أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محسن احمد - بعض الافاق المحتملة للصراع الراهن















المزيد.....



بعض الافاق المحتملة للصراع الراهن


محسن احمد

الحوار المتمدن-العدد: 4209 - 2013 / 9 / 8 - 23:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعض الافاق المحتملة للصراع الراهن
محسن احمد – تيار طريق التغيير السلمي-
إن الاحداث الدموية التي تعصف بالوطن وتفاقم ازمته الوطنية المستعصية يوما بعد يوم لابد أن تسير بنحو متواتر وبسرعة تعدو سرعة الخيال نحو الانزلاق لتفتيت وتدمير الدولة السورية بعد أن تم العمل على تدمير بعض بنيانها الاجتماعي.
أولا: رهان طرفي الصراع على عامل الزمن في سورية امر ادى إلى قتل آلاف الابرياء معظمهم من خارج دائرة الصراع، فالسلطة بطبيعتها الامنية الاستثنائية كانت تصر بنحو مطلق على عدم وجود أي تبديل في مضمونها بداية الحراك وترغب بابقاء حالة الستاتيك بدائرتها العليا. وتعاملت مع الحراك الاجتماعي كفعل مؤامرة خارجية( وهي تدرك ضمنا أنه نشأ بفعل عوامل داخلية ) كان بغاية تشديد قبضتها الامنية .ليسقط عشرات من المتظاهرين بداية وحين وجدت كل ذلك غير مجدٍ سعت لإصلاحات غير مقنعة نتاج تزايد الغليان الشعبي بمناطق الارياف، اصلاحات أتت متأخرة بذرائع مختلفة منها فكرة تشكيل اللجان وماشابه، راهنت على الزمن.واتت باصلاحات غير مثمرة لا تغني عن جوع استمر لسنين خلت، والانكى من كل ذلك حاولت السلطة – الدولة أن تسعى كعادتها السابقة أن تبقي ما تقرره حبرا على ورق, ان فقدان الثقة بين المواطن ودولته هو نتاج طبيعي لمرحلة ازدهر فيه فعل هيمنة الاجهزة الامنية على الدولة بطريقة بعيدة كل البعد عن المساءلة وفوق كل نص قانوني ولاتخضع ممارساتها لأي محاسبة قانونية معتمدة في الدولة. إن البنية الامنية المركبة للسلطة بزمن الأزمة هو امر مقدس ترغب وتقاتل للحفاظ عليه وعلى مكانتها كجهة تمتلك القدرة الهيمنة الكلية على مقدرات الدولة وقراراتها وبرامجها وآلية عملها ورعاياها .كل ذلك دفع ويدفع بالسلطة للمراهنة واللعب على عامل الزمن مع ممارسة العنف بغية انتظار رد الفعل من الطرف الآخر مما دفع بالحراك الشعبي بطريقة دراماتيكية بنحو مباشر نحو الحراك المسلح، حيث تمثل أمامه تجارب السنون السابقة. وأما الجهات الفاعلة بالحراك ( داخليا وخارجيا ودوليا ) راهنت على عامل الزمن بغية توسيع رقعة امتدادها السلمي والمسلح ( اطلاق النار على بعض المتظاهرين بغية كسب التعاطف الشعبي ) وتوسيع الشريحة الاجتماعية الحاضنة لها.
الان وبعد مرور سنتين على بدء الصراع تبين بأن رهان القائمين والمشتغلين على الحراك كان الانجع نسبيا، هم من كسبوا الرهان في النهاية على عامل الزمن حيث استطاعوا تحويل العشرات من المدن التي كانت مدن آمنة لأن تصبح قواعد اساسية لهم وشكلوا منها حاضنة اجتماعية ومالية وقواعد شعبية وامتدت السلفية لها كثقافة والجهادية الاسلامية كممارسة . الامر الذي ضيق الخناق على السلطة والأمثلة لاتنتهي ( النبك، حسيا جزء من حلب وريفها – منبج -الباب . ريف الرقة وريف دمشق قطنا0 الجديدة..) وعليه ارى أن السلطة اخطأت خطأً تاريخيا بالرهان على عامل الزمن أدى هذا الخطأ إلى ازدياد حدة الصراع الذي أدى بدوره إلى تدمير البنية التحتية للدولة وانهى معظم مواردها الاقتصادية عدا عما أنتج من تعميق للشرخ الاجتماعي وتدمير هائل لمعظم المدن وتشريد للملايين وسقوط عشرات ألاف من الشهداء.
السؤال المطروح ببساطة: اذا كان الطرفين في الصراع قد راهن على عامل الزمن فلماذا خسرت السلطة الرهان؟؟ وعليه أضيء على بعض القضايا المهمة من أجل فهم الابعاد العامة للأحداث:
1. السيطرة الاعلامية للطرف الداعم والمؤيد للحراك:
• تم تسخير الطاقات الاعلامية الشعبية والنخبوية العربية والدولية لصالح دعم الحراك واعتبار مهمة انتصار مايسمى ( الثورة السورية ) هي هدفها المركزي فتركز بثها عن الحراك على مدار الساعات الطويلة- بث حقائق وتشويه إذا استدعى الامر_ وبالأخص لو ادركنا بأن هذا الاعلام كان يستقطب غالبية الجمهور السوري
• الوصول إلى جميع المراكز التي يحصل بها الحراك واحيانا يتم بث مباشر منها. مما عكس لتلك المحطات حالة من المصداقية لدى عموم الفئات الشعبية وخصوصا لدى الغالبية الدينية ..
• تحول الاعلام المذكور بصفته الاداة المركزية للتدخل الخارجي ورأس الحربة للهجوم ولاستنهاض الهمم في الحراك ودعمه إلى اعلام حربي مباشر يجند كل طاقاته وإمكانياته لنجاح مهمته.
• مقابل كل ذلك كان غياب اعلام الدولة الذي امتاز بالكثير من السلبيات ابرزها استمراره ببث برامجه الكلاسيكية طيلة ايام الاسبوع وكأن البلد يخلو من كل اشكال المشاكل أو الحراك أو غير ذلك. فقط تم تفريغ عدد محدد من الساعات يوم الجمعة للحديث عن الحراك وبطريقة سلبية وتغيب للحقائق بعدم ذكر المراكز التي يتم بها الحراك إلا ما ندر واللف والدوران على الوقائع والتركيز على فكرة المؤامرة.
• محاربة الاعلام المحلي ومنعه من البث الفضائي بعد أن بدأ يبث عدد من الفبركات الاعلامية .. ولغاية اخرى تغيب أي دور اعلامي للسلطة السورية.
وعليه بدا الاعلام المحلي هزيلا ولا يحمل قيمة منفعية مباشرة بالحراك مقابل امبراطوريات الديناصورات التي هيمنت على مشاعر وعقول الجمهور المعارض والمؤيد ( على الاقل لمعرفة ما يحدث في البلد). وهذا اهم اسباب خسارة السلطة للرهان على عامل الزمن.
2. اوهام الطغيان الامني السلطوي للخروج من الأزمة فقد استمرت السلطة بالتعامل مابين منع الحراك السلمي داخل المدن من تشكيل تظاهرة واحدة تمثل المدينة كي لا تصل للساحات الكبرى بالمدن بحيث قطعت الاحياء عن بعضها البعض وبالأخص بعد فض اعتصامي درعا وحمص عن طريق استخدام الرصاص الحي والعنف المباشر – فقط في دير الزور وحماة خلال تموز 2011 تم توحيد الحراك بشكل كلي داخلهما- وكانت السلطة تمارس عموما حينها انواع العنف الخفيف اذ لم تسع تلك التظاهرات التجمع في مراكز المدن التي سعت السلطات إلى منعها بكل الاحتمالات الممكنة ولكن كان في كل اسبوع كان يسقط العشرات .هذا الدم المهدور وآلية استثماره الاعلامي ( مثلا حمزة الخطيب بدرعا وابراهيم القاشوش بحماة الامر الذي لعب دورا باستنهاض عموم المدن) حراك يتسع اسبوعيا ليشمل عددا اكبر وشرائح اجتماعية اكثر وبلدات جديدة الامر الذي عقد معالجة الموضوع بالقمع والقتل فتمت الاعتقالات الواسعة استغلها طرف الحراك وداعميه بطريقة فعالة لخدمة الحراك الاجتماعي وتوسيعه .
