حميد خنجي
الحوار المتمدن-العدد: 4174 - 2013 / 8 / 4 - 05:41
المحور:
الادب والفن
كم جميلة وذاتَ عبير وشذى كانت الأزهار !
( خاطرةٌ أدبيةٌ / خماسية ؛ للكاتب الروسي الكبير: إيفان تورجنيف : 1818 - 1883 )
ترجمها عن الأصل سنة 1976 ، ونقّحها الآن : حميد خنجي
###########
في مكانٍ ما .. في وقتٍ ما ، من الزمنِ الغابر ، ترنّمتُ بقصيدةٍ معبِّرة .. وبعد بُرهةٍ نسيتُها ... غير أن مطلعها ظلّ عالقاً في الذاكرة : كم جميلة وذات عبير وشذى كانت الأزهار..!
***********************
والآنْ ؛ الوقتُ شتاءٌ ، حيثُ ينقشُ الصّقيعُ خطوطاً مشوّشةً زهريّة على زجاجِ النوافذ ، وشمعةٌ يتيمةٌ تضيء الحجرةَ المظلمة . وأنا جالسٌ أسترجع الأيامَ الخوالى من سنواتِ الصّبا .. وفي الذاكرة كل شيء يرنُّ : ...
كم جميلة وذات عبير وشذى كانت الأزهار ..!
××××××××××××××××××
تذكرتُ نفسي أمام النافذةِ الواطئةِ تلك ، في بيتٍ قابعٍ في إحدى ضواحي مدينةٍ روسيةٍ قديمة.. حيث المساءُ الصيفيّ يهبطُ بهدوءٍ وسكينة ، وينقلبُ إلى ليلٍ داجٍ . وفي الفضاءِ الدّاكنِ ينسابُ عبيرُ الخُزامِ والزيزفون . ومن النافذةِ المقابلةِ تطلُّ فتاةٌ في عمرِ الربيع .. تنظرُ إلى السماءِ بنظرةٍ متأملةٍ صامتة ، وكأنها تنتظرُ بزوغَ النجومِ الأولى ! ... كم كانت عيناها حالمتين وبسيطتين في أن ، تذكرني بهيئةِ وجهٍ شرقيٍّ أصيل !.. كم هي بعيدة عني ، وموغلةٌ في الزمنِ السرمديّ ؛ يا لِلَهفي : ...
كم جميلة وذات عبير وشذى كانت الأزهار..!
÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷
و في الحجرةِ يهبطُ الظلامُ رويداً رويداً .. ويصفعُ الصقيعُ الجدران .. ونماذجٌ بشريةٌ مختلفة تتجسّدُ أمامي ؛ يتهادى إلى مسمعي ضجيجٌ عائليّ ممتع ، لحياةٍ ريفيةٍ بسيطة . ورأسان أشقران يطلان عليّ بخفّةٍ .. وبعيونٍ طلسميةٍ وخدودٍ قُرمزيةٍ .. ترفرفان بضحكاتٍ مكتومة. وفي المدى – قبّالي ؛ تتغنى أصوات شابةٍ عذبة.. وخلف المشهد ؛ أيادٌ تلعبُ على مفاتيحِ "بيانو" قديمة . وألحانُ "الفالس" لاتتمكن من إخمادِ همهَمةِ السّماور : ...
كم جميلة وذات عبير وشذى كانت الأزهار..!
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
الشمعةُ تتلاشى .. تتآكل .. وتنطفئ . ذاب الشمعُ وتلاصقت مادتُه كعجينةٍ بائتة. يرتجفُ الّلهبُ الخافتُ ، وتنقذفُ قطرات من الشمعِ المذابِ عند أقدام رفيقي الوحيدِ .. الباقي ؛ الكلب العجوز ! أشعرُ ببرودةٍ وقشعريرةٍ في بدني ... لقد اخطفتْ أيدي الرّدى كلَّ خلاّني ، واحداً أثر آخر : ...
كم جميلَة وذات عبير وشذى كانت الأزهار..!
#حميد_خنجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