أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد حسن بوستن - خبرات من الحركة الطلابية المصرية 68 - 1972















المزيد.....

خبرات من الحركة الطلابية المصرية 68 - 1972


أحمد حسن بوستن

الحوار المتمدن-العدد: 4086 - 2013 / 5 / 8 - 00:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حينما نتحدث عن النضال الطلابي، فإننا بلا شك أمام ظاهرة تستحق الدراسة والتأمل فيما تثيره من إشكاليات نظرية وتاريخية. فالطلبة ليسوا طبقة اجتماعية إلا انهم دائماً ما كانوا في مقدمة أي حراك مجتمعي باعتبارهم الفئة المتعلمة، الأكثر حماسًا وأقل تدجينا، والأقرب من نبض الشعب. فالطلاب في جميع أنحاء العالم قد ساهموا في إسقاط أنظمة سياسية وحاربوا الاستعمار وانحازوا إلى فقراء ومستغلي مجتمعهم و ناضلوا من أجلهم.

أتاحت مجانية التعليم أثناء العهد الناصري الزيادة العددية للمتعلمين في مصر، وعندما بدأ النظام العسكري القمعي في تحميل مسئولية هزيمة 1967 إلى صغار ضباط الطيران وبدأوا بالفعل في محاكمتهم. أدى ذلك إلى حالة من الغضب الشعبي بدأت بخروج مظاهرات عمالية تم السيطرة عليها دون جهد يُذكر حتى خرجت تظاهرات طلابية حاشدة تندد بتلك المحاكمات الظالمة وتطالب بمحاكمة من تسببوا في الهزيمة بالفعل. عجز النظام عن مواجهتها أمنياً فرضخ وتم تغيير الطاقم الوزاري بالكامل وتشكيل وزارة جديدة يترأسها عبدالناصر نفسه، وقلل عدد العسكريين في تلك الوزارة من ثلاثين إلى عشرة فقط لاحتواء الغضب.

كما اضطر النظام إلى إصدار بيان 30 مارس الذي يبلور معظم مطالب الحركة الطلابية، وبالطبع أدت الحركة الطلابية التي تعبر عن مطالب شعبية إلى إعادة محاكمة قادة سلاح الطيران كما بدأ النظام في اللجوء إلى سياسة معاداة الإمبريالية، وأعلن البدء في حرب الاستنزاف. وفي المقابل قبل بمبادرة "روجرز" مما عكس حالة الضعف التي اعترت سلطته. تلك الصفحة من صفحات تاريخ النضال الطلابي كانت أولى صفحات الكفاح الطلابي في السبعينات و محاولة من النظام للحول دون تكرار مثل هذه الاحتجاجات قرر عبدالناصر إنشاء جهاز الأمن المركزي القمعي.

مع بداية عهد السادات، وبعد قرابة عام من معركته مع من سماهم "مراكز القوة" لترسيخ شرعيته الزائفة، لعب لعبته بتقوية شوكة الإسلاميين، وتدريبهم على القتال في معسكرات أسيوط، علاوة على دعمه السياسي لهم لمواجهة النفوذ المتنامي لليسار بالأخص داخل الجامعات. فأصبح على الطلاب، ليس مجابهة النظام وحسب، بل مواجهة الأفكار المتطرفة والممارسات التي وصلت إلى الاعتداء بالضرب والجنازير، ومنع الطلاب غير الإسلاميين، والطالبات غير المحجبات من التمتع بأنشطة وخدمات اتحاد الطلبة.

كانت بعض الأمور التي تقف عثرة في سبيل الطلاب قائمة، وإن اختلفت بعض الشيء، مثل سوء الأحوال الاقتصادية، وعدم توافر فرص عمل للخريجين (حتى في الثلاثينيان والأربعينيات). وكذلك جنوح قطاعات من الطلاب "للـمشي جنب الحيط"، فالقبضة الأمنية لحكم العسكر، قيدت الطلاب.. لكنها لم تقتل أرواحهم.

وقد كانت مجرد مسألة صغيرة كافية تمامًا لإشعال الحريق، ففي خطابه في 13 يناير 1972 برر السادات عجزه عن الوفاء بوعده في جعل عام 1971 عام الحسم مع إسرائيل باندلاع الحرب الهندية الباكستانية. وادعى أن العالم ليس فيه متسع لاندلاع حربين كبيرتين في آن واحد، وأن الحليف السوفيتي تشغله الحرب الهندية الباكستانية للحد الذي لا يستطيع فيه تقديم مساعدة لمصر، وأن هذه الحالة كالضباب الذي يعيق القدرة على التحرك.

في يوم 15 يناير تمت الدعوى إلى مؤتمر موسع داخل الجامعة حضره آلاف الطلاب، و في مساء نفس اليوم تحول المؤتمر إلى اعتصام. أوفدت الحكومة أمين الباب بالاتحاد الاشتراكي العربي د. أحمد كمال أبو المجد في محاولة للتهدئة ولكنه فشل بعد أن هتف الطلاب ضده وضد سياسات نظام السادات.

في 17 من يناير تمت الدعوى إلى مؤتمر آخر في جامعة القاهرة خرجوا منه باقتراح إنشاء “اللجنة الوطنية العليا للطلاب في جامعة القاهرة" وطالبوا بضرورة تسليح الطلاب مع وقف كل مبادرات التهدئة و أعطوا مهلة يومين للحكومة لتنفيذ تلك المطالب.