3. احلام تمضي مع الزمن: خططت السلطة للتعامل مع الحراك وفق احلام الماضي القريب حيث تجربة الاخوان لم تمح من عقول معظم القائمين بها، وعلى اعتبار العنف هو الوسيلة الاكثر فاعلية لديها فقد سعت بكل طاقاتها الاعلامية والامنية لنقل الحراك السلمي لحراك مسلح ليصبح لها مبرر اخلاقي امام انصارها وأمام داعميها على المستوى الدولي لاستخدام العنف ولتحقيق ذلك عملت على:
• اقناع انصارها بأن هناك ( مندسين وهو احتمال قائم ) يطلقون النار على المتظاهرين السلميين بغية اثارة انصارها
• تشكلت منذ اليوم الاول للحراك لجان شعبية تركت دورا سلبيا وعاملا حاسما في نهوض الطرف الاخر ومساندته للحراك تحت ذريعة وجود مسلحين يبغون مهاجمة الاحياء الامنة ولعبت اجهزة الامن الدور الاكبر في ذلك.
• وجود بؤر بالحراك تسعى لإقامة امارات اسلامية منذ اليوم الاول ( تلكلخ وبانياس والرستن ودوما لاحقا)، فسعت السلطة للتعامل امام جمهورها على اساس أنّ الحراك بمجمله هكذا ( متطرف اسلامي) ولا رد يكون إلا بالعنف فأطلقت يد قواها الامنية مدعومة من كتائب بالجيش السوري لاستخدام عنف غير منظم دلل على ثأرية وهمجية نسبية ( قرية البيضا) مما عمق الشرخ وأظهره فجّاً على مستوى البنية الاجتماعية وولد انقسامات جديدة فغدا التعاطف الديني – المذهبي هو الاساس في اعادة التموضع الجديد في ظل غياب أي ثقافة ديمقراطية ووطنية جامعة خلال الازمة.
إن ّعدم سير الامور بالنسبة للسلطة وفق احلام الماضي لم يكتشف إلا بعد أن أصبح الحراك المسلح قويا بما لايكفي لها أن تنتصر عليه وهذا ما اتضح بنحو جلي لها بعد احداث بابا عمرو الشهيرة حيث ازداد (الجيش الحر) في العدد و العتاد والقوة وبدء يسيطر على بعض مراكز المدن مبتدئا بحمص. وعليه رهان السلطة على عامل الزمن لجر الحراك ليغدو حراكا مسلحا قد نجح لكنه ادى لنتائج عكسية، فكانت في كل يوم تتسع الحاضنة الاجتماعية للفصائل المسلحة، وبالأخص السلفية ليغدو التوازن في الصراع هو الحالة السائدة وهذا اخطر مافي الأمر حيث التوازن يؤدي لمزيد من هدر الدم المجاني.
4. في سورية نرى تاريخيا هشاشة التشكيلات الاجتماعية الناتجة عن عوامل تاريخية متعددة. فما أن غدا الحراك واقعا ثابتا حتى دخل عامل القلق والهلع ليشمل ابناء الاقليات الدينية والمذهبية عموما بسبب كون المركز الرئيسي للانطلاق هو الجامع فقد كانت احداث نهاية السبعينيات تمثل امامها بما جرت من قتل على اساس طائفي ومذهبي وتعزز ذلك في الاحداث الفردية التي حصلت في مطلع الحراك حيث تم خطف وقتل لبعض افراد من الاقليات وتكرس ذلك بنحو جلي في حمص وريف دمشق، هذه العمليات كانت اخبارها تنتشر بسرعة النار في الهشيم فتفعل فعلها في الانغلاق المذهبي والتموضع عموما ضد الحراك .والسلطة التي ابتعلت الدولة كانت تعلم ذلك وعملت على استغلاله. فاعتبرت السلطة غالبية هؤلاء هم حجر دفاع ثابت لديها فغامرت بلعبة الوقت كي لا تبدل أي من طبيعنها الامنية أو شكلها الاستبدادي.ولكن قوة الفعل الاعلامي والتحريضي الديني جعل الشرخ في البنية الاجتماعية تزداد وضوحا وتهدد بعواقب الانزلاق لحرب اهلية إذ أن انجرار كتل شعبية للحراك جاء كردة فعل على اعادة تموضع الاقليات وكذلك على ارتفاع منسوب التحريض الطائفي عبر الحملات الاعلامية في حربها الدولية ضد السوريين وكذلك على استمرار انسياب الدم والتشرد نتاج القتال العنيف في داخل المدن.
