أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مجيب العمري - فوضى ما بعد الثورة : الاطباء الداخليون في المستشفيات التونسية .. من معالجين الى مرضى















المزيد.....

فوضى ما بعد الثورة : الاطباء الداخليون في المستشفيات التونسية .. من معالجين الى مرضى


مجيب العمري

الحوار المتمدن-العدد: 4215 - 2013 / 9 / 14 - 02:56
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


اسكلوبيوس، ربما يبدو هذا الاسم غريبا على البعض، لكنني الاكيد ان الجميع يعلم عن تلك الافعى او ذلك الثعبان المقدس على شارات الاطباء اينما ذهبوا.
اسكلوبيوس هو سليل الالهة و اله الطب عند الاغريق مانح الحياة، اسكلوبيوس اشترط على الاطباء ان يكونوا من الاسرة المقدسة في اليونان. نعم الاسرة المقدسة. كل الاطباء احفاد اسكلوبيوس هم من الاسرة المقدسة عائلة ابولو و زيوس على مر التاريخ.
في 2013 و خلال نفس هذا التاريخ يحدث في تونس اعتداأت بالجملة و التفصيل على افراد عائلة اسكلوبيوس نعم اعني بذلك ظاهرة الاعتداء على الاطباء عموما و المستجدين من اطباء داخليين و مقيمين خصوصا.

من هو الطبيب الداخلي
الطبيب الداخلي او ما يسمى بال médecin interne هو ذلك الطبيب الشاب الذي انهى تكوينا مرهقا و ماراطونيا لمدة خمس سنوات في كلية الطب تناول فيها جميع اختصاصات الطب و العلوم الطبية الاساسية مع جزء من المؤهلات الاكلينيكية، ليدخل سنته السادسة الى المستشفيات و يحمل مسؤولية الوقوف على اقسام حيوية مثل قسم الاستعجالي، و الظاهر في هذا الامر ان الطبيب الداخلي ينقص الكثير من الخبرة لكي يضطلع بهذه المهمة وحيدا في مواجهة عشرات المرضى و هو ما يجعله في كثير من الاحيان في حاجة الى المساندة من اطباء آخرين مقيمين و مساعدين استشفائيين و غيرهم قد لا يكونون متوفرين مما يضعه في وضعيات صعبة مثل استقبال كميات مهولة من المرضى قد تصل الى مائة حالة في ليلة مناوبة واحدة او حدوث اخطاء فادحة يمكن ان تكون قاتلة يروح ضحيتها مريض نتيجة نقص الخبرة، و التاطير و المعدات. مما يجعله فريسة للاعتداء عليه من قبل المرضى او اهاليهم و هي ظاهرة جديدة قديمة تتفاقم في اعداد مثيرة للقلق .

