أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين الياسين - مامعنى ان يكون الكاتب مبدعاً .. وأن يكون مأجوراً ومنافقاً














المزيد.....

مامعنى ان يكون الكاتب مبدعاً .. وأن يكون مأجوراً ومنافقاً


ياسين الياسين

الحوار المتمدن-العدد: 4099 - 2013 / 5 / 21 - 17:42
المحور: الادب والفن
    


لاشك أن الفنون ومجالات الأبداع في الحياة كثيرة جداً ومتنوّعة وتدخل كل مفاصل الفعل البشري على الأرض ، ومن هذه الأبداعات هو فن الكتابة التي حباها الله تعالى كملكة بشرية عظيمة تنم عن فكر خلاّق ، وعقلية ناضجة لمنشيء النص الكتابي ، والمبدع هو الأنسان الذي يخلق شيئاً جديداً متميّزاً عن كل ماسواه من النتاجات البشرية الفكرية الأخرى ، فيشحذ الذائقة البشرية المتطورة ، ويأخذ بها إلى مراقي اللذة والمتعة لما يقرأ ، ولذلك ترى أن نتاجه يأتي متقناً رصيناً لأنه ولاشك طبع فيه شيئاً من ذاته وختم عليه ببصمته ، والكتابة بمفهومها العام هي صياغة الكلمة ، ونسيج متكامل من تلك الصياغات تشكل ولابد النص الأبداعي أو بالأحرى القطعة الأدبية التي تعبّر بكل وضوح ودون أدنى لبس أفكار المنشيء وهواجسه ونافذته التي يتطلّع إلى الحياة من خلالها ، فيشير إليها من تينك النافذة لكل ماهو جميل فيها وماهو قبيح ، وبنظرة المتفرّج الذي يحكم على الأشياء بتجرّد وبنقاء نفس وصفاء دون أن تأخذه سوداوية أفكار أوريح صفراء أو نسائم بحر يهدأ عندها الروع فيستقر إليها ويستكين ، ولابد له حينذاك أن يكون حويطاً في نصوصه لأنّها وبلاشك ستكون هويّته الحقيقية ووجهه الذي ربما لم يراه بعضهم ، والكاتب المبدع هو من يدخلك عالماً جديداً يشركك تأملاته وتتحسس قربه منك ، ويفجّر فيك ألمه لأن كلماته تنبع من عمق عنده متأصل ومتجذّر في صميم هواجس إنسانيته ومشاعره ، والتي تخلق منه كائناً شفافاً بكل معاني الشفافية حتى لكأنك تحس إنساناً آخر غير عادي لفرط ما يتحسس به من آلام غيره من أبناء جلدته ، فيوحي إليك أنّه هو من يتبنّى همومهم وآلامهم وإيصال صوتهم لمن يسمع الشكوى ولمن شد أحزمته لأنصاف المظلومين والمغلوبين من عامة أبناء الأمة .
أن الكاتب المبدع هو المناضل الحقيقي الذي ينتصر للحقيقة وحدها ولاغير ، وسلاحه الكلمة والكلمة سر الكاتب وعمقه الجهادي في ساحة النص الأبداعي ، وتراه لايهتم بالتفاصيل السطحيّة السمجة لمفردات الحياة بل يغوص فيها يسبر أغوار المجاهيل بحثاً عن مايحاكيه في صدق مشاعره ، وليكون صادقاً مع وحيه الذي يأتمنه كلمات تتجسّد على الورق وقد ضمّخها شيئاً من خصوصيّته بشفافية وصدق كبيرين .
إن الأبداع عملية عقلية تعتمد مجموعة من القدرات والأمكانات تتميّز بخصوصيّة تشكل إضافة جديدة للمعرفة البشرية ، فالكتابة تستمد طاقتها وإلهامها من فلسفة وفكر تنبجس عنها روائع ونتاجات مؤثرة في الوجود الأنساني ، ولابد للكاتب المبدع أن يكون منهجياً فضلاً عن كونه مهارياً ، وهذه هي أهم عاملين أساسيين في صيرورة الكاتب المبدع ، فأما كونه منهجياً فعليه أن يتناول عناصر المنهج الأبداعي الأربعة ، وأما كونه مهارياً فلابد منها لأنها الوسيلة اللازمة لأنشاء النص الأبداعي ، وأخيراً وليس آخراً فأن الكاتب المبدع هو من يتمتع بتكوين نفسي متفرّد وقدرات إنفعالية وخيالية تكسبه سمة الأبداع الذي يميّزه عن آخرين .
