أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - طلال عبدالله - “بعد السلفادور إليندي، الرب لم يعد موجوداً هنا”















المزيد.....

“بعد السلفادور إليندي، الرب لم يعد موجوداً هنا”


طلال عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 4183 - 2013 / 8 / 13 - 22:30
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


ينظر العديد إلى الماركسية على أنها مذهب روحي غير ديني، وبالذات مناصريها المتدينين، وهذا لا ينتقص من وزن المادية في جوهر تحليلاتها.

لم تكن الكنيسة اللاتينية حتى نهاية الحرب العالمية الثانية قد أسست بعد لوصفة تصالحية مع اليساريين، وعمد رجال الدين قبيل تلك الفترة إلى “شيطنة” اليساريين، إلا أن أمريكا اللاتينية كانت على موعد مع مجموعة من القساوسة من أبناء الطبقات الأكثر فقراً وتهميشاً، ليخرج هؤلاء بمجموعة من التفاهمات مع اليساريين مهدت الطريق نحو مرحلة جديدة من الصراع، يندمج فيها هؤلاء جنباً إلى جنب، مع اليساريين، لتأطير الصراع الطبقي في أمريكا اللاتينية.

أوسكار روميرو، الذي تناولنا سيرته في المقال السابق، كان أول أنموذجاً حقيقياً لذلك الإطار الذي عرف باسم لاهوت التحرير، إلا أن ذلك لا يمنع حقيقة وجود رجال دين آخرين، سبقوا روميرو، أسسوا لذلك المفهوم، من خلال اللقاءات التي جمعتهم بالأحزاب الشيوعية في أمريكا اللاتينية وفي أوروبا، الأمر الذي وضع الكنيسة كمرجعية دينية للمسيحيين على مفترق طرق، فتوجه الفاتيكان في أوروبا نحو الشكل الكلاسيكي لمفهوم اليسار حول الكنيسة، أي أنه واصل العمل على خدمة المصالح البرجوازية ومصالح الاستعمار في العالم، في حين ضربت الكنيسة اللاتينية موعداً مع التغريد خارج هذا السرب، من خلال توجهها نحو الفقراء ومعذبي الأرض، والانحياز لقضاياهم، ناهيك عن محاربتها للاستعمار.

خروج الكنيسة اللاتينية عن الإطار العام الكنسي الأوروبي، وميلها الواضح نحو اليسار، وجه الولايات المتحدة نحو محاربتها، ومعها الفاتيكان، لتصبح الكنيسة اللاتينية وفق وجهة نظر الولايات المتحدة، كنيسة تروّج للماركسية في أروقتها، فقط بسبب محاربة الكنيسة اللاتينية لاستغلال الطبقة البرجوازية للطبقات المهمشة، ومحاولاتها لمحاربة الاستعمار، جنباً إلى جنب مع الماركسيين.

أشباه الأسقف روميرو كانوا كثراً في أمريكا اللاتينية، وفي هذا الجزء من دراسة لاهوت التحرير، نحن بصدد تسليط الضوء على ذلك الأب التشيلي، الذي بكى على ضياع بلاده، وفقدان السلفادور إليندي، الأب ماكنرو، الذي دخل إلى مدرسته الكنسية، وتناول كسرات الخبز، وأطفأ الشموع، بعيد الانقلاب الذي دبرته الولايات المتحدة على حكومة إليندي المنتخبة ديمقراطياً، وقال لتلاميذه: “هذا المكان لم يعد مقدساً، الرب لم يعد موجوداً هنا”.

تلك المشاهد تجلّت بوضوح في فيلم تشيلي بعنوان “ماشوكا”، الذي أنتج في العام 2004، من تأليف وإخراج أندريس وود، حيث يسلط الفيلم الضوء على طبيعة الصراع التي تشكلت في تشيلي عقب انقلاب أوغستو بينوشيه المدعوم أمريكياً على حكومة السلفادور إليندي المنتخبة ديمقراطياً بين الطبقة الفقيرة والمؤمنين بمشروع إليندي، وبين البرجوازية الموالية للنظام الرأسمالي (قام وود بإهداء الفيلم لذكرى الأب جيراردو ويلان، رئيس مدرسة القديس جورج في سنتياغو من عام 1969 الى عام 1973).