متى و كيف ؟
لنتفق اولا ان تحليل ظاهرة مثل ظاهرة الاعتداء على الاطباء الداخليين خصوصا لا يتم بمعزل عن الظرفية الاجتماعية و التاريخية و الحراك السياسي بتونس، و خاصة بعد الثورة التي كانت لها تداعياتها على السلوكيات العامة حسب علماء النفس و الاجتماع .
يقول شكري زيّان الكاتب العام للنّقابة الأساسية للأطباء الداخليين والمقيمين التابعة للاتّحاد العام التونسي للشغل أن عدد الأطباء الذين تعرّضوا للاعتداء الجسدي أثناء أداء مهامهم بمختلف المؤسّسات الصحيّة في تونس بلغ خلال الفترة الممتدة من مارس 2011 إلى غاية شهر ماي 2012،أي ما بعد الثورة مباشرةء 822 طبيبا ( باختلاف رتبهم )
يمكن ان نلحظ ان هذا الرقم مهول و لكنه رغم ذلك مرشح للارتفاع علما انه قد ارتفع فعلا بطريقة كاريكاتورية منذ ما بعد الثورة، خاصة ان التونسي يعيش بعد احداث جانفي 2011 و ما تلاه من نكسات متتالية حالة من كرب ما بعد الثورة او ما يسمى في علم النفس كرب ما بعد الصدمة الذي انتج مجموعة افرازات سلوكية على السلم المجتمعي و ظواهر عديدة منها العنف ضد الموظفين خاصة مع تهاو مطرد لهيبة القانون و انقضاء عهد دكتاتورية قمعية تنشيء بالضرورة في نفوسنا دكتاتوريات اخرى صغيرة. نتيجتها كآبة جماعية و اعتداء بالعنف بالجملة و التفصيل.
في نفس السياق و من جهة اخرى فان الحديث عن حالات الاعتداء على الاطباء بشكل الخصوص يستوجب الحديث عن خصوصيات المهنة الطبية.
فمن منا لم يزر طبيبا او مستشفى ؟ و من منا لم يلحظ وجوب التقارب الجسدي و الاحتكاك المباشر مع الطبيب و اهمية العلاقة المباشرة بين الطبيب و مريضه خاصة و ان الفحص الاكلينيكي يستوجب مدى كبيرا من الثقة المتبادلة. نفس هذا الطبيب الداخلي يقابل العشرات من المرضى يوميا من مختلفي المزاج و البيئات و المستويات و الاصول. و هو مدعو الى التعامل معهم بنفس الطريقة و بناء نفس مستوى الثقة و التفاهم في مستشفيات تفتقر الى الكثير من المعدات و الموارد البشرية و ظروف عمل صعبة بل و مستحيلة تاتي معها اعداد مهولة من المرضى تفوق طاقات الاستيعاب . مع كل هذه العوامل المتداخلة من نقص في الموارد المادية و البشرية اشدد على اصل من اصول الخلل التي يمكن ان تؤدي الى انتاج عملية العنف و هو الفشل الذريع للطبيب الداخلي في ايجاد مناخ للحوار و الوصول الى اعماق المريض و هذا موضوع اسبابه متباينة فقد يكون شخصيا باختلاف التعامل من طبيب الى اخر و السبب يمكن ان يكون بيداغوجيا بالاساس قد يعود الى خلل في التعامل مع فلسفة التعامل مع المرضى و العلاقة بين الطبيب و المريض التي تدرس في مدراج كليات الطب.
و في سياق مطرد فان المطلع على ميدان الصحة العمومية بامكانه ان يلاحظ ان اغلب حالات الاعتداء تتم في اقسام الاستعجالي و هو ما يجلب الى الاذهان ظروف التوتر و الضغط النفسي لدى المواطن و التي تجعله في غير حالته النفسية الاعتيادية التي تمكنه من الحكم على الامور فيريد الدخول قبل غيره او الحصول على تحاليل وقتية او يرفض دواء بعينه و النتيجة انفلات بالاعصاب يتحول معها مكتب العيادة الى حلبة صراع ينال فيها الطبيب الداخلي ما طاب له من اللكمات و الاهانات ان حالفه الحظ
في خضم هذا كله ان الاكيد ان لا شيء يمنح احدهم الحق في الاعتداء اللفظي او المادي على موظف اثناء ادائه لوظيفته بتعلة الحالة النفسية او اية تعلة خاصة اثناء المهنة الطبية التي قضى صاحبها سنوات في التحصيل و العممل و السهر ليل نهار و ربما في الغربة متحملا زمهرير البرد و حر الصيف لان هذا الموظف ايضا صاحب حاجات فيزيولوجية و نفسية مثل اي انسان عادي يسام و يتعب و يصاب بالقرف.
و من هنا يمكننا الخروج بان العوامل الاساسية الكامنة وراء بعبع العنف في مستشفيات تونس يعود اساسا الى سببين جوهريين اثنين. اولا تدهور الوعي الاجتماعي و الوعي بمفهوم المواطنة مع مؤثرات خصوصية في هذه الفترة الحرجة من تاريخ تونس و كرب ما بعد الثورة و ثانيا سوء ظروف العمل و نقص عمليات التاطير.

