أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد خليفة - من مذكرات مناضل سوري خطير وعجوز















المزيد.....

من مذكرات مناضل سوري خطير وعجوز


وليد خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4051 - 2013 / 4 / 3 - 08:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم أفكر بالكتابة منذ أكثر من خمس عقود ، النادرون مثلي لا يجوز لهم الانحدار إلى مستوى التافهين ، هؤلاء الذين يملئون صفحات الجرائد والمواقع الالكترونية بثرثرات لا تسمن ولا تغني عن جوع ، لا تغير في التاريخ شيئا ، هذا أولا ، أما ثانيا فهناك من الشباب والعجائز المؤمنون بي و بجلال مقامي يكتبون كل ما أمليه عليهم تلميحا أو تصريحا ، إضافة إلى إنني وبحكم تجربتي العظيمة والطويلة في السجون والمنافي والحروب قررت أن أحرم التاريخ من أية وثيقة تفرحه وتساعده على فتح فمه حيالي ، التاريخ قذر يستطيع محاكمة التافهون ، العابرون ، عديمي الوزن والعقل ، من معشر الكتاب والساسة والخطباء والوزراء ، هؤلاء الذين يتم تعيينهم وتكليفهم من قبل أمثالي من العظماء ، أصحاب المواهب العظيمة في إدارة التاريخ حسب الأهواء ، أنا المناضل العظيم ها أتنازل للبوح قليلا ولكن لن أفرحكم كثيرا بألغاز شغلتكم بها طوال سنوات عمري المديد والذي سيمتد أيضا حتى أحاسب التاريخ بركلة أذكره بأن مثلي لا يجوز إدارة الظهر له .
ولدت عظيما ، كل الإشارات كانت تؤدي في العام الذي ولد فيه الكثير من نجوم الحقب السابقة الذين لا أحترمهم ولا أحب سيرتهم ، أتوقع إنكم لا تعرفونهم لضآلة ثقافتكم ، جاك دريدا ، أدونيس ، جان لوك غودار ، حافظ الأسد ، جعفر النميري ، وتوأم روحي ، محمد إبراهيم النقد ... تعرفون غريميّ ، حافظ الأسد وأدونيس ، ربما ؟ ، سأخصص لهما وللطائفة التي ينتميان إليها الكثير من المساحة في حلقة قادمة ، لأنها الطائفة التي لن أساوم على حقي في قيادة حرب لإبادتها أو على الأقل إطباق حصار محكم عليها في جبالها ، أختار منها فقط من هم جديرين بالحياة من أمثال أنصاري المؤمنين بي ، الذين لم يدخروا جهدا أو مالا في سبيل تنفيذ تعليماتي ، لا أريد الخوض في مشاعر الكراهية ، فمثلي من المفترض إنه لا يكره ، ولا يحب أيضا ، يكره نفسه ويحبها فقط ، المشاعر التي تسيطر علي في أوقات الوحدة هي مزيج من مشاعر الخيبة من الزمان والمكان والبشر ، الزمان الذي ولدت فيه ، الزمن المجحف في حقي بكل معاني الكلمة ، المكان الخطأ تماما ، حيث سوريا البلد الذي يستحيل أن يقاد إلا بطريقة لم تمنح نفسها لي بعد ، رغم عبقريتي الفذة ، المكان الذي يتطلب شخصا بمواصفات عادية لقيادتها ، عديم المواهب ، عديم الثقة بالآخرين ، عديم الأخلاق ، عديم الضمير ، رغم إنني أسعى منذ أربع عقود تماما أن أحوز على تلك الصفات وغيرها ، إلا إن المكان يرفضني ، لذلك أكرهه أولا ومن ثم أحبه لأنني لم أجد مكانا آخرا يتقبل عبقريتي ويكون لي فيه أتباع ومريدين وصبيان ، أكره البشر أيضا ، أخص منهم هؤلاء السوريون ، لكن ليس جميعهم بنفس المستوى من الكراهية ، إذا أخذنا مثلا الأكراد والعلويين ، ستجد إنني لا أتحمل وجودهما على سطح هذا الكوكب ، لدي أسبابي المحقة في ذلك ولا داعي لشرح تلك الأسباب لأحدها .