5. من ينظر للحراك الاجتماعي ويريد بحثه ويتجاهل الدور الكردي يكون كمن يريد خبزا وليس لديه طحين، فمنذ اليوم الاول للحراك ساهم اكراد الشمال الشرقي من سورية بفعالية وبكثافة عالية به ولم يكن دورهم نتاجا لظروف اقتصادية واجتماعية صعبة بالشمال الشرقي من سورية للغاية وفقدان حقوقهم القومية. وحسب بل وكان ثأريا على قمعهم واستشهاد وسجن عدد كبير منهم خلال احداث عام 2004 الماثلة في ذهنهم . ويضاف لذلك وجود قوى سياسية فاعلة لديهم أكثر من باقي ارجاء الوطن السوري. التموضع الكردي قد اسس لأولية في الحراك وهو استمرار الحراك السلمي بنحو واسع ليس لنيل مطالبهم الخاصة وإنما لنيل مطالب الحراك العامة وقد ساهمت القوى السياسية الكردية المتقدمة نسبيا على القوى الوطنية السورية في كل انواع الجبهات والائتلافات السياسية لاحقا. في حين من يقرأ احداث عام 1980 يلحظ بأن العشائر عموما والأرياف والأكراد خصوصا وقفوا لجانب السلطة كسد منيع مما اكسبها حينها الثقة وكان أحد ابرز عوامل نصرها, وهو ما لم يلحظه القائمون عليها حاليا. فإسقاط نماذج الصراع السابق على الحالي لم يؤد النتيجة بل جرنا لتوازن مسلح سقط فيه آلاف الشهداء. الاكراد المناهضون للسلطة لابد وان يدخلوا في صراع مسلح بالنهاية مع الحراك المسلح وفصائله بسبب التناقض العميق بين آلية وفهم الطرفين لطبيعة ودور الدولة القادمة وهو مانراه في بعض قرى عفرين وفي سري كانية.
6. عندما خُطط للحراك، انبرى التجمع الوطني الديمقراطي وإعلان دمشق بالتحضيرات لذلك، لم يكن لأحد يتصور ان التيارات السلفية ستكون وحدها في النهاية هي المهيمنة وهي صاحبة الكلمة العليا بالحراك وهي القائد له . لقد بنت تلك القوى لأحلامها ابراجا في الاعالي .في حين كان الجامع هو الوحيد المسيطر الفعلي ان من يتابع هامش التطور الثقافي يلاحظ في ظل غياب نسبي للمواطنة والهيمنة الثقافية للاصولية والسلفية الدينية فكان انعكاسها على الحراك امرا طبيعيا. يضاف لذلك القمع الشديد الذي يولد بنحو طبيعي التطرف فعندما اجتمعت جميع العوامل السابقة اصبحنا نرى بالبداية وبنحو خجول تجمعات تدعو للخلافة ثم بالآوانة الاخيرة تبدل المزاج العام فغدا غالبية التجمعات والتظاهرات تهتف لتنظيم القاعدة والخلافة الاسلامية وتشكلت هيئات سيئة الذكر مثل الامر بالمعروف في مدن عدة مثل منبج والباب وعندان ( عاصمة القاعدة في سورية) تمارس عملها بفرض الشريعة ..الخ . بالمحصلة اصبح الوطن بالمعنى الاجتماعي والديمغرافي أمام ازمة وطنية تهدد بشكل جدي بمخاطر الانتقال إلى الصوملة,
7. الدعم المالي الخارجي للحراك وإن كان يأخذ شكلا سريا في البداية إلا أنه سرعان ما أصبح علنيا بعد بدء مؤتمرات دعم الشعب السوري حيث شكل هذا الدعم تدخلا دوليا سافرا وعلنيا في الشأن السوري الداخلي، فتدفق الاموال للداخل السوري وبالأخص للناشطين قد دفع بعموم الجمهور الداعم للحراك أن يتوهم بالحصول على التعويضات عن خسائره المالية عدا عن توريد العتاد بكل اصنافه وأشكاله لما يسمى ( الجيش الحر وفصائله) بعد سيطرة هؤلاء المسلحين على معظم معابر الشمال السوري. هذا العتاد الوارد مؤكد لايؤدي إلى انتصار حاسم أمام الجيش السوري إلّا أنه يمثل اداة توازن دقيقة أمامه بحيث تكون أي خسارة أو انتصار لأي طرف هو مؤقت وليس دائم. والغاية الدولية الغربية والعربية تبدو جلية فهم ليس لهم مصلحة مباشرة في افغانستان اخرى في سورية وكذلك ليس لهم مصلحة بانتصار سريع وحاسم للسلطة التي تحتكر القضية الوطنية وتدعمها بكل الامكانيات المتاحة لها ، ماتريده هذه الدول التي تسخر اعلامها وتدفع الاموال وتسهل مرور الارهابيين عبر اراضيها هو الاستفادة من الصراع الحاصل بما يبقي حالة من التوازن النسبي بين الطرفين لحين انهاك الدولة وتدمير مقدراتها الاقتصادية وبنيتها التحتية واستهلاك وتدمير عتادها العسكري بكل اشكاله وأصنافه وإحداث خلل بالبنى الاجتماعية بما يؤهلها للانزلاق نحو حرب اهلية هكذا تضمن هذه الدول خروج سورية من معادلة الصراع الشرق اوسطي المعقد.وابتعادها عن المحور المعادي للكيان الغاصب.
8. فتح الساحة السورية أمام المجاهدين العرب المستعدين للموت من أجل ( حوريات) الجنة، على غرار الحالة الافغانية بالسابق ثم الحالة العراقية. هؤلاء يمثلون عامل دفع ايجابي وحماسي للمسلحين السوريين ويوسع رقعة الصراع الأمر الذي يعطي الصراع افاقا زمنية مفتوحة . ويضاف لذلك رؤيتهم لعدم اهمية الانسان السوري حيث يرتكبون التفجيرات في كافة الاماكن دون ادنى مراعاة اللابرياء ويدخلون الاحياء المسالمة فيمارسون التدمير والعبث بها عموما مما يفقد الناس كرامتهم ومصادر عيشهم .
ثانيا: الجيش السوري وهو مؤسسة وطنية بامتياز ويحتل المرتبة الاولى كونه يترتب عليه مهمة حماية الدولة من أي اعتداء خارجي أو داخلي ( تمرد مسلح ) بغية الحفاظ على امن المواطن ومؤسسات الدولة وهو اكبر واهم ضامن للوحدة الوطنية ويتكون بالعموم من كافة الشرائح والمذاهب على تنوعها، لقد اكتسب الجيش السوري بالعموم سمعة وطنية عالية وترك انطباعات بالثقة في اذهان عموم السوريين في جميع المراحل السابقة.
• لم يتأخر النظام السوري ومنذ بداية الاحداث عن زج بعض كتائب الجيش في مجمل الصراع الدائر ومنذ البداية وبالأخص في تلكلخ والرستن وكان هذا الامر قد يبدو طبيعيا لو انهى الجيش مهامه وانسحب من تلك المدن بكل هدوء. لكن البدايات كانت قاسية ومليئة بالأخطاء بالمعاني الانسانية والأخلاقية.إن استمرار العنف قد ولد حالة تأهب عام في الجيش. الجيش الذي كان يعيش حالة من الرخاء، والأحوال العامة في تسيير الامور بالبلد كانت تنعكس تلقائيا على افراده. حين بدأ الحراك كان البعض يتوهم بأن يلعب الجيش السوري دورا يقارب دور الجيش المصري في الحراك المصري.ولكن الرياح لاتأتي كما يشتهي البعض لأنه عندما نجزم بأن السلطة قد ابتلعت الدولة فالجيش هو العمود الفقري لتلك الدولة مما جعله اداة لينة بيد السلطة. لقد اغدقت السلطة العطايا والمميزات للنافذين والفاعلين بالجيش وأمنت لهم كل وسائل الاستفادة المادية والمعنوية مما احكم كماشتها الخانقة عليه. لم تمض إلا اشهر عدة من بدء الحراك ونظرا لهشاشة البنية الاجتماعية السورية وتحت ضغط فشل الاعلام الرسمي باستقطاب الجمهور عموما ونجاح الاعلام المضاد بذلك والانتشار غير المبرمج لمسلحين اسلاميين بدأوا يجيبون الشوارع ويسيطرون على بعض الاحياء في المدن الكبرى وبالأخص حمص ودرعا وحماة ودير الزور والرد العنيف على ذلك الذي طال مدنيين ابرياء بالغالب بدأنا نشهد حالات فرار من الجيش ثم حالات انشقاق لبعض الضباط والافراد مما سيعرف بما يسمى ( الجيش الحر) الذي