وأما الكاتب المأجور فهو ولابد كاتب منافق ، وعادة مايلجأ مثل هذا الكاتب إلى أساليب ملتوية يحاول من خلالها جهد إستطاعته أن يثير إهتمام الآخرين إلى أشياء هي أصلاً تافهة ولاوجود لها في نفسه منها أنه الكاتب المبدع والعبقري الذي لن يتكرر له مثيلا بشهادة فلان وفلان ، وتراه يحلّق في فضاءات من الأحلام المريضة والنرجسية المقيتة ، ومثل هذا يختلق موضوعة ينمّقها بمحاسن الألفاظ التي يجهد بأنتقائها وإختيارها لتأخذ مكانها في ذهن القاريء ، وعادة ماينبهر بأولائك قراء بسطاء من الذين تعجبهم الألفاظ دون الألتفات إلى بطون معاني الكلمات ومرامي الكاتب منها ، وأهدافه التي يروم الوصول بهم إليها ، ولكن القاريء الحاذق فانّه سرعان ماسيجد أن تلك النصوص ليست إلاّ مجرّد معلومات منثورة تم سردها بشكل مدبّج ومنمّق ، وهو دائماً أي الكاتب هنا مايكون خائناً لوحي الكتابة والأبداع لأنّه يجانب الحقائق ، فيكذب على نفسه فضلاً عن كذبه على الآخرين ، ولكنّه والحال هذه يستشعر أنّه ولابد من مواصلة عمله لأنّه وصل نقطة اللاعودة ، فيمعن في إستعداء الآخرين ، وتلفيق الأكاذيب ليرضي من أستأجروه حيث إرتضى لنفسه أن يكون بوقاً لهم ، وهنا تبدأ إشكالية الكاتب إيّاه مع نفسه التي تتمثل بظهور حالة صراع وإصطراع نفسي داخلي ، فيعاني عذاباً نفسياً وألماً داخلياً وقلق كبير مبعثه عدم الرضا وحالة من تانيب الضمير ، وللأسف وبدلاً من أن يلجأ مثل هكذا مأجور إلى إصلاح نفسه وذاته من خلال نبذ الكتابة بلسان آخرين والتعبير عن أفكارهم ، والأنبطاح الدائم لأملاءاتهم ، فنجده يعالج الخطأ بأبشع منه من خلال الأنتقام لشرائح أخرى وقطاعات لايمتونه بصلة ، وليس له معهم أدنى إرتباط ، وهو بذلك يحاول إفراغ مافي جوفه من سموم وأحقاد دسّها إليه من أملى له صفحاته ، ولايستطيع بذات الوقت الرد عليهم ، فيلجأ إلى مهاجمة هيئات ومؤسسات مسالمة في المجتمع والدولة كالمؤسسات الدينية ، وأخرى تربوية بل وحتى العادات والتقاليد التي توارثها المجتمع جيلاً بعد جيل ، فأنّها لاتسلم من إنتقاداته ولذعاته المريضة ، وتضيق عنده البصيرة وتنحسر أمام ذهنه المواضيع ، ولايجد بداً من مشكلة وعلّة إلاّ تينك التي أسلفت دوناً عن سائر مشكلات المجتمع الأخرى التي لاحد لها على الأطلاق ، وما يزيد الطين بلّة أن مثل أولائك الفاشلين يجدون من الجهلاء من يطبّل لهم ، ويهمس في آذانهم موهمين إيّاهم من أنهم عباقرة عصرهم ، وجهابذة سبقوا غيرهم ، وهذا هو الفرق الكبير بين الكاتب في أن يكون مبدعاً حقيقياً ، وبين أن يكون مأجوراً ومنافقاً .



#ياسين_الياسين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنتهاك الدستور والقانون .. منهج إحترافي أم حذاقة لصوص
- الأكراد .. هل هم قادمون ؟
- الأنفجارات .. وثقافة الأستقالة
- المحافظات .. ونتائج الأنتخابات
- مشاركة وطنية .. أم شراكة حرامية ؟


المزيد.....




- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين الياسين - مامعنى ان يكون الكاتب مبدعاً .. وأن يكون مأجوراً ومنافقاً