أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد قويدر - مدن الصفيح .. الفقر والأرزاق














المزيد.....

مدن الصفيح .. الفقر والأرزاق


رشيد قويدر

الحوار المتمدن-العدد: 4152 - 2013 / 7 / 13 - 21:57
المحور: الادب والفن
    


رشيد قويدر
الأعمار بيد الله، والإملاق والفقر ورخاء الثراء...
يذهب العرب الفقراء الى أسواق الملابس المستعملة "البالة"، وهذه الأسواق على درجات، يلفت الإنتباه أنهم يلبسون مما خلعه فقراء الفلبين وسيريلانكا وكمبوديا..، وبلدان عديدة خالية من الذهب الأسود أو مشتقاته أو أية ثروات..
في عموم العواصم العربية الكبرى توجد مدن صفيح تبدو كتوابع للمحتوى الاجتماعي العميق بالدلالات، الوطن العربي الكبير مليء بالخيرات وعلى رأسها الذهب الأسود وملحقاته.
هذه المدن الصفيحية ذات طرق طينية شتاءً.. وغباراً صيفاً، لا يوجد لها تنظيم أو مخططات أوشوارع محترمة، بل هي عشوائيات تتركز حول مكبات النفايات، وهؤلاء لا يأبهون لانقطاع التيار الكهربائي، فهم يعيشون على عظمة عدم وجوده والراحة من فاتورته، بل هم يخافون من أجهزة التكييف.. ويخافون من فاتورة الأطباء، يكتفون بالدعاء للشفاء، فالأعمار بيد الله وحده..
كما أنهم يكرهون الفصول الأربعة، وهم يعرفونها من الأشد زمهريراً.. والأشد لهيباً وما بينهما، الفقراء يعرفون الفصول حين ترحل فواكهها فصلاً فصلاً.. دون أن تمر على أطفالهم، لا يأبهون لها ولا يحلمون بها في هذه الدنيا الفانية، لأن الله وصف لهم الجنة، بأنها أشجار وأنهار من لبنٍ وعسل، وثمارٌ لاحدود للذتها.. فليتحملوا الإملاق على هذه الأرض، وهكذا فهم كائنات دهنية، أما الأغنياء فلهم هذه الملذات وما طاب منها، وبحار الفيتامينات وعمليات الترقيع الطبية والتجميل لأنهم كائنات بروتينية...
تندفع في آخر الليل حشود الفقراء الى مجمعات أسواق ومجمعات الخضار والفواكه في المدن، يلتقطون ما وقع من الحافلات أو بين الأرجل، يستحسنون منها ومن التالف، معظمهم من الأباء والأمهات، فـَ "الرزق" على الله، وكل ما يجري بإسم الله..، معذورين على هذا الفضول والتطفل.. فرحين بما حملوا في أكياسهم.. ورهبة ما تقع عليه أياديهم... لأن "الرزق" على الله..أدلجة وأكاذيب وجشع الثراء الفاحش على رب العباد وبإسم الجنة..
يمكن معاينة هؤلاء أيضاً في كراجات المدن العامة التي تستقبل من الضواحي، حيث تكثر البسطات الملونة لبيع الملابس الداخلية، وبسطات المواد البلاستيكية مثل الأمشاط والنعال وغيرها بألوان منطفئة لا تدرج بألوان قوس قزح، بسببٍ من خليط تكرار المواد التحويلية ذاتها...
نحن اليوم في شهر تموز.. يصادف معه شهر رمضان القمرى، شهر الصيام (2013)، الطقس حارٌ جداً مثل كورمستعر، كأنه نسخة من الجحيم، الهواء كأنه مروحة تأجيج اللهب، يكوي العباد على جباههم تحت الشمس المُحرقة، لا أحد يخرج في الظهر عموماً؛ إلا المضطر وهم؛ عمال المياومة، وعمال الباطون، وخدمات الأبنية العالية. أما أولئك المهمشين فهم يخافون التنقل في الأحياء الراقية ربما لاعتقاد انها من الممنوعات، لأنها مزدحمة بالشرطة وحواجز الكونكريت، فهي أمكنة متناقضة، إحياءً لتعاليم الطاعة والسجود للعصا، وإذا صدف ذلك فالنظرات وجلة والبدن يتفصد بالعرق، و يختلط العرق بالدموع والكبرياء في خلطة انسانية مقرفة، هولاء تقاطيع وجوههم قاسية كأنها منحونة على صخرة، يذهبون حيث لا يعرفون بحثاً عن عمل.. كأشواك في أحلامهم الباهتة..
يعودون ليلاً إلى أزقتهم، أصواتهم مختنقة.. الذاكرة ذابلة.. لا داعي لإشعال فانوسٍ قديم.. لا داعي لإغلاق الباب الصفيحي.. لأن من سيدخل هنا هو الليل فقط.. وهذه الأزقة مبنية في تابوت الظلام.. لا داعي للخوف إلا من جهنم .. فلا ضوء للملذات.. أو قطرات ماء لأحلامٍ حلوة..، ينهار على دكة.. في مكان معتق في الظلام..
نتساءل لماذا تتحول أنهار العرب مجارٍ سوداء، ونتساءل عن شطآن العرب من الماء إلى الماء أين أسماكها ؟، ولماذا غضب الطحالب يكسي شواطئها !،.. ونتساءل لماذا يحتفي هذا الانسان بالخرافة.. لماذا يبقى على الأرصفة بقايا حيوات متنهده..
أليست مدن الصفيح ذاتها ساحة حرب.. وقوداً بين "الجنة.. والدنيا الزمنية"..! هم مصلوبون على دكات مدنها.. وعلى مزابلها.. تلفح جثثهم الحيّة.. حقولاً للخراب وقتلاً للأمنيات الإنسانية.. كيف يمكن اكسابها قيماً أخلاقية انسانية حيوية..
أنه امتحان لحياة قاسية داخل كابوسها.. أتون فائق لعمل تدميري طائش وارهابي أسود، طالما لم يستطيعوا أن يعزفوا لحن البقاء في الحياة الكريمة.. سيرتلون أناشيد الانتحار.. والانفجار.. على لحن "الخلود".. إلى الجنة في السماء ..خلاصاً من "رعب الحياة الذي لا يرحم"..



#رشيد_قويدر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأنوثة المغلولة ..
- -خير الرجال ما قلّ ودلّ-
- -أمعاء خاوية؛ تتابع صيف وخريف وشتاء-
- أيها الكَرّام ... أعطنا نشرب
- إعادة بناء البراءة...
- الأردوغانية والأطلسي وما بينهما
- البوتينية .. روسيا الصاعدة إلى ربيعها
- الديمقراطية والنفاق الاميركي.. و-اليورانيوم المنضب-
- عار التدخل الخارجي ... والإملاءات الأمريكية
- نايف حواتمة وجدلية الإنسان ... الوطن والحرية
- احتفاءً بفرح الطفولة وتكريس الربيع
- من أجل -جبهة ثقافية ديمقراطية ...-
- في -مدنيّة الدولة ... علمانية الدولة-
- -السنونو- في حفلها السنوي الأول
- -السنونو- تختم عامها الدراسي الأول
- المفاهيم الحرّة ... و -المستبد المهزوم-
- فقه اللامعقول ... الاستبداد والصنمية
- وهم البنى التقليدية ... وهم المثقف النخبوي
- ثقافة السلام ... وميديا - السلام مهنتنا -
- الثقافة وجرعاتها الوقائية العالية


المزيد.....




- الثقافة العربية بالترجمات الهندية.. مكتبة كتارا تفتح جسرا جد ...
- ترامب يأمر بفرض رسوم جمركية على الأفلام السينمائية المنتجة خ ...
- إسرائيل: الكنيست يناقش فرض ضريبة 80? على التبرعات الأجنبية ل ...
- أسلك شائكة .. فيلم في واسط يحكي عن بطولات المقاتلين
- هوليوود مصدومة بخطة ترامب للرسوم الجمركية على صناعة السينما ...
- مؤسسة الدوحة للأفلام تعزز حضورها العالمي بـ8 أعمال في مهرجان ...
- أدّى أدوارًا مسرحية لا تُنسى.. وفاة الفنان المصري نعيم عيسى ...
- في عام 1859 أعلن رجل من جنوب أفريقيا نفسه إمبراطورا للولايات ...
- من النجومية إلى المحاكمة... مغني الراب -ديدي- يحاكم أمام الق ...
- انطلاق محاكمة ديدي كومز في قضية الاتجار بالجنس


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد قويدر - مدن الصفيح .. الفقر والأرزاق