أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - مجيب العمري - نبي الفصام.. شيزوفرينيا الثورة














المزيد.....

نبي الفصام.. شيزوفرينيا الثورة


مجيب العمري

الحوار المتمدن-العدد: 4232 - 2013 / 10 / 1 - 08:40
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


زقاق من ازقة مدينة مهملة في اقصى وسط دولة صغيرة، مدينة كتب لها ان تعيش مكلومة عبر الدهور من من سقوط كاهنتهم الى مرور عرب نجد و الحجاز ، مرورا ببن غذاهم فثورة فلاحيها و تقهقر رومل على اراضيها، مكلومة بسقوط ضحايا الخبزة و شهداء انتفاضة خلناها مظفرة اقفلت علينا بائسة خائبة، زقاق مهمل بجانب بناء فرنسي قديم سكبت على جداره زبالة التواريخ المزيفة و الانتصارات المسروقة و المقاومة المخنوقة، كتب عليه الجبناء لا يصنعون التاريخ ..
من بعيد، ياتي صوت حذاء يجر خطواته الصوت ياتي خافتا من بعيد، انه يعلوا باقترابه, ينبئ بقادم وحيد في مساء المدينة القارص، الامر طبيعي لا اضواء في المدينة منذ القدم فقد تعودت ان تغرق في الظلام منذ المغيب، الجميع تخلى عنها حتى الشمس تخلت عنها.
قدم وحيدا يجر الخطى، لحية شعثاء، و شعر اسود كئيب، لم يغتسل منذ اخر حمام دم اقامه الدكتاتور على نخب اصوات رفضهم و ايقاع حجاراتهم، حذاءه المثقوب لم يمنعه من ان يواصل الخطى ليصل امام نفس ذلك المنزل الفرنسي القديم، قبالة جدار القمامة.
يمشي وحيدا في الشارع و ليس وحيدا. المخيلة توحي اليه باحدهم، انه يتبعه، انهم يبحثون عنه، رجال النظام يبحثون عنه، مخابرات العالم و المريخيين تبحث عنه. مخيلته ستودي به بالجنون، اصوات داخله تحادثه.. ا نها تتداخل و تسخر منه..

صوت 1: احمق هل ظننت انك ستسقط نظامنا بمجرد صياحك و حجارتك ؟ غبي واهم، انت تستحق القصف بطائرات الاباتشي، و تتعالى القهقهات..
تتصاعد دقات قلبه تنحبسانفاسه و يمسك راسه جاثيا امام الحائط وصدى القهقهات يتصاعد ..
صوت 2: امر الرب، امر الاله، انت المبعوث و ظله على الارض، قدم نفسك قربانا للسماء، قدمها.. تقدم .. تحصن بقمم الصخور و تابط بندقية.. انظر الى نفسك تنبعث من ضلوعك الحور العين انظر الى شعاع السماء.

يرفع راسه للسماء صارخا، صرخة مدوية مزقت صمت المدينة المقدسة، حملت من الالام رديف ما حملت القلوب ايام الرصاص و غازات السموم المسيلة للدموع..
هذه الاصوات حوله تقتله تقاتله و تناحره، تتنافس للسيطرة عليه. اين افكاره ؟ اين اماله.
يمسك راسه بين يديه و يستجمع قواه، لا احاسيس يملكها و لا مشاعر يردفها، يريد ان ينتج كلمات قجسم، جازير من اين ياتي بهذه الكلمات ؟ كلمات بدت و لوهلة معقولة اخذ يكررها و لكن عقله الباطن يرفضها.
يشتد الالم و تشتد الحيرة.. فيتقدم نحو الجدار متحاملا في الم، يرغب في الجلوس.. تفرس مليا فيه و اعاد القراءة الجبناء لا يصنعون التاريخ
هل يوجد خير من العباقرة الذين يحولون هزائمهم انتصارات ، و خيبات ثوراتهم مقاصل تذبح اعداء الانسان، عباقرة خبروا صنع الماساة الساخرة هروبا من قدر بائس ؟ ليته لم يخرج و يل يصب و لم يجرح و لم يشهد مقتل رفيقه، ليته جلس في ركنه يومها و لم يغادر حتى يشهد خيبات نفسه، انه لو كان الاها لما استطاع ان يغير من امره شيئا و لرمى من عتيه و كبريائه من اعالي الصخور.
ما الذي يمكن اي يحققه و خيباته توالت, سقطت الاخلاق امامه و اهينت الايطيقا و وئدت الكرامة تحت قدميه.
بامكانه ان يضحي عبقريا يغير انتصاراته هزائم..
صوت آخر قادم من اعماق اعماقه يقطع قطار افكاره بغتة !
صوت 3 : غادر هذا العالم القذر.
كان ذكيا و عالما بالتشريح، تناول مديته و اجهز على شريانيه السباتيين، لم يترك لنفسه سوى ثوان، ليتهاوى امام العبارة : الجبناء لا يصنعون التاريخ .
صنعت منه الخيبة سكيزوفرينا او شيزوفرينا، الجميع يعلم عن السكيزوفرينيا و لكن لا احد تقريبا يستعملها في محلها، السكيزوفرينيا او الفصام يستعملها الجميع للتعبير عن تعدد الشخصيات و ماهو حقا بتعدد الشخصيات، انه صراع اليم ضد نفسه .. هذا النبي المجهول الذي سقط على الجدار علم الجميع معنى الشيزوفرينيا البائسة، هلاوس و اصوات يسمعها تنبع منه .. تامره و تحاصره ، انها مرايا شخصيته تحطمت على صخرة الانتهاية و النفاق، انها الابتعاد و الانطواء و اهمال الذات .
ليلتحق نبي الفصام برفاقه من الانبياء.



#مجيب_العمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فوضى ما بعد الثورة : الاطباء الداخليون في المستشفيات التونسي ...
- ربيع الثورة ام كرب ما بعد الثورات .. مقاربة نفسية


المزيد.....




- إبعاد متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين من حفل تخرج جامعة ميشيغان ...
- لقاء مع عدد من الناشطات والناشطين العماليين في العراق بمناسب ...
- صادق خان يفوز بولاية ثالثة لرئاسة بلدية لندن.. ويعزز انتصار ...
- الختان، قضية نسوية!
- جرائم الشرف، كوسيلة للإدامة بالأنظمة الإسلامية القومية في ال ...
- الرئيس السوري يؤكد أهمية المحاسبة داخل حزب البعث العربي الاش ...
- التصور المادي للإبداع في الادب والفن
- حوار مع العاملة زينب كامل
- شاهد كيف رد السيناتور بيرني ساندرز على انتقاد نتنياهو لمظاهر ...
- وثائق: تأييد عبد الناصر لفلسطينيي غزة أزعج بريطانيا أكثر من ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - مجيب العمري - نبي الفصام.. شيزوفرينيا الثورة