|
المؤتمر القومي العربي رهان على الماضي أم المستقبل
معقل زهور عدي
الحوار المتمدن-العدد: 1176 - 2005 / 4 / 23 - 11:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
صورة المؤتمر القومي العربي الذي عقد دورته الأخيرة في الجزائر بين 6-9 نيسان ( ابريل) 2005 لاتوحي بالتفاؤل . الانجاز الأهم للمؤتمر هو اتاحة الفرصة أمام المشاركين للاجتماع وتبادل الخبرات والآراء والمعلومات ، البيان الختامي جاء حافلا ، يعكس اشتداد راهنية مسألة الإصلاح الديمقراطي ، مع حرص على ابقاء مسافة كافية لاتضع المؤتمر في قلب معركة التغيير ، في بعض الأماكن جاء خطاب البيان قديما وفجا كما في ( حضر هذه الدورة أعضاء ينتمون لكل مكونات الوطن الكبير القومية والدينية والجهوية والاجتماعية ) ، ذكرنا هذا الخطاب بنسبة ال99.99 بالمئة السيئة الذكر ، كما أعطى الإطراء المبالغ فيه للجزائر – الذي سيوظف في النهاية لصالح النظام وليس الشعب – انطباعا بأن المؤتمر يدفع _ نقدا _ لحكومة الجزائر مقابل استضافتها ما يسهم في تبييض صورة نظام لازال موضع شبهة كبيرة نظرا لسجله في حقوق الانسان و في كونه ابنا لمؤسسة عسكرية فرضت نفسها بالقوة مع غطاء شفاف من ديمقراطية ضيقة و شكلانية . تلفت النظر تلك الانتقائية في اختيار المناطق الساخنة ( القضايا العراقية والفلسطينية والسورية-اللبنانية والسودانية ) هكذا خرجت من دائرة الاهتمام مصر والاردن والسعودية واليمن ..الخ ، كان يمكن قبول ذلك لولا الطابع الشمولي الذي أخذه المؤتمر على نفسه ، هنا نتذكر ان بعض أعضاء حركة كفاية حاولوا دون جدوى إقناع المؤتمر بالتضامن معهم ، هذا يفسر جزئيا على الأقل نظرية المناطق الساخنة المنتقاة بعناية . لن نسترسل في مناقشة البيان الختامي ، فقط نرغب بتأكيد أن خطابا كهذا لم يعد مقنعا ، بلغته ، وانتقائيته ، والتركيز على الشعارات بدل التحليل الملموس . وأيضا بطريقته الالتفافية كما هو الحاصل في تناول الوضع اللبناني – السوري ، حيث لم تعط الاسباب الجوهرية التي كانت وراء انفجار الشارع اللبناني بصورة لم يسبق لها مثيل أهمية تذكر( الدولة الأمنية ) ودخلت في باب المؤامرات الامبريالية. على أية حال نود في هذا المقال القاء الضوء على المؤتمر القومي من الداخل ، لقد تعود جيل كامل على تقييم المؤسسات السياسية انطلاقا من خطابها المعلن فقط ، مسقطا المسألة الأهم والتي ستغدو لاحقا العنصر الحاسم في تطور تلك المؤسسات ونعني بها بنيتها الداخلية ، فالعلاقات الداخلية وطريقة العمل هما مايجب تسليط الضوء عليه قبل الخطاب السياسي . هنا نجد أن المؤتمر القومي يعاني من بنية تسلطية ومغلقة ، فالمركز يتحكم بصورة مطلقة بنشاط المؤتمر ، ويستخدم من أجل ذلك أدوات مشتقة من النظام العربي المهترىء ذاته. على سبيل المثال لاأحد يعرف بالضبط على أية أسس ومعايير يتم ترشيح وقبول أعضاء جدد للمؤتمر ، ومن يقوم بذلك ، كما لايوجد أية شفافية في طريقة عمل هيئات المؤتمر وانتخاب تلك الهيئات ، وفي مناخ يتميز بالتعتيم والانغلاق يبدو المركز كسلطة مطلقة دائمة لاتتبدل تحتفظ بهيمنتها على خلفية علاقات غير واضحة المعالم مع بعض الانظمة العربية . يقول المركز للأنظمة العربية : أعطوني بعض الدعم والتأييد مقابل ابقاء سقف معين للمعارضات من جهة ومقابل تجيير بعض قرارات المؤتمر لصالحكم من جهة أخرى . ويقول للمؤتمرين : لولا جهودي ( الخاصة ) مع الانظمة العربية لما تمكنتم من الحصول على التسهيلات للاجتماع ، فالمؤتمر مدين لي بالبقاء وأي تفكير في تغيير المركز