أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - ديمقراطية -هوم دليفري-















المزيد.....

ديمقراطية -هوم دليفري-


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1185 - 2005 / 5 / 2 - 12:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كنت قد توقعت في مقال سابق ـ نشر بجريدة العالم اليوم المصريةـ بعنوان "ديمقراطية مدفوعة الثمن مقدما" ألا يتوقف الأمر بعد حادث التفجير الذي وقع في الأزهر.. وقلت أن الفترة المقبلة ربما تشهد حوادث أخرى في مصر، مابين عمليات تفجير وتخريب منشآت وفتن طائفية.. وهاهي الأحداث تؤكد للأسف صحة التحليل، ولعل الحادثين اللذين وقعا في ميداني عبد المنعم رياض والسيدة عائشة مؤخرا، دليلا آخر على أن في جعبة من يهمهم الأمر المزيد..فما أن بدأت حركة المعارضة المصرية تتصاعد وتيرتها وتحقق بعض التقدم.. حتى بدأت محاولات إحباطها.. ورغم أن بعض المحللين، ومنهم عناصر من المعارضة المصرية، اتهموا ـ إن تلميحا أو تصريحا ـ الحكومة المصرية بالوقوف وراء حادث الأزهر لاتخاذه ذريعة للتضييق على حركة المعارضة، إلا أنني أختلف مع هذا الرأي لسببين: أولهما أن الحكومة المصرية ليست من الغباء بحيث تسمح ـ خصوصا في هذا الوقت المثخن بالاحتقان الداخلي ـ بضرب قطاع السياحة الذي يعتمد الاقتصاد المصري عليه إلى حد كبير، والأوضاع في مصر لا تحتمل مزيدا من التدهور الاقتصادي الذي سيصب في نهاية المطاف في خانة تسخين السخط الشعبي على نحو أكبر.والسبب الثاني أن عددا من كبار النافذين في الحكومة لديهم استثمارات ضخمة في قطاع السياحة ولا يتحملون بالطبع المغامرة بهذه الاستثمارات.
ورغم أن منفذي العمليات يحملون الجنسية المصرية، ومعظمهم من الشباب اليائس والبائس والمحبط بفعل عوامل كثيرة ـ لاشك أن المتسبب الأول فيها هو سياسات حكومية خاطئة وفاسدة ـ مازلت أتوقع أن المخطط لهذه الحوادث أصابع أجنبية هي التي تولت عبر عملاء لها إجراء عمليات غسل المخ للمنفذين ـ المهيئين لقبول فكرة الحصول على حياة كريمة في الآخرة لم يكن في وسعهم الحصول عليها في الدنيا ـ بهدف إجهاض حركة التغيير الوطني على أيدي قوى المعارضة الداخلية، خشية أن ينجم عنها تغيير يصب في أيدي حكام وطنيين وديمقراطيين فعلا، ولاؤهم للشعب ومصالحه ، ويرفضون التبعية لأي من كان خارج الحدود..
ورغم أن الأوضاع في مصر أصبحت لا تطاق بالنسبة لأغلبية المصريين الراغبين فعلا في التغيير، إلا أنه لا يجب أن يغيب عن أذهاننا أن هناك قوى أخرى من خارج الحدود تطالب بالتغيير أيضا.. ورغم أن المطالبين بالتغيير من الداخل ومن الخارج أيضا يرفعون تقريبا نفس شعارات الإصلاح السياسي والاقتصادي وتحقيق الديمقراطية، إلا أن بين النوايا لدى الجانبين بونا شاسعا. فلا يمكن لعاقل أن يتقبل فكرة أن الطامعين في بلادنا يهمهم بالفعل إقامة حكم وطني يرفض التبعية لهم وتنفيذ أوامرهم. وهكذا فإن إحداث حالة من الاضطراب والتخريب، يصب في النهاية في تحقيق ما أسمته السيدة كوندوليزا رايس "الفوضى البناءة" التي ربما تكون بناءة من وجهة نظر مصلحة بلادها، إلا أنني لا أراها كذلك بالنسبة لمصلحتنا في هذا الوقت بالذات.
يضاف إلى ذلك دعوات محمومة تنطلق من خارج الحدود تدعو الشعب المصري لإعلان حالة العصيان المدني التي حددوا لها تاريخا معينا. ويتبنى هذه الدعوى أشخاص لم يسمع عنهم المصريون من قبل. يطالبون المصريين بالتصدي للحكومة وإسقاط الحكام ـ وأصحاب الدعوة بالطبع خارج الحدود بعيدين عن أي أذى قد ينال منهم ـ بانتظار اللحظة المناسبة للقدوم إلى البلاد فيستقبلهم الشعب المصري ـ أو من بقي منه بعد العصيان المفترض وتداعياته ـ استقبال الفاتحين. والمهم أن هؤلاء الأشخاص الذين يغلفون دعواهم بشعارات الديمقراطية لم يكلفوا أنفسهم باستشارة الشعب المصري بشكل ديمقراطي في تحديد تاريخ اليوم الذي قرروه، من مكمنهم، لبدء هذا العصيان. ولم يكلف هؤلاء أنفسهم بتعريف الشعب المصري بماهيتهم .. وماذا يفعلون في الخارج، وما هي الجهة التي يمثلونها..وما هي خططهم بعد أن يهيئ لهم الشعب ـ بعصيانه المفترض ـ الساحة للقفز إلى السلطة.. إن الربط بين عمليات التخريب في الداخل، وهذه الدعوات القادمة من الخارج ، يؤكد أن شيئا ما يحاك لبلادنا في الظلام.. وإذا مددنا البصر على كامل الخريطة العربية، لما وجدنا اختلافا كبيرا.. شيء ما يدبر، لا يختلف عما حدث في العراق إلا في تفاصيل السيناريو.
