أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سيد القمني - من الدين إلى العلمانية















المزيد.....

من الدين إلى العلمانية


سيد القمني

الحوار المتمدن-العدد: 4173 - 2013 / 8 / 3 - 10:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعد أن خصص كتاباً لإثبات كُفر العلمانية (الرد على العلمانية / مكتبة وهبة )، فإن الأستاذ قرضاوي يحدثنا بعد ذلك عن بلاد العالم الذي طبق العلمانية وتفوق وأصبح منه الأمم القائدة عالمياً، ليقول في كتابه ( الإخوان المسلمون / مكتبة وهبه / ص 138،139 ط 1999 ) . . " فأقبلت الدنيا على هذه الأمم الأوروبية، وجُبيت إليها ثمار كل شيء، وتدفقت عليها الأموال من كل مكان، فكان طبيعياً بعد ذلك أن تقوم الحياة الأوروبية والحضارة الأوروبية على قاعدة إقصاء الدين عن مظاهر الحياة الاجتماعية وبخاصة الدولة والمحكمة والمدرسة، وتبعاً لذلك صارت مظاهر هذه الحضارة مظاهر مادية بحتة، لهدم ما جاءت به الأديان السماوية، وتناقص كل الأصول التي قررها الإسلام الحنيف " .

وبغض النظر عن استخدام الأستاذ قرضاوي لتعبيرات إسلامية في عرضه لشأن علماني كقوله " وجُبيت إليها ثمار كل شيء "،والجباية شيء لا تعرفه العلمانية، فاقتصادها يقوم على الإنتاج وليس الجباية، يقوم على الاختراع والاكتشاف والتقدم العلمي وليس على الجهاد ضد الآخرين لسلبهم وسبيهم، فالجباية هي نظام ريعي موجود في الإسلام كخراج وجزية وفيئ يفرضه القوي على الضعيف والمنتصر على المهزوم والمستعمر الفاتح على المفتوح، وبغض النظر عن كون قرضاوي بطول كتاباته وعرضها ينعت الحضارة الغربية بالصليبية ويسمي دستورها بالطاغوت، وأنها تصدر لنا العلمانية كي نتخلى عن ديننا ونتعرى ونشرب الخمر حتى يصيبنا الانهيار، فهل هي بلاد صليبية متدينة أم علمانية لا دينية ؟ وإذا كانت العلمانية هادمة فلماذا تطبقها في بلادنا، وإذا كانت العلمانية سم تصدره لنا فلماذا تتناوله في بلادها في كل قرار وكل اكتشاف ؟ لو كانوا يعلمون أن سلعتهم فاسدة فهل يستخدموها ؟! وهل نحن الأكثر رقياً وتحضراً بما لدينا ؟ وهل لخضوعنا لتدين مظهري علاقة بتخلفنا ؟ وهل يمكن للعلمانية أن تزيد من هذا التخلف ؟ ولماذا لا نصدر نحن لها أسباب تخلفنا من باب الحقد الحضاري وشفاء لغل صدور قوم مؤمنين ؟ أم نحن عاجزون عن تصدير الفكرة ؟ وهل الغرب الذي وعى كل أسباب التحضر غاب عنه الإسلام كمخلص روحي لما هو فيه من انهيار نتمناه عندهم ؟ وهل غاب عن بلاد بهذا الوعي مصيرها الأبدي الذي يضمنه الإسلام ؟

بغض النظر عن كل هذا دعوننا نحدثهم فيما هو أهم فالمسلم العارف بأصول دينه يعلم جيداً أن المتحدث الوحيد باسم رب الإسلام هو النبي محمد وحده، أما ما يقال من غيره من بعده بشأن الدين الإسلامي فهو تعبير عن فهم القائل، وهو مجرد رأي يقبل الصواب كما يقبل الخطأ، لأن لا أحد بعد محمد يوحي إليه أو ينطق باسم السماء أويمثل رب الإسلام على الأرض، فالدين من بعد نبيه ملك لله وحده ولا يملكه غيره .

