أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح نيسان - النخلة جودي / قصة قصيرة














المزيد.....

النخلة جودي / قصة قصيرة


صباح نيسان

الحوار المتمدن-العدد: 4097 - 2013 / 5 / 19 - 10:59
المحور: الادب والفن
    


نظر ابو عزيز الى النخلة (جودي ) التي تتوسط الدار ، فوجدها هادئة ، وحيدة ، يلفها الصمت والسكون ، فتساءل بغرابة عن السبب وراء هجرة الطيور لها ، أذ تنبه فجأة الى كونه لم يعلم حتى متى غادرت ، او متى رآها آخر مرة ، لكن الشيئ الوحيد الذي يذكره جيداً هو اصوات زقزقتها وهي تحلق بخفقان اجنحتها السريعة ، صعوداً الى قلبها ونزولاً عند الساقية التي تحيط بجذعها ، وبذاكرة انسانية متصلة مع ذاكرة الطيور ، تناهت الى مسامعه اصوات تقافز قدميه تمتزج بقهقات العاب الظهيرة ، حين تسقط الشمس على باحة الدار فيصبح الظل على جانبها ميدان اللهو والضحكات الطويلة ، وهناء العيش السعيد ممزوج بفرح غامر يتجلى مع دخول كل كرة زجاجية في الحفرة الصغيرة للعبة ( الدعبل ) .. كل شيئ كان له دلالة في عالم يبسط الاشياء ، ويبعد عنها الغموض حتى مشاجرات العصافير كانت تأتي بزائر جديد حسب قول الجدة ، وألم صباه الاول كان واضحاً وسعاد التي هربت بوجهها الخجول كانت واقعية للغاية وهي ترسل له رسالتها الوحيدة ( انها مغلوب على أمرها ) وصوت فيروز الصباحي قبل اخبار الحرب عند الساعة الثامنة ، يرسم له ارياف اقربائهِ الجميلة حيث تمتزج رائحة الخبز الصباحي ، بزيتون القرى المحتلة .. اليوم شعر بدوار جديد ، لايشبه دوار الدراويش التي كان يجربها عندما كان يتوسط باحة الدار ، ثم يبدأ بالدوران حول نفسهِ ، ويبقى يدور ، ويدور.. حتى يشعر بروحهِ وقد القيت في صحراء ازلية غابرة ، حيث الذات والارض الممتدة والسماء اللامتناهية ، وألم الرأس فقط .
( جودي ايتها الام .. كم من الالام دفنا في جذورك ؟ وكم من الدموع بكينا عندك بصمت ؟ جودي .. انتي الام الوحيدة التي تبرر الذنوب ، وتنسى الحماقات ) .
من على سطح الداركان صوت سقوط الماء من اعلى السد في نهر دجلة ، يقطع سكينة شروق الشمس ، في هذا الصباح الخالي من الغبار ، مايجعلها تتلألأ بنورها الساقط على سرير نوم حمودي ، حاول ان يبتعد عن حرارتها بهروبه الى الجانب الاخر ، لكنه كاد يسقط على الارض ، فتذكر فجأة ما يخفي تحت وسادته ، وتذكر ايضاً ان هذا اليوم هو الاول من العطلة الصيفية ، فقفز من على سريره ، حاملاً بيده قوس نشابهِ المستورد من الصين وكيس صغير من الكرات الزجاجية ، بعد ان استبعدت الحصاة من هذهِ الالة العريقة ، فتسلق على غرفة السطح ( البيتونة ) ومن هناك اطل على حديقة الجيران ، وامامه انتصب بثبات النخلة (جودي ) التي تحلق منها الطيور واليها تعود اسراب العصافير ، وبعض البلابل الملونة ، وزوج من ( الفخاتي ) ، كان سعفها الاخضر في قمتها يتمايل مع حركة الريح القادمة مع رائحة النهر ، بينما يتدلى سعفها الذابل على جانبيها ، في سكون يشبه الموت ، وهناك سدد حمودي رميته الاولى فلم يصب هدفه وضاعت كرته الزجاجية . .
وضع ابو عزيز وسادته على حجره ، ويداه تمتدان الى الامام ، وظهره يستند على حائط الظل ، عندما سقطت بجانبه كرة زجاجية ملونة ، رفعها بيده ونظر اليها جيداً ، حاول ان يحتسب عدد الشعيرات الملونة داخلها ، كما كان يفعل ، لكنه لم يفلح ، لأن الشعيرات كانت متحركة بفعل شبكية عينه الممزقة ، قرر ان يرميها الى حفرة قريبة من ( جودي ) ، وكأنه يلعب لعبته الاخيرة ، او يجرب حظه الاخير ، وضع وسادته بجانبه ، ثم ركز نظره جيداً نحو تلك الحفرة الصغيرة ، رفع يده اولاً ، ثم رمى رميته ... لكنه لم يستطع ان يتابعها بنظراتهِ ، حتى ضاعت بين ثمار التمر الخضراء المتناثرة حول الجذع ، وبين كرات حمودي الزجاجية المتساقطة .. قرر فجأة ان يستجيب لمرضهِ السكري طويل الامد ، بأن يأخذ غفوة صباحية متقطعة ، وخالية تقريباً من الاحلام .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصابيح مظلمة / قصة قصيرة
- الصيف يأتي زائراً / قصة قصيرة
- الدراما العراقية : قراءة في مسلسل ( فاتنة بغداد )


المزيد.....




- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة
- جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا ...
- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...
- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-
- إصدار كتاب جديد – إيطاليا، أغسطس 2025
- قصة احتكارات وتسويق.. كيف ابتُكر خاتم الخطوبة الماسي وبِيع ح ...
- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح نيسان - النخلة جودي / قصة قصيرة