إيمان عادل
الحوار المتمدن-العدد: 4147 - 2013 / 7 / 8 - 09:21
المحور:
الادب والفن
كنا حضورا قد ترنح بعدما تفنن الطائر وصدح واتقن سكب خمر الكلام , كان عشا وملجأ للحائرين التائهين فى البحث عن اشباههم , سرح الليل القوم , وبقيت وحدي منزوية بالقرب منه , أخشي الإقتراب وأنا لا اتقن فن العزف المباح , اقتربت لأسمع اغنية أخري يحكيها مع قلة متبقية تودعه , كنت قد اقتربت كتيرا , سألنى أحد أصدقاءه الأفارقة : " انتى بنتو ؟ " . ابتسمت , ورد حلمي سالم : " بنتى طبعا "
صافحته وطلبت زيارته فى المستشفي إن أمكن مرة أو مرتان أسبوعيا , رحب بشدة وتبادلنا ارقام الهواتف .
حدثت نفسي من وقتها أنى سأطير فور حصولى على راتبي الشهري إلى مستشفي القوات المسلحة بالمعادي , وأحط قرب سريره كل مساء , نقرأ سويا جرائد الغد , وأجلو معه الليل لنعدد الأسرار التى لا يعرفها أحد , أتفقد فى غفوته الثقب الصغير فى حائط الغرفة حيث تخرج الجنيات الشقيات بجلدهن الممزوج بالأصفر والفيروزي والأخضر ليداعبن وحدته , ويملأن ليله بالأغنيات , وعلي استحياء منه سأصالح بينه وبين الفئران التى تقرض من رئتيه كل مساء وسأخرج دفترا رمادي اللون مكتوب عليه " مختارات من قصائد الشعراء العظام " فأقرأ , ويتلوي , اقرأ ويفتح عينيه على اتساعهما مطلا على شرفة ليلي مراد , ويحدق في خيال بعيد , حبيبته البيروتية تأتيه على وقع قصائد ابن الفارض , وابراهيم البشبيشي , تنفض عن جبينها غبار الحرب وتأخده على مهل الى أدغال الأرز , تروضه كأنكيدو , يغمض عينيه ويحتضن وحده المستور , أعرف سعالا كان سيأتى شاهرا سيفه , قاسما تلك اللحظات الجميلة بينه وبين حبيبته البيروتية التى مضي معها بغير هدي , باقة الياسمين ستجعله ينشد " أدخل امتحانك الملون كي تخرج .. اخا للياسمين " , فأشاطره : " هل كنت إلا زهرة فُحتُ ؟ "
أبى الروحي " حلمي سالم " , اشتقت لدعوة الشاي وحكي المساء بالغرفة , أشتقت لأن أتفهم أنى وبعد أيام قليلة من انتظار زيارتك و-راتبي الشهري- قد سطرت نعيك اليوم في الجريدة .
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