أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ريبوار احمد - تحرر المجتمع العراقي مرهون بقيام الجمهورية الاشتراكية















المزيد.....

تحرر المجتمع العراقي مرهون بقيام الجمهورية الاشتراكية


ريبوار احمد

الحوار المتمدن-العدد: 281 - 2002 / 10 / 19 - 04:59
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



 

ان التهديدات الامريكية بالحرب وتدمير المجتمع العراقي،  بالاضافة الى انها وضعت هذا المجتمع أمام مخاطر وكوابيس مرعبة من جانب، فانها من الجانب الآخر بعثت الأمل لدى الأحزاب والقوى البرجوازية في الجلوس على كرسي الحكم في عراق المستقبل. فهذه الحرب التي ينبغي على أي انسان تحرري التصدي لها، هي بالنسبة لتلك القوى والأحزاب أمطار الرحمة التي ينبغي نزولها بأسرع ما يمكن. وهي عقدت منذ الآن آمالها المظلمة على القنابل والمتفجرات التي ستمطر بها أمريكا وحلفاؤها المجتمع العراقي. وهي مشغولة ضمن هذا الاطار بصياغة بدائلها لمستقبل العراق. فكل قوة وجماعة قومية-شوفينية عربية وقومية-عشائرية كردية وحتى الجماعات الارهابية الاسلامية والضباط العسكريين البعثيين القدماء المخضبة اكفهم بالدماء، كلهم انضموا لجوقة الانشاد والتغني باسم الديمقراطية والبرلمانية. وبدأت اسواق سياستهم الكاسدة بتوزيع مصطلحات الديمقراطية والبرلمانية والفدرالية والتعددية الحزبية وحتى أن الأحزاب القومية الكردية بدأت بصياغة الدساتير لذلك.
ولكن وبعكس الدعاية المظللة للمعارضة البرجوازية، ليس من المقرر أن تجلب الحرب والقصف الامريكي الحرية ولا الديمقراطية وتقديمها كهدايا لجماهير العراق، بل ثمة مخاطر تكمن وتتستر خلف هذا المسار الرجعي في اشاعة الكوارث والدمار والسيناريوهات السوداء. لذلك يشكل التصدي لتلك الكوارث والمآسي والسيناريوهات مهمة الجماهير التحررية والقوى المناصرة للحرية والانسانية. فلا ينبغي السماح بتحويل القضاء على دكتاتورية صدام حسين الى ذريعة وحجة لتدمير وافناء المجتمع العراقي وبادة جماهيره ابادة جماعية.
لقد بينا سابقاً سياستنا ومواقفنا حول الجوهر الرجعي والنتائج الكارثية للتهديدات الأمريكية بالحرب وضرورة التصدي لها. فنحن وبعكس قوى المعارضة البرجوازية المنقادة لأمريكا، نقف ضد هذه الحرب، الا أننا وعلاوةً على ذلك نقف في قلب أي تغيير يطرأ كقوة سياسية فعالة وجدية للوقوف بوجه المآسي والسيناريوهات السوداء وتغيير مسار الأوضاع بصالح الجماهير. وليس هناك من شك في أن التحرر وأجراء أي تغيير في حياة الناس مرهون باسقاط النظام الفاشي البعثي. ينبغي اسقاط هذا النظام، وهذا هو الحكم الثوري لجماهير العراق، ونحن نناضل من غير شك ونقف دائماً الى جانب الجماهير التحررية لتنفيذ هذا الحكم. الا أن السؤال الرئيسي الذي يبرز كلما جرى الحديث عن إسقاط النظام البعثي واجراء تغيير في السلطة السياسية، هو أن حصة الجماهير من كل التغييرات الظاهرية والرجعية التي طرأت لعشرات السنين في السلطة السياسية في العراق لم تكن سوى المصائب وانعدام الحقوق والحرمان، وإذا اين يكمن الخلاص والتحرر النهائي للجماهير؟ وما هو  النظام والبديل الذي ينبغي اقامته في العراق؟ وقد طرحت القوى البرجوازية اجابات مختلفة لهذا السؤال الا انها تشترك جميعها في جوهر ومضمون واحد يتركز في أن التغيير القادم ينبغي أن يكون مثل ما سبقه تغييراً ظاهرياً في السلطة والابقاء على القوانين والماهية والاسس الأساسية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للنظام الحالي على حالها دون أي تغيير، وأكثر بدائل هذه القوى بريقاً وأعني الديمقراطية البرلمانية بتعدديتها الحزبية وفدراليتها لها نفس الجوهر والمضمون.
وبالطبع فان النظام الديمقراطي البرلماني الشبيه بتلك النماذج الموجودة في الغرب حتى بمعزل عن تناقض أكثر الأشكال نموذجيةً لهذا النظام مع الحرية والانسانية ورفاهية البشر، لا يمكن أن يتحقق في أوضاع مثل أوضاع العراق ولن يكون سوى خيال هزيل. فليس هناك من خيال أكثر سذاجة من التصور أن تقوم جبهة مؤلفة من جنرالات الجيش والقوميين الشوفينيين البعثيين والملالي والقوميين العشائريين الأكراد بالتبشير للسلطة والحكم الديمقراطي والبرلماني. فالأحزاب الكردية جعلت عملياً من الديمقراطية والبرلمانية عبرة للمعتبرين. الا أن الديمقراطيين العراقيين هم من السخف لدرجة أنهم حين يريدون الترويج لديمقراطيتهم يعدون باستلهام الدروس والتجارب من تجربة الديمقراطية والبرلمانية الفاشلة!!
هذه القوى لا تقوم وتقعد الا بالحديث عن تحرير الجماهير من دكتاتورية صدام وكسب الحقوق وتحقيق الحرية لجماهير العراق. الا أنها لا تقول لنا أية حقوق وأية حريات تقصد؟ فجماهير العراق تعاني من وطأة القمع السياسي والتمييز الجنسي والقومي والديني، وتعاني من الفقر والبطالة وانعدام المسكن، ولم تترك القوانين والتقاليد والأعراف الرجعية والاسلامية والعشائرية والذكورية أي فرصة للترويح عن النفس والسعادة لدى النساء والشباب والناس التحرريين، وليس لدى هذه الجماهير أية فرصة للتدخل في حياتها وحياة ومصير المجتمع، لذا لا يمكن ضمان ابسط حقوقها وحرياتها الا من خلال اقامة نظام سياسي عصري وعلماني غير قومي وغير ديني يفسح المجال فوراً للتدخل المباشر للجماهير في السلطة السياسية وادارة المجتمع، ويعلن اطلاق الحريات السياسية غير المقيدة والمشروطة وفصل الدين عن الدولة والمساواة الحقوقية التامة بين المرأة والرجل وحل القضية القومية في كردستان والاعتراف بحق الانفصال وتأسيس الدولة المستقلة، كأسس رئيسية لقوانين البلاد ودستورها الأساسي. وفي الجانب الاقتصادي تقف الجماهير بين سندان ومطرقة الفقر والحرمان والبطالة وانعدام السكن، لذا تطالب الجماهير بحياة مفعمة بالرفاه والتفاؤل والتمتع بمسكن مناسب وتوفر مستلزمات حياة معاصرة.
الا أن كل تلك هي الاسس البسيطة والرئيسية التي تعاديها جميع تلك القوى والبدائل التي فتحت جيوبها وأكياسها لما تسفر عنه الحرب الأمريكية. فبديل وبرنامج عمل تلك القوى يقف مباشرةً في الطرف المقابل لتلك الحقوق والحريات والمطالب. فهي تريد ابدال تلك المطالب والأهداف البسيطة والواضحة والملموسة بمجموعة من السخافات من قبيل "وحدة الأراضي، الفدرالية، التعددية الحزبية، الديمقراطية" وغيرها وايهام الناس بها. هذه القوى والبدائل ليست سوى البديل والرسالة التحررية لجماهير ومجتمع العراق، بل انها من سيرث الدكتاتورية وانعدام الحقوق والرجعية وابقاء الجماهير العراقية تحت وطأة الحرمان.
البديل هو الجمهورية الاشتراكية
ان التحرر الواقعي للمجتمع العراقي وتحقق الاهداف والحقوق والقيم النبيلة للناس وكل ما جرى الحديث عنه فيما تقدم يتم فقط في ظل الجمهورية الاشتراكية واقامة المجتمع الاشتراكي. فاسقاط النظام ينبغي أن يكون خطوة في سبيل قلب هذه الأوضاع وهذا النظام الاقتصادي والاجتماعي الذي يشكل مصدر كل الحرمان وانعدام الحقوق السائد الآن والذي يتم الحفاظ عليه من قبل النظام البعثي الرأسمالي الذي يمارس الوحشية والقمع والابادة والقتل والدكتاتورية والفاشية من أجل حماية هذا النظام. ينبغي أن يفتح انهيار النظام البعثي وسقوطه الباب لتوجيه ضربة للنظام الرأسمالي وعبودية العمل المأجور والملكية الخاصة، ولتوجيه ضربة لنظام يحقق ويضمن استمرار أرباحه ومنافعه على أساس الفقر والحرمان والعوز الدائم للقسم الأعظم من أبناء المجتمع.
الجمهورية الاشتراكية هي ذلك البديل الذي يسعى من هذا المنظار لتوجيه مسار التغيرات السياسية في العراق ومسار نضال العمال والجماهير الكادحة وكل مضطهدي المجتمع، لاجراء تغيير جذري في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتحقيق الانعتاق والخلاص التام من قبضة الرأسمال والمجتمع الطبقي.
وللجمهورية الاشتراكية اختلاف جذري وشامل في كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والقوانين وكيفية ادارة المجتمع مع المجتمع الرأسمالي والأنظمة البرجوازية المعاصرة. انها نظام انساني وعلماني غير قومي غير ديني تضمن باستمرار كافة الحقوق وحريات الجماهير. وتتأسس على أساس الحرية والمساواة الرفاه لكافة المواطنين. وفي الجانب الاقتصادي ستقوم بالغاء الملكية الخاصة التي تمثل الآن مصدر الربح الرأسمالي الفاحش لأقلية ضئيلة فيما تمثل في نفس الوقت مصدر الحرمان والفقر لأغلبية المجتمع، وتحول وسائل الانتاج من الملكية الخاصة الى الملكية العامة للمجتمع. وتقضي على العمل المأجور وسيتغير العمل من فعالية يمارسها الجمهور الواسع اليوم من أجل معيشتهم ولصالح أقلية تملك الرأسمال ووسائل الانتاج والتبادل، الى فعالية لسعادة ورفاه المجتمع بمجمله. فيتحول العمل من مساع عمياء لكسب رغيف المعيشة اليومية الى نشاط خلاق من أجل السعادة العامة. وسيتم تطبيق مبدأ من كل حسب طاقته ولكل حسب حاجته.
في المجتمع الاشتراكي تكون السلطة والانتاج من أجل مطالب وحاجات وحرية وكرامة الانسان، لا من أجل أرباح الرأسمال لأقلية طفيلية. فالاشتراكية هي نظام انساني وحر ومتفتح ومفعم بالسعادة، وستزول الطبقات والتمايز الطبقي وتقسيم المجتمع الى أغلبية جائعة وفقيرة ومحرومة من جانب وأقلية غارقة في الثراء من الجانب الآخر. وستتوفر مستلزمات الحياة المرفهة من مثل الخدمات الطبية والتربية والتعليم والمسكن الملائم وخدمات الماء والكهرباء ووسائل الاتصال والنقل بشكل مجاني لكافة سكان البلد. وسيكون التحرر النهائي للنساء والشباب والأطفال من قيود القيم والتقاليد البالية والمتخلفة والتمييز والظلم وستحقق لهم حياة حافلة بالسعادة والفرح.

ومن الجانب السياسي تكون الجمهورية الاشتراكية حكومة ونظام المجالس وتكون السلطات جميعها وعلى كافة الصعد بيد مجالس الجماهير فهي التي تشرع القانون وهي التي تنفذه في نفس الوقت. وأعلى سلطة هي المؤتمر العام لمجالس البلد. ويحق لكل مواطن بلغ السادسة عشرة من العمر أن يكون عضواً في مجلس المركز الذي يتواجد فيه وله حق التصويت والترشيح لكل المناصب والوظائف، كذلك في التمثيل في المجالس الأعلى (مجلس مندوبي المدينة، أو المنطقة و ..الخ). وينتخب كافة المسؤولين لجميع المناصب السياسية والادارية مباشرةً من قبل الجماهير ومتى شاءت الجماهير عزلهم بامكانها القيام بذلك وانتخاب ممثلين جدد بدلاً عنهم. وستصبح الحرية السياسية غير المقيدة وغير المشروطة قانوناً أساسياً في البلاد وسيتم هيكلة والغاء الجيش الحرفي والشرطة والأمن وكافة الأجهزة الجاسوسية والقمعية وستحل محلها قوى ميليشيا المجالس القائمة على أساس التدريب العسكري العام والمشاركة العامة في الأمور الانضباطية والدفاع عن المجتمع وحفظ الأمن وصيانة حقوق الجماهير.
وللنظام المجالسي اختلاف شامل مع النظام البرلماني والنظام الديمقراطي التعددي، فبعكس النظام البرلماني لا تحدد الجماهير في النظام المجالسي وكلاء يصوغون القرارات لسنوات وينفذونها بدلاً عنها، بل تختار ممثلين لها لتنفيذ تلك القرارات التي صادقت عليها الجماهير نفسها في مجالسها من أجل تحقيق مصالحها. في حين يجري في النظام البرلماني جعل مجموعة من الأشخاص في انتخابات لعدة دقائق وكلاء للجماهير وسيقوم نفس هؤلاء الوكلاء بعد استلامهم تواقيع الجماهير باصدار قرارات مختلفة تتناقض وتناهض مصالح تلك الجماهير ويقومون بفرضها بقوة القمع والاستبداد. وفي النظام المجالسي بامكان الجماهير عزل ممثليها الذين انتخبتهم للمجالس أو اختارتهم للوظائف السياسية والادارية متى شاءت واختيار ممثلين آخرين بدلاً عنهم. وهذا يمكن أن يحدث حتى بعد يوم واحد من اختيار ذلك الممثل أو ذلك المسؤول أو ذلك المدير، في حين أن أي طرف يتمكن في النظام البرلماني من الحصول على توقيع الجماهير حتى ولو بالخديعة والغش والوصول الى كرسي الحكم فأنه سيبقى ممسكاً بأعناق الناس لمدة أربع سنوات على الأقل ولن يكون للناس أية سلطة سوى أن تعض أصابع الندم. هذا اذا لم يكن ذلك البرلمان مثل برلمان الأحزاب القومية الكردية الذي يطيل باستمرار عمره بنفسه.
وفي النظام البرلماني تصوغ المجالس القرارات وتقوم بتنفيذها في نفس الوقت ولها تدخل مستمر ومباشر في تنفيذ تلك القرارات حتى آخر خطوة، في حين يشرع البرلمان القوانين ولكن ثمة جهازا ومؤسسة أخرى تقوم بتنفيذها. وفي النظام المجالسي لن تبقى أية مؤسسة قمع وتجسس وأجهزة مسلحة بيد المؤسسات الحكومية من قبيل الأجهزة التي هي الآن بيد المؤسسات الحكومية في النظام البرلماني مثل الجيش المحترف وقوات الشرطة والأمن و..الخ. ففي النظام المجالسي يكون السلاح بيد الناس، والقوة المسلحة في البلاد هي ميليشيا مجالس الجماهير فقط لا غير، وهذا هو ضمانة أن لا تمارس المؤسسات الحكومية أي ضغط على الجماهير.

النظام المجالسي ليس حكومة حزبية ولا تقوم الأحزاب السياسية بالحكم. بل أن المواطنين هم أعضاء في مجالس مراكز تواجدهم بغض النظر عن انتمائهم لحزب سياسي ما أو عدم انتمائهم. وبامكان الأحزاب ترك تأثيرها على صياغة القرارات والحكم في البلاد حسب قاعدتها واعتبارها بين أوساط الجماهير وحسب تطابق برامجها وسياساتها مع مصالح الجماهير. أي أنه ينبغى على الأحزاب أن تسعى لتحقيق نفوذ أكثر بين الجماهير وجعل سياساتها وتصوراتها سياسات وتصورات الجماهير وبهذا الشكل جعلها سياسات وتصورات المجالس.
واذا ما أردنا تعريف الجمهورية الاشتراكية بجملة واحدة، فانها عبارة عن: الحرية والمساواة لكافة المواطنين. تعني تحرير المجتمع من سلطة الرأسمال والعلاقات والمؤسسات المستعبدة الراهنة، التحرر من عبودية العمل المأجور والقيود الطبقية وانعدام الحقوق السياسية والرجعية الدينية والعقائد والقيم المتخلفة. التحرر من الظلم الديني والقومي والجنسي وكل أِشكال التمييز. أي أن جميع سكان البلد بغض النظر عن دينهم وقوميتهم وجنسهم وعنصرهم متساوون في الجوانب الحقوقية وامام القانون ومتساوون في امكانات المجتمع المادية والتمتع بوسائل تطوير استعداداتهم الفردية والاجتماعية. تلك المساواة القائمة على الغاء الملكية الخاصة لوسائل الانتاج والتبادل. وستكون الجمهورية الاشتراكية الضمانة لتحقيق تلك الحرية والمساواة.
ان الجمهورية الاشتراكية هي البديل والتعبير السياسي التام عن أهداف العمال والجماهير التحررية التي ينبغي أن تصبح جماهيرية لأقصى الحدود. كي تعرف هذه الجماهير العريضة بوضوح من أجل ماذا تناضل في ظل الأوضاع المأساوية الراهنة وفي ظل الخداع والتظليل الذي تمارسه مختلف التيارات البرجوازية وسيناريوهاتها المأساوية. فعدم وضوح هذا الأمر سيصبح نقطة ضعف في نضالها ضد الأوضاع الحالية.  ان هذا النضال لن يستطيع التواصل وتحقيق النصر بدون وجود هدف وأفق معلوم أمامه. ينبغي تحويل الجمهورية الاشتراكية كأفق وهدف واضح وانساني الى راية النضال الجماهيري العريض للعمال والكادحين والجماهير التحررية والنساء والشباب وكافة الحركات التحررية والداعية للمساواة في المجتمع لاسقاط النظام الفاشي البعثي واقامة نظام  ومجتمع العدالة. ينبغي أن يتشكل استقطاب القوى السياسية حول سياسات وأهداف طبقتين رئيسيتين أي الطبقة العاملة والطبقة البرجوازية. والجمهورية الاشتراكية هي ذلك الشعار والبديل الذي ينبغي أن يستقطب العمال والحرية والانسانية حوله.
وبالطبع أن رد القوى البرجوازية على هذا الشعار سيكون القمع فيما لو تمكنت من ذلك، وحين لن يكون هناك مكان للقمع، فانها ستلجأ للخداع والتضليل. حيث ستقول: أية حكومة عمالية وأية جمهورية اشتراكية؟ أن ذلك هو محض خيال، الا ترون جيوش الدول الرأسمالية العظمى؟ الا تأخذون بنظر الاعتبار أن الناس يتعقبون التدين والدين؟ الا ترون أن المجتمع متخلف ثقافياً؟ وفي هذا المجتمع المتخلف أين هو العامل كي يقوم بالثورة ويؤسس الحكومة العمالية ويقيم الاشتراكية؟ واين هي الصناعة المتطورة كي تتحدثون عن الاشتراكية هنا؟ أو أن هناك الكثير الذي ينبغي القيام به من أجل ذلك، فهو غير ممكن وغير عملي ألبته وخيال محض.
وليس هناك من شك أن تحقيق هذا الشعار مرهون بالاستعداد السياسي والتنظيمي لجماهير الطبقة العاملة والكادحين، ومرهون بالوعي والتنظيم والتفاف هذه الجماهير حول السياسة والبديل الشيوعي. ويناضل الحزب الشيوعي العمالي لاعداد هذه القوة ويحتوي برنامجه أيضاً في قسم منه على المطالب الاقتصادية والسياسية الرفاهية للعمال والجماهير، في نفس الوقت اقترح برنامجه مجموعة من الخطوات لنضال الطبقة العاملة والجماهير الكادحة التي يشكل تحقيقها دفع استعداداتها الى الأمام من أجل الخلاص والتحرر التام واقامة المجتمع الاشتراكي. ولذلك يجعل في سيرورة واقعية من شعار (الحرية، المساواة، الحكومة العمالية) شعار اليوم في النضال الحالي ويضعة في جدول أعمال نضال الطبقة العاملة الحالي والجماهير المحرومة في العراق.
ولكن وبعكس الدعاية البرجوازية المظللة والخادعة فقد توفرت منذ زمن طويل الأرضية والأسس المادية للاشتراكية، وعلى الأقل كان ممكناً تحقق الاشتراكية في القرن الماضي وتحقيق سعادة ورفاه البشرية في ظلها. فالمواد الخام والتكنلوجيا والصناعة الضرورية هي متوفرة أمام البشرية، وقوة العمل هي في أوج عظمتها، الا أن القسم الأعظم منها مجبر على البطالة والسبات. وفيما عدا المصالح الرأسمالية ليس هناك أية عقبة أمام الاشتراكية كي يتم تفعيل تلك الطاقات المنتجة العظيمة من أجل جعل المجتمع يرفل بالرفاه وتوفير متطلبات الحياة البشرية. ولكن الاشتراكية مثلما أكد منصور حكمت ليست هدفاً يتحقق بشكل حتمي وعفوياً في السيرورة التاريخية، بل أن تحققها مرهون بممارسة البشر، مرهون بنضال الطبقة العاملة والبشرية التحررية. فاذا عملنا بجد لتحقيقها، فان الظروف ملائمة لتحقيقها اليوم لا في الغد. واذا لم نعمل بجد لتحقيقها لن تعرف الظهور والتحقق. وهذا التغيير الجذري في المجتمع مرهون بحضور القوى البشرية لتحقيقه وهذه هي المستلزمات الوحيدة لاقامة الجمهورية الاشتراكية اليوم، وان تحرير المجتمع العراقي يتحقق فقط من خلال اقامة الجمهورية الاشتراكية.

 



#ريبوار_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم بعد عام من الحادي عشر من أيلول
- الاسلاميون يعلنون رسالة عبودية المرأة وأغتصابها


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ريبوار احمد - تحرر المجتمع العراقي مرهون بقيام الجمهورية الاشتراكية