بعدها أجرى السادات تغييرات وزارية لمواجهة هذا الحراك منها تعيينه لعزيز صدقي والإقطاعي سيد مرعي أمينا للاتحاد الاشتراكي العربي، وتم الإعلان عن إحدى عشر قراراً حاسماً لتحقيق إصلاحات اقتصادية وفتح باب التطوع في الجيش أمام الطلاب، إلا أنه رفض تسليحهم خوفا من العواقب.

عقد مؤتمر آخر وحضره 20 ألف طالب وقد تقرر الاستمرار في احتلال الجامعة وإرسال وفد إلى رئاسة الجمهورية لمطالبة السادات بالحضور إلى الجامعة للإجابة على أسئلة الطلاب وتم الإعلان عن تشكيل “اللجنة الوطنية العليا للطلاب" التي ذكرتها من قبل، وكذلك تم تشكيل الوفد الذي توجه لإيصال وثيقة بها مجموعة من التوصيات و المطالب إلى منزل الرئيس وبالفعل أوصلوها ولم يتلقوا أي رد. استمر الاعتصام واستمر المؤتمر في اليوم التالي بحضور 10 آلاف طالب وتم إرسال وفد آخر إلى رئاسة الجمهورية للقيام بذات المهمة.

ردت الحكومة باختلاقها بيان كاذب لطلاب جامعة الإسكندرية يؤيدونها فيه ويؤيدون قرار "غلق الجامعة"، وبدأت أبواق النظام (الإعلام) في بث سمومه وأكاذيبه وأعلنت الأهرام أن الرئيس قد وافق على مقابلة طلاب القاهرة و الإسكندرية بناءاً على طلب اتحاداتهم الطلابية (الموالية للنظام) وتجاهلت تماماً ذكر الوثيقة.

قرر الطلاب الوصول إلى صيغة تسوية اقترحها محمود سالم وزير الداخلية تقضي بحضور وفد طلابي إلى مجلس الشعب لتقديم مطالبهم وقد تم بالفعل وتم الاتفاق على إدخال بعض التعديلات على الوثيقة لنشرها في الصحف الرسمية في اليوم التالي وإنهاء الاعتصام المستمر لمدة 4 أيام.

بعد إجراء التعديلات على الوثيقة كان الرد أنه لن يتم نشر أي شيء بل أن السادات سيعقد لقاءات مع عدة قوة شعبية، منها الطلاب، لمناقشة الوضع في غضون يومين وأنه قد وصل وفدًا ثانيًا من الطلاب للمجلس تابعاً لاتحاد الطلاب حاملاً معه وجهة نظر مختلفة تمامًا!

استقبل الطلاب إهانات المجلس لهم في الجامعات بصيحات هستيرية وبدأت الدعوة إلى مسيرة إلى وسط القاهرة، إلا أن سلطات الأمن قد أغلقت أمامهم كل السبل الممكنة للتعبير عن الرأي رافضة إعطائهم تصريح بتنظيم تلك المسيرة. فتح الطلاب أبواب الجامعة ليخرجوا في مسيرة إلى ميدان التحرير، إلا أن سلطات الأمن سبقتهم كالعادة فقد اقتحمت الجامعة وقامت بالقبض على 1500 طالب في جامعتي عين شمس والقاهرة.

قررت إدارتي جامعة القاهرة وعين شمس غلق الجامعتين لمدة أسبوع.. حالة الغضب كانت أكبر من أن تحتويها الأجهزة الأمنية، فالطلاب خرجوا في مظاهرات عفوية إلى ميدان التحرير وعقدوا مؤتمراً حضره الآلاف من المواطنين، وتم إغلاق الميدان أمام حركة السير ودخلت قوات الأمن إلى الميدان لضرب الطلاب المتظاهرين، إلا أن الاحتجاجات لم تعد طلابية فقط حيث انضم اليهم آلاف المواطنين واشتبكوا معا مع قوات الامن التي انسحبت بعد عجزها عن فضهم.

في فجر اليوم التالي أصدر قائد قوات الأمن المركزي أوامره بفض الاعتصام ثم فرقهم الأمن بالقوة فجرًا بعد رفضهم التفرق، وتجمعوا ثانية في مجموعات أصغر بالمنطقة التجارية في وسط القاهرة وهم يهتفون “إصحي يا مصر” واستمرت المظاهرات حتى ظهر اليوم التالي 25 يناير، بينما كان الرئيس يعقد اجتماعا على مقربة منها في قاعة عبد الناصر بجامعة القاهرة.

وفي نفس اليوم ـ وبوقاحة لا مثيل لها ـ أعلن بيان وزارة الداخلية عن الأحداث أن سلطات الأمن قد “حرصت على أقصى درجات ضبط النفس كما حرصت بتوجيه من القيادة السياسية على عدم التدخل تقديرًا للدوافع الوطنية للطلاب، فضلاً عن أن ما ينادون به أجمعت عليه أمتنا قيادة وشعبًا”!! وفي نفس اليوم كانت هناك أنباء من حلوان بحدوث بعض التذمرات بمصنع الحديد والصلب. كما جاءت بعض الرسائل من نفس المنطقة لدعم الحركة.

تحت كل هذه الضغوط أعلن أنور السادات انصياعا لإرادة الطلاب وأجبر على الدخول في تلك الحرب في العام التالي تحت ضغوط من الحركة الطلابية. كانت تلك هي إحدى المكاسب الهامة التي استطاعت الحركة الطلابية انتزاعها في السبعينات.. اليوم تستطيع الحركة الطلابية انتزاع المزيد والمزيد من السلطة العسكرية القائمة حتى إسقاطها.



#أحمد_حسن_بوستن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خبرات من الحركة الطلابية المصرية 68 - 1972


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد حسن بوستن - خبرات من الحركة الطلابية المصرية 68 - 1972