شهادات
يقول الطبيب الداخلي م.ص.ك على صفحة Faculté memesienne de Sousse على الفيسبوك يوم 17 اوت 2013 انه قد تعرض للصفع من طرف ولي مريضة اثناء ادائه لوظيفته و ذلك تحت انظار اعوان الحراسة في قسم الاستعجالي باحد مستشفيات سوسة. هذا الطبيب الشاب ابدى تخوفه حينها من تواصل الظاهرة و تفشيها في ظل غياب واضح لوزارة الصحة و ضعف المنظومة الامنية، بعد م.ص.ك باقل من اسبوعين، تتعرض الطبيبة الداخلية م. ق في مستشفى ف.ح بسوسة الى الاعتداء بالعنف من طرف مريضة و زوجها و المريضة تقول هي تشدّ بشعرها : " الطّبليّة البيضة اللِّي لابستها انّحِّهالك انقطّعهالك لو كان ما ... و تعني هذه الجملة باللهجة التونسية : سوف امزق ميدعتك البيضاء لو لم ..
م تطلق صيحة فزع و هي تعلم انها ليست آخر من سيتم الاعتداء عليها، و الاكيد ان الضحايا قادمون ما لم تتخذ وزارة الصحة ما يستوجب من آحتياطات علما و ان نقابات الاطباء الداخليين و المقيمين قد تحركت عديد المرات باضرابات و لكن دون جدوى.

الوزارة و الوزير
وزير الصحة التونسي رجل سياسة بامتياز جوكير و ووجه شاشة تلفزية معروف عضو مجلس شورى حركة النهضة و مدافع شرس عن الشرعية، السيد الوزير يضطلع بكل هذه المهام و لكن آخر ما يضطلع به و يبرع فيه هو منصب وزير للصحة، جعل من الوزارة آخر اهتمامته امام صولات السياسة و جولاتها حتى انني نسينا معه آخر تصريح في مجال الصحة و التي شهدت كوارث من بينها التقصير في حماية الاطباء العاملين رغما طلب الاخيرين و تنفيذهم مجموعة من الاضرابات المتتالية و لكن حالات العنف تتواصل في شكل كبير و مطرد و لا فائدة من الحديث عن بقية المهازل التي اضطلعت بها وزارة المالاريا.

الحلول
العلاقة بين الطبيب و المريض علاقة جدلية لا يجب ان تخضع لاي تاثير خارجي كان في علاقة حدودها المثالية طبيب يقوم بواجبه على اكمل وجه و مريض واع بانه بين ايد امينة و في صورة الاخلال بهذا العقد الطبي فان الالتجاء يكون الى تشريع قانوني يستوجب من السلطة التشريعية استصدار قانون للمسائلة الطبية يحمي الطبيب و المريض و يجرم في كل الحالات الاعتداء الجسدي و المعنوى على الاطباء يحمل صيغة ردعية يتم تطبيقه بصفة جدية ،
من ناحية اخرى فان ضعف المنظومة الامنية و التنسيق مع وزارة الداخلية لا يتم على النحو المطلوب و انتدابات عمال الحراسة لا تكفي من اجل حماية اقسام المشافي وجب معها تكثيف هذا التعاون و تقنين عمليات الانتداب و شركات الحراسة و صولا حتى تهيئة خاصة لاقسام الاستعجالي و تركيز كاميراوات مراقبة على عين المكان.

الطب يعتبر وجهة انجب نجباء تونس، فهل تصبح هذه المهنة عنوان الخطر خاصة في المستشفيات العمومية الذي تقدم خدمات لاكثر من 70% من التونسيين ؟
انقاذ هذه المهنة من براثن عدم الكفائة و الجهل الاجتماعي واجب حتمي و اولوية من اولويات الدولة، دولة القانون و المؤسسات الشرعية



#مجيب_العمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ربيع الثورة ام كرب ما بعد الثورات .. مقاربة نفسية


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مجيب العمري - فوضى ما بعد الثورة : الاطباء الداخليون في المستشفيات التونسية .. من معالجين الى مرضى