أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نعوم تشومسكي - «سنودن» وطائرة «موراليس»















المزيد.....

«سنودن» وطائرة «موراليس»


نعوم تشومسكي

الحوار المتمدن-العدد: 4182 - 2013 / 8 / 12 - 09:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في 9 يوليو الماضي، عقدت "منظمة الدول الأميركية" جلسة خاصة لمناقشة السلوك المثير للصدمة الذي أقدمت عليه دول أوروبية، إذ منعت طائرة حكومية تقل الرئيس البوليفي إيفو موراليس من دخول نطاقها الجوي. وكان موراليس عائداً إلى بلده، بعد أن حضر قمّة في موسكو بتاريخ 3 يوليو. وكان قد أفاد، في إحدى المقابلات، بأنه مستعدّ لعرض اللجوء السياسي على إدوارد سنودن الذي كان آنذاك في مطار موسكو، علماً بأنه متعاقد سابق مع منظّمة تجسس أميركية، وهو الآن مطلوب في واشنطن بتهم تجسس.


وأعربت "منظمة الدول الأميركية" عن تضامنها مع موراليس، وندّدت "بالأفعال التي تنتهك قواعد القانون الدولي ومبادئه الأساسية، بما يشمل حصانة قادة الدول، وطالبت بـ(بحزم) الحكومات الأوروبية - في فرنسا، وإيطاليا، والبرتغال، وإسبانيا - بشرح تصرفاتها وتقديم اعتذارات".

إلى ذلك، ندّد "اتحاد دول أميركا الجنوبية"، خلال اجتماع طارئ عقده، "بالانتهاك الفاضح للمواثيق الدولية" الذي أقدمت عليه القوى الأوروبية.

ومارس رؤساء دول أميركا اللاتينية الضغوط بدورهم، إذ أعربت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف عن "استياء البلاد وتنديدها بالوضع الذي فرضته بعض الدول الأوروبية على الرئيس إيفو موراليس". وحذّرت من أن "هذا الانتهاك الخطير للقانون يقوّض الحوار بين القارتين والمفاوضات المحتملة بينهما".

وكان النقّاد أكثر تحفّظاً، إذ قلّل خبير العلوم السياسية الأرجنتيني، أتيليو بورون، من شأن أوروبا، معتبراً أنها بمثابة "ساقطة بابل"، التي تذل نفسها في وجه النفوذ. وبالقدر ذاته من التحفظ، رفضت دولتان، هما الولايات المتحدة وكندا، توقيع قرار "منظمة الدول الأميركية"، مع الإشارة إلى أن عزلتهما المتزايدة في هذا القسم من الكرة الأرضية تعتري أهمية تاريخية، مع تحرّر أميركا اللاتينية من وطأة استعمار دام 500 عام. وبعد أن واجهت طائرة موراليس مشكلات تقنية، سُمح لها بالهبوط في النمسا. وتفيد بوليفيا بأن الطائرة خضعت للتفتيش، للتأكّد إن كان سنودن على متنها. وقد ردّت النمسا قائلة إنّ "الطائرة لم تخضع لأي تفتيش رسمي"، علماً بأنّ كلّ ما حصل تبع تحذيرات صادرة عن واشنطن، وبأن الرواية تبقى غامضة في ما يتعدّى ذلك. في هذا السياق، وضّحت واشنطن أن أي دولة ترفض تسليم سنودن ستواجه عقاباً قاسياً، وقد حذّرت السيناتور ليندسي جراهام قائلة إن الولايات المتحدة "ستطارده في أرجاء العالم كافة".

