أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد غريب - النموذج التركي!














المزيد.....

النموذج التركي!


أحمد غريب

الحوار المتمدن-العدد: 4114 - 2013 / 6 / 5 - 01:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أعرف أن ثمة ارتباك حول ما يعنيه بالضبط تعبير "النموذج التركي"!
طوال سنوات حكم مبارك كان "النموذج التركي" حاضراً في خيال الطبقة الحالمة بالتغيير، كانت فكرة اقتسام بعض صلاحيات الرئاسة مع رئيس وزراء منتخب، وحصر الصلاحيات الرئاسية في مجلس عسكري وقصرها لتكون صلاحيات سيادية ققط تمثل نوعاً من الحلم في أواخر عقد الثمانينات وربما طوال التسعينات.
كان صعود نجم الدين أربكان كرئيس وزراء إسلامي تحت المجلس الرئاسي العسكري التركي نوعاً من الانفراجة فتحت باب الأمل لنموذج للتغيير يهضم مكونات الواقع الذي يشهد صعوداً للإسلاميين دون الوصول إلى هاوية الحكم الديني المتشدد الذي انزلقت إيران إليه.
لكن انقلاب العسكر الأترك على أربكان وعدم قدرته على تطوير الخطاب الديني المتشدد أجّل الاحتمالات، وأعتقد أنه عزّز على نحو ما من فكرة تاجر بها نظام مبارك كثيراً إلى حد الإفراط في الخارج والداخل تلخصت في سؤال: وما البديل؟ لكن صعود أردوغان كوجه معتدل يغلّب البعد الإقتصادي هزّ شبح الخوف من التطرف باسم الدين.
كان عيب "النموذج التركي" حتى ذلك الوقت هو ذلك القلق الناتج عن تنازع سلطتي العسكر والمدنيين والذي شهد دورات إنقلاب عسكري ضد مدنيين علمانيين أكثر من الإسلاميين، لكن تعايش أردوغان ونجاحه المدعوم شعبياً من طبقة وسطى كانت ترى فرصاً كبيرة للتحسن الإقتصادي وضع الرئاسة العسكرية في زاوية ضيقة، حيث لم يعد أمامها سوى الدفاع عن الوجه الحداثي للدولة ممثل في علمانية النظام .
وجد العسكر الأتراك أنفسهم على حافة السقوط بعد انتفاضات تونس ومصر واليمن وسوريا ضد حكام عسكريين كان من المعتقد استمرارهم، فسلّموا السلطة للبرلمان لينتخب رئسياً مدنياً لأول مرة للمجلس الرئاسي الذي ينتجه البرلمان حسب النظام التركي، رغم أن الأغلبية البرلمانية مع الإسلاميين بنسبة تفوق الخمسين بالمئة.
هنا أصبح لتعبير "النموذج التركي" مدلولاً آخر، وربما استخدم البعض تعبير "التجربة التركية" للإشارة للأداء السياسي المعتدل لإسلاميي تركيا وتعايشهم مع العلمانية. والتطور السياسي للسلطة العسكرية وقبولها بالحكم المدني الكامل.
لكن انفجار المظاهرات في تركيا تحت لافتة "مظاهراتنا ليست عن حديقة؛ إنها عن إساءة سلطة الدولة، عن الرقابة على الإعلام، إنها عن الديموقراطية" ورد أردوغان الذي خاطب الغرب بالأساس في تصريحاته الأولى مستخدماً كليشيه "لدينا انتخابات تعقد كل أربع سنوات يدعى إليها الناس ليختاروا السلطة التي تحكمهم، وأنا منتخب"، يشي بأن الأوضاع في تركيا لم تغادر الدرجة التي كانت عليها وقت هيمنة العسكر العليا على نظام الدولة، خاصة مع تواتر صور قمع الشرطة بنفس الطريقة التي كانت، واعتراف أردوغان نفسه بالإفراط في استخدام القوة، وهي صور لا تحظى بالتغطية الإعلامية اللائقة بها في الإعلام التركي الذي تغلب على قطاعات منه ضغوط الطبقة الحاكمة أياً كانت.
مرة أخرى تعود الدولة "النموذج" إلى مربع القلق: إساءة استعمال السلطة والإعلام، وهو نفس ما كانت تفعله سلطة العسكر التركي، ونفس ما تبيحه لنفسها أية سلطة تعتبر أن حصولها على نسبة تفوق الخمسين بالمائة في الانتخابات هو نوع من إطلاق اليد تتمتع به مع أي آخر من مكونات المجتمع مادام ذلك الآخر لا يملك القدرة على تحريك ضغوط دولية.
بالطبع لا تعرف الأنظمة المتطرفة ولا ترضخ للضغوط الدولية، مثل إيران سوريا وما شابه.
اتهام المتظاهرين الأتراك الذين نظموا خلال الأيام الثلاثة الأولى فقط من الاحتجاج 235 مظاهرة، اتهامهم لأردوغان بأنه "ديكتاتور" هو تجسيد لذلك الصراع الثقافي الذي تشهده المنطقة، وهو صراع جوهره حقوقي يتعلق بقيم الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة، في مواجهة قمع السلطة سواء بواسطة عنف الشرطة أو قهر السياسات الإقتصادية الرأسمالية للشرائح الضعيفة.
لكن نظراً للخصوصية التي يمثلها الدين في المنطقة، والتي سمحت للتيار السياسي الذي يرتدي عباءة الدين بالوقوف أولاً في خانة المعارضة للحكم السلطوي، لأن الأنظمة التي تشكلت في فترة ما بعد الاستعمار لم تتطابق مع مفهومه التقليدي للهوية، ولأن هذه الأنظمة طرحت بعد انتهاء الاستعمار درجة واقعية من الهوية تناسب مدى استعداد كل مجتمع لتبني توجهات التحديث؛ هذه التركيبة وضعت التيار الديني في خانة المعارضة السياسية للأنظمة بشكل مؤقت، وكبديل لا يختلف إلا من حيث نزعة الهوية، لكنه يحتفظ بكل سمات النظام المستعد للتعاون مع الغرب والذي ينحاز لسياسات الإقتصاد الحر التي تراكم ثروات الأغنياء على حساب الفقراء. لقد انفرد الإسلاميون في تركيا بكل مستويات السلطة وبنسبة تفوق الخمسين بالمائة فكانت النتيجة خطأ في ممارسة الديموقراطية، وظهور شبح التسلط والديكتاتورية.
لقد بدا الربيع العربي خريفاً في مشاهده الأخيرة حتى الآن، ثم جاءت النفحة التركية لتمزق المظلة الهشة لديموقراطية الصناديق التي تسترت بها محاولات تفريغ الجوهر الحقوقي للانتفاضات التي دفعت عملية التطور السياسي؛ الديموقراطية عملية تنظيم لثقافة التعايش والمشاركة لا تقنين لثقافة الاستقواء.