حدد مهمته المركزية ( الدفاع عن المتظاهرين السلميين المدنيين ) من يبحث في الغاية يجدها نبيلة . لكن الحقائق خالفت الهدف المزعوم . فنظرا للأسباب المبينة كانت الانشقاقات تحمل الطابع المذهبي البغيض . لقد رأى المنشقون أن هناك حيفا وظلما لمذهب محدد يؤدي إلى ضرورة مسانداتهم. وهو السبب غير المعلن للتكوين المسلح الجديد. وهنا تكمن الطامة الكبرى لقد تكون واتسع بسرعة هائلة ( الجيش الحر) المذهبي وبدأ بالتعديات على المدن والاحياء الامنة واحتلال مواقع داخل الوطن ليكون بؤر تصلح لكل اشكال التطرف والنهب وبيئة صالحة لنمو الفصائل الاكثر تطرفا ودموية. وعليه فقد اصبح الجيش السوري أمام مهام واستحقاقات وطنيه خطرة ومهمة ابرزها:
1. المحافظة قدر الممكن على مكونه الوطني العام ليشمل كل الطوائف والمذاهب والاثنيات المختلفة.
2. مواجهة ( جيش احتلال مذهبي يلقى دعما دوليا واسعا من حيث المال والعتاد والتبرير) وهي مواجهة دموية وخطيرة وفي النهاية كل طرف يستند فيها إلى قوى اجتماعية حاملة وحاضنة لها.
3. الحق المشروع له باستخدام كل اشكال القوة المناسبة لرفض أو مقاومة وجود أي كانتون يأخذ طابع شبه الاستقلالية على الارض السورية. إن نبذنا للعنف لايعني أن يتخلى الجيش عن مهامه الوطنية.
4. المحافظة والقتال وتقديم الشهداء من أجل ضمان وحدة سورية أولا وقوته وعتاده ثانيا ومن ثم ضمان استمرار عمل الدولة.
5. المحافظة على عتاده الثقيل وقدراته القتالية الاستراتيجية وبالأخص الصاروخية ضمن حدود الممكن لخوض مواجهة في ظل أي اعتداء خارجي من اجل منع التدخل الدولي عموما والإسرائيلي خصوصا
6. تنظر الكتلة الاجتماعية الكبرى في سورية والراغبة في التغيير السلمي والتي تقف خارج حدود الصراع المسلح للجيش السوري على أنه جيش كامل الوطن ويستحق كل اشكال الدعم والمساندة بصفته الضامن لاحقا للوحدة الوطنية ولكن هذه الرؤية لايمنعها من أن تشرح أي خطأ يرتكبه أي فصيل بهذا الجيش وأن تعرضه علنا، وتحيل المسؤولين المباشرين عن تلك الاعمال للمحاكمة لاحقا.
إن المواجهات البطولية التي يخوضها الجيش وغير المتكافئة احيانا كثيرة نظرا لقوة الطرف الاخر وبالأخص من حيث العدد تمثل نزفا يدفعه من جاهزيته وقوته وهو ما ترغب باستمراره دول المحور الإمبريالي في سعيها الحثيث لتدمير منظومته البحثية ومنظومته الصاروخية ، وبالرغم من كل ذلك لازال لتاريخه يحافظ على نوع من صمود في عدم تسليم المدن الكبرى للطرف الاخر ويحقق تقدما ملموسا في مواقع مختلفة ويشكل اعاقة لأي تدخل خارجي مباشر.
