أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الأوسي - الوجودية ما بعد الحربين العالميتين














المزيد.....

الوجودية ما بعد الحربين العالميتين


عادل الأوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4173 - 2013 / 8 / 3 - 23:28
المحور: الادب والفن
    


إذا كانت المذاهب الفنية التي حاولت أن تهجر الواقع الى الباطن , وتفر من وطأة الشعور إلى تهويمات اللاشعور, إنما نشأت كنتيجة مباشرة للحرب العالمية الاولى التي زعزعت ثقة الإنسان بالقيم العامة والمثل التي كان يحلم بها والتي ضعضعت حواسه بما أنزلته عليه من ويلات ودمار, وما استطاع الوقوف على قديمه بعدها حتى حلّت به نكبة أخرى أكثر طحناً وأشد ضراوة هي الحرب العالمية الثانية التي زودها العلم واتساع المعرفة بأسلحة أفضع تدميراً وأكثر إهلاكاً بحيث انتهت إلى قنبلتي (هيروشيما وناجازاكي).
هذه الحرب العالمية الثانية كان لها رد فعل عنيف على الإنسان الأوربي حيث أثبتت له أن المشكلة ليست مشكلة شعور ولا شعور, وان هروبه من الواقع إلى الباطن لم يصل به إلى ماكان يرجو ويحب, بل ولم يساهم في إيجاد أي حل لمشكلته ومأساته, وفطن إلى أن المسالة لا تتعلق بالفرد من حيث هو فرد, وإنما تتصل بارتباطاته الجماعية, سواء في الماضي وفي الحاضر, فالماضي بكل تراثه الإنساني والروحي لم يستطع ان يجنبه ويلات حربين مدمرتين ــ بخلاف ما يخبئه له القدر ــ فهو إذن غير حقيقي وغير جدير بالتمسك به, ولا بد من السعي لإيجاد بديل يحل محله.
واتجه التفكير نحو الإنسان باعتبار أن فرديته هي المكونة للجماعة, وأنه لولا وجود الفرد ما وجدت الجماعة, ولكن تلك الجماعة استشرّت واستأسدت وسلبت الفرد كيانه وذاتيته, على الرغم من أنه هو المكون لها وأساس وجودها, وأصبح المجتمع هو الذي يفرض عليه القوانين المقيدة لحريته الشخصية, والمكبلة لنزعاته النفسية والموجهة لسلوكه, إلى الحد الذي جعلها تفرض عليه الحرب مرتين دون ان يستطيع رد ذلك أو الإعتراض عليه. هذا الموضوع هو محور الفلسفة الجديدة التي تبعها مذهب فني حمل اسم الوجودية.
لقد نحت الوجودية ــ كمذهب فني ــ مسألة الشعور واللاشعور لتعتمد على أساس عقلي يناقش علاقة الفرد بالمجتمع, ويضع المشكلة في إطار فلسفي هو الوجود والماهيه, فالفلاسفة القدماء كانوا يعتقدون في عالم الماهية, أي ان كل شيء في الوجود له صورة مثالية مجردة وسابقة على وجودة , ومعنى ذلك أن الإنسان ليس كامل الحرية في نفسه لأنه مجرد صورة تابعة لشيء وجد قبله, فتأتي الوجودية لتنفي عالم الماهيه, وترفض رفضاً باتاً وقاطعاً أن يكون للإنسان تابعاً لأي شيء مسبق, حتى ولو أدّى هذا الرفض إلى معارضة الدين ومجافاة العقائد. لأن الإنسان في اعتبار الوجودية هو الجوهر الحقيقي المطلق الذي يعتبر وجوده الوجود الأكيد المؤكد.
وليست الوجودية أول من نادى بهذا الرأي وعارض فلاسفة اليونان القدماء, وإنما يعتبر (ديكارت) بمذهبه المعروف بأسم (مذهب الشكّ الديكارتي) أول من عارض موضوع الماهيه ــ وان اقتصرت معارضته له على الاوجه الفلسفية ــ حين قال قولته الشهيرة (( أنا أفكر فإذن أنا موجود)).
واستغلالاً لمبدأ ديكارت, نادت الوجودية بأنه لا وجود للإنسان خارج ذاته, وأن المظهر الوحيد لهذا الوجود هو ((التفكير)), وأن جميع المعتقدات والقيم والمثل والموروثات ليست إلا اوهاماً لا تعني شيئاً ولا مكان لها بالنسبة للإنسان الذي يجب أن يعتمد على نفسه وعلى تفكيره وحده. وعليه أن يقيم حياته طبقاً لتفكيره فقط دون التقيد بأي قيود خارج ذاته, بعد أن يتخلص من كل تلك المعوقات التي كانت تكبله وتقيده بقيود اصطنعها المجتمع ليأسره ويستعبده ويتحكم فيه.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سياسة التجهيل حرب بين الكتاب والبندقية
- زنازين الموت الحمراء
- الفقراء بين المطرقة والسندان


المزيد.....




- اختفاء يوزف مِنْغِله: فيلم يكشف الجانب النفسي لطبيب أوشفيتس ...
- قصة القلعة الحمراء التي يجري فيها نهر -الجنة-
- زيتون فلسطين.. دليل مرئي للأشجار وزيتها وسكانها
- توم كروز يلقي خطابا مؤثرا بعد تسلّمه جائزة الأوسكار الفخرية ...
- جائزة -الكتاب العربي- تبحث تعزيز التعاون مع مؤسسات ثقافية وأ ...
- تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط
- موسيقى الـ-راب- العربية.. هل يحافظ -فن الشارع- على وفائه لجذ ...
- الإعلان عن الفائزين بجائزة فلسطين للكتاب 2025 في دورتها الـ1 ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الأوسي - الوجودية ما بعد الحربين العالميتين