أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - علي الأمين السويد - خنادق الثورة مصانع الشرف














المزيد.....

خنادق الثورة مصانع الشرف


علي الأمين السويد

الحوار المتمدن-العدد: 4056 - 2013 / 4 / 8 - 14:18
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


يقال في نتائج الحج المبرور أنه يجعل فاعله طاهراً من الذنوب كمن ولدته امه، و لكن هذا الطهر لا يعرفه و لا يقدره إلا الله، ولا يمكن لأحد القول أن فلاناً عاد من مكة طاهراً مطهراً من الذنوب كيوم ولدته أمه أو لا، فهذا أمر غيبي لا يعرفه إلا علام الغيوب.
أما من فارق حضن زوجته، و ترك أولاده و بناته، و رمق والديه و محبيه بنظرة مودع صامت غير عائد، و خرج ليتظاهر ضد الظلم و الطغاة يوم كان التظاهر انتحاراً، أو يوم صار يحمل سلاحه متوجهاً الى ساحات الوغى و هو يعلم تماماً بأنه مقبل طوعاً على ظرف تستوي فيه فرص الحياة و الموت.
لا يوجد ما أهو أغلى من الحياة، و من يقبل على مقايضة حياته بتحقيق أمر معنوي ما مثل إعلاء كلمة الله، أو رفع ظلم، أو إحقاق حق، أو نيل كرامة، أو نيل حرية فهو في مقام الشهيد إن بقي حياً، و شهيداً إن فقد حياته، و لا يمكن وصف خروجه لملاقاة العدو سواءاً عاد حيا أم لم يعد إلا بأنه عمل بطولي مشرف في الدنيا و الآخرة حتى ولو كان زانياً، أو كاذباً، أو سكيراً، أو مختلساً،، علماً أنه من يخرج للقاء العدو لا يمكن إلا أن يكون على خلق رفيع.
المال و البنون زينة الحياة الدنيا بالنسبة للوالد، أما بالنسبة للأبناء أنفسهم فمال الدنيا كله و مثله أضعافاً مضاعفة لا يعدل ظفر اصبع من أصابعهم ، فكيف الحال فيمن يشرع بتقديم روحه خالصة لقاء أمر قد لا يحصد نتائجه هو شخصياً ، و كان يمكن التعايش معه و الموت عليه و كل ذلك خشية فقدان الحرية لساعة واحدة؟
و قصة حميد مثال على ذلك، ففي أثناء مناوشات ماقبل حرب 1967، عمل حميد كمقاتل مدرعات مهمته تصويب المدفع بإتجاه الأهداف المعادية، و كان ماهراً جدا ولكن مهاراته لم تكن تظهر إلا إذا شرب "بطحة عرق" كاملة، و ما إن يكتفي بالشرب حتى يحول مدفعه الى آلة تدمير مرعبة من الطراز الأول لمركبات العدو تعجز عن مجاراته أدق أجهزة التصويب في ذلك الوقت.
يشهد لحميد كل زملائه بدقة العمل و الكل كان يستصغر أمر سكره قياساً بنتائج فعله الى حد القبول بالأمر حتى من قبل قائده و من قبل بعض المتدينين، و قد كان الكثير منهم يجتهد لتأمين بطحات عرق لهذا المقاتل الشرس.
من يعتقد أن هذا الفعل مدان، فليعلم أن الحياة أهم من ذنب شرب الخمر و أغلى، و أكاد أجزم بأنه لو كان أكثر الناس ورعا و تدينا متواجدا بالقرب من حميد لقام على خدمته و قدم له أفضل أنواع بطحات العرق المعروفة طالما أن في ذلك نجاة له و لغيره.
و اليوم، ننظر في الخنادق التي صممت لمقارعة عدو الشعب السوري فتجد فيها رجالاً قدَّموا حياة الآخرين و سعادتهم على حياتهم و سعادتعم الشخصية، فهؤلاء رجال لا يستحقون منا الإ كل احترام وتقدير و عرفان بالجميل سيسجله التاريخ لهم كلهم و يتشرف بهم.
أما من كان يعتقد أن ذلك الخندق يضم الشيخ، و شارب الخمر، والزاني، و الكاذب، و المنافق، و طالب المناصب، و الثائر العادي فليعلم أنه ما ضرَّ هؤلاء مافعلوا قبل قرارهم بالتوجه إلى الخندق، وليعلم القاصي و الداني أن هذا الخندق الذي جعل من رواده مشاريع شهداء أو شهداء لا يمكن المزوادة على أي واحد منهم مهما بلغت أخطائه قبل التواجد في الخندق و مهما بلغ ورع الناقد و مهما طالت لحيته.
و بمناسبة كتابة هذا المقال أحيي ثوار وطني الحبيب سوريا عامة و أخص ثوار مدينتي كفرنبل المحررة جميعهم بالتحية و التقدير وهم فرسان السيف و القلم الذين حفروا الخنادق و هم يعلمون أنهم إذ يحفرون خنادقهم فإنهم إنما يحفرون قبورهم بأيديهم فيخرج بعضهم منها سليماً ليسجلهم التاريخ أبطالاً، ويخرج البعض الآخر شهيداً ليتزين بهم التاريخ كعظماء فيه و تتلقفهم الجنان ليحيوا عند ربهم كرماء فرحين بما اتاهم.



#علي_الأمين_السويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسد و الإئتلاف الوطني يخشيان حكومة كاملة الصلاحيات
- المجلس الوطني في الائتلاف الوطني السوري حزب الله في لبنان
- يا ثائر- لا تنه عن خلق و تأتي بمثله
- التوابيت المأهولة
- الحكومات السورية الباراشوتية
- الهيكل التنظيمي لدولةٍ ثوريةٍ مؤقتة
- مستنقع أحلام الثورة السورية
- مناف طلاس فقاعة الشبيح الأكبر
- الدولة العلوية خيارُ ما قبل الانتحار
- عقد مصيرية في مسار الثورة السورية
- الفرق بين المعارض و الثائر السوري
- براقش تقتل أهلها بعد موتها
- هل بات قيام الدولة العلوية وشيكاً؟
- المخاض المرتبك للثورة السورية
- ننتصر و لا نموت
- النظام الأسدي و أحلام الانفصال النائمة
- الشعب السوري على مائدة اللئام
- الإخوان المسلمون في سورية وأيديولوجية السيطرة
- المحنة السورية على إيقاع رقص الذئاب
- النظام السوري و استراتيجيات تشو مسكي العشر


المزيد.....




- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - علي الأمين السويد - خنادق الثورة مصانع الشرف