إن الادعاء من بعض المعارضين في الائتلاف الوطني أوهيئة التنسيق والسلفيين ومن لف لفهم بأن الجيش يرتكب حماقات ومجازر انسانية ويدمر قرى على اساس مذهبي أو طائفي ويقصف بطيرانه براميل نفط ويستخدم اقسى اشكال العنف الممكن لهو أمر مردود على مدعيه. صحيح بأن النظام لايتوانى اطلاقا عن استبداده وقمعه لكنه منذ عام 1983 ولغاية بدء الحراك لم تسجل أي حالة من تلك الحالات، بل احتضن الجيش ابناء الوطن بأكمله. بالتالي مايقوم به الجيش السوري يمثل ردة فعل على تقدم جيش الاحتلال الحر لتلك المناطق, وهو امر منطقي فالجيش السوري طالما يتملك قوة المواجهة لن يترك أي مدينة أو قرية تحت سيطرة الطرف الاخر مهما كانت النتائج وان كنت اقف ضد استخدام طاقات العنف الكبرى والمفرطة مثل ( سكود) لأنها تفيد في المعارك مع الخارج وتمثل قوة دفاعية تمنع التدخل الخارجي المباشرولا تفيد داخليا كثيرا. فإن الجيش باعماله العسكرية يجب فهمها من منطلق اساسي وهو الحفاظ على وحدة البلاد وتحريرها من السلفيين واتباعهم الذين يريدون اقامة كانتونات وامارات داخلية اسلامية . وركائز لدول غربية على ارضنا السورية.
بقي أن نذكر في هذه الفقرة مايعرف باللجان الشعبية ودورها ( الاجتماعي والدفاعي ) التي انتشرت بكثرة وطبيعتها وما عرف لاحقا باسم جيش الدفاع الوطني وهو ما سأبحثه لاحقا بشكل مفصل .
ثالثا: الحوار والآفاق الراهنة المحتملة:
نحن من نتبع لمنظومة فكر التغيير السلمي نمتلك ايمانا مطلقا بأن لامخرج ولاحل أمام السوريين إلا الحوار. حوار يجمع جميع ممثلي الكتل الاجتماعية الفعليين وندعم أي شكل يتم الحوار به، وقوى الائتلاف السلمي بالعموم سوف تشارك في أي مؤتمر حواري تطرح من خلاله وجهات نظرها في كل الملفات المطروحة.
الحوار يتم بين اطراف وجهات تقر ضمنا بشرعية وجودها وشرعية وجود الطرف الاخر وبمجرد الدعوة لأي طرف إلى الحوار هو اقرار منه بالآخر وهو ما يميزه عن التفاوض الذي يتم بين طرفين لايعترف أي منهما بشرعية الاخر والتفاوض يتم عبر وسيط شبه محايد أو وسطاء مختلفين. ومن هنا كانت الدعوة سابقا للحوار المباشر بين السلطة وبين القوى المعارضة الوطنية مقابل الدعوة للتفاوض بين هذه الكتلة وبين المجلس الوطني والجيش الحر حينها. لقد دخل عنان ثم الابراهيمي على خط التفاوض لكن لم يعط هذا أية نتيجة تذكر سوى المزيد من القتل والتسلح والعنف والدمار والتشرد.
حين لاحظت السلطة بأن كفة موازين القوى على المستوى الميداني لم تعد تميل لصالحها خرجت علينا بتوصيف ادركته قوى ائتلاف التغيير السلمي وتياراتها المختلفة منذ لحظة نشوئها وهي وصولنا لأزمة وطنية مستعصية ولا بديل امامها عن الحوار وهو ما تؤكده دائما قوى الائتلاف السلمي. وتقدمت الحكومة بمبادرتها السياسية من اجل الحوار وتم التعليق من تيارنا على ذلك.
ما يبدو بالأفق حاليا بأن هناك دعوات جدية للحوار وتعمل كل الجهات الفعالة عليه. ولآفاق الحوار المطروحة نبين مايلي:
1. التخفيف من الاعمال العسكرية وأعمال العنف واستخدام القوة المفرطة عند انطلاق طاولة الحوار وفي الحد الادنى من جانب الجيش السوري اذا كان الوضع الميداني داخل المدن الكبرى يسمح بذلك. أو الاعلان عن هدنة اذا شارك الائتلاف الوطني وتوابعه بالحوار.
2. الاعتراض على مبدأ طاولة حوار تشاورية وشكلية ذات مهمة محددة ( خطيرة) من السلطة تتمثل في اننا نعمل على قبول الاخر على أن يكون الحوار ونتائجه كلام في الهواء على غرار مؤتمر تشاور آب 2011 الغاية منه اعلامية وكسب شعبية لاحل للازمة الوطنية السورية حيث السلطة لم تعط أي اهمية للتوصيات التي خرج بها.
