الصناديق تتحول إلى نعوش

رضا كارم
باحث

الحوار المتمدن-العدد: 4062 - 2013 / 4 / 14 - 12:16
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    

الى الراحلين الى الانتخابات ، الى كل الذين صعُب عليهم احتمال واقع الصمود و المقاومة و الميادين. الى الإصلاحيين الوعاظ: ستندمون على النهضة بعد ندمكم على الباجي و بن علي...إنه من المؤكد أن هذه الكينونات التي تطبعت على اللامبالاة و الأنوية المنغلقة و الانتظارية المؤدلجة بخرافة التكتيك ، لم يعد لها من برنامج غير تلمس "رحمة ما من يمين فاشي استبدادي " يقوده الباجي قايد السبسي أكثر من غرس الغدر و الخيانة في جسد المسار الثوري الأول. و سيخذلها الباجي لحظة الصعود، لتجد نفسها بين كماشتي الإخوان المسلمين من جهة و التجمع البورقيبي النوفمبري المخابراتي من جهة أخرى.
إن الجبهة الشعبية التي تسير اليوم دون روح ثورية و لا تواصل شعبي مع الناس، ستشكل أوراق التوت ،غطاء لعورة النهضة كما هي الحال اليوم ، و لملمة لعفونة التجمع كما سيحدث بعد حين. و أعتقد أن من واجب الجماهير الصامدة (مهما كان حجمها ) أن تقطع نهائيا و بشكل حاسم و مكتمل مع دينصورات بني لينين و ستالين.
هؤلاء أوضحوا ألف مرة أنهم عسكر "الباعة" ، و أن النهضة "بما هي ممثلة للدين" وفق أفهامهم البورجوازية المتعالية ، تشكل مشكلتهم الأساسية، فكان طبيعيا أن يمنحوا القوى الفاشية التقليدية الفرصة العظيمة لمعاودة التشكل السياسي و افتكاك الحقيقة و التاريخ .
هذا هو الزمن الفاجر الذي يذهب خلاله عدنان الحاجي الى الباجي ، لتقديم صنوف الولاء.
إنه عدنان المنجمي المناضل الميداني، جعلته قراءته المتسرعة و الفاسدة لطبيعة الصراع و عناوينه، أداة بأيد آثمة سرقت كل شيء من الشعب و لمدة عقود طويلة.
يعتقد عدنان و كثيرون أن النهضة بلاء أكبر من كل بلاء، ينخرطون بسهولة في هذه التصنيفات الظاهراتية المباشرة و الخادعة. يتجاهلون أن المشكل اجتماعي ، و محاوره اقتصادية إنتاجية و ثقافية رمزية و سياسية مقاومة أو مرتبطة.
سقط عدنان و سقط الاشتراكيون الثوريون و حركة 6 أبريل في مصر، سقط حمدين الصباحي و سقط حمة الهمامي و تتساقط أوراق الخريف، راسمة على صفرة كل منها اسما متخاذلا جديدا.
سيسألون و ما هو البديل؟ هب أننا قاومنا و صمدنا ، ثم ماذا أيضا ؟ هل كنا نظفر بالسلطة؟
أ لم تدر أن الناس ملوا الشوارع؟ أ لم تر رغبتهم عن مزيد من التظاهر ؟
و أجيب البديل جاءكم يوم 6 فيفري ثم 8 فيفري، و لو صمدتم ساعتين لكان الوضع مختلفا بشدة، و طلب السلطة لا يكشف فقط تكالبكم المقيت على كرسي مزيّى بالدماء و مسامير النعوش، بل عن تأصل حب الذات و الفردانية فيكم. و الناس ملوا الشوارع لأنهم ملوا عياب برامج المقاومة عندكم، لأنكم أوهمتموهم أن النصر صبر ساعة، و لأنكم وعدتموهم بالجنة القريبة ، و فشلتم و جاء من يحسن الوعد أفضل منكم .
انسحب الناس من حولكم لأنكم لم تقدموا حلولا فورية لمطالب انتهازية أنتم من زرعها فيهم.
حولتم الجماهير من حولكم إلى طالبي شغل فوري، و تمايلتم على أنغام مطالبهم، حتى لما ملوا منكم و يئسوا منها، انفضوا من حولكم و لعنوا حجارتكم و الحجر .
هب الناس لكم، فبادرتموهم بالخبز و الشغل و المعامل و المصانع و البنية التحتية إياها، كذبتم طويلا ، فشلتم كثيرا حتى بلغ سيلهم الزبى، فخلوا بكم مرددين:الويل لكم يا "علمانيين" و كفّروكم .
نعم، نجيب الشابي متهافت فاجر، و أحمد إبراهيم تابع صغير، و لكنكم نقدتموهما لتكونوا هما أو أكثر سوء. و لما كانت وعودكم أكبر من صمودكم، و لما فشلتم في افتكاك الحكم أو ما تسمونه بالسلطة، لما أبنتم عن عجزكم ،جاءت الرأسمالية بالباجي فأدى وظائفكم ، و نفذ وعودكم بالطريقة التي يحسن اليمين تنفيذها. لقد قابلوا هيجان الناس بفتات الدنانير، فكان أن انقلب الشعب لصالحهم
ثم نافست النهضة على أرض الوعود، و نجحت في حصد أصوات جائعة.و مازلتم تركضون على أرض السمسرة ذاتها، معتقدين أنكم رقم صعب، و الواقع أنكم قلبتم الحروف و غيرتم حركاتها.
فاجرا عنيدا غريبا و مجنونا كنت و أنا كذلك و سأكون ، إنها المقاومة تجري في عروقي و حروف قلمي ، و اللعنة علي إن انقلبت .
رضا كارم.

#رضا_كارم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل