هاشم محمد
الحوار المتمدن-العدد: 4202 - 2013 / 9 / 1 - 09:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ساورنا القلق كثيرا على مصير و نتائج التظاهرات التي دعى اليها مجموعة من الشباب الواعي و بعض منظمات المجتمع المدني الفاعلة منذ أن بدأت الحكومة بشن حملة نفسية على منظمي و مؤيدي هذه التظاهرات بتصريحات يطلقها رئيس الوزراء و وكيل وزير الداخلية حول الوضع الامني و انها ستعرقل الخطط الامنية و غيرها من التصريحات و ازداد القلق قبل يوم من الموعد و نحن نسمع بغلق الشوارع و الجسور المؤدية الى ساحة التحرير و ساحة الفردوس في بغداد و استنتجنا بان نية الحكومة افشال هذه التظاهرات بكافة السبل و اظهار عدم قدرة الجماهير و طليعتهم من الشباب الوطني بالقيام باي تحرك فعلي مؤثر ممكن يجعل صوتهم حاظرا على الساحة السياسية , و بالرغم من رؤيتنا اصرار منظمي التظاهرات و ثقتهم العالية بالجماهير و هم يصرحون على الاعلام و في شبكات التواصل الاجتماعي فان القلق لم يفارقنا لعلمنا بان هذه التجربة الاولى للشباب الواعي في تنظيم مسيرة نضيفة خالية من اي تدخل لاي من الحركات السياسية المشاركة في العملية السياسة و اي اخفاق في التجربة الاولى سيؤدي الى حدوث يأس لدى هؤلاء الشباب و لدينا , و نحن خارج الوطن لم نستطع الانتظار و نحن نستعجل صباح اليوم التالي لنرى الافعال و النتائج من على شاشات الفضائيات و مواقع التواصل الاجتماعي و كلنا امل بنجاح هذه التجربة ,
اهمية تظاهرات 31 أب :
- ان التظاهرات السلمية في عصرنا هذا اصبحت من اهم و اقوى اساليب نضال الشعوب و الاكثر فعالية و اعطاء نتائج في حالة تم اعدادها و تنظيمها بشكل صحيح و مدروس و ان يكون القائمين عليها يمثلون اصحاب المصلحة الحقيقية في تحقيق اهدافها .
- تعتبر هذه التظاهرات التجربة الاولى في العراق و منذ عشرات السنين نستثني من ذلك تظاهرات 2011 و التي اخذت الطابع العفوي و ليس تنظيمي كحال هذه التظاهرات .
- منظميها و المقيمين عليها شباب مثقف وطني و منظمات مجتمع مدني معبر عن تطلعات الجماهير و مطالبه و هم يخوضون تجربتهم الاولى و كان بمثابة امتحان لهم و للجماهير .
- اهداف التظاهرات كانت محددة تعبر عن ايقاف نهب ثروات الشعب العراقي من قبل قلة قليلة المفروض هم ممثلين الشعب ساهرين على حماية مصالحه و ثرواته , اذاً هي مطالب اغلب فئات الشعب من فقراء و كادحين و الطبقات المتوسطة .
- جاءت هذه التظاهرات وسط تشائم كبير من قبل اغلب المثقفين العراقيين و عدم ثقتهم بقوة و قدرات الشعب العراقي و شبابه المثقف و في وضع امني صعب و سيادة الفكر الطائفي المقيت و الذي يروج له اغلب المشتركين في العملية السياسية و تفشي الارهاب فنجاحها يعتبر خطوة نحو تجاوز لهذا الواقع المفروض على الشعب من قبل العملية السياسية و منذ عشر سنوات.
الحدث :
ان ما حصل يوم 31 أب في اغلب محافظات العراق فاق كل التوقعات فقد عزفت الجماهير سمفونية رائعة طرب لها كل متتبع يحمل الاذن الموسيقية المناسبة و التي تستطيع تمييز روعة الانغام التي انبعثت من اوتار هذه الجماهير و بالاخص القادة الشباب القائمين على هذه المسيرة , مسيرات محترفة بتنظيمها و سلميتها و تجاوزها قسوة و عنف السلطة مسيرة تحمل غصن الزيتون ضد اسلحة السلطة , الابتسامة ضد تكشيرة القوات الامنية, اغاني حب الوطن ضد ضجيج مدرعات السلطة , مسيرات كانها خاضت تمارين فعلية كثيرة لتطبيقها هذا اليوم , من الجانب الاخر مارست السلطة اقسى و اقذر الاساليب ضد المتظاهرين قبل و اثناء و بعد التظاهرات فمنعت وصول المتظاهرين للساحات الرئيسية بالعنف المفرط و خصوصا في بغداد و الناصرية و اعتقلت من المتظاهرين و مارسو الضرب ضد البعض منهم , فكشفت السلطة و اجهزتها القمعية عن وجهها الحقيقي في كيفية تعاملها مع جماهير الشعب و ابتعادها عن الاساليب الديمقراطية التي تدعي انها تحميها .