3. طاولة حوار تطرح فيها فقط مبادرة الحكومة للمناقشة وهنا امام قوى التغيير السلمي مهمة فرض برنامجها من خلال التعديلات التي تطرح على بنود المبادرة وأهم ما في الموضوع ضرورة اقرار هيئتين اساسيتن يتفق عليهما وذلك قبل بدء الحوار ويوافق عليهما الجميع هيئة تنفيذية لقرارات المؤتمر وهيئة ضامنة ومشرفة على التنفيذ ويفضل ان تعمل الهيئتان تحت الرعاية الدولية بسبب انعدام الثقة تاريخيا بين السلطة وباقي الاطراف الاخرى.
4. طاولة حوار يطرح فيه كل طرف مشارك أو غير مشارك مبادرته وتحت اشراف هيئة وطنية تشاركية وهو الشكل الامثل.وتصل لتوافقات محددة دون التقيد بما يسمى الثوابت الوطنية المتداولة حاليا أو غير ذلك وجعل النقاشات مفتوحة في كل القضايا وتفاصيلها.
5. نقل اعلامي حي ومباشر وعلني لكل جلسات الحوار دون أن يكون هناك أي جلسات مغلقة.
6. تقوم القوى الوطنية التي ستشارك بالحوار بالطلب من سفراء روسيا والصين ودول البريكس بالحد الادنى حضور ومتابعة كل جلسات الحوار بصفة المشرف على المؤتمر ونتائجه والتعامل لاحقا بين سفراء هذه الدول وبين الهيئة المنفذة للقرارات والهيئة الضامنة حصرا لضمان انتقال سلس ومنطقي وسلمي من الحكومة الراهنة إلى الحكومة التي سيتم الاتفاق عليها.
7. طرح جميع نتائج الحوار على استفتاء شعبي لاتلعب به الاجهزة الامنية أي دور أو تتدخل به ويفضل أن تتم رقابة الاستفتاء مع نتائجه من دول مجلس الامن لضمان ثقة المواطن بنتائج الاستفتاء، حيث أن غالبية المواطنيين يعدون كل انتخابات تجري او ماشابه هي مزورة سلفا وهو يدلل على عمق الشرخ بين السلطة والجمهور.
انني أرى افقا قاتما وانزلاقا سريعا نحو الهاوية المتمثلة بالانتقال لنموذج الصوملة حيث يزداد يوميا عدد الشهداء والتشرد ويزداد الدمار ونهب ثروات البلد الاقتصادية وأثاره التاريخية وتهريبها لتركية والخليج العربي على يد ( السلفيين ومسلحي الجيش الحر )، اذا لم تبادر جميع القوى السياسية والفاعلة على ارض الواقع الفعلي وبالسرعة المطلقة كل منهم بطرح مشروعه السياسي والاجتماعي في رؤية المستقبل وبنحو تفصيلي والجلوس على طاولة الحوار هو الخطوة الاولى والمهمة. انني على ثقة بالنظر إلى آلية الصراع الراهن بأن الدولة المدنية هي ستكون خيار السوريين نظرا لأن الكتلة الاجتماعية الكبرى بشرائحها المهمشة والمختلفة تسعى للانتقال السلمي نحو مستقبل افضل مما هو عليه الوضع الراهن السيء بكل المقاييس والمعاني.




#محسن_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سورية و العدوان الخارجي


المزيد.....




- مصادر توضح لـCNN تفاصيل مقترح -حماس- بشأن اتفاق وقف إطلاق ال ...
- داخلية الكويت تعتقل مقيما من الجنسية المصرية وتُمهد لإبعاده. ...
- معركة -خليج الخنازير-.. -شكرا على الغزو-!
- الحرب في غزة| قصف متواصل على القطاع واقتحامات في الضفة وترقّ ...
- فيديو فاضح لمغربية وسعودي يثير الغضب في المملكة.. والأمن يتد ...
- -إجا يكحلها عماها-.. بايدن يشيد بدولة غير موجودة لدعمها أوك ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي استهدف عدة مناطق في غزة (فيديو+صور) ...
- بقيمة 12 مليون دولار.. كوريا الجنوبية تعتزم تقديم مساعدات إن ...
- اكتشفوا مسار الشعلة الأولمبية لألعاب باريس 2024 عبر ربوع الم ...
- ترامب يواجه محاكمة جنائية للمرة الأولى في التاريخ لرئيس أمير ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محسن احمد - بعض الافاق المحتملة للصراع الراهن