أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم بن نبهان - سر العلامة ودلالاتها الرمزية في تجربة شاكر حسن آل سعيد















المزيد.....

سر العلامة ودلالاتها الرمزية في تجربة شاكر حسن آل سعيد


إبراهيم بن نبهان

الحوار المتمدن-العدد: 4160 - 2013 / 7 / 21 - 01:21
المحور: الادب والفن
    



يمكن أن نستهل البحث في هذا العنوان الشاسع و المنفتح بطرح جملة من الإشكاليات التي تدور حول حضور العلامة ودلالاتها الرمزية:
كيف يمكن أن يتحول الخط من المنظومة التواصلية "تواصل الكلام التخاطب"إلى منظومة تشكيلية فنية؟ هل يمكن للحرف أن يصبح شكل و مادة أساسية للتشكيل؟
هل يمكننا القول حقا بان العلامة الخطية أي المتشكلة من خلال الحرف هي الوسيط بين الروحاني و التشكيلي ؟ هل مثل العنصر التشكيلي لدى الحروفيين إعادة صياغة للحرف أم طوروا فيه؟ ماهي علاقة الدال بالمدلول في اطار العمل التشكيلي؟
في مستهل الحديث عن مميزات العلامة الخطية أصبحت كعنصر تشكيلي في الفضاء اذ بطبيعتها تقوم على نظام جوهري يتكون من وجهتين وجهة حسية مرتبطة بالحدس و وجهة متمثلة في الدلالة الذهنية التي تحملها و من هذه الفكرة تكمن علاقة الدال بالمدلول بالنسبة للعلامة، التي تكون في جذورها مرتبطة بنوع من الفكر و يمكن للعلامة أن تتألف في نطاق منظم و في إطار موضوع من المواضيع و من هنا يمكننا التوجه إلى تحديد نوعية العلامة التي تحولت على الفضاء الفني و أصبحت عنصرا و مادة أساسية في أعمال "شاكر حسن آل سعيد" حاملة في ثنياها معاني تشكيلية ظاهريا ودلالات خفية روحانية في باطنها. أن كل ممارسة تشكيلية مرتبطة كامل الارتباط بالجانب التطبيقي والجانب النظري. فبالنسبة لأعمال "شاكر حسن آل سعيد" يمثل البعد الفكري والوجداني المحرك الأساسي لتطور الحرف و العلامة التي تحوله إلي شكل مادوي في بنية الأثر الفني. إن ما هو جوهري في البعد الواحد في تطبيق أل سعيد ينبني علي تمحور العلامة في باطن العمل الفني من خلال محاولة أل سعيد من تجريد الحرف من بعده اللغوي و المقروء ليصبح كأثر و مادة وشكل فني زاخر بالإبعاد الروحانية، الذي نجد فيه سعي الفنان إلي الوصول إلي المطلق و محاولة إبرازه بطريقة شكلية علي سطح ثنائي الأبعاد .و بالتالي إن قلنا علامة خطية رجعنا إلى الهيكل الهندسي و الرياضي في كيفية بناء شكل العلامة. فيمكن تعريفها بكونها العماد الأساسي بالنسبة للخط المرتكز علي فضاء مسطح "طول و عرض"كما يظهر الخط في أربعة أبعاد طول وعرض و ارتفاع و حركة في نفس الوقت. حسب أسلوب أل سعيد تظهر لنا العلامة بين السطح التصويري ذو البعدين انعدامه في النقطة. فالنقطة تمثل علامة البداية و النهاية في التشكيل وتعتبر هذه العلامة من أهم العناصر التشكيلية للخط كما يقول كاندنسكي في هذا الشأن " الخط الهندسي هو كيان غير مرئي انه نقطة في حركة اي نتيجة لها .انه يولد من الحركة بإلغاء السكونية الأصلية للنقطة "
لقد ذهب "آل سعيد" في بعض من أعماله إلي التركيز علي أهمية الحرف و العلامة الخطية من خلال تماشيه مع ما هو محسوس. باعتبار المزاوجة بين العلامة و اللون في الأثر الفني. إن شكل العلامة مشبعا حسي من قبل الفنان لكي يكتمل البعد الاستيطيقي للعمل من حيث استلهام الخط دون اهتمامه بمعناه اللغوي وقد غابت القواعد الكتابية للخط. فقد ذهب إلي دراسة جوهر الخط و العلامة من الناحية التشكيلية و كيفية توظيفها علي سطح العمل .
إن العلامة عند آل سعيد مشدودة للمطلق فهي تعبر عن رمزية الموراء و اللامرئي من حيث انه يريد أن يضع اللامرئي في صورة المرئي. فيمكننا قراءة العمل الفني من خلال السعى إلى معرفة المطلق، ومحاولة تقريبه في صورة تشكيلية. يمكن تأويل العلامات الخطية من خلال التأمل و ذلك للجواب علي إشكاليات مختلفة باستحضار البعد التفكيري و التشكيلي و الصوفي. إن آل سعيد يحاول إبراز التلاقح الموجود بين هذه العناصر للكشف عن مضمون العمل الفني و ما يحمله من خفايا، ان صح قولي، لذلك فان هذا الفضاء التشكيلي عند آل سعيد أصبح مسرحا متمازجا بالرؤى الصوفية و التشكيلية التي بلغت محل العمل اللامقروئ. من هذه النقطة أتبين أن صياغة الفنان لخصوصية العلامة، يمكن قراءتها كما لا يمكن قراءتها. و هنا يضع المشاهد تحت جدلية واسعة تلتقي فيها الحواس القلب، الروح مع الحقيقة و اللامعقول و اللامرئي في آن واحد.
كما ذهب إلي محاولة الكشف عن الأسرار الإلهية علي شكل صورة تشكيلية متحررا من قيود الفضاء الفني و عن استعمال الحرف و العلامة التقليدية و توظيفها في صورة جديدة و ذلك لمحاولة الكشف عن المجهول إن صح قولي. كما ذهب ابن عربي في كتابه الإسراء إلي المقام الأسري بقوله :
" انظي الركاب إلى رب السموات انبذ عن القلب أطوار الكرامات "
يسعي ابن عربي في مخططه الأدبي إلى التوق إلى ما هو سماوي من خلال تجذره في البعد الصوفي. من هذه النقطة يمكننا أن نبين أن السعي إلي معرفة المطلق ليس حكرا علي فنان أو أديب. يذهب أل سعيد إلي كيفية إدراج روح العلامة الخطية في بنية قائمة علي الدال و المدلول، مستعملا في ذالك بعض الحروف التي تنبي هي الأخرى علي ثنائية الحضور و الغياب مستعملا في ذالك هندسة روحانية قائمة علي البعد الصوفي، التي نستكشف من خلالها عن كيفية إعادة الخوض في العلامة و الحرف، لإنتاج بنية خطاب تشكيلي مطلق. إن هذه المزاوجة بين العلامة و بعدها الرمزي قائمة علي تجربة الفنان الصوفية التي بناها علي الخصوصية القائمة بين الإلهي المطلق و الإنسي المعقول، من خلال هذه النقطة يمكننا التساؤل حول الوقفة التشكيلية التي تقدم نفسها من خلال روح الحرف. لقد أسس أل سعيد الانتقال بالعلامة الخطية من العبارة اللغوية إلى الإشارة التشكيلية. فقام بإبداع علامة خطية على فضاء يغمره اللون الموحي برمزية التجذر المكاني والزماني من هنا يمكننا الكشف عن المفارقة الرمزية التي يكشف الفنان عبرها عن ممارسته التشكيلية. هو ما جعل من أعماله محورا لتأمل فعل الخط بما هو تجربة فريدة من نوعها. و على قولة آل سعيد " الواقع ان التأمل الفني في أساسه هو سلبية في الكشف عن الحقيقة. أي ان الفنان يقف متفرجاً على الكون وهو على بكارته الأولى. ومثل هذه الوقفة هي نهاية المطاف وبدايته في آن واحد لأنها تتضمن التسليم ".
إن أعمال "شاكر حسن آل سعيد" مبنية على نطاق العلامة الخطية التي تتجسد في شكل حرف. لتصبح علامة مجردة فتغيب الدلالة اللغوية للحرف ليتحول كمادة أو كعنصر تشكيلي. فتتشكل على شكل تركيبة مبنية على التقنية و المواد و تتسم بالغموض و السرية من حيث أنها تبوح من حيث لا تنطق، أي يصبح الفضاء التشكيلي غامضا يمكن قراءته و تأويله و فهمه، كما لا يمكن إدراكه إلا في صورته الظاهرية بكونه عمل فني ذو قيم جمالية. من هذه النقطة يمكننا التطرق إلى الظواهر الشكلية و اللاشكلية للعلامة الخطية التي خاض فيها "شاكر حسن ال سعيد". إن حضور البعد الشكلي للعلامة في أعماله يكمن في استعماله إليها بطريقة تلقائية جمالية على سطح ذو بعدين. أما التمثل اللاشكلي للعلامة الخطية باتخاذه البعد الرمزي و الخفي، فيتحرر بذلك من القيود و الضوابط الخطية. فتظهر العلامة أحيانا مندمجة بلون المساحة، لذلك فان العلامة الخطية تظهر على الفضاء التشكيلي مشيرة إلى عالم مطلق يحاول آل سعيد الكشف عنه في صورة روحانية على سطح تشكيلي. كما تتميز أيضا بسمتها البنيوية بما في ذلك أسلوب الفنان كما يخص التقنية التي تفرعت بدورها من علامة و حرف ولون وملمس وإثارة بصرية...كما ذهب آل سعيد إلى إبراز المقومات الدلالية التي تشير إليها العلامة.
يمكننا الوصول إلى أهمية الممارسة التشكيلية التي خاضها آل سعيد في حياته الفنية، في محاولة تحديده لصورة الحقيقة المطلقة و كيفية تجسيدها على فضاء فني بطريقة صوفية تشكيلية من هنا يمكننا التساؤل عن توازي الممارسة الفنية لآل سعيد مع نضيره السويسري "بول كلي" والاختلاف القائم في طريقة التعامل مع الأثر الفني.