#أحمد_غريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تمرّد
- هواجس عن التدين كوسيلة خروج على القانون!
- دولة مدنية.. أحلام الثورة مستمرة
- دورة العنف.. الرصيد لا يسمح!
- من سيتكلم باسم الشعب؟
- الجماهير أسبق من السياسيين: هذه دولة الإسلاميين.. فماذا عن د ...
- الإسلام السياسي ونزعة الخصومة
- دستور الإخوان:المقاطعة.. والشرعية
- مليونية 27 نوفمبر.. الكتلة الحرجة
- الإسلام السياسي.. الحاكمية.. والبطولة الغائبة
- الأصابع الخفية
- ماذا حدث لسوريا؟
- -الخطة بوتن-
- -والله الموفق-
- المشير
- بروفات مواجهة إسرائيل
- إسرائيل تتحدث
- فن الجماهير: كلمة السر -منقول-


المزيد.....




- رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك بـ -الملياردير المتغطر ...
- إسبانيا تستأنف التحقيق في التجسس على ساستها ببرنامج إسرائيلي ...
- مصر ترد على تقرير أمريكي عن مناقشتها مع إسرائيل خططا عن اجتي ...
- بعد 200 يوم من الحرب على غزة.. كيف كسرت حماس هيبة الجيش الإس ...
- مقتل 4 أشخاص في هجوم أوكراني على مقاطعة زابوروجيه الروسية
- السفارة الروسية لدى لندن: المساعدات العسكرية البريطانية الجد ...
- الرئيس التونسي يستضيف نظيره الجزائري ورئيس المجلس الرئاسي ال ...
- إطلاق صافرات الإنذار في 5 مقاطعات أوكرانية
- ليبرمان منتقدا المسؤولين الإسرائيليين: إنه ليس عيد الحرية إن ...
- أمير قطر يصل إلى نيبال


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد غريب - النموذج التركي!