رنا الأخرس
الحوار المتمدن-العدد: 4160 - 2013 / 7 / 21 - 13:55
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
عند أطلالٍ كانت زوايا وإنعكاسات على شظايا كانت مرايا وقَفَت تلملم بقايا عمرٍ ضائع وحلم ٍميت. كانت نحيلة القوام مصفرّة الوجه تتكىء بصعوبةٍ على أنصاف جدرانٍ مهدمةٍ وتخطو شبه عاجزة على آلامها ..
جثت هناك على ركبتيها ثم انحنت ساجدةً تجمع ذرات التراب بكفيها و تهمس في أذن الأرض وتتمتم بصوتٍ مخنوق ونفس متقطع. رأيتها تخاطب صور ابتلعت النيران معظم ملامحها كانت تضمها لصدرها والبكاء يقطع كلماتها وبالكاد كنت أفهم ما تقول: هذا كل ما جنيته طوال تلك السنين يا محمود... هذا كل ما حرمنا أنفسنا منه لنتركه لهم من بعدنا .. الموت لم يتركك ولم يتركهم تركتموني وحيدةً هنا يالقسوة قلوبكم . ها أنا هنا في بيتنا أمد يدي لأصلكم ..أرجوكم خذوني معكم..
كانت تناجي الله تارةً وتعاتبهم تارةً أخرى ودموعها تجري مجرى الأنهار على خدين خط بهما القهر طريقاً وتهطل على صورةٍ وحيدة من بين كل تلك المحروقات خرجت سليمة ..حاولت التقرب منها والنظر إلى الصورة .. كانت صورة فتاة جميلة بخصلات شعرٍ حالكة السواد . سألتها من بالصورة يا خالة ؟؟
قالت وقد ارتسمت على وجهها بسمة صفراء تشبه الموت: إنها أميرة الأميرات وقد خطفها اللصوص وقدموها للصعلوك الأكبر, ثم تراجعت وقالت بصوت شجي يقطر الحزن من نبراته: إنها إبنتي هنادي كانت أسيرة بين الوحوش فمزقوا جسدها وانتزعوا روحها في كل يومٍ عشرات المرات ولم يبق منها إلا هذه ورفعت الصورة لتريني إياها.. وعادت لتسرح في شرودها وترنيماتها التي لم أفهم منها الكثير .. إنشغلت قليلاً عنها ومن ثم عدت إليها فوجدتها مستلقيةً على التراب وتضم بيدها قطع ثيابٍ لا تكاد تعرف لونها من كثرة الغبار عليها .. تقدمت نحوها وقلت: سأساعدك على النهوض يا خالة لكنها لم ترد. وكررت كلامي مرة أخرى ولم تتحرك حاولت أن أرتب على كتفها فوجدتها جثةً هامدة لكن هناك بسمة اعتلت وجهها بسمة حقيقة صادقة.. نعم كانت تبتسم ولأول مرة أدركت أن الموت قد يكون أحياناً أجمل بكثيرٍ من الحياة...
#رنا_الأخرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