أو الخروج على الطاعة سيكون بمثابة طلقة الرحمة في رأس المؤتمر . هكذا يتم توليد آلية للهيمنة مشتقة من الاستبداد العربي الرسمي ، أما البقية فمجرد تفاصيل ومناورات صغيرة المشكلة أن بنية كهذه قد تم استهلاكها بفعل التغييرات العميقة التي بدأت تضرب المنطقة العربية من مشرقها لمغربها . لم نعد بحاجة للنظر في البيانات والأوراق الكثيرة للمؤتمر بقدر ما نحتاج للنظر في بنيته ذاتها وطريقة عمله نعم هناك ضرورة ماسة للقاء القوى الشعبية والديمقراطية العربية ، ولكن الأهم أن يتم ذلك اللقاء في إطار ديمقراطي حقيقي منفتح وبعيد عن آليات هيمنة الأنظمة العربية أو أية آليات مشتقة منها ، وبغير ذلك سيخرج كل انجاز مشوها أو كسيحا . هل بالامكان تحقيق ذلك دون خسارة المؤتمر ؟ بالتأكيد ، وعقد المنتدى الاجتماعي العربي في القاهرة مثال حي لذلك ، كما يمكن الاستفادة أيضا من عودة الروح للديمقراطية اللبنانية ، لقد كان لبنان دائما رئة المؤسسات العربية غير الرسمية . أما المسألة المالية فيفترض حلها بعيدا عن مد اليد للأنظمة العربية سواء بشكل مساعدات مباشرة أوتسهيلات يدفع ثمنها لاحقا على حساب كل كلمة تقال أو تعلن . لقد أعطت بنية المؤتمر القومي كل مايمكن أن تعطيه ومنذ هذه اللحظة سيرتبط مصير تلك المنظمة بقدرتها على ادخال تغيير جوهري على بنيتها الداخلية وطريقة عملها ، يتيح لها القطع مع مصالح الأنظمة العربية الحاكمة والانحياز التام للمصلحة التاريخية للشعوب العربية في التغيير الوطني –الديمقراطي الذي سيمكنها من مواجهة المخاطر الخارجية والداخلية ، أما إمساك العصا من وسطها فقد فات أوانه ، والبقاء على ذلك الخيار لايعني سوى الرغبة في ركوب قاطرة التاريخ في الاتجاه المعاكس.
#معقل_زهور_عدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سورية مابعد لبنان والخروج من النفق
-
العرب واميركا والعداوة العاقلة
-
لبنان من الدولة الى الثورة
-
قراءة لميزان القوى في لبنان مابعد الانسحاب السوري
-
الثابت والمتحول في المعارضة اللبنانية
-
وداعا للسلاح
-
نحو مقاربة هادئة للوضع المتفجر في لبنان
-
سيوم براون- وهم التحكم - القوة والسياسة الخارجية في القرن ال
...
-
سيوم براون - ( وهم التحكم- القوة والسياسة الخارجية في القرن
...
-
نحو برنامج سياسي مشترك للقوى الوطنية الديمقراطية في سورية ول
...
-
العولمة وأفول الدولة القطرية
-
تداعيات الانسحاب السوري من لبنان
-
مغزى الانتخابات الفلسطينية في الضفة والقطاع
-
سياسة المقاومة ومقاومة السياسة
-
التحول الديمقراطي في سورية والموقف الراهن
-
سورية ولبنان واستحقاق الشعوب
-
معضلة الديمقراطية في التجربة الاشتراكية السوفييتية
-
اية ديمقراطية نريد؟
-
نعوم تشومسكي-الهيمنة أم البقاء
-
نحو بديل عقلاني في مواجهة العولمة
المزيد.....
-
قيادي بحماس لـCNN: وفد الحركة يتوجه إلى القاهرة الاثنين لهذا
...
-
مصر.. النائب العام يأمر بالتحقيق العاجل في بلاغ ضد إحدى شركا
...
-
زيارة متوقعة لبلينكن إلى غلاف غزة
-
شاهد: -منازل سويت بالأرض-.. أعاصير تضرب الغرب الأوسط الأمريك
...
-
الدوري الألماني ـ كين يتطلع لتحطيم الرقم القياسي لليفاندوفسك
...
-
غرفة صلاة للمسلمين بمشفى ألماني ـ مكان للسَّكينة فما خصوصيته
...
-
محور أفدييفكا.. تحرير المزيد من البلدات
-
خبير ألماني: بوتين كان على حق
-
فولودين: واشنطن تضحّي بالآخرين للحفاظ على القطب والواحد
-
فرنسا تتهم زوجة -داعشي- سابقة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|