أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بلال فوراني - العراة في الوطن هم أناس لا يملكون عورة كي يسترونها في الأصلّ ..؟؟














المزيد.....

العراة في الوطن هم أناس لا يملكون عورة كي يسترونها في الأصلّ ..؟؟


بلال فوراني

الحوار المتمدن-العدد: 4137 - 2013 / 6 / 28 - 03:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قطعة ثيابك التي على جسدك لا تعني أنك لست عارياً , تماما كما يحدث حين تصعد في مصعد الى الطوابق العليا , فسكونك عن الحركة لا يعني أنك لا تتحرك , والكثير منا اليوم أصبح عارياً وهو لا يعلم , والعري لا يأتي فقط من قطعة ثياب تستر الجسد , بل العريّ الأكبر يأتي حين يكون عقلك عاري من كل شيء , وعندك استعداد أن تقطعّ كل ما تبقى فيه من ثياب كي تفترشّ الارض وتمتهن الشحادة . اليوم نحن عراة أمام الوطن , عراة بكل أفكارنا التي بدلوها بأفعالهم , عراة من أحاسيسنا التي تعلمناها في صفوف المدارس الابتدائية , عراة من قلوبنا التي أخرجوها من صدرونا وأكلوها دون ملح , عراة من عمليات التجميل والشدّ والشفط في تجميل ما يسمى كلمة حرية , اليوم صارت عقولنا عارية إلا من بعضّ ما بقيّ لدينا من رصيد كافي من الوطنية كي يغطي العجزّ في تفكيرنا , ويسترّ على بقية حسابنا المفضوح أمام الفقر والجوع.

اليوم صار الجميع أمام الوطن عاري , لا يملك ما يستر عورته سوى بضع كلمات , يتفادى فيها نظرات الشتيمة من عيون الاخرين , وبضع ليرات يخشخش فيها جيبه كي يقول للاخرين ما زلت على قيد الوطن رجل لم يعلن إفلاسه . اليوم لم يعد هناك شيء اسمه عدو من الخارج وعدو من الداخل طالما كل أعدائك يأكلون من نفس الصحن , وكلهم على موعد كبير مع الوليمة الكبرى التي اسمها اسقاط النظام , وكلهم ما زالوا يقفون في طابور طويل أمام الباب الدمشقي كي يفتح .وبعضهم يتململّ من طول الوقت , وبعضهم أصابته ضربة شمسية أطاحت بكل صبره , وبعضهم انسحب من هذا الطابور السخيف , وبعضهم اقتنع أن الباب لن يفتح أبدا , والكثير منهم ما زالوا يقفون في الطابور لأنهم صاروا مثل الغرقى يتعلقون بأي قشة أملاً في النجاة وهم لم يعودوا يملكون سوى الانتظار على هذا الباب الدمشقي بكل أمل كي يفتح يوما .

اليوم كل العراة أمام الوطن مفضوحين . منهم من تعرى لأجل رقصة خلاعية على عامود النفاق , ومنهم من خلع ثيابه كي يظهر لنا عضلاته المفتولة , ومنهم من تعرى كي يغرينا بروعة مضاجعته , ومنهم من خلع ثيابه كي يبيعها ويشتري بها رغيف خبز يطعم بها أطفاله الجائعين . ومنهم من خلع ثيابه لأنه لم يعد يملك أي شيء يخلعوه عنه عدا ثيابه بعد أن خلعوا باب بيته وخلعوا قلبه من صدره وحتى زوجته التي لم تصنّ العشرة قامت بخلعه مثل مسمار مزروع في الحائط . اليوم صار كل العراة مخلوعين من شيء ما , مخلوع من ضميره أو احساسه أو دينه وايمانه أو غضبه وحقده أو جوعه وفقره .كل العراة صاروا يملكون صكوك البيع وقسيمة شرائية بقيمة وطن كامل ورحلة مجانية على أجنحة التكبير بـ الله أكبر .

اليوم صار كل العراة محترفين في فن السباحة على شواطئ الحرية , منهم من استمتع بركوب الموجة التي تعلو وتهبط بقلوب العباد ورزقهم وقوت يومهم , ومنهم من بنى أوهامه الديمقراطية في قلاع رملية شاهقة الطول , ومنهم من اختبأ تحت مظلة شرعية من حقوق الشعوب , ومنهم من تنفس تحت الماء ولم يغرقّ , ومنهم من مارس هوايته في قذف كرة الطائرة التي سقطت على رؤوس البشر مثل القذائف , ومنهم من تمددّ على الشاطئ كي يكسبّ سمرة جديدة لا تفضحّ عريه بعد اليوم . والبقية يقفون خلف سياجّ عريض شائك على امتداد خارطة الوطن يتأملون المنظر السياحي الرائع وقلوبهم تسيح من الجوع والفقر والنقمة والكره .

اليوم يا سيدي الكريم المواطن , لا يهم ان تكون معارضاً أم مؤيداً , لا يهم أن تكون عميلاً مزدوجاً يلبس كل يوم قناع جديد , لا يهم إن كان قلبك على الوطن أم على جيبك , لا يهم إن كان لسانك حصانك أو حمارك , لا يهم أبدا ان كانت عاري أو ترتدي ما يستر ضعفك , فقد اكشتفنا مؤخراً أن الجميع عراة بلا منازع وأن الجميع أمام القانون لا يتساوون في العدالة , وأن الجميع لا يملك سوى قارورة معبأة سلفاً بالعطش كي يروي بها طموحه أو جموحه, وأن الجميع أمام الوطن عراة إلا من كان يخاف على عورته إن وجدتّ.


على حافة الوطن

لا يهم أبدا أن تكون عاري في وطنك ..
المهم ألا تكون عار على وطنك



#بلال_فوراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا يا إلهي لستُ طائفيّ ...؟؟
- العقل السوري بخير ما دامت أجنحة فلسطين المكسورة في القصير .. ...
- بين موت العباد وحياة الفساد ..ومواطن سوري يعيش صباح الأضداد ...
- حسن نصر الله مجرم بحق العرب يجب مقاضاته بجريمة تشويه التاريخ ...
- سبحان من جعلنا إخوة في التراب فانقلبّنا في سوريا إلى إخوة كل ...
- ماذا سيفعل دون كيشوت العرب وطواحين الثورة السورية قد ماتت .. ...
- لا تعتبي يا قدس لا تعتبي فقد باعوكي كلاب العربِ..؟؟
- بين الهزل والجدّ .. وبين من ينتظر في سوريا الرد...؟؟
- تنبشون قبور الصحابة الكرام يا أولاد الحرام ..؟؟
- بهاليل و مساطيل والمهنة حُكام عرب .؟؟


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بلال فوراني - العراة في الوطن هم أناس لا يملكون عورة كي يسترونها في الأصلّ ..؟؟