أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد ابراهيم - رساله من د فرج فوده الى قاتله .. أنا أعرفك















المزيد.....

رساله من د فرج فوده الى قاتله .. أنا أعرفك


احمد ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 4117 - 2013 / 6 / 8 - 17:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من الخلف أغمدت رصاصتك , ولكنى رأيتك .. رأيت عينيك المفتوحتين على اخرهما , ورأيت فمك المزموم الشفتين , ورأيت العزم فى ساعديك .. أنت لا تعرفنى و ربما لم تقرأ لى حرفا ولكنى أعرفك .

أعرفك من قبل أن تأتى الى هذه الدنيا , منذ لم يجد أبوك وأمك من مسرات الدنيا ولذائذها سوى أن يمنحانك الحياه ..

كان أبوك و أنت صغير يرسلك الى العم جرجس لتأتيه بما لذ وطاب من الجبن و الزيتون ..وكانت أمك هى التى تحملك كعك العيد الى الست جميانه .. وكانت وأخوتك تلعبون فى الحاره مع ابراهيم و سعديه وبطرس وحنان وعبد الله .. تحكون الحواديت وتغنون المواويل وتتعاركون وأنتم تشدون الحبل..

وكانت الحاره تبدأ بالمسجد العتيق وتنتهى بالكنيسه التى تصطف بجوارها مقاعد عم على صاحب المقهى الصغير المتهالك يجلس عليها الشيوخ والشباب يلعبون الطاوله والكوتشينه..

وفى السادسه من عمرك ذهبوا بك الى المدرسه , وثار الخلاف بين أبوك الذى يريدك أن تتعلم صنعه وبين الام التى أصرت أن تدخل المدرسه وتفك الخط.

وذات يوم أثناء عودتك من الدرسه ( هل تذكر ؟) قابلك بطرس فلم تقف وتصافحه كعادتك.. وقلت لوادتك فى السر لن ألعب معه بعد الان لانه وأهله أجمعين سوف يذهبون الى النار .. هكذا قال الاستاذ وهكذا قرأت فى كتاب المحفوظات .. وطلبت من والدك ألا يرسلك الى دكان جرجس مره أخرى .. ولم تقل العم كما تعودت .. وأندهش أبواك من هذا الكلام الذى كبر واستطال عاما بعد عام وكان زملاؤك الاقباط يحفون أيات من القران مثلك ويذهبون كل أسبوع الى مدارس الاحد لقراءه الانجيل , وفى شهر رمضان لا يفطرون فى الشارع أو فى المدرسه .. وبعض أباؤهم كانوا يفطرون فى المغرب مع والدك واخرين من أهل الحاره ولكن هذه المره العاده تغيرت ..

وذات يوم أخر أنت لا تنساه قال أبوك انه سمع وشاهد على التليفزيون كلاما قريبا مما سبق أن سمعته فى المدرسه عن الكفره والمشركين وأعداء الله .. ولم تفهم والدتك هذا الكلام وهى كانت تتبادل الزيارات مع الست جميانه .. ولكن والدك طلب اليها أن تزورها فى السر .. وطلب من أختيك أن ترتديا الحجاب وهما لم يفهما السبب لكنهما فرحا بالزى الجديد ..
ولم تستطع أن تدخل المدرسه الثانويه وفى اليوم الذى قدمت فيه أوراقك الى المعهد المتوسط .. رأيت مشهد لم يخطر ببالك من قبل .. كانت الكنيسه الواقعه فى نهايه الحاره تحترق وقد ازدحم الاهالى وهم يطفئون النيران : عم جابر والحاج محمود والجزار والبقال والشيخ صابر والاسطى علوان والمعلم جورج والمقدس عبدالسيد .. ونجح الجميع فى السيطره على اللهب ولم يمت أحد ..

وفى المساء كانت الحاره تضرب أخماسا فى أسداس عما جرى .. أما أنت فقد ذهبت الى موعدك الذى لم تفش سره الى أحد قال لك ذلك الشاب الاسمر الطويل : أياك أن تحزن عما رأيته اليوم .. ما هى الا بدايه النهايه للكفر.. وأياك أن تظن أن الكفر مقصور على غير المسلمين , فالكفر يملا دنيا المسلمين وغيرهم .. الجميع يعيشون فى الجاهليه وان تلبسوا مسوح الاسلام .. أنت الان تولد مسلما للمره الاولى دعك هذه اللحظه من الكفار حتى لو كانوا من أهل بيتك .. انهم أعداؤك واعداؤنا وأعداء الله ورسوله .. لا تنظر ورائك أترك كل مالك فى الدنيا و أتبعنى ..

