14- هذه هي أماكن جنة المأوى وسدرة المنتهى في مكة-المقال الرابع عشر من سلسلة القرآن في مواجهة التراث

نبيل هلال هلال

الحوار المتمدن-العدد: 4081 - 2013 / 5 / 3 - 18:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

الرابع عشر
يقول ابن قرناس:"وكانت السدرة على طرف منطقة شجرية (جنة المأوى) قرب الجبال المطيرة القريبة من مكة . وجنة المأوى تعني جنة المبيت , وبالتالي فهي منطقة شجرية يبيت المسافرون فيها طلبا للظل . ومن المؤكد أنها كانت معروفة في الوقت الذي نزلت فيه الآية , ولذلك لم يناقش الكفار محمدا فيها , ولو كانت كما قال المفسرون عنها بأنها قرب عرش الرحمن, فسيجادل القرشيون محمدا حولها كثيرا" (المرجع: ابن قرناس - سنة الأولين , تحليل مواقف الناس من الدين وتعليلها – منشورات الجمل - ص 699). ويرى الدكتور كمال الصليبي أن موقع هذه الجنة كان في وادي بيشة , فيقول :"وفي وادي بيشة - وهو واد قريب من منطقة مكة- تقع قرية الجنينة عند منتهى العمران والنخيل , وهي ليست جنة بمقاييس عصرنا الحاضر , ولكنها جنة بالنسبة إلى ما يليها من البراري القاحلة ...ولأنها آخر قرى بيشة , فإن الجنينة - على قلة أهميتها- تظهر في معظم خرائط شبه الجزيرة العربية " ( المرجع : د كمال الصليبي - التوراة جاءت من جزيرة العرب – ص 271)."وهذه الجنة بقعة أرضية غنية بمواردها وتحوي كل مستلزمات العيش الكريم , وتحوي أنهارا عديدة جاء ذكر أسمائها في ذاكرة وأساطير الكثير من الأمم الإنسانية حول قصة آدم في الجنة ..., ويذكر لنا التراث العربي القديم أن أنهار الجنة هذه لها امتداد على سطح الأرض , مما يعني أن جنة آدم ليست سماوية كما يعتقد البعض بل هي بقعة أرضية تم خلق آدم وحواء فيها فخُصت هذه البقعة الأرضية بقدسية السماء " ( المرجع : قسم الدراسات والبحوث- جمعية التجديد الثقافية الاجتماعية -نداء السراة – اختطاف جغرافيا الأنبياء- دار كيوان للطباعة والنشر والتوزيع –ص298-299 ). والشواهد تستدرجنا إلى افتراض أن تكون هذه الجنة هي المكان الذي عاش فيه آدم وحواء قبل هبوطهما إلى جبل أبي قبيس وجبل هندي في مكة كما أسلفنا , فجنة آدم أرضية وهي غير جنة الآخرة التي سينعم فيها الصالحون . وجنة عدن وجنة المأوى بمعنى واحد والجنة هي الحديقة . وفي المعاجم : جنات عدن بمعنى جنات إقامة , والمعدِن بكسر الدال هو المكان الذي يثبت فيه الناس ويقيمون فيه ولا يتحولون عنه , ومنه المعدِن مكان كل شيء يكون فيه أصله ومبدؤه, ومنها معادن الناس بمعنى أصولهم ( المرجع : ابن منظور – لسان العرب –المجلد الرابع – طبعة دار المعارف) , وكذلك كلمة مأوى معناها: المنزِل , وكل مكان يأوي إليه شيء ليلا أو نهارا (المرجع السابق).ألَا توحي المعاني والأوصاف السابقة بإمكان انطباقها على الجنة(الحديقة) التي عاش فيها آدم وحواء قبل هبوطهما؟ "ووصَف أحد كتبة سفر التكوين (2: 8 -14) صورة جنة عدن حيث سكن آدم , وأن هذه الجنة يرويها نهر ,ثم ينقسم فيصير أربعة أنهار :فيشون, وجيحون, وحدَّاقل (المترجَم تقليديا دجلة في اللغات الأوروبية), والفرات. وفي موضع آخر من القصة خلال حديثه عن آدم , ذكر أن قابيل أول أبناء آدم وحواء ,لما قتل أخاه هابيل ,عوقب بأن طُرد ليسكن في أرض (نود) شرقي عدن . وإذا نظرنا -والكلام للدكتور كمال الصليبي- إلى أصل لفظ (نود), فالواضح أنها اسم فعل من الجذر العبري (نود) بمعنى (تاه) , وتنقَّل من مكان لآخر دون جدوى .أرض نود إذن هي (أرض التيه) أي (القفار) ,والواقع هو أن الجنينة ,وهي جنة عدن التوراتية , هي(منتهى العمران) في منطقة بيشة ,وما يليها إلى الشرق هو القفار ,أي (أرض نود) حيث تاه قابيل لما فر بعد قتل أخيه" ( المرجع: د. كمال الصليبي –التوراة جاءت من جزيرة العرب –ترجمة عفيف الرزاز-مؤسسة الأبحاث العربية– ص 272 ,273 ,278 – بتصرف ) . وتأمل معي دقة التعبير القرآني :" َولَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى, عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى, عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى"النجم13- 15 ,الله يقول إن جنة المأوى مجاورة لسدرة المنتهى ,أي لشجرة النبق المزروعة على حافة العمران ومنتهى المنطقة المأهولة . انتهى المقال الرابع عشر ويتبعه الخامس عشر إن شاء الله –بتصرف من كتابنا ... بين القرآن والتراث-نبيل هلال هلال

#نبيل_هلال_هلال (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات