قصة قصيرة – خاصرة الذاكرة والقلب

ايفان علي عثمان
شاعر وكاتب وصحفي مستقل
(Evan Ali Othman)

الحوار المتمدن-العدد: 4089 - 2013 / 5 / 11 - 16:49
المحور: الادب والفن
    

1
كان يجلس في مقهى ويستنشق رائحة بذور القهوة وهي تتناحر فيما بينها فتتفتت بقاياها الى شرائح فيجن جنونه ويمسك بحبيبات حبر قلمه لكي يمرر الحروف والكلمات بين طرفي ذاكرته والم العشق فتتحول احلامه الى الوان يزركش بها الطاولة التي يجلس عليها فتتراقص اعمدة دخان سجائره في مساحات جسد حبيبته .

2
في كل مرة يدخل فيها المقهى كان يحتضر من شدة وجع الحب وتنتابه حالة من الفزع والرهبة عندما تشد الالام المنتشرة في صفحات قصيدته فصراخ حبيبته ما زال يجوب فضاء المقهى وسكون الطاولة الجالس عليها يبعث فيه المزيد من القلق والتوتر فأعصابه المليئة بتجاويف بذور القهوة لم تعد قادرة على البوح بأسرار قصيدته فحبيبته الضائعة لم تستفيق من حالة الهذيان والضياع التي صنعتها بنعومة خاصرتها الحوراء .

3
من عادته عند دخول المقهى ان يرصد همسات العشاق الجالسين في ارجاء المكان لعله يسمع صهيل همسة قادمة من اناء القهوة فهو يستعرض مهارته في تعقب الاصوات والارواح المتناحرة عبر بقايا رماد سجائره فيفضل الجلوس لوحده وشرب القهوة بصحبة حبيبته .

4
كان يؤمن بأن كل امرأة جالسة في المقهى تعيش في مخيلته ولها مساحات شاسعة من الكبرياء في فؤاده فهمسات كل واحدة منهن تقتضي منه ان يتتبع خطاها وان كان الفشل دائما حليفه فهو لا يمل من تقصي دور العاشق الثوري الباحث عن حبيبة ضائعة ومؤمن بأنه لا توجد امرأة تتحمل هستيريا قصائده وشيزوفرينيا نظريته عن الحب والعشق والغرام ويظل غارقا في رائحة بذور القهوة لعله يلتقي بحبيبته .

5
هي المرأة الوحيدة التي تستطيع ان تجمح ثورته ضدها فهي ينبوع العشق في فلسفته وفنجان قهوة مميز يرتشف منه وجع كبرياءه وطغيانه وغروره فهي كانت اولى قصائد حبه واخر خنجر بنفسجي يمزق صراخ شعره فهو مغرم بسحرها وجمالها ونعومتها فيقصد المقهى من جديد ويجلس على ذات الطاولة فيفكركيف يتفنن ويكتب ويمارس العنف في وريقات جسد وروح الانثى حروفا قاسية وكلمات جارحة لكي ينتقم منها ومن نساء المقهى فيجردها من خاصرة الذاكرة والقلب .

#ايفان_علي_عثمان (هاشتاغ)       Evan_Ali_Othman#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل