أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - غسان أكرم الدليمي - البحث والأبداع العلمي ... عندما ينحني الكونكريت














المزيد.....

البحث والأبداع العلمي ... عندما ينحني الكونكريت


غسان أكرم الدليمي

الحوار المتمدن-العدد: 4059 - 2013 / 4 / 11 - 23:28
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


منذ بضع سنوات، وعندما كنت رئيسا لأحد الأقسام العلميه في أحدى الوزارات، اتصل بي احد الشباب المتحمسين ليطرح فكرة مشروع علمي في مجال الأتصالات وقد وجدتها حينها ضربا من الخيال او هذا ما بدى لي حينها. هذا الشاب قد الح واتصل بي عن طريق الأيميل والهاتف وبعد اطلاعي على حيثيات مشروعه المقترح بالتفصيل وجدت ان الفكرة ناضجه ولكن من الصعب بمكان ان تنفذ او ان تكون ذات منفعه او جدوى سواء في الجانب الاكاديمي او الصناعي ومع ذلك كنت على يقين تام انها تستحق المحاوله لان البحث العلمي حتى وان كانت نتائجه سلبيه فهي ستجعل مهمة الباحثين الاخرين او الللاحقين اكثر يسرا بأن يبحثوا عن وسائل وطرائق اخرى ويتجنبوا الفاشل منها كسبا للجهد والوقت والمال.
رغم الحاح الشاب ، وجدت من الصعب اقناعه ان المشروع ولد ميتا وان الفكرة جنونيه وبدأت اطلب منه ان يكون مهندسا واقعيا وان المؤسسات الحكوميه ليست جاهزة الان لتبني افكارا كالتي جاء بها. هذا الشاب اعترف لي ايضا انه يهدف الى تنفيذ الفكرة في سبيل ان يساعده ذلك على التوظيف في وزارتنا او اي وزارة اخرى بعد ان سأم من طرق الابواب وحتى الشبابيك وهذا لايبخس من حماسه وسعيه. هنا قد انتهى جدالنا العلمي والمعنوي ورضخ الشاب لقناعاتي بشكل كامل وحمل اوراقه وذهب بعيدا.
تشاء الصدف ان احضر احدى المحاضرات المميزة والشيقه والتي القاها علينا احد الأساتذه الاسيويين في اثناء الشهور الأولى من دراسة الدكتوراه. هذا الأستاذ كان يبين لنا اساليب البحث والتقصي العلمي وكيفية بناء الافكار الجديده وحل المستحيلات في بحوث الدراسات العليا. من مجمل ماقاله هذا الأستاذ ، وكان يتكلم عن تجربته في دراسة الدكتوراه في البرازيل في تخصص الهندسة المدنيه، ان البروفيسور المشرف على دراسته كان قد طلب منه ومن بعض الطلبه الاخرين ان يعملوا على مشروع في الهندسة المدنيه والمعماريه ولكن بشرط ان يكون هذا المشروع او البحث هو نوع من ضروب المحال العلمي. كانت الفكرة تتلخص حول ايجاد كونكريت مطاوع او لين، اي انه قابل للأنحناء ولو بشكل بسيط ، وهذا بديهيا يعتبر جنونا وغير قابل للتصديق، فليس من الممكن ان تميل قضبان الخرسانه الكونكريتيه دون ان تتهشم. نهاية هذا الجنون انتهى بعد سنتين حين تمكن هؤلاء الطلبه من ان يطوروا خرسانه مطاوعه وقابله للأنحناء. الجميل في القصه ان هناك مجموعة من الطلبه وبناءا على طلب استاذهم قد تمكنوا من شيء سوف يصبح بلاشك يوما ما في كل بيوتات ومباني الأرض وسيضع اسس جديده للعمارة والبناء.
هنا يكون الفرق بيننا وبينهم .. بيننا نحن الأتكاليون الكسالى وبينهم هم المبدعون اللا انهزاميون. ولو تفكرنا لوجدنا ان اغلب الأختراعات والابداعات التي توالت على حياتنا وحياة اجدادنا كانت يوما ما ضربا من المستحيل وبلاشك ان اول من طرح تلك الافكار قد اتهم بالجنون او قلة المعرفه وربما دفع حياته ثمنا لهذا الافكار الخلاقه.
بعد سماعي لتلك المحاضرة، احسست بالذنب العميق وتذكرت صاحبي الشاب الطموح وتسألت فيما لو أني قد قتلت او اجهضت حلما ربما كان يمكن ان يصبح ثورة في مجال الأتصالات..ومع ذلك تناسيت شعور الذنب بفعل تأثير الأنشغالات الدراسيه حتى التقيت بهذا الشاب في مدينة بغداد بالصدفه ولم اشأ ان ان افتح الموضوع السابق رغم مايدور في رأسي حينها من رغبة في معرفة مسيرة حلمه السابق. بعد ان تبادلنا السلام والسؤال ، بادر الشاب ليخبرني انه مازال يعمل على ذلك المشروع المقترح ولكن ليس في بغداد وليس في العراق...انه يعمل عليه في ذات البلد الذي جاء منه ذلك المحاضر الأسيوي !!! وأنه حصل على دعم مقبول لتنفيذ مشروعه ...
هي ليست صدفه ، بل هو المنطق والواقع الذي هم عليه ، والذي عليه نحن الان، فهم يجدون ان الخرسانه يجب ان تنحني لهم بينما نحن لانجيد سوى تهشيمها ، بل نحن عاجزين ان نجمعها بشكل متناسق لتكون بناءا شاخصا ...
أما صاحبي الشاب فأنا اعتذر منك لأننا لم نأخذ بيدك ولأننا اهملناك واهملنا حلمك...كما اهملت مئات والاف غيرها..



#غسان_أكرم_الدليمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع ...
- الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف ...
- انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع ...
- انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
- محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
- هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ ...
- مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا ...
- الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ ...
- ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟ ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - غسان أكرم الدليمي - البحث والأبداع العلمي ... عندما ينحني الكونكريت