أنت أصغيت الى الصوت فى خشوع المتبتلين وفقد الجميع عنوانك منذ ذلك الحين..كنت تنتقل من عنوان الى اخر .. ربما مرات فى الليله .. أمسيت صديقا لليل والصمت ولغه العيون والخوف والاسرار الغامضه .. ولابد أنك شعرب بأنك جزء متواضع لكنه يزداد أهميه فى بيت كبير له أرض وسقف وجدران ومدخل ومخرج .. أنت من أهل هذا البيت لست ضيفا ولا شريدا.. لم يعد الجوع الى الرغيف أو الانثى يطاردك وانما الجوع لان يتسع هذا البيت ليشمل الدنيا كلها هو الذى يدفئ صدرك بينران الطموح لان يكون لك دور فى بناء هذا البيت وتوسيعه
وفى أحدى ظلمات الليل وفى رقعه من الصمت والسر والخوف الغامض قيل لك أن المسدس هو الذى يبنى البيت الجديد , وهو الذى يحقق وجودك ويكسبه معنى .. به تطهر الاسلام من الجاهليه وتفتح ديارا للاسلام مازالت فى غيبوبه الكفر ..

قيل لك أن لا ولاده بغير الدم .. وأنت الان تولد للمره الاولى ,
فأحرق الذاكره التى عشت بها حتى الان , نحن أبوك وأمك وأخوتك لا عائله لك سوانا .. لا أمس لك ..أنس كل ما تعلمته وعرفته من قبل .. التاريخ يبدأ هنا والان .. وفى البدء كانت الرصاصه وفى المنتهى كذلك .. الرصاصه هى التاريخ والجغرافيا والحياه لمن يطلقها أولا ..
كنت صامتا ترتعد فى داخلك .. لكنك كسوت وجها بقناع نسجته من خيوط الطاعه والصرامه.. حاولت أن تلغى ذاكرتك وأنت تقسم على تنفيذ المهمه المقدسه .. لم تتذكر شئ كانت أعماقك ترتجف .. فى البدئ كان القتل .. هذا كل ما وعيته وأنت تلتمس الجسم البارد للمدفع الرشاش .. القتل فالقتل ثم القتل .. الحراره تنبثق فى رأسك .. ينبوع ساخن ينفجر فى أعماقك .. أنت لا تعرفنى .. رسموا لك الخرائط والبدائل والوجوه والازياء.. خطوط متقاطعه وألوان وأحجام وكتل وفراغات وأضواء وظلال كلها من ورق بلا حياه ..وحين وقفت تنتظرنى كان لديك الوقت لتفكر وتتأمل أو تتذكر .. لكن شيئا من هذا لم يحدث .. توقفت كل أجهزه الرأس وتعطلت كل الحواس ماعدا العين تقطر والساعد يمسك بالمدفع..

فجأه انبثق داخلك ضوء يشبه الحلم أنك مثل المدفع مجرد قطعه من الحديد , أداه ,وسيله كادت الاسئله تبرق فى مخيلتك لماذا لماذا لماذا ؟؟ ولكن الوقت قد فات ..ضغطت عليك الاعصاب .. ما علاقه الاسلام بما سيجرى بعد لحظات ؟ ماذا صنع الهدف هذا الرجل الذى سأذبحه بعد دقائق ؟ ماذا سيحدث لابى وأمى وأخوتى وأهل الحاره ومصر كلها اذا أفترشنا الدماء وأظلتنا الكوابيس العمياء ؟ .. لم تتضح فى وعيك الاسئله وتشابكت وأرتطمت وتداخلت .. شعرت بأنك تسبح فى ظلمه عاتيه .. لا ترى , لا ترى , لاتدرك , لا تفهم , لا تعى , كدت تشعر أنك فى مصيده انك وقعت فى فخ .. وأن غسيلا مدمرا للدماغ يزهق روحك .. ولكن الرصاصه الاولى أنطلقت فلم يتوقف الرشاش عن الصراخ الذى قتل كل الاسئله .. رأيت وجهك فى بحيره دمى يحملق ذهولا .. الرصاصه لا تبنى بيتا .. الرصاصه لا تمنح دورا لمن أطلقها .. الرصاصه لا تقتل الكلمات .. رحت أنا فى غيبوبتى .. وأنت فى غيبوبتك .. والاخرون فى غيبوبتهم ..



#احمد_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لكى لا ننسى .. المذكره التى بناء عليها تم حل جماعه الاخوان ا ...
- نداء لكل الليبراليين المؤيدين لابوالفتوح .. افيقوا يرحمكم ال ...
- حكومه اسلاميه ودستور اسلامى !!
- ماذا جرى لمصر
- المواطن


المزيد.....




- أول مرة في التاريخ.. رفع الأذان في بيت هذا الوزير!
- أول مرة في تاريخ الـ-بوت هاوس-.. رفع الأذان في بيت الوزير ال ...
- قصة تعود إلى 2015.. علاقة -داعش- و-الإخوان- بهجوم موسكو
- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد ابراهيم - رساله من د فرج فوده الى قاتله .. أنا أعرفك