النتائج :
بعيدا عن تحقيق المطالب من عدمه لقد كانت النتائج مذهلة و ما اعتراف رئيس الوزراء بتاييده لها الا نجاح لهذه التظاهرات من جميع نواحيها فالاعداد كانت اكثر من التوقع كذلك تنظيمها و سلميتها و هذا ما اعطاها القوة الكافية لترعب جميع من في السلطة و تجعلهم يفكرون مرات و مرات في تغيير اساليبهم اخذين بنظر الاعتبار قوة الجماهير .
الدروس :
- ان هذه الممارسة النضالية التي خاضتها الجماهير و شبابها ستزيدهم وعياً و خبرة في الممارسة و التنظيم .
- ان تحديد اهداف اي تظاهرة يجب تكون معبرة عن تطلعات جميع طبقات الشعب و بالاخص الفقراء و الكادحين
- ان للجماهير و الشباب قوة كامنة يمكن استغلالها بشكل يساعدها على النضال من اجل تحقيق مصالحها بدل من استغلالها و تشتيتها باتجهات و معارك اخرى كالطائفية و العرقية من قبل السياسيين الفاسدين
- ان العملية التنظيمية للتظاهرات كانت رائعة من عملية التحضير لها التي اتسمت بالصبر و الدقة و كيفية استخدام الوساءل البسيطة المتاحة حتى القيام بها و الانتهاء منها .
- ان الاجهزة الامنية ما هي الا اداة بيد السلطة تأتمر بأوامرها و ان السلطة تمثل مصالح فئة قليلة من الشعب العراقي و التي تمثل الطبقة البرجوازية و اصحاب الاموال و ان مصالحهم مشتركة فلا اعتقد ان مقاول كبير او تاجر و صاحب مصنع قد خرج اليوم بالتظاهرات فهي لا تمثل مصالحه فامتيازات التي يتمتع بها من في السلطة ما هي الا مكافئتهم لتمثيلهم تلك الطبقة و ان الفساد و السرقات مشتركة بينهما .
رسائل :
الى قوى اليسار العراقي :
ان اهم درس يجب ان تتعلمه قوى اليسار سواء تنظيمات او افراد هو ان تعمل مراجعه لكل برامجها النضالية و ان تدرس الواقع الجديد الذي يعيشه الشعب العراقي بكل جوانبه الاقتصادية و الاجتماعية و النفسية و الثقافية و وضع برنامج نضالي مناسب لهذا الواقع , هذه التظاهرات اثبتت بان النضال الاجتماعي و المهني لطبقات الشعب الفقيرة يجب ان يتصدر المشهد من خلال الاحتكاك بالجماهير و نأسيس و توسيع النقابات و منظمات المجتمع المدني الشبابية و النسوية فبالاضافة الى النقابات العمالية و المهنية الموجودة عليه توسيعها و التشجيع لخلق نقابات جديدة للفلاحين و العاطلين عن العمل و ذوي المهن الصغيرة و الباعة المتجولين و لاي فئة من الشعب العراقي و خوض نضال نقابي و مجالسي لترسيخ الوعي الطبقي لدى هذه الجماهير و فضح الفساد و اساليب السلطة في الحفاض على مصالح القلة القليله من رأسماليين و المستفيدين لتحقيق رقابة شعبية ليكون نضالا طبقيا لاقامة النظام الاشتراكي .
الى عموم الشعب العراقي :
ان الديمقراطية البرجوازية ما هي الا كذبة تستخدمها الطبقة الحاكمة لتبرير تواجدها في السلطة و تمسكها بها من خلال وصولها عن طريق الانتخابات و هذه الانتخابات ما هي الا لعبة تلعبها لايام ثم يحكمون لسنين بطريقة دكتاتورية تعسفية تحارب كل من يهدد مصالحها و اي ممارسة ديمقراطية و حرية تعبير من قبل الشعب يعتبر ارهاب و فوضى فتقمعه ففي هذه التظاهرات كان المتظاهرين يمارسون الديمقراطية بشكلها الحضاري الراقي و كانت السلطة تمارس الهمجية في القمع و الارهاب ضد المتظاهرين فالديمقراطية يجب ان تكون ممارسة يومية و رقابة شعبية على السلطة , و ان التظاهرات هو اسلوب نضالي ناجح لتحقيق المطاليب .
#هاشم_محمد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