أنا الحقيقة المطلقة وهي تمشي على قدمين ، الكلام المنزل من غيب شاسع لا يمسه سوء أو شائبة ، ظهرت ملامح النبوغ منذ أيام الصبا المبكر ، اعتبرني رموز الحزب الإيديولوجي الأكبر في الشرق إنني من العقول التي تستحق إدارة العالم ، أصبحت في سن الثامنة عشر عضوا في هيئة تحرير جريدة الحزب وعقل الإيديولوجية الماركسية في العالم العربي ، اعتقلت بسبب ذلك في العام 1952 حين كانت سوريا تتجه إلى الديمقراطية على الطريقة الغربية ، كانوا يخافون مني على ديمقراطيتهم الزائفة المزيفة ، رغم إن حزبي نجح وكسابقة تاريخية في العالم العربي الوليد من دخول البرلمان بنائب عن العاصمة ، النائب الكردي الذي خطف الحزب ليكون إلهه بدلا عني ، كيف لإله أن يكون بلا عقل كبير مثلي ؟ الكردي المتأله الذي أورث الحزب لزوجته وأولاده من بعده أسر لي وأمام الشهود بإنني النادر العابر للزمان والمكان، أعترف بمواهبي أكثر من مرة ، أول خلافاتنا التي خرجت من الغرف المغلقة كانت على الموقف حيال قرار تقسيم فلسطين ، مرّرتُ الخلاف لا لخوف من الكردي المتأله وإنما لغاية في نفسي العالية ، كان الهدف هو قيادة العرب السنةّ للتحرير والثورة على كل شيء ، إعادة الاعتبار للعقل الذي يختصر في رأسي ، لكن لم ينتبه أحد للصبي الذي كنته ، ثاني الخلافات كان على الموقف من الزعيم ، جمال عبد الناصر ، الزعيم الذي دافعت عنه ولكنه خذلني ، أحببته فصدني ، كان يعلم بأنني الأجدر منه بالزعامة ، " يا أعدل الناس إلا في معاملتي فيك الخصام وأنت الخصم والحكم " كتبت له هذه القصيدة حين وصل إلى سوريا وكنت أول المعتقلين في زمنه وأصغرهم ، أذكر كيف أذاب جسد الرفيق الذي كان يساندني في الآسيد ، الرفيق ، فرج الله الحلو ، تركني أنا لأنه كان يعرف قيمتي ، لغباء ما في شخص الجنرال الزعيم اعتقلني ولصفاء نياته وعروبته الحقيقية وانتماءه العربي الإسلامي ، لم يقتلني كما فعل مع غيري ، الحقيقة إنه لم يعذبني أيضا ، كانت الرسائل الشفهية لا تتوقف بيني وبينه ، المحققون يحملون لي أسئلته وأنا لا أقصر بالرد الواضح والصريح ، حتى حينما كانت الأسئلة تتعلق بالرفاق الهاربين والسريين وخلايا الحزب والآلة الكاتبة التي كنا ننضد عليها الجرائد والبيانات وعلاقتنا مع الرفاق السوفيات والسودانيين والمصريين والعراقيين ، نعم حتى في السجن كنت المرجع الفكري للحزب والوطن والزعيم التاريخي .
خرجت من السجن الثاني لي ، ليكون بعد حين بوصول البعث إلى الحكم بانقلاب مفاجئ أثار حفيظتي ، اعتبرت ذلك بداية إمكان الوصول إلى مقاليد إدارة الحكم والحياة في بلدي والوطن العربي العزيز ، وضعت كل جهودي لتوحيد اليسار الماركسي العربي في سوريا ، والحق يقال إن أكفأ الماركسيين القوميين العرب كانوا في صفوف حزب البعث وليس الحزب الشيوعي الذي كنت أنتمي إليه ، كان صلاح جديد قائدا يساريا حقيقيا وأحد مريديّ النجيبين ، لكن علته إنه كان علوياً ، لم يستطع الكردي المتأله على رأس حزبي أن يقترب من مسئولية العلاقة مع البعث " الماركسي " 1966 ـ1970 ، كان يدرك بحكم جيناته إن العلويين مثل الكرد ، لا يكملون حتى النهاية ، والغدر بالعظماء من أمثالي صفة لا تفارقهم أبدا ، انتصار إسرائيل في حرب 1967 كانت هزة لهؤلاء الصغار كلهم ، لم يستطع، صلاح جديد ، أن يغلّب انتماءه الطائفي على تنبؤاتي التي لا تخطأ أبدا ، لم يُسْجِن حافظ الأسد رغم إلحاحي عليه للضرورة وخطورة هذا الشخص ، عبد الكريم الجندي ، العربي الناصري كان أكثر نضجا ، العلويون اغتالوه ورفاقه سكتوا على ذلك ، أغتاله حافظ الأسد ولم يفعل صلاح جديد شيئا لأجله ، لم ينتقم من مقتل رفيقه لأن القاتل علوي والضحية ليست من الملة ، وقتها قررت إدارة الظهر لليساريين العلويين وإلى يومنا هذا ، حتى إن كانوا من الذين يؤمنون بي وينفذون أوامري بحذافيرها ، لا يمكن الوثوق بهم وبالأكراد.
حدث ما حدثني عقلي عنه ، إنقلاب حافظ الأسد على صلاح جديد ، زج بجميع رفاقه في السجن ، العلويون وغيرهم ، هنا كان لا بد لي من نقل الحرب بيني وبين قائد حزبي الكردي ، المؤله المدعوم سوفياتيا لأنه من الأقليات ولعلاقاته بأكراد روس ، كان لا بد من اللعب من حافظ الأسد ، صارت حكاية الجبهة ، لكن حافظ كان يعرفني ، يعرف علاقتي بخصمه السجين ، صلاح جديد ، كانت مشاعر الكراهية متبادلة بيني وبينه ، وضعت آلية للتحالف معه بشرف ، لكنه لم يكن ذلك الشخص الذي يقبل هذه الشروط ، كان يريد مني الخضوع ، دفعت له أتباعي من الأقليات ، لكنه فضّل الكردي عليّ ، خرجت من مولد جبهة النظام بلا أي منصب ، دفعت باتجاه أن يشترك الأكثرية من خلالي ، لكن الظروف الدولية عرقلت ذلك ، لاحت في الأفق بوادر عودة الأكثرية العربية السنية إلى ملعب التاريخ ، على الجهة الشرقية ظهر الراحل ، صدام حسين ، وفي وطني الصغير ارتقت حركة الإخوان المسلمين كتعبير عن الأكثرية ينقصها فقط رأس مثل رأسي لقيادة خطواتها ، نسقت مع البطل ، حارس البوابة الشرقية للوطن ، تقدمنا بخطوات كبيرة ، مرة أخرى يتفق الروس والأمريكان على وليمة دمي ، دم العربي السني العلماني الذي يريد استعادة المجد التليد ، كانت الكارثة هذه المرة أكبر ، دفعت ثمنها سنوات طويلة في السجن ، الكثير من أتباعي هجروا صوامعي ، من تبقى معي كان مصيره السجن أو المنافي البعيدة ، باريس كانت دائما الموئل ، منذ أيام الصبا وحتى أيام العسر الشديد في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي ، أخذت جدران الزنازين من عمري الزمن الأكثر خصوبة .
خرجت من السجن في عصر آخر ، غير ذاك الذي دخلت فيه ، كنت أعرف ما سيحصل للتاريخ ، حدثت مريديّ مرارا ، لم يبق ثمة معسكر شيوعي ، اختفى من الوجود لخيانته لي ، أعرف ذلك تمام الأكيد ولكني لا أريد التصريح به ، أشرت لأتباعي أن يتجهوا للإعلام ، بلغة جديدة غير تلك التي اخترعها غوبلز ، مفردات الحرية والليبرالية واقتصاد السوق ، حذف الكلام القديم الذي طالما قدمته كقناع لدرء أخطار ذلك الزمن عن أمتي الخالدة ، بدلت أسم حزبي ودخلت هذه المرة في تحالفات معلنة مع من هبّ ودبّ ، لكني دائما كنت العقل المدبر لكل شيء ، لا شيء يمكنه السير بدون إرادتي ، لم تفاجئني الانتفاضة في درعا ، لست من يُفاجئ بشيء ، كله يدور في رأسي ، كنت قد هيأت بتحالفاتي كل ما يستلزم من أجل هذه اللحظة التاريخية ، أنا أو لا أحد ، شعاري الذي سرقه ابن عدوي حافظ الأسد ، الابن الذي سيدفع ثمن عداوة أبوه لي عاجلا أم آجلا ، لم أتأخر لحظة عن الانتفاضة ، الحلفاء من كل حدب وصوب على أن لا يحملوا دماء غير عربية سنية صافية، خاصة الجينات العلوية والكردية ، إنها دماء تذكرني بسوء التاريخ ، ليس أمام التاريخ إلا أن يتقبل تلويحة أيديهم وهم يغادرون الحياة ، وليس عليه إلا أن يتقبل الحقيقة التي لا جدال فيها ، أنا الأب والعقل والروح ومستقبل الفكرة وماضيها ، أنا القائد وما حصل في السابق لم يكن إلا مقدمات لما سيأتي غدا ، رحلة الأنبياء جميعهم تشبه رحلتي ، الأنبياء هم المظلومون دائما وهم المنتصرون في النهاية .... تتبع



#وليد_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الالتصاق بالكرسي من فضائل العمى
- فضائل العمى في سيرة السياسي الكردي
- أولمبياد البارزاني والمالكي في فقه الحقوق والواجبات
- المرحومة العاملة وأختها الطبقة
- عسكر ومبدعون في الانتفاضة السورية ؟!
- الأب والابن وروح البؤس
- القذافي بين الأكراد وتبو ليبيا
- الخوف حين يتحول نظاما في الحياة


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد خليفة - من مذكرات مناضل سوري خطير وعجوز