كلمات تحت نار القناص

عبد الصمد السويلم

الحوار المتمدن-العدد: 4227 - 2013 / 9 / 26 - 02:03
المحور: الادب والفن
    

كربلاء صارت مدينة الصدر
حيث أصبح موتنا حياة وحياتنا موت
مطر الرصاص يهبط من جديد ليغرق شوارع المدينة
الموت طحين الخبز اليومي
ليكحل عين الشمس بالدم والغبار
المسيح يصلب من جديد
في نينوى الصدر
حين باع الحسين
من غنى انه في ضمائر
الحجارة والحديد
أصبح برميل نفط اسود
في مدينتي لا تختلط الأوراق
حيث لا لون رمادي هناك
ولا صوت إلا صرخة
تذهب في أعماق أعماق الجسد
ليصيب الاذان الصاغية بالصمم

********************
تسقط أوراق الخريف مبكرة في ربيع هذا العام
إلا ان لونها مختلف
أشلاء أجساد ملفوفة بألوان زاهية مليئة بالدماء
باردة هي الجبين
عندما تخترقه رصاصة القناص
في لحظة ضحكة رؤية امرأة لملابس طفلتها
في سطح مملوء بالتراب والخوف
يرصده الغراب ويسكنه شبح الموت


آه كم بعيدة هي السماء الان
الخوف منع الناس من ان يرفعوا رؤوسهم لرؤية الحمام
حتى الخوف قد خاف من خوفنا القاتل
في نهار ظلام
منع حتى الكلام
من ان يتذكر أسمائنا
في مدينتي فقدنا قدرتنا على البكاء حين نسينا الخوف وسط بحر الدماء
لن أنسى ذلك النائم كان يوما شابا
ليصبح هو الطعام للحمام
لم أنسى السمك يسبح وسط بحر الدم
عندما ألقى القناص مرساة
شبكة الموت
من سفينة السياسة
آه كم احلم أن أقف على السطح
لأنظر إلى السماء ولو للمرة الأخيرة
حيث لا سماء لا هواء
كانت سمائنا جدار سجن
والجدار العازل أصبح قضبانا من حقد ولؤم


كم كان الثمن يا حلفاء
السلطة اله
في زمن الضياع
سقط القناع عن القناع عن القناع
ونكون قربان للوثن الإله
بعد ان يشترى الحق ويباع
خارجون عن القانون نحن
والتهمة
طيبون
وللظلم رافضون
صامدون
صابرون
ولأننا نرفض
وعلى الرغم من إننا نرفض
وحوش الغابة غاضبون
لا يقبلون
وعن القتل المجنون لا يتوقفون
مدينتي
مدينة قهرت القهر بالقهر
مدينة الأشباح والحقيقة
في مدينتي
كل قد عرف طريقه
في البدء
هذا صوت انفجار عبوة ناسفة
لا هذا صوت صاروخ مروحية
ولم نعد نبالي كثيرا بالأصوات
اعبروا من هنا لا من هناك
الطرق مغلق لكننا سنعبر
لا حرب لا سلام
لكننا سنعبر
لا هدنة لا استسلام
لكننا سنعبر
فكل قد اتخذ طريقه
تلك هي الحقيقة
ولم يعد لنا من خيار إلا ان نجعل من موتنا حياة
ومن سلاحنا هوية
تلك هي القضية
نرسم على الجدار العازل قلعة حصينة
ومن رصاصنا شريان حياة
سلاما يا أيتها المدينة
نسيم الهواء يهب من جديد
ليلد الحياة
وهاهي سعفة النخلة تلوح لي
سلاما أيها البائس


مدينتي فريدة المعالم
حيث الشارع يشبه الشارع
وحيث الوجوه تشبه الوجوه
يصبح الضياع فيها هو المتاع
في مدينتي الغرباء لا غرباء
مدينتي اختارت الحياة والبقاء
لم يهزم احد
لم يهرب احد
في مدينتي أصبح الجدار إنسان
والشارع إنسان
في مدينتي
الصمت كلام
والمكوث سفر


في مدينتي أزيز الطائرات اختلط بصوت المدرعات بهدير المولدات
أزيز الطائرات يلقي على مشارف مدينتا
مدينة القبر الحياة
براعم من دم
امتزاج اللحم والحديد بالنار
في مدينتي غرباء لا نعرف عنهم إلا ان لهم أسماء كأسمائنا
وجوه كوجوهنا سمراء
ورغم ذلك فهم عنا غرباء


في ليل مدينتي لا شيء يرى
لا ضياع
في مدينتي
الصوت عدو
الضوء عدو
حتى الأشباح غادرتنا ولم تبالي بالموت الكثير الذي يجتاحنا
الموت الذي لا يريد ان يتوقف
الموت الذي اجتاح كل شيء حتى الهوية
الموت الذي أصبح هروبا إلى الأمام
حين يكون الدخول من الباب خروجاً إلى الموت
لا احد يبالي
صمت ولا كلام
رغم ان الاذان لم تعد تسمع
إلا صوت القناص
وهو يمارس النحت على الجدار
ليسجل تاريخا من شظايا الضجيج


مضطربة هي القصيدة لأنها وحيدة
مضطربة كاضطراب الرعشة الأولى
نار الولادة
في لحظة مجنونة
اختار حرملة ان يكون قناصاً
خرجت
خرجت هروباً من سجن الدار
إلى فضاء الموت
كانت تريد ان تشتري لعبة
تكون تؤم لروحها الوحيدة
لتحدثها في زمن لم يعد يحدثها فيه احد
في وقت لا يكترث بها احد
إلا ان الرصاصة اختارت ان تكون هي اللعبة
وكان الموت تؤم الروح


في الليل بدأنا الحياة
نبض قلوبنا
رصاص
هويتنا
رصاص
حياتنا
رصاص


رحلتنا كانت أجمل قصيدة
رغم انها يتيمة وحيدة
كان اختيار الموت حياة
حيث لا منفذ
ولا هروب
لتصبح الأشباح حقيقة

#عبد_الصمد_السويلم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات