أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - الكبير الداديسي - الدم من القداسة إلى النجاسة














المزيد.....

الدم من القداسة إلى النجاسة


الكبير الداديسي
ناقد وروائي

(Lekbir Eddadissi)


الحوار المتمدن-العدد: 4069 - 2013 / 4 / 21 - 08:33
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    



شكل الدم في الثقافة الإنسانية منذ القديم رمزا للحياة ، وكل من أصيب بنزف كبير كان مهددا بفقد حياته، ونظرا لأهمية الدم في حياة الإنسان اختاره أفضل هدية ، وأغلى ما يمكن أن يقدمه قربانا للآلهة ، و أهم ما يمكن فداء عزيز به ، فكان سكب الدماء في المعابد وفوق الأراضي الزراعية دليلا على التقرب للآلهة ووسيلة لطلب تحقيق الأماني قبل أن يتطور الإنسان ويستعيض عن تقديم دم البشر قربانا إلى تقديم القرابين الحيوانية ... ومع ذلك ظل فقدان الدم في الحروب والجهاد استشهادا ودم الشهيد مقدس يطهر صاحبه من كل الآثام والخطايا ، فلم يكن الشهيد في حاجة لغسل أو كفن و كل ما يتعلق بطقوس طهارة الموتى ما دام دمه المسفوك قد طهره ،فيدفن بثيابه ملطخا بدمائه، ونفس الفكرة تكررت في المسيحية فكان دم المسيح مطهرا للبشرية ، ومخلصا للبشرية بتقديم دمه ، ويظهر من كل الديانات السماوية أن الدم ارتبط بالقداسة ، وانعكس ذلك في الثقافة السياسية والاجتماعية ، وأكيد أننا نتذكر في لحظات كثيرة كيف ارتفعت الحناجر في عدد من الدول العربية في السنوات الأخير مرددة شعارات( مثل بالدم نفديك يا ....) حسب السياق الذي يرفع فيه الشعار
فإذا كان الدم في معظمه مقدسا و مرتبطا بالمعاني السابقة ، فسرعان ما تتغير الصورة ، وتنقلب الرؤية 180 درجة عندما يتعلق الأمر بدم الحيض ، فيصبح الدم رمزا للنجاسة والقذارة ، وتتغير معها صورة المرأة من رمز للخصب وواهب الحياة ، إلى كائن مدنس يجب الابتعاد عنه وتجنبه فأكدت اليهودية أن المرأة ( في أيام طمت علتها تكون نجسة) وأن كل من تلمسه يصير نجسا ، وذهبت الهندوسية إلى منع المرأة الحائض من الطبخ والاقتراب من الأطفال والزوج .. كما ذهبت بعض القيادات المسيحية إلى منع المرأة الحائض من دخول الكنيسة ، وهو ما تردد عند الزراديشتية التي كانت تمنع المرأة الحائض من دخول معبد النار ....
ونجد نفس الطرح تقريبا في الإسلام ، فمنع الإسلام المرأة الحائض من ممارسة الشعائر الدينية ونص ببطلان صلاتها وصومها ومنعها من دخول المساجد كما منع الرجل من معاشرتها كما في قوله تعالى : (ويسألونك عن المحيض قل هو أذىً فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهنّ حتى يطهرن فإذا تطهَّرن فأتوهنّ من حيث أمركم الله) دون أن يمنع الجريح من ذلك ، فكان جرحى المسلمين يعالجون في المساجد ، ويؤدون واجباتهم الدينية من صوم وصلاة ... فلم صار الدم عندما ارتبط بالجهاز التناسلي نجسا وظل كلما كان مرتبطا بباقي الأعضاء مقدسا ؟؟
حاول الكثير من المفسرين والمحللين البحث عن أسباب اعتبار دم الحيض نجاسة ، وربطوه بالتلوث ونمو البكتريا في الجهاز التناسلي للمرأة أثناء مرحلة الحيض والخطورة التي قد يسببها الجماع للمرأة والرجل على السواء .... لكن رغم كل ذلك يبقى الحيض ظاهرة خاص بالمرأة دون غيرها من الثدييات فلا نكاد نعرف من الثدييات ة من لها دورة شهرية . ويبقى دم الحيض طبيا دم عادي يخرج نتيجة سقوط بطانة الرحم بسبب نقص هورمون محدد هو البروجسترون بعد عدم حصول الإخصاب وحدوث الحمل، ولو كان يحتوي مكروبات وبكتيريا ضارة لضر الرحم أولا ولضر القنوات التي يمر منها عند نزوله ، والكل يعلم أن رحم المرأة وجهازها التناسلي يظل نقيا معافى بعد الحيض . صحيح أن النفس تعاف الجماع خلال تلك الفترة ، وتقل شهوة الجنس عند المرأة ...
ولا ينبغي أن يفهم من كلامنا أننا هنا ندعو إلى ممارسة الجنس أثناء فترة الحيض ، وإنما نناقش ما الذي يجعل دما ينزف من جرح مقدسا ، ودم ينزف من فرج امرأة نجاسة مع أنهما دموان معا حتى وإن خرجا من نفس الجسم . إن في اعتبار الحيض نجاسة تكريس لدونية المرأة وجعلها هدفا للشركات التجارية الباحثة عن الربح السريع، من خلال إيهام المرأة أن الفوط الصحية قادرة على زرع الثقة في نفسها ، وتعيد لها ما سلبه منها الحيض كالحركة والخفة والتوازن ويساعدها على أن تعيش حياتها بعيدة عن النجاسة ، مستغلة الضعط الديني والاجتماعي الذي ينفر من دم الحيض النجس ،والذي لا يشبه الدم المقدس لذلك تحرص كل الشركات التجارية على تغير لون دم الحيض فتقدمه أورق اللون عوض اللون الأحمر المرتبط في المخيال الإنسان بالقدسية ، وطبيعي أن تقدمه أزرق ما دام هو المسؤول عما تعانيه المرأة في تلك الفترة من قلق وغضب ... وكيف لا تشعر المرأة بمثل هذا الإحساس وهي ترى أكثر من ربع حياتها كائنا نجسا قذرا في نظر كل من حولها بل وفي نظر أقرب الناس إليها ، وعليها أن تخفي عادتها الشهرية لأنها تثير قرفهم وغيظهم ، لذلك كثيرا ما تتكتم المرأة وترقض الجهر بحيضها ولو أمام أبنائها وعائلتها ، وقد ترفض إعلان فطورها في رمضان أمامهم رغم جوعها وعطشها



#الكبير_الداديسي (هاشتاغ)       Lekbir_Eddadissi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هزيمة المغرب أمام طنزانيا رب ضارة نافعة
- هل اقتربت ساعة الأغنية المعصرية في المغرب
- أكبر من صدفة أن يقطع رأس طه حسين والمعري في نفس الوقت
- الإقبال المتزايد على البضائع والملابس المستعملة
- التقبيل بين الحب والتضليل
- كرتنا التي تنهزم بشرف
- عارك عليك أستاذ
- المغاربة يخلدون رأس السنة الأمازيغية في غياب أي احتفال رسمي
- منظر بيداغوجا الأهداف والكفايات والإدماج في المغرب يتنكر ... ...
- العنف المدرسي يغير جلده في المغرب
- هل أتاك حديث الدستور الذي قسم المصريين
- الدولة متهمة بقتل الفكر الإنساني مع سبق الإصرار
- دستور مصر العجلة والاستعجال
- مصر تصنع فرعونها الجديد
- عيد عاشوراء الثنائيات المتناقضة
- أغرب توصية في مناظرة
- مناظرة أصلاح عدالة المغرب بآسفي
- من حق العودة إلى حق الرؤية
- إعصار ساندي: علمهم اقتصادهم وقراءتنا الدينية
- الهوية والشعر في المغرب


المزيد.....




- مقتل امرأة وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلي لمنزل في رفح جنوب ...
- “لولو بتدور على جزمتها”… تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر ناي ...
- “القط هياكل الفار!!”… تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 لمشاهد ...
- السعودية.. امرأة تظهر بفيديو -ذي مضامين جنسية- والأمن العام ...
- شركة “نستلة” تتعمّد تسميم أطفال الدول الفقيرة
- عداد جرائم قتل النساء والفتيات من 13 إلى 19 نيسان/ أبريل
- “مشروع نور”.. النظام الإيراني يجدد حملات القمع الذكورية
- وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية ...
- الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي ...
- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران


المزيد.....

- الجندر والجنسانية - جوديث بتلر / حسين القطان
- بول ريكور: الجنس والمقدّس / فتحي المسكيني
- المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم / رشيد جرموني
- الحب والزواج.. / ايما جولدمان
- جدلية الجنس - (الفصل الأوّل) / شولاميث فايرستون
- حول الاجهاض / منصور حكمت
- حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية / صفاء طميش
- ملوك الدعارة / إدريس ولد القابلة
- الجنس الحضاري / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - الكبير الداديسي - الدم من القداسة إلى النجاسة