يقدم وود في الفيلم عبر الأطفال الصراع بين الاشتراكيين والرأسماليين، بين الطبقات العاملة الفقيرة والطبقات البرجوازية الرثة والتابعة، إبان انتهاء حكم إليندي، وبداية حكم الطاغية بينوشيه. أما المشهد الأبرز في الفيلم فيبقى مسجلاً باسم شخصية الأب ماكنرو ، ذلك القس ذو النزعة الثورية، وهو يحاول دمج طبقات الطلاب في المدارس بين الأغنياء والفقراء، فقد كان حازماً مع أي تعامل ساخر مع الطلبة الفقراء من قبل الطلية الأغنياء، وواجه عناد أهالي الطلاب من الطبقة الوسطى والثرية في عزل أبناءهم عن الطلبة الفقراء.

ويبقى التجسيد الأول للاهوت التحرير براءة اختراع تشيلية، شهدتها البلاد في الأعوام بين 1970 و 1972، عبر التلاقي والتقارب الذي شهده عصر السلفادور إليندي ممثلاً بالحركة الشعبية MAPO، والتي تعاون من خلالها المسيحيون بعمومهم، مع اليساريين على اختلاف اتجاهاتهم.

الأرضية المشتركة التي وقفت عليها الكنيسة بالتشارك مع اليساريين ارتكزت إلى تحرر العقيدة المسيحية في أمريكا اللاتينية من قيود الرأسمالية بعوامل ذاتية، ناهيك عن تشكل حالة جديدة لدى المؤمنين بالمسيحية من أبناء أمريكا اللاتينية تقضي بكون الرب لم يعد مصدراً للاغتراب، بل رمزاً للالتزام الاجتماعي بين المؤمنين على اختلاف تصنيفهم الطبقي.

بدأت الكنيسة اللاتينية في تلك الفترة بالتأكيد على أن الماركسية تلتقي مع المسيحية أكثر مما تختلف معها، ووصّفت كلاهما بالثورة، مع غض الطرف عن الأساس الفكري لكل منهما، ولكن ذلك التوصيف أخذ طابع الإشارة إلى ان كليهما برنامج عمل ثوري يسعى لتغيير البناء الاجتماعي الطبقي، لتقلل الكنيسة في تلك الفترة من الاهتمام بكون تلك الثورة تقوم على “أمر إلهي” أم على أسس مادية، وسلطت الضوء على الالتقاء على ذات الهدف الجوهري الموجه نحو القضاء على المجتمع الطبقي.

وتسجّل صفحات التاريخ اسم الأب الكولومبي كاميليو توريز في صفحات لاهوت التحرير المشرقة في أمريكا اللاتينية، ويتذكر أبناء القارة دوماً خطاباته التي أصرت دوماً على فكرة التحرر. ” لا يمكن أن أكون معادياً للشيوعيين باعتباري مواطناً وراهباً، العداء للشيوعية معناه التواطؤ مع استغلال الطبقات المحرومة، وباعتباري عالم اجتماع، تقدم لي التحليلات الماركسية صورة صادقة لحال الفقراء والحوعى والأميين، وباعتباري راهباً، أجد في الشيوعيين مسيحيين حقيقيين، وهم لا يعلمون ذلك”. وهذا بالضبط ما اعتمد عليه هوغو تشافيز في مواجهة تيار كنسي محدد تابع للامبريالية عندما رد عليهم “نعم أنا أكثر مسيحية منكم”

“للمصادفة” تسجل ذاكرة التاريخ أن الشاعر التشيلي بابلو نيرودا رحل عن عالمنا عقب اغتيال السلفادور إليندي، الصديق والرفيق، بـ 12 يوماً فقط، لتبقى كلماته تصف الشيوعي أينما وجد عبر العالم، تصف إليندي وكاسترو وجيفارا، تصف لينين وماو ولومومبا:

نحن فضة الأرض النقية

معدن الإنسان الحق

نجسد حراك البحر الدائب

دعم كل الآمال

ولحظة في الظلام لا تسلبنا النظر

ودونما عذاب سنلقى حتفنا



#طلال_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قس بنكهة ماركسية!
- أديان صديقة لليسار | أمريكا اللاتينية أنموذجاً


المزيد.....




- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - طلال عبدالله - “بعد السلفادور إليندي، الرب لم يعد موجوداً هنا”