يمثل البعد الحروفي المعاصر من أهم المباحث التي جعلت من الحرف كمفردة و مادة تشكيلية، أكسبت العمل الفني قيما جمالية و أبعاد روحية رمزية تتخطي الرؤية البصرية لتصل إلى البعد الأخر إن صح قولي هذا، من خلال الأبعاد الصوفية التي يعايش بها الأثر الفني للوصول إلي صورة المطلق أي الوحدة الإلهية من خلال ما يسمي بالبعد الواحد للعلامة و الخط على حد السواء .
قام "شاكر حسن أل سعيد" بإحداث ممارسة صوفية تشكيلية متجاوزا من خلالها الواقع الملموس، لذلك فان اللوحة الحروفية حملت طبيعة مزدوجة ومتداخلة على المستوى البصري زاخرة بالدلالات الرمزية والإشكالات التي تبوح بها. وقد اختلفت طريقة التعامل مع العلامة من فنان إلى أخر فبقي مقروء لدى بعض الفنانين و تحول إلى مفردة تشكيلية لدي الأخر. فذهب أل سعيد إلى استعمال الحرف أو العلامة الخطية و إدخالها في السطح التشكيلي لتصبح جزء لا يتجزأ منه. إن رمزية العلامة التي جسدها الفنان يمكن أن تعبر عن الرابط الروحاني الذي يصل إلى صورة الميتافيزيقي وربطه بما هو موجود على ارض الواقع أي محاولته المريرة لفتح المغلق في صورة موضوعية.
يمكن للعقل أن يستوعبها في لحظة تأمل، فمن خلال تجذره الصوفي و سيطرة البعد الديني يحاول أل سعيد أن يكشف عن اللامرئي الموجود ما وراء الحجاب الذهني إلى وتجسيده في صورة المريء على سطح تشكيلي ذو بعدين حامل بذلك الإبعاد المختلفة للفنان. فينطلق شاكر حسن أل سعيد من تجربة خاصة مع المطلق من خلال استعماله للبعد الفكري الفلسفي و البعد النقدي لانجاز مزاوجة روحانية تشكيلية تصاعدية من الأسفل إلى الأعلى أي انطلاقا من التصوف التشكيلي وصولا إلى صورة المطلق. لقد ذهب الفنان من خلال أعماله الفنية إلى محاولته في الكشف عن الحقيقة و إعطاء الحرف بعد روحاني مستعينا في ذلك بما هو صوفي، فينطلق من الصوفي التشكيلي وصولا إلى الصورة الإلهية إن صح قولي، على عكس نظيره "بول كلي" الذي ينطلق من التشكيل من خلال الألوان و الأشكال والخطوط على المساحة المسطحة للوصول إلى روح التصوف و البعد الروحاني في أعماله الفنية. فكانت أعمال بول كلي مبنية على إشارات تكون تجريدية مختزلا فيها ما هو مرئي على فضاء ثنائي الأبعاد.
لذلك يمكننا القول بان استعماله للكتابة أو لأسلوب الخط بطريقة تكون لا مقروءة يجمع فيها بين الشكل الهندسي و النقطة و الخط ، كما تجمع أعماله الصور الإنسانية التي تنبني على الفضاء الفني بطريقة مغلقة فيها نوع من السرية. فتفضي بذلك بعد خيالي سحري، فقد كشف بول كلي بان الفن العربي الإسلامي زاخرا بالأبعاد المختلفة من حيث أنها موزعة بين الحقيقة الموجودة ، و بين الخيال المطلق. وقد ذهب للبحث عن ماهو حاضرا وراء الموجود من خلال دراسته لروح الشكل محاولا في ذلك إحالته إلى خط ونقطة على فضاء ذو بعدين. هذا بالإضافة إلى تأثره بالأجواء الروحانية والصوفية. لقد حاول بول كلي في أعماله أن يمزج بين أسلوبه في التشكيل مع العناصر التشكيلية الروحانية المستوحي من الحرف العربي و الزخرفة الإسلامية، فاكتشف فيه جمالية على مستوى الشكل فادخل الحرف بطريقة حديثة داخل الفضاء التشكيلي عبر الطابع الصوفي لمحاولة الكشف عن المطلق و على هذا الأساس يمكننا اخذ قولته "إنني ابحث عن نقطة بعيدة في أصل الخليقة .إنها نقطة قريبة من الله حيث ابحث عن مكان لي ".
المراجع :
• Kandansky point et ligne sur plant gallimard 1991 p 67
• الاسرا الى المقام الأسري كتاب المعراج .م .س .ص 102
• ملحق الجمهورية 1966 رقم 46
• مجلة التشكيلي (AL TSHKEELY .com) جميع الحقوق محفوظة للفنان و الناقد التشكيلي حميد خزعل 2000 _2010



#إبراهيم_بن_نبهان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النقد الفني
- الفن و حضور السلطة
- الثقافة و حرية التعبير


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم بن نبهان - سر العلامة ودلالاتها الرمزية في تجربة شاكر حسن آل سعيد