ويسألون الله ويلحّون بالمغفرة لهم دون أن يكلّوا ولا يملّوا , يكررون السؤال برعبٍ حقيقي يكمن ويستقر في داخلهم ؟
وكان جوابي : انه ذلك المارد الذي قتل العقول , مارد التخلف الجبار الذي زرعته السلطات في نفوس الشعوب منذ قرون , بعد أن استندت على القوة الإلهية بالتربية والتعليم لقمع تلك العقول , وهؤلاء بدورهم مارسوا قمع عقولهم بأنفسهم , وبأنفسهم قتلوا الحياة في محاولة لإراحة تلك النفوس , ولا تزال تتفنن بها تلك السلطات , والشعوب معاً دون أن تدري , بعد أن رسخت في عقولهم وأجسادهم تلك التربية وذلك التعليم منذ قرون , تلك الأفكار التي أرادوا بها الراحة , ولكن هيهات منها , بعد أن صارت هذه الشعوب تكره حياتها , والحياة الحرة لا تبالي لها , مكبوتة مزيفة المشاعر والكذب لها صار عنوان , والطاعة العمياء صارت شعارا لهم , وطاعة الأبناء لهم مفروض عليهم , ومن لا يطيع يحترق بالنار .
فمن أين سيأتي الإبداع وكيف سيتلاءم مع الطاعة العمياء , والشعور بأن هناك من يتربص ويراقب جميع التحركات ؟
ولما لا يسألوا عن حياتنا التي صارت مظلمة , والنور الذي انطفأ عليها منذ عهود ؟
التشبث بالقديم والسكون عليه ومن حولنا في تغيير , جعل تلك الغفوة تطول وتطول .
فمن قال بأن الأخلاق الحميدة تأتي من تكرار وتلاوة القرآن طوال النهار , والصلاة بأوقاتها والصيام لشهر رمضان ؟ ومن قال بأن المكوث على القديم والخوف من التغيير هو سبيل الخلاص , وبدون هذا التكرار يتربص لنا العقاب فلابد من أتمام هذا الواجب ؟, ومن ثم نتباهي بأننا خير أمة , فصار هذا هو مفهومنا للدين الذي نتباهى بأننا نعمل به .
فهل نحن نحب الله الذي نتشدق باسمه ونعلّق آمالنا عليه ؟ وهل يستدعي الأيمان الحقيقي هذا الصراخ ؟
الله يمثّل لنا الحب والعدل والخير والصدق ..., فمن منا أحب الحب لذاته والعدل والخير من دون أن يحقق له المصلحة ؟
شعوبنا تخاف دوما من الحقيقة , وحقيقتها هي الابتعاد عن الحقيقة , والخوف من ذكرها وجها لوجه, رغبة منهم في أخفاء وجوههم وغرسها في الوحل , ورغبة في أن يخبئوا مصائبهم وسط سكونهم المزيف , في محاولة بقضائهم على الكذب ,, بصراخهم وكذبهم وبقولهم أنهم صادقين , مجاراة منهم ورغبة في أن يبقى الوضع على ما هو عليه .

أبداعنا بوعينا وقوتنا بأملنا... بهم نهزم التخلف وننصر الإنسانية



#فؤاده_العراقيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بين السوط وتعليقه ولعنة الملائكة الأبدية لا زال قهر النسا ...
- أنا عار .. والعار يجب ان يُغسل (صرخة مكتومة)
- شرف الحرية
- دعارة الجسد هي نتاج لدعارة الفكر
- الحمد لله الذي عافاني فيما ابتلى به غيري
- خوفاً من النار أم تجنباً منها ؟-- طمعاً في الجنة أم طموحاً ل ...
- صوت المرأة في انتخابات العراق عورة , تحت وصاية الرجل وحكم -- ...
- نحن لا نحب الله
- سرقة من تحت الحجاب
- قتلها بهيمنته وقتلته بسكينها ... فهل هي القاتلة ام هي المقتو ...
- حواء من ضلع آدم أم آدم من رحم حواء / اسباب دونية المرأة
- أفكار في قضية المرأة ( من هو المسؤول عن تردّي أوضاع النساء )
- الدين والشريعة لا تهذب الأنسان ولا تعلمه الأخلاق
- متى ستحتفل المرأة العربية بعيدها
- أفكار في قضية المرأة --- علاقة الأضطهاد والقمع بأبداع المرأة ...
- كم نحن بحاجة لغسل عار العقول
- لا يخلو رجل بامرأة الا وكان الشيطان ثالثهما
- ردا على مقال الزميل نعيم ايليا ( في رحاب المطلق )
- تأملات طفلة في مجتمع عربي
- تنهدات امرأة (6)


المزيد.....




- مختار نوح يتحدث عن سبب اختفاء التيارات الإسلامية عن الحرب في ...
- كبار الاقتصاديين في إسرائيل يحذرون من خطر اليهود المتشددين ع ...
- كان بايدن رئيسي فاستقلت لأنني كيهودية أرفض تواطؤه في إبادة غ ...
- خطوات تنزيل تردد قناة طيور الجنة 2024 الجديدة على نايل وعرب ...
- بابا الفاتيكان يعتذر عن كلمة -مسيئة- في حق المثليين
- بعد كلمة -مهينة للمثليين-.. الفاتيكان يعتذر عن تعليق البابا ...
- بيت لحم.. مهد المسيح وقلب فلسطين السياحي
- بعد كلمة -مهينة للمثليين-.. الفاتيكان يعتذر عن تعليقات الباب ...
- في حدث استثنائي.. بابا الفاتيكان يعتذر للمثليين
- زوجتا ماكرون وشتاينماير تضحكان أمام النصب التذكاري لضحايا مح ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فؤاده العراقيه - ليبقى الوضع على ما هو عليه ( والمعين هو الله )