فمنذ منذ بداية الغزو المشئوم على العراق، وهناك عبارة يرددها تقريبا كل من قابلتهم من مؤيدي هذا الغزو، المسبحين بحمد الديمقراطية الأمريكية..عبارة تثير في النفس انقباضا وهلعا، وتعيد إلى الذهن عبارة أخرى: "قتلت يوم قتل الثور الأبيض".. هذه العبارة الكئيبة هي" إن شمس الحرية والديمقراطية ستشرق من العراق على بقية دول المنطقة"!.. وتتداعى على الذهن فورا صور الديمقراطية التي أصبحت تعم العراق؛ من أول حرية الصحافة التي بات ينعم بها، وأدت إلى قتل 28 صحفيا حتى الآن، وتكبيل جميع وسائل الإعلام التي لا تسير في الفلك الأمريكي منذ بداية الغزو إلى اليوم، مرورا بالانتهاكات الديمقراطية العظيمة ـ وربما لا يكون أفظعها ما حدث في أبي غريب ـ عبورا على تأديب حتى النواب المنتخبين تحت المظلة الأمريكية على أيدي الجنود الأمريكان (وآخرها حادثة ضرب النائب فاتح الشيخ وصفعه وشتمه بمعرفة جندي أمريكي وهو ثالث حوادث مهانة من هذا النوع للنواب)، فما بالنا بما يحدث للشعب؟ ووصولا إلى اتهام كل من يجرؤ على معارضة الاحتلال بتهمة أصبحت جاهزة "أزلام النظام المقبور"،.. و "أيتام صدام" و"عملاء البعث"..فأصبحت الديمقراطية تعني حريتك في أن تشتم صدام ونظامه، ولكن إياك أن تنطق بكلمة بشأن الحكام الجدد وأباهم الذي في البيت الأبيض!!
وقد نجح بعض ممن يسمون أنفسهم بدعاة الليبرالية الجديدة في صك معادلة جديدة على إدراكنا، وهو أن كل من يرفض الاستبداد في بلده، فليس أمامه سوى الاستقواء بسيدة الكون الجديدة واشنطن، أما من يرفض التبعية لسيدة الكون فهو موال للأنظمة المستبدة أو على الأقل خائف منها.. ولا أدري لماذا نسي البعض أنه بإمكاننا أن نرفض الاستبداد والفساد، ونرفض في الوقت نفسه المخطط الأمريكي؟؟ الذي أعلن عن نفسه في كتابات ودراسات تنزع عنا الهوية العربية، فأصبح اسمنا عندهم "البلاد الناطقة بالعربية" ولم نعد البلاد العربية، أو الوطن العربي، وهذا بالطبع تمهيد لمنحنا هوية أخرى" أشيك "وأكثر مناسبة للنظام العالمي الجديد: هوية "الشرق الأوسط الكبير".
وهكذا صار علينا أن ننسى ما تربينا عليه من أن الشعوب تنتزع حريتها بتضحيات أبنائها، وصار علينا أن نتواءم مع فكرة أن الحرية والديمقراطية يمكن توصيلهما بنظام "الهوم دليفري".. فليس علينا سوى مخاطبة أبانا الذي في البيت الأبيض، وهو مستعد دائما لتوصيل الطلبات، إن لم تكن عبر الدبابة فعبر التمويل والإعلام، والعملاء.. وهو لن يتأخر في تقديم العون من أجل سواد عيون الشعوب.. وليس من أجل شيء آخر لا سمح الله.



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العصيان المدني سلاح لايجب ابتذاله


المزيد.....




- مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
- من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين ...
- بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين ...
- الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب ...
- استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
- لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
- روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
- -حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا ...


المزيد.....

- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - ديمقراطية -هوم دليفري-