مثلي من العلمانيين يرى أن هناك ضرورة لتخطئ الواعظ أو الفقيه أو المفتي وأي متحدث في الشأن الإسلامي، لأنه لا يملك ووحياً بل يملك رأياً، لأنه لو ملك الحقيقة النهائية والمطلقة لصار إلهاً، وديننا يؤكد لنا أن كل بن آدم خطاء، لذلك يكون تخطئ الفقيه ضرورة كي لا يقودنا إلى دمار، ومن هنا جاءت حكمة تعدد المذاهب الإسلامية، فيحجم كل منها المذهب الآخر ليرده إلى بشريته، وكما التعدد ضرورة وطنية على المستوى السياسي فهو أيضاً ضرورة على المستوى الديني، خاصة إذا ما وسعنا الدائرة وأضفنا إلى الفقيه كالأستاذ قرضاوي آخرون يحدثوننا عن وقوف الإسلام ضد السحر والشعوذة، ويتحدثون على الطب النبوي والعلاج ببول البعير والعلاج بالقرآن ضد المس الشيطاني ولبس الجان لبني الإنسان، ومن هنا كان موقفي المتشدد من المشتغلين بالدين عبر رحلة طويلة من الصراع والمعاناة، كي أُرسي المبدأ العلماني في التفرقة بين ما هو سماوي وما هو بشري، وما جره علي هذا الإصرار ما تعلمونه، خاصة أني لم استثن أحداً ولا حتى الصحابة مما جعل بعض المتلبرلين بيناصبني العداء بخصام فاجر، لكن صدقي مع علمانيتي لم يدع لي فرصة للنقد الموثق إلا وقدمتها، أقوالاً وأفعالاً، حتى لا يتكرس في الإسلام الخلط بين الدنيوي والرباني، لرفع القدسية عن البشر حتى لا نسقط في الشرك بالله، ويصبح عندنا ألوف الآلهة من الصحابة وجامعي الحديث والفقهاء وأصحاب المذاهب، وكرست بعض هذا الجهد في كتاب بعنوان (انتكاسة المسلمين إلى الوثنية) ومعه كم كبير على وسائل النشر المختلفة .

مهمتي كعلماني كانت أيضاً الإصرار على التفرقة بين العبادات التي هي محل إيمان وما تتطلبه من شعائر وطقوس كالصلاة والصوم والحج والزكاة، وبين المعاملات التي تتعلق بحياتنا ومعاشنا الأرضي الدنيوي مثل طريقة حياتنا التي تخالف منطق عصرنا، لتفكرنا بمنهج مغرق في بدائيته، ولأنها تحتاج الى تطور ثقافي وقيمي يناسب حداثة المجتمع حتى تبدأ قاطرته بالعمل والتحرك، ولا تحتاج نصاً دينياً إنما تحتاج منهجاً يناسب الدنيا هو منهج العلم المتغير دوماً المتطور أبداً الذي لا يعرف ثباتاً، مثل الحياة المتغيرة دوماً المتطورة دوماً، مع الإخلاص لكل الموضوعين : العبادات والمعاملات، خاصة مع ما نعلمه كيف تغيرت المعاملات ونصوصها زمن النبي نفسه بالنسخ والرفع والتبديل والإنساء والمحو، في درس واضح للتفرقة بين ما هو ثابت وبين ما هو متغير متحول، وأن علينا أن نتغير ونتطور مع تغير الواقع المتحرك وتبدله .

إن الفقهاء يبحثون في شئون تغيب عنا كصفات الله وذاته وشكل عرشه ومن هم حملة العرش الثمانية ؟ وما هي كيفية جلوسه واستوائه وعرض سراطه وطوله وصفات ملائكته ؟ وكلها غيوب مجهولة لا مجال لوضعها تحت النظر والبحث . هي عند العلماني محل إيمان فقط، يسلم بها المؤمن ويطيع ما تأمره به النصوص من إقامة سلوك الطاعة لما هومن قواعد الإيمان وأصول العبادة . وليس أبعد من ذلك .

ورؤية الأديان للتغير بحسبانه نقصا وأنه صفة دنيوية زائلة، فلأن الاعتقاد بكمال إلهي تام يترتب عليه نتيجة هي أن الثبات دليل كمال، ولو نظرنا للبشرية سنجدها تتطور، فالتطور علامة أرضية بشرية ليس فيها اكتمال لأنها كل يوم تكتشف نقصا يحتاج إلى اكتمال في حركية أبدية لا تتوقف، ويلزم الاعتراف بتطور الإنسان مع تطور الدنيا لنسقط عنه صفة الألوهية، ويلزم الحفاظ على عدم الخلط بين النقيضين حتى يظل الإله إلاهاً والإنسان إنسانا، وكان تغير الأديان من دين إلى دين ومن يهودية إلى مسيحية إلى إسلام لا يعني أن تغييراً قد حدث في السماء، إنما التغيير قد حدث في الأرض فاستجابت له السماء بما يناسب الجديد على الأرض، فليس مطلوباً منا أن نغير أرضناً لنلحق بكمال السماء المستحيل، إنما الله في سنته هومن كان يغير رسله ودياناته ليلحق بتغير الأرض الرائد والنسبي والمتحول باستمرار . وإن توقفت السماء عن السير مع تغير الأرض بانتهاء زمن النبوات، فإن تغير المذاهب جاء كبديل لقيام السماوي بتعديل غاياته ومقاصده وتكييف مرادها مع الواقع الأرضي البشري المتغير . ليس مطلوباً منا أن نغير واقعنا ليرضى الله فنعيش كما عاش النبي والصحابة، بل نغير فهمنا للدين بما يوافق المتغيرات وهو عين ما يرضى الله وإلا أصبحت الأديان بعد اليهودية عبثا ولأصبحت المذاهب جميعاً هي الكفر عينه ولأصبح الدين عبئا على البشرية . السماء رأت أن مصلحة المجتمع والناس مقدمة على ما رأته السماء في زمن ومكان، أنه كان صالحاً لهذا الزمن والمكان، لكنه غير صالح في زمن ومكان آخر، فأرسلت صالح وهود وذي النون وأنبياء قصصنا وأنبياء لم نقصص، السماء كانت تعلم الفارق البائن بين عالم الألوهية وعالم الإنسانية، فقررت أن لديها لونين مختلفين من النصوص : عبادات ثابتة على تغير الزمن والمكان، فلا سبب لتغيير عدد صلوات الظهر، ولا سبب للاعتراض على شكل السراط، ولا ضرورة لتغيير طريقة الوضوء، ومعاملات تخص زمنها ومكانها ولا تتعداه إلى غيره، وهذا تحديداً ما تقوله العلمانية " التفكير في المطلق بما هو مطلق والفكير في النسبي بما هو نسبي ".



#سيد_القمني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية كضرورة زمانية
- تفويض للقوات المسلحة المصرية
- نداء.. نداء.. نداء
- حزب الظلام/ النور سابقاً/ وأمور أخرى
- قلق مشروع
- من دفتر على الرصيف
- صراع بين زمنين
- هدم الدولة (2) ..تدمير الأخلاق
- هدم الدولة (1)..الماعت
- فصل المقال فيما بين القانون والشريعة من انفصال(3)
- فصل المقال فيما بين القانون والشريعة من انفصال (2)
- فصل المقال فيما بين القانون والشريعة من انفصال
- واقع ومستقبل الأقليات في الفقه الإخواني
- شهادة زمن ما قبل التمكين (2-2)
- شهادة زمن ما قبل التمكين (1-2)
- وعادت لمصر شمسها الذهب
- الإخوان هم النسل النقي للهكسوس - العزف مع حركة -كتالة- النوب ...
- العزف مع حركة -كتالة- النوبية (3)..الإخوان وإعادة فتح مصر
- العزف مع حركة كِتالة النوبية (2)…. الإخوان وأهلنا في النوبة
- العزف مع حركة -كتالة- النوبية - 1 -..إبراهيم الأبيض


المزيد.....




- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سيد القمني - من الدين إلى العلمانية