رنا الأخرس
الحوار المتمدن-العدد: 3910 - 2012 / 11 / 13 - 05:38
المحور:
الادب والفن
.
تـــــــــوتٌ وبيـــــــوت....
كنّا صغاراً ... وكانت الأبنية تلف بستاناً صغيراً بقي وحيداً يواجه الهجوم العمراني على المدينة ... كان من أكثر المحظورات علينا ... فأني تؤنبنا بشدة إذا ما زرنا هذا البستان الصغير خشية إتساخ أحذيتنا و الغبار
العالق بشعرنا وملابسنا...كنت عنيدة كما أنا الآن فلم يغير الزمن فيّ الكثير .. وكنت أحتال تارةً على أمي وأخرى على جدتي للسماح لي بالخروج لشراء بعض الأشياء الصغيرة ... وكانت أمي دائماً تنبهني إياكِ والذهاب إلى البستان ...قد أقول لا لن أذهب واضحك بنفسي ضحكة الثعلب الماكر ظناً مني أني أنتصرت بدهائي على قوانين أمي ...
كنت اذهب لمكاني المفضل تحت شجرة التوت الشامي المفضلة لدي... وأقطف توتاً أحمراً شهياً.. ويسيل دمه على ساعدي.. ويغطي مساحات وجهي الصغير ... في تلك اللحظات كنت أنسى العقاب .. ولا أحسب لغضب أمي حساب... وكبرت و قتلوا شجرات التوت وأقاموا مكانها أبنية تحوي عشرات عشرات البيوت...وبعد أن قصفت قاطنيها المدافع والطائرات ... رأيت الدم يسيل مكان تلك الشجيرات .. واختلط الدم بالتوت .. ووُضِع الأطفال كما وضعت الشجيرات بالتابوت .... وفارقونا من غير عودة ...وبقيت لنا ذكرى دمائهم وبيوتهم والتوت.....
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