أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد سعد عتيق - أسودان يُخرجان أبيض واحدًا














المزيد.....

أسودان يُخرجان أبيض واحدًا


أحمد سعد عتيق

الحوار المتمدن-العدد: 4185 - 2013 / 8 / 15 - 00:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كنت استيقظ على قبلة أشعة شمس الشروق على وجنتي ، كان بيني وبينها غزل يدوم حتى الظهيرة ، فأفارقها ملتهيًا بعملي في المستشفى الجامعي . فشغلتي هي إيهام المريض بأنه ليس مريض ، ومرضه ليس بمرض ، وعقله سليم ، وما يراه ما هو إلا أوهام قلق تراوده عن نفسه ؛ وعليه أن لا يهم بها ، ويتجنبها ، ويهرب منها موليًا إلى أبواب الصفاء ، فتقد قميصه من دبر ؛ فيظهر الحق ، وتتركه باحثة عن ضعيف غيره . أظل على هذه الحال من الحادية عشرًا إلى الرابعة عشرًا - أي قرابة الثلاث ساعات – ، أتلذذ بإيهام مريض تلو الآخر ، وأغازل أوهامهم وهواجسهم ؛ لتهجر هؤلاء الضعاف الذين لا حمل لهم على مجاراتها ؛ لتلهث راكضة على أحضان عشقي ، فتجد الغدر من نصيبها ، فتموت منتحرة . نعم شغلتي أن أمنع منتحرًا من الانتحار ؛ بأن تنتحر أوهامه ، فهذا هو حال العدالة ، إذا وقع أذى ، يجب أن يدفع ثمنه أذى مقابل ، ولا يقع هذا التعويض إلا على كاهل الجاني ؛ والجاني هنا هو الأوهام . ولما كان العقاب من جنس العمل ؛ فكان حري بي أن أعاقبها بأن أجعلها تنتحر . حتى أنا فأأذي ذلك المريض الضعيف ؛ أعطيه جرعة من الوهم ؛ لأنتشله من عشق أوهامه - التي جاءني ليتخلص منها - ، فأخلصه منها بجرعة أوهام أخرى ، يجد معها السعادة المنشودة ، وتوقد رغبته في الحياة من جديد . لا تمر أيام حتى أجده يعود لي شاكيًا منها ، طالبًا التخلص منها ، فأعطيه جرعة مختلفة من الأوهام ، وهكذا تدور الدائرة دون انقطاع . ولكن لأن الخلاص بيدي وحدي ، ولأنه لن يجد العشق المنشود إلا عندي أنا وحدي ؛ فأذاي هو رحمة توجب المغفرة ، وسيئة توجب الإحسان والشكر .

حتى جاء ذلك اليوم الذي أسودت فيه الدنيا من حولي ، والأفق ضاق خنقي ، وصارت الأرض تدور بما قربي . أصبح الحزن عندي مناخ وطقس مديد في الصيف والشتاء ، وما الفرحة إلا نسمة تمر على خاطري في المنام . في المنام تداعبني الذكريات ؛ ذكريات الماضي السعيد ، أيام الصبى والتغريد ، أراني أرقص وأغني وأنا سعيد ، لكن فجأة تتلاشى الذكريات ، ويعكر صفو الفرحة آلام الحاضر التعيس ، وتمضي الرقصة ومن ورائها التغريد ، وتمضي الفرحة ويتلاشى الماضي السعيد ، ويسود الحزن ، وينتشر الحاضر التعيس . أصحو من ذكرياتي على أنغام أحزاني ، تعلو وتسود الأركان ، وتدق أبواب الآذان ؛ لتسمح لها باختراق الأذهان ، فيسود الحزن القلوب ، وتظلل هالة الظلام الجفون ، وتنسكب دمعة من العيون ، فتغمر بشاشة همت بالرحيل - رحيلًا بلا عودة - ، لتحل محلها قتامة أزمان . حتى أشعة شمس الشروق قد هجرتني ، سألتها : لما ؟ قالت : قد خنتني مع الأوهام . حقًا ، لا أدري ما الذي أوصلني إلى ما أنا به الآن من ألم في عمري ، هل هو عدوى انتقال الأوهام !؟ ألم اتخذ التدابير الصحية اللازمة لتجنب انتقال أوهام أحد المرضى لي !؟ هل استطاعت أحدى تلك الأوهام من خداعي ونالت من عشقي دون إرادتي !؟ هل حقًا خنت أشعة الشمس – عشق حياتي – مع أحدى تلك الأوهام !؟ والآن ليس بيدي حيلة إلا أن ابحث عن طبيب ؛ ليعطني جرعة جديدة من الأوهام .



#أحمد_سعد_عتيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف نقتل الفئران في البلقان
- ثورة على العواجيز
- عالم البشرية الإنسانية


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد سعد عتيق - أسودان يُخرجان أبيض واحدًا