بيد أن متحدثين حكوميين أميركيين أكّدوا أن "سنودن" سيحظى بحماية القانون الأميركي كاملةً - في إحالة إلى القوانين ذاتها التي أدّت إلى سجن الجندي برادلي مانينج، من الجيش الأميركي، لمدّة ثلاث سنوات، فتم احتجازه في السجن الانفرادي في ظلّ شروط مذلّة. ومن المؤكّد أنّ مفهوم المحاكمة السريعة أمام لجنة من المحكّمين ولّى منذ وقت طويل. وفي 30 يوليو، دان القاضي العسكري مانينغ بتهم قد تعرّضه لعقوبة أقصاها تمضية 136 سنة خلف القضبان. وتماماً كما حصل مع سنودن، تمثلت جريمة مانينغ بأنه كشف للأميركيين - ولغيرهم - ما تفعله حكومة بلادهم، في ما اعتُبر اختراقاً "أمنياً" بالغ الأهمية، من وجهة نظر تجسسية، وهو مألوف لأي شخص اطّلع على مستندات رُفِعَت عنها السرّية. وفي العادة، يشير "الأمن" إلى حماية المسؤولين الحكوميين، الذي يُعتَبرون - نظرياً - خاضعين للمساءلة، من نظرات الشعب المتطفّلة.

ولطالما تذرّعت الحكومات بالأمن - وكان أمناً من الهجمات الإرهابية، في حالة سنودن، مع العلم بأنّها ذريعة صادرة عن إدارة تجري حملة دولية ضخمة ضد الإرهاب، وتستعمل طائرات من دون طيّار، وقوات عمليات خاصة، الأمر الذي يولّد إرهابيين محتملين مع كل خطوة في هذا الاتجاه.

ولا حدود لاستياء الحكومات من الفكرة التي تفيد بأي مطلوب من الولايات المتحدة يجب أن يحظى بلجوء في بوليفيا، التي تجمعها بالولايات المتحدة معاهدة لتسليم المجرمين. ومن العجب أن يغيب، وسط هذه الفوضى، واقع يشير إلى أن تسليم المجرمين يتم في الاتجاهين - كذلك نظرياً.

وفي سبتمبر الماضي، رفضت الولايات المتحدة عريضة قدّمتها بوليفيا في العام 2008، تطالب بتسليم الرئيس السابق جونزالو سانشيز دي لوزادا - ولقبه "غوني" - ليواجه تُهم بارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية. بيد أنه من الخطأ مقارنة طلب بوليفيا بتسليم المجرمين بذاك الذي قدّمته واشنطن، وإن كنّا لنفترض أنّه من الممكن مقارنة الحالتين.

أمّا السبب لذلك، فوفّره القديس أوغسطين، في روايته عن قرصان سأله الإسكندر الكبير، "كيف تجرؤ العبث بالبحر؟" فأجابه القرصان: "كيف تجرؤ العبث بالعالم أجمع؟ أنا أعبث باستعمال سفينتي الصغيرة فقط، ويعتبرونني سارقاً، أما أنت، فتقوم بذلك بأسطول كبير، ويعتبرونك إمبراطوراً". وقد اعتبر القديس أوغسطين جواب القرصان "أنيقاً وممتازاً"، بيد أن الفيلسوف القديم، الذي كان أسقفاً في أفريقيا الرومانية، هو الصوت الوحيد المنبعث من الجنوب العالمي، الذي يسهل تجاهله. ولا شكّ في أنّ الأشخاص المنمّقين في عصرنا الحديث يفهمون، أن الإمبراطور يملك حقوقاً لا يمكن أن يتوق إليها شعب صغير كالشعب البوليفي.

وليس "غوني" إلا فرداً واحداً قرر الإمبراطور عدم تسليمه، وتتمثّل حالة أخرى بلويس بوسادا كاريليس، الذي وصفه بيتر كورنبلاه، محلل الإرهاب في أميركا اللاتينية، على أنه "من أخطر الإرهابيين في التاريخ الحديث".

واللافت أن "بوسادا" مطلوب من فنزويلا وكوبا، لضلوعه في تفجير الطائرة التجارية "كوبانا" في عام 1976، الذي أدى إلى مقتل 76 شخصاً. وقد اعتبره كلّ من وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي على أنه متّهم. إلا أن الكوبيين والفنزويليين يفتقرون بدورهم إلى صلاحيات الإمبراطور، الذي نظّم ودعم حكم الإرهاب الذي يرزح الكوبيون تحت وطأته منذ التحرير.

وتجدر الإشارة إلى أن المرحوم "أورلاندو بوش"، شريك "بوسادا" في الإرهاب، استفاد بدوره من شفاعة الإمبراطور، حيث طالبت وزارة العدل الأميركية، ومعها "مكتب التحقيقات الفيدرالي"، بترحيله؛ لأنّه يشكّل خطراً على أمن الولايات المتحدة. وقد اتّهماه بعشرات الأفعال الإرهابية. وفي عام 1990، وبعد أن قلب بوش الابن مفعول أمر الترحيل، عاش "أورلاندو بوش" حياته سعيداً في ميامي، دون أن تزعجه طلبات تسليم المجرمين الصادرة" عن كوبا وكوستاريكا، دولتين تكادان تكونان في عداد القراصنة.

وفي هذا السياق ذاته، يمكن الإشارة إلى قرصان آخر يُعتَبر عديم الشأن هو إيطاليا، التي تسعى حالياً لتسلّم 23 عميلاً في "وكالة المخابرات المركزية" اتُّهموا بخطف حسن مصطفى أسامة نصر، وهو رجل دين مصري في ميلانو، تمّ تسليمه لمصر كي يتم تعذيبه (وتبيّن لاحقاً أنه بريء). وبالتالي، أدعو لإيطاليا بالتوفيق!

ويمكن الكلام عن حالات أخرى، بيد أن جريمة التسليم السرّي تعيدنا إلى قضية استقلال أميركا اللاتينية. وقد أصدر "معهد المجتمع المفتوح" مؤخراً دراسة بعنوان "التعذيب العالمي: "عولمة التعذيب: الاحتجاز السري والتسليم الاستثنائي في مركز المخابرات المركزية" وراجعت الدراسة المشاركة العالمية في الجريمة، فكانت واسعة النطاق، وكذلك في أرجاء الدول الأوروبية

وأشار باحث من أميركا اللاتينية يدعى "جريغ جراندين" إلى غياب منطقة واحدة من قائمة العار، هي أميركا اللاتينية، ويعتري الأمر أهمية مزدوجة، حيث إن أميركا اللاتينية لطالما كانت فناءً أميركياً يمكن أن تعتمد عليه واشنطن. وإن حاول أي من السكان المحليين رفع رأسه، تعرّض للقطع، إمّا على يد الإرهاب، أو من خلال انقلاب عسكري. وتماماً كما كان الوضع في ظل النفوذ الأميركي، في أرجاء القارة الجنوبية خلال النصف الثاني من القرن الماضي، كانت أميركا اللاتينية تدخل في عداد عواصم التعذيب في العالم. بيد أن الأمر ما عاد كذلك، حيث إنّه يتمّ إخراج الولايات المتحدة وكندا من هذا الجزء من الكرة الأرضية.



#نعوم_تشومسكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يملك الأرض؟
- تفجيرات بوسطن... وتداعيات برامج «الاغتيال»
- فلسطين... والحفاظ على الكرامة
- في ظلّ الرأسمالية... هل تصمد الحضارة؟
- من يملك العالم؟
- أخطر تهديد للسلام العالمي
- ما بعد الهجوم على غزة
- غزة... أكبر سجن في العالم
- قضايا غائبة في الانتخابات الأميركية
- قضايا يتجنبها أوباما ورومني
- شبح هيروشيما
- قمة -كارتاخينا- ... وتراجع النفوذ الأميركي
- الاعتداء على التعليم العام
- شرق أوسط خال من السلاح النووي
- الاحتلال الإسرائيلي ومنطق -اللابشر-
- التجاهل الأميركي لخطر التغير المناخي
- حركة -احتلّوا-... منعطف أميركي
- بعد -سبتمبر-... هل كانت الحرب خيارنا الوحيد؟
- الولايات المتحدة في مرحلة انحدار
- الاعتراف بالدولة الفلسطينية...تسونامي في إسرائيل


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نعوم تشومسكي - «سنودن» وطائرة «موراليس»