أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد هرملاني - ألغام العلاقة السورية ـ الأميركية















المزيد.....

ألغام العلاقة السورية ـ الأميركية


عماد هرملاني

الحوار المتمدن-العدد: 1197 - 2005 / 5 / 14 - 09:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نجحت الدبلوماسية السورية خلال السنوات الثلاث الأولى من عهد الرئيس بشار الأسد في إدارة دفة العلاقة السورية الأميركية على قاعدة معادلة دقيقة وازنت بين رغبة القيادة السورية في تثبيت دورها على الساحة العربية عبر بوابة تبني سياسات متشددة فرضت عليها أن تسبح في معاكسة اتجاه الاندفاعة الأميركية التي كانت قد بدأت تعصف في أجواء المنطقة منذ بداية عهد الرئيس جورج بوش الابن واشتدت رياحها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وبين حرص مضاعف أبدته القيادة السورية لتفادي الانجرار في طريق تصعيدات يمكن أن تقود إلى مواجهة غير محسوبة مع الإدارة الأميركية التي أظهرت ميلا مبكرا نحو تنفيذ عمليات تصفية حساب مع العديد من دول المنطقة التي وقفت سابقا في الخط المناوئ للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط ، ومن بينها سورية التي قال عنها وزير الخارجية الأميركي الأسبق وارن كريستوفر بأنها ستظل تشكل ((تحديا فريدا)) للسياسة الأميركية في المنطقة.
وإذا صح القول أن القيادة السورية استطاعت خلال السنوات الأولى من عهد الرئيس بشار الأسد أن تحافظ على المستوى المطلوب من التوازن لضبط مواقفها وسياستها تحت سقف ما تفرضه قواعد هذه المعادلة الصعبة، فإن مقومات ذلك التوازن ما لبثت أن تعرضت لهزة قوية بعد قطوع الاحتلال الأميركي للعراق وسقوط نظام الرئيس صدام حسين. ويبدو أن المفتاح الرئيسي الذي اعتمدت عليه القيادة السورية للحفاظ على التوازن المذكور كان يكمن في التقدير بأن دمشق لا تملك مصلحة ولا قدرة على الدخول في صدام عسكري مباشر مع الولايات المتحدة يمكن أن يضع مستقبل البلاد كله في دائرة الخطر، وفي الوقت نفسه فإنه ليس لدى دمشق مصلحة بأن تكون حليفا للولايات المتحدة أو وكيلا لمصالحها في المنطقة، وهكذا يمكن القول أن مفهوم دمشق للعلاقة مع الولايات المتحدة بني على قاعدة ((تفادي شرور)) هذه القوة العظمى، ورغم الاستعداد العقلاني الذي أبدته القيادة السورية لتقديم مقابل سياسي من أجل تحقيق هذا الهدف، يبدو أن الدبلوماسية السورية هجست دائما بمعضلة الوقوف عند خط الحد الأدنى للثمن السياسي الذي يتيح لها البقاء بمنأى عن مخاطر المواجهة العسكرية مع القوة الأميركية دون أن تضيف إلى هذا الحد الأدنى أية خطوة مجانية، وتدل مراجعة وقائع التجربة على أن الدبلوماسية السورية لم تنجح دائما في التقاط خط الحد الأدنى للثمن المقبول أميركيا والذي كان خطا متحركا باستمرار حسب متغيرات الظروف السائدة على الساحتين الإقليمية والدولية. ولعل هذه القراءة ما يفسر بعض المواقف التي أثارت شيئا من الاستغراب في توجهات الدبلوماسية السورية في مرحلة ما بعد سقوط بغداد، وفي المقدمة من ذلك مظاهر التساهل الذي أبدته القيادة السورية في تعاملها مع قائمة المطالب التي نقلها إليها في حينه وزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول خلال الزيارة الشهيرة التي قام بها إلى دمشق بعد حوالي ثلاثة أسابيع من دخول القوات الأميركية إلى بغداد، وهي المطالب التي تناولت مسائل تتعلق بضبط الحدود مع العراق وإبعاد قادة الفصائل الفلسطينية المعارضة لخطة خارطة الطريق من دمشق وإخراج حزب الله من منطقة الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية، ومطالب أخرى تتعلق بموضوع السماح بالتفتيش عن أسلحة دمار شامل عراقية أشيع أنها نقلت إلى مواقع سورية وإعادة أرصدة مالية لمسؤولين في النظام العراقي السابق ذكر أنها مودعة في بنوك سورية ولبنانية ، ومطالبات تخص إجراء إصلاحات داخلية في سورية.
ورغم بعض الخطوات الإجرائية التي اتخذتها القيادة السورية بهدف إظهار تجاوبها مع مطالب باول من قبيل تشديد إجراءات الرقابة على الجانب السوري من الحدود مع العراق وإغلاق مكاتب المنظمات الفلسطينية المعارضة لخطة خارطة الطريق في دمشق ووقف عمليات حزب الله في جنوب لبنان، فقد ظلت دمشق تتمسك على المستويين السياسي والإعلامي بخطاب متشدد ينم عن قصدية موجهة في مكاسرة الإدارة الأميركية وتحدي ضغوطاتها، ولا يقتصر الأمر هنا على الملاحظات التقليدية التي تشير إلى اللغة المتخشبة التي يستخدمها الخطاب الرسمي السوري عادة في تكرار الحديث عن تمسك دمشق بثوابتها المعروفة في الحفاظ على سيادة واستقلال العراق ووحدة وسلامة أراضيه وعلى الدعوة إلى تحقيق سلام عادل وشامل وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل والتمييز بين الإرهاب والمقاومة، فإلى جانب تلك المقولات التي وجدت فيها الإدارة الأميركية على الدوام ذريعة من أجل تشديد ضغوطها على دمشق، دفع رئيس الدبلوماسية السورية الوزير فاروق الشرع الخطاب السوري في طريق غير مسبوق لجهة الإعراب عن تنافر المواقف والمشاعر بين القيادة السورية والإدارة الأميركية وأضفى على الخلاف السياسي بعدا شخصيا من خلال التصريحات الصاخبة التي أطلقها أمام مؤتمر لاتحاد الصحفيين السوريين عقد بعد أشهر قليلة من زيارة باول إلى سورية ووصف فيها الإدارة الأميركية بأنها الإدارة الأكثر ((عنفا وحماقة)) في تاريخ الولايات المتحدة ووصف الخلاف بين أعضاء الإدارة بأنه ((خلاف على درجة الحمق والعنف))، وعلق بأن سورية ((لن تبكي)) إذا صادق الكونغرس الأميركي على قانون محاسبة سورية الذي كان يناقشه في ذلك الوقت واعتبر أن المتضرر الأكبر من هذا المشروع هو الشركات الأميركية، وفي وقت لاحق شبه الوزير الشرع في كلمة ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة دخول القوات الأميركية للعراق بأنه ((عملية سطو مسلح)).
وعند محاولة البحث عن سر هذا التصلب الذي أبدته دمشق في تعاملها مع أخطار بدا أنها أصبحت قريبة من لحظة الانفجار، يسهل التقدير بأن الدبلوماسية السورية بنت مواقفها على رهان بأن عمليات المقاومة التي واجهت القوات الأميركية في العراق أوقعت الإدارة الأميركية في مستنقع يردعها عن التفكير بتكرار المغامرة التي أقدمت عليها هناك في أية دولة أخرى داخل منطقة الشرق الأوسط. وبصرف النظر عن كل ما يمكن قوله في هذا السياق حول مدى دقة مثل هذه القراءة لحقيقة المأزق الذي يواجه الإدارة الميركية في العراق، يبقى اللغم الحقيقي الذي ينطوي عليه الرهان المذكور هو ملاءمته لتغذية حالة الخدر التي تعاني منها الدبلوماسية السورية وهي تواجه حركة المتغيرات المتسارعة التي تجري على ساحة المنطقة بطمأنينة خادعة جعلتها تفقد القدرة على تحسس الآثار المدمرة التي انطوت عليها نقلات من وزن قانون محاسبة سورية الذي وجد من يقول أن أضراره تصيب الشركات الأميركية أكثر مما تصيب سورية، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559 الذي وجد أيضا من يرى في حذف اسم سورية من نصه وامتناع بعض أعضاء مجلس الأمن عن التصويت عليه علامة نصر للدبلوماسية السورية على العاصمتين الأميركية والفرنسية اللتين وقفتا وراء مشروع القرار، وصولا إلى منعطف الخروج الاضطراري للجيش السوري من لبنان والذي وجدت فيه الدبلوماسية السورية إنجازا طوعيا يعطيها حق المطالبة بالضغط الدولي على إسرائيل للانسحاب من الجولان. وهكذا، تحت سقف الرهان على انشغال الإدارة الأميركية بمأزقها العراقي تكاد الدبلوماسية السورية أن تصبح قادة على التكيف مع كل ما يمكن تخيله من هزائم ونكبات ولسان حال مسؤوليها يقول أن الأمور تبقى بخير ما دمنا قادرين على تفادي الضربة العسكرية المباشرة من جانب القوات الأميركية التي دمرت العراق ووصلت إلى تخوم الحدود السورية.



#عماد_هرملاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في متغيرات العلاقة السورية اللبنانية
- جردة حساب حول عوائد الوجود السوري في لبنان
- سياسة الصوتين في مواقف القيادة السورية
- الـ-صولد- السوري في مواجهة الممانعة الإسرائيلية الأميركية
- تفكير في المحظور: هل تنجح دمشق في الالتحاق بقطار التسوية ؟
- العلاقات السورية الأميركية: دبلوماسية - زواج المتعة
- ثقوب خطاب الفريق الإصلاحي في سورية: تعليق على مقال السفير سا ...
- انكسارات المشروع القومي: قراءة غير تقنية في نتائج المؤتمر ال ...
- النهضة الموءودة: إخفاقان في سجل مشروع النهضة العربية
- ثلاث مفارقات على هامش مشروع الشرق الأوسط الكبير


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد هرملاني - ألغام العلاقة السورية